لا تذكر كلمة فضاء فى اى مكان بالعالم الا و ذكر معها اسم وكالة ناسا المؤسسة الأمريكية الرائدة و العملاقه فى مجالات أبحاث الفضاء و علومه و المكونة بالعديد من المنشئات التى تقوم بالاشراف على البرامج العلمية و الفضائيه من خلال علمائها و مهندسيها و التى كان أشهرها برنامج أبولو الفضائى الذى من خلاله استطاع الانسان الهبوط على سطح القمر فى نقلة حضارية كبيرة تم تسجيلها فى كتب التاريخ كما تساهم الوكالة فى إرسال المسابير لاستكشاف مجموعتنا الشمسية و ما بعدها لمحاولة معرفة المزيد من أسرار الكون المحيط بنا بالاضافة الى اسهامتها العلمية و الفريدة فى دراسة كوكب الأرض الذى نعيش عليه لمحاولة فهمه بصورة أعمق و كل ذلك لا لشئ سوى للوصول إلى آفاق جديدة من التعلم الذى سينعكس بالفائدة على البشرية جمعاء .
نشأة ناسا
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدء العالم فى الدخول بحقبة جديدة من العداء بين “الولايات المتحدة” و “الاتحاد السوفيتي” لفترة أستمرت نحو ما يقارب خمسون عاما فيما عرفت باسم “الحرب الباردة” و التى بجانب حروبها التقليدية فى الميادين و المحافل الديبلوماسيه شهدت سباقا تكنولوجيا بين الطرفين لتطوير فهم البشرية للتقنيات المتقدمة مثل الطاقة النووية و الصواريخ و الطيران و بالطبع استكشاف الفضاء و ذلك بدافع من الفخر القومي أو المخاوف الجادة بشأن الدفاع الوطني التى تحتم عليه تخطى الخصم فى ذلك السباق العلمى .
و كانت نقطة التحول الحقيقية على الأقل بالنسبة لتاريخ “ناسا” هي إطلاق “الاتحاد السوفيتي” للقمر الصناعي “سبوتنيك 1″ في الرابع من أكتوبر عام 1957 الأمر الذى تسبب فى احداث ضجة كبيرة لدى الرأى العام الأمريكى و أطلق عليها حينها اسم ” أزمة سبوتنيك ” و ذلك لشعور الأمريكيين بأنه تهديد لأمنهم القومى و بمثابة تخلف منهم عن ذلك الركب لذلك فكان أمرا طبيعيا أن يدعو الكونجرس الأمريكي إلى اتخاذ إجراءات فورية و سريعة و التى عليها قام الرئيس الأمريكى ” دوايت أيزنهاور ” فى 29 من يوليو عام 1958 بالتوقيع على القانون الوطني للملاحة الجوية و الفضاء و هى لبنة تأسيس وكالة ” ناسا ” التى بدأت عملها رسميا فى الأول من أكتوبر من نفس العام و التى تشكلت من اندماج عدد من المؤسسات و انتقال أخرى كانت تدار بمعرفة الجيش اليها و انشاء مؤسسات جديده حيث تمتلك حاليا عشرة مراكز رئيسية موزعة فى جميع أنحاء البلاد تتبعها منشئات أخرى .
تأسيس ناسا لرحلات الفضاء
أستمرت “ناسا” على نهج سلفها ” اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية NACA ” التى كانت احدى المؤسسات التى انضمت اليها خلال تشكيلها فى العمل على مجال الطيران و تعزيز التطويرات في تقنيات الديناميكا الهوائية و الدفع المتطورة حيث كان أحد أشهر أعمالهم في ذلك المجال هو برنامج X-15 الذى تضمن تطوير طائرة تعمل بالطاقة الصاروخية تكون قادرة على التحليق فوق الغلاف الجوي للأرض و هو مشروع ساهم فى جمع معلومات هامه حول أساليب الملاحة الجوية الأسرع من الصوت اضافة الى أبحاث أخرى تتعلق برفع الأجسام و طيرانها بدون أجنحه و هى برامج ساعدتهم لاحقًا في تطوير برنامج مكوك الفضاء خلال فترة الثمانينيات كما تعاونت أيضًا مع القوات الجوية الأمريكية خلال ستينيات القرن الماضي فى برنامج ” بوينج X-20 ديناصور” و هو برنامج مصمم للطيران إلى المدار و كان مقدمة لتقنية مركبات الفضاء اضافة الى قيام ” ناسا ” بإحداث تطويرات مهمه بأبحاث تعمل على زيادة قدرة الطائرات على المناورة .
مشروع ميركوري (1958 – 1963)
في عام 1958 قامت وكالة ” ناسا ” بتشكيل فريق عمل مختص بالمهام الفضائيه ليكون مسئولا عن إدارة برامج رحلات الفضاء البشرية و تم تنفيذ برامجهم المبكرة تحت ضغط المنافسة مع “الاتحاد السوفيتى” خلال الحرب الباردة حيث ورثت برنامج ” رجل فى الفضاء قريبا ” Man in Space Soonest التابع لسلاح الجو الأمريكي و الذي احتوى على العديد من تصميمات المركبات الفضائية المأهولة التي تراوحت بين الطائرات الصاروخية مثل X-15 إلى كبسولات الفضاء الباليستية الصغيرة و سرعان ما تم التخلص من مفاهيم الطائرات الفضائية لصالح فكرة الكبسولة الباليستية و أعيد تسمية المشروع الى ” ميركورى ” و تم اختيار رواد الفضاء السبعة الأوائل من بين المرشحين من برامج تجريبية للجيش الأمريكى و في 5 من مايو عام 1961 أصبح رائد الفضاء “آلان شيبرد” هو أول أمريكي يصل إلى الفضاء على متن كبسولة أطلق عليها اسم ” الحريه 7 ” Freedom 7 و التى تم إطلاقها على متن مركبة ” ريدستون ” في رحلة شبه مدارية مدتها 15 دقيقة و أصبح “جون جلين” هو أول أمريكي يتم إطلاقه في المدار على متن المركبة “أطلس” في 20 من فبراير عام 1962 حيث أكمل ثلاثة دورات .
و على الجانب الأخر لم يكن “الاتحاد السوفيتى” مشاهدا بل كان فى نفس المضمار ببرنامج منافس لميركورى و هو “فوستوك” ذات الطيار الواحد و أرسلوا أول رجل الى الفضاء “يوري جاجارين ” على متن “فوستوك 1” في أبريل عام 1961 أى قبل شهر واحد من رحلة “شيبرد” و في أغسطس عام 1962 حققوا رحلة قياسية مدتها أربعة أيام تقريبًا مع “أندريان نيكولاييف” على متن “فوستوك 3 ” و أجروا أيضًا مهمة “فوستوك 4” تحمل “بافيل بوبوفيتش” .
مشروع جيمينى (1961-1966)
بناءً على الدراسات و المعلومات التى تم جمعها من المشروع ” ميركورى ” لتنمية قدرات مركبة الفضاء على الرحلات الطويلة الأمد و تطوير تقنيات الصعود و الهبوط الدقيق على الأرض بدأ مشروع جديد عام 1961 أطلق عليه اسم ” جيمينى ” للتغلب على التقدم السوفيتى فى علوم الفضاء و الاعتماد على اكثر من رائد فضاء واحد خلال الرحله إضافة الى محاولات القيام بأنشطة خارج نطاق المركبه حيث أطلقت أول رحلة مأهولة من قبل ” جيمينى ” و كانت ” جيمينى 3 ” و على متنها اثنان من رواد الفضاء و هم “جوس جريسوم” و “جون يونج ” في 23 من مارس عام 1965 و تبع ذلك تسع بعثات خلال الفترة ما بين عامي 1965 و 1966 .
و فى المقابل ايضا و تحت إشراف رئيس الوزراء السوفيتي “نيكيتا خروتشوف” تنافس السوفيت مع برنامج ” جيمينى ” من خلال تحويل مركبتهم الفضائية “فوستوك” إلى “فوسخود” المكونة لاستيعاب شخصين أو ثلاثة و نجحوا في إطلاق رحلتين مأهولتين قبل رحلة ” جيمينى ” الأولى و حققوا رحلة لثلاثة رواد فضاء عام 1964 وأول رحلة طيران خارج المركبة عام 1965 .
مشروع أبولو (1960–1972)
نتيجة التفوق السوفيتى الملحوظ على الامريكيين فى سباق علوم الفضاء طلب الرئيس الامريكى ” جون كينيدى ” من الكونجرس في 25 مايو عام 1961 بتذليل كل العقبات التى قد تمنع إلزام الحكومة الفيدرالية من انشاء برنامج لهبوط رجل على سطح القمر بنهاية الستينيات و الذى كان بداية مشروع “أبولو” الذى يعد أغلى البرامج العلمية الأمريكية على الإطلاق حيث تكلف خلال فترة الستينيات أكثر من 20 مليار دولار أى ما يقدر بنحو 225 مليار دولار فى وقتنا الحالى و استخدمت صواريخ “ساتورن” كمركبات إطلاق و التي كانت أكبر بكثير من الصواريخ التي صنعت للمشاريع السابقة كما كانت المركبة الفضائية أكبر فى الحجم و تتكون من جزأين رئيسيين و هم وحدة القيادة و الخدمة (CSM) و وحدة أبولو القمرية (LM) و التى كان من المقرر تركها على القمر لتعود وحدة القيادة (CM) التي تحتوي على رواد الفضاء الثلاثة فقط إلى الأرض .
و جلبت المهمة الثانية المأهولة “أبولو 8 ” رواد فضاء لأول مرة في رحلة حول القمر في ديسمبر عام 1968 و قبل ذلك بوقت قصير أرسل السوفييت مركبة فضائية غير مأهولة حول القمر و في المهمتين التاليتين لأبولو تم إجراء مناورات الالتحام اللازمة للهبوط على سطح القمر و تم الهبوط الفعلى عليه في مهمة “أبولو 11” في يوليو عام 1969 و كان “نيل أرمسترونج” هو أول شخص يمشي على سطح القمر و تبعه “باز ألدرين” بعد 19 دقيقة بينما كان” مايكل كولينز” في المدار أعلاه كما هبطت خمس بعثات أبولو لاحقة على سطح القمر و كان آخرها في ديسمبر عام 1972 و خلال رحلات “أبولو” سار اثنا عشر رجلاً على سطحه و تم الحصول على ثروة من البيانات العلمية و عينات من القمر لتقام عليها العديد من التجارب و الاختبارات شملت ميكانيكا التربة و تدفق الحرارة و المدى القمري و المجالات المغناطيسية و الرياح الشمسية .
و يعتبر برنامج “أبولو” هو من وضع المعالم الرئيسية لرحلات الفضاء البشرية لأنه البرنامج الوحيد الذى قام بإرسال بعثات مأهولة إلى ما وراء المدارات الأرضية المنخفضه و الهبوط على على جرم سماوي آخر حيث كانت “أبولو 8” هى أول مركبة فضائية مأهولة تدور حول القمر بينما كانت “أبولو 17” تمثل آخر مسيرة على سطحه و آخر مهمة مأهولة خارج مدار الأرض المنخفض.
مشروع سكايلاب (1965–1979)
كانت “سكايلاب” أول محطة فضاء تم بناؤها بشكل مستقل في “الولايات المتحدة” حيث انشأت على الأرض عام 1965 بوزن 77 طن و تم إطلاقها في 14 من مايو عام 1973 إلى مدار يبلغ إرتفاعه 435 كم و يميل 50 درجة على خط الاستواء و رغم تضررها أثناء الإطلاق بسبب فقدان الحماية الحرارية و لوحة شمسية واحدة لتوليد الكهرباء الا انه تم إصلاحها من قبل طاقمها الأول و عمل فيها 3 أطقم متتالية كل طاقم مكون من ثلاثة أفراد لمدة 171 يومًا بين عامي 1973 و 1974 و تضمنت مختبرا لدراسة آثار الجاذبية الصغرى و مرصد شمسي كما خططت “ناسا” لامتلاك مكوك فضاء عليها الا أنه لم يكن جاهزًا للطيران قبل عودة “سكايلاب” في 11 من يوليو عام 1979.
أبولو – سويوز (1972–1975)
في 24 من مايو عام 1972 وقع الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون” و رئيس الوزراء السوفيتي “أليكسي كوسيجين” اتفاقًا يدعو إلى مهمة فضائية مشتركة بطاقم أمريكى و سوفيتى و أن تكون جميع المركبات الفضائية الدولية بينهم فى المستقبل قادرة على الالتحام مع بعضها البعض حيث سمحت تلك الاتفاقيه باقامة مشروع “أبولو-سويوز” (ASTP) الذي يتضمن الالتقاء و الالتحام في مدار حول الأرض لوحدة قيادة و خدمة أبولو الامريكيه و مركبة سويوز الفضائية السوفيتيه و تمت المهمة في يوليو عام 1975 و تضمنت تجارب علمية مشتركة و تبادل الخبرات الهندسيه لتكون مفيدة فى رحلات الفضاء الأمريكية الروسية المشتركة المستقبلية مثل برنامج “شاتل مير” و “محطة الفضاء الدولية” .
أقرأ أيضا : هل كانت عملية الهبوط على القمر خدعه ؟ .. العلماء يجيبون
مشاريع ناسا الفضائية المعاصره
برنامج مكوك الفضاء (1972-2011)
أصبح برنامج مكوك الفضاء هو محور التركيز الرئيسي لوكالة “ناسا” أواخر السبعينيات و الثمانينيات حيث كان تخطيطها منصبا على تصميم مركبة قابلة للإطلاق و العودة مع اعادة استخدامها بشكل متكرر حيث تم بناء أربعة من المكوكات الفضائية المداريه و كان أولها هو “كولومبيا” في 12 من أبريل عام 1981 .
و كانت المكونات الرئيسية للمكوك هى مركبة فضائية مدارية تحتوى على خزان وقود خارجي و صاروخان لإطلاق الوقود الصلب على جانبها و كان الخزان الخارجي أكبر من المركبة الفضائية نفسها و هو المكون الرئيسي الوحيد الذي لا يُعاد استخدامه و يتحرك المكوك على ارتفاعات تتراوح ما بين 185-643 كم و حمولته القصوى تبلغ 24.5 طن و يمكن أن يستمر فى مهماته لفترة تتراوح ما بين 5 إلى 17 يومًا و تتراوح اعداد أطقمه من 2 إلى 8 رواد فضاء.
و خلال رحلاته المتعاقبه أصبحت “سالي رايد” أول امرأة أمريكية في الفضاء حيث كانت على متن مكوك الفضاء “تشالنجر” و قام برنامج المكوك الامريكى بالعديد من المهام مثل حمل معمل فضائى مصمم بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية و إطلاق تلسكوب “هابل” الفضائي ثم إصلاحه بنجاح في عامي 1990 و 1993 على التوالي و في عام 1995 استؤنف التعاون الفضائى الروسي الأمريكي و الذى بلغ ذروته عندما بدأت وكالة “ناسا” في الاعتماد على مركبات الإطلاق الروسية لخدمة “محطة الفضاء الدولية” خلال فترة توقف أسطول المكوك لمدة عامين في أعقاب كارثة مكوك الفضاء “كولومبيا” عام 2003.
و رغم النفعية الشديدة من برنامج المكوك الفضائى الا أنه شهد بعض من الاحداث المأساويه تمثل فى فقد مكوكين كان على متنهم 14 رائد فضاء خلال كارثتين مختلفتين و التى بدأت بانفجار المكوك “تشالنجر” عام 1986 و “كولومبيا” عام 2003 و الذى من بعده لم تقم “ناسا” ببناء مركبات مدارية أخرى لينتهى العمل بذلك البرنامج رسميا فى 2011 بعد ان حمل على متنه أكثر من 300 رائد فضاء .
محطة الفضاء الدوليه (1993– حاليا )
تعتبر محطة الفضاء الدوليه ISS خليطا بين مشروع المحطة الفضائية التابعة لوكالة ناسا ” الحريه ” و محطة “مير 2” السوفيتية / الروسية و محطة كولومبوس الأوروبية و وحدة مختبر “كيبو” اليابانية حيث خططت “ناسا” في الثمانينيات تطوير محطة ” الحرية ” بمفردها و لكن نظرا لقيود الميزانية الامريكيه تم دمج تلك المشاريع في برنامج واحد متعدد الجنسيات عام 1993 و هى محطة الفضاء الدوليه و التى تدار تحت اشراف وكالة “ناسا” و وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية RKA و وكالة استكشاف الفضاء اليابانية JAXA و وكالة الفضاء الأوروبية ESA و وكالة الفضاء الكندية CSA .
و تتكون المحطة من وحدات مضغوطة و دعامات خارجية و لوحات شمسية و مكونات أخرى تم تصنيعها في مصانع مختلفة حول العالم و أطلقت أجزائها بواسطة صواريخ “بروتون و سويوز” الروسية و مكوكات الفضاء الأمريكية و بدأ تجميعها في المدار عام 1998 و تم تحديد ملكية و استخدام المحطة الفضائية في المعاهدات والاتفاقيات الحكومية الدولية و عادة ما يقضي أفراد طاقمها ستة أشهر حيث ظلت مشغولة بشكل مستمر منذ انشائها و زارها رواد فضاء من 15 دولة مختلفة و كان أكبر عدد من الأشخاص الذين تجمعوا داخلها ثلاثة عشر رائدا .
كما يمكن رؤية المحطة من الأرض بالعين المجردة و تنقل المركبة الفضائية “سويوز” أفراد الطاقم و تبقى راسية في مهامها التي تستغرق نصف عام ثم تعيدهم إلى ديارهم مرة أخرى و تقدم العديد من المركبات الفضائية غير المأهولة الخدمة لمحطة الفضاء الدولية لنقل البضائع و من المتوقع أن يستمر برنامج محطة الفضاء الدوليه حتى عام 2030 .
برنامج الرحلات الفضائية التجاريه (2011 – حاليا )
و هو برنامج يتم من خلاله نقل الطاقم الذى يقوم بتشغيل محطة الفضاء الدوليه ذهابا و ايابا بشكل تجارى بموجب عقد مع وكالة “ناسا” حيث بدأت شركة ” سبيس اكس ” الأمريكية بتقديم الخدمة عام 2020 باستخدام مركبة ” كرو دراجون ” الفضائية و تخطط “ناسا” لإضافة ” بوينج ” عندما تصبح مركبتها الفضائية ” ستار لاينر ” جاهزة للعمل في وقت ما بعد عام 2022.
خلال تلك الرحلات التجارية تقوم كل مهمة بنقل ما يصل إلى أربعة رواد فضاء لمحطة الفضاء الدولية مع توفر خيار لراكب خامس و تحدث تلك الرحلات التشغيلية مرة واحدة كل ستة أشهر تقريبًا و تظل راسية في محطة الفضاء الدولية أثناء مهمتها و خلال الفترة ما بين تقاعد مكوك الفضاء في عام 2011 و أول مهمة نقل تجارية عام 2020 كانت تعتمد ” ناسا ” على برنامج “سويوز” لنقل روادها إلى محطة الفضاء الدولية.
برنامج أرتميس (2017 – حاليا )
منذ عام 2017 كان برنامج رحلات الفضاء المأهولة التابع لوكالة “ناسا” هو برنامج ” أرتميس ” و الذي تضمن تعاون بين شركات رحلات الفضاء التجارية الأمريكية و شركاء دوليين أخرين مثل وكالة الفضاء الأوربيه و اليابانيه و الكنديه بهدف الهبوط على منطقة القطب الجنوبي للقمر بحلول عام 2024 حيث سيكون ذلك البرنامج هو الخطوة الأولى نحو الهدف طويل الأجل المتمثل في إقامة وجود مستدام على القمر و وضع الأساس لبناء اقتصاد قمري و في النهاية إرسال البشر إلى المريخ .
و تتمثل أهداف ” ناسا ” لذلك المشروع في بناء محطة فضائية جديدة ستكون في مدار حول القمر بدلاً من الأرض و ستكون مهيئه لسكن الإنسان بشكل غير دائم كما حددت خطة لإرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2024 الا أنها تم تأجيل ذلك لموعد لاحق لم يتحدد بعد .
أقرأ أيضا : من بينها تمزق الرئه و إنتفاخ الجلد و تبخر الدم .. ماذا يحدث لجسم الإنسان حال تعرضه للفضاء الخارجى
الهيكل التنظيمى
يتم ترشيح مدير وكالة ” ناسا ” من قبل رئيس “الولايات المتحدة” و يكون تعيينه مرهونا بموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي و يقدم تقاريره اليه و يعمل كمستشار كبير لعلوم الفضاء و على الرغم من أن ذلك المنصب من المفترض ان يكون اختياره على أساس علمى و ليس سياسي الا أن مدير الوكاله غالبا ما يكون مرتبطًا بالحزب السياسي للرئيس (ديمقراطي أو جمهوري) و عادة ما يتم اختيار مسؤول جديد مع تغير الرئيس و يقع المقر الرئيسى للوكاله في “واشنطن” العاصمة و يجب على موظفي الخدمة المدنية في وكالة “ناسا” أن يكونوا من حاملى الجنسية الأمريكيه و تبلغ ميزانية الوكالة السنوية ما يقارب 20 مليار دولار .
منشئات وكالة ناسا
يقع المقر الرئيسي لوكالة “ناسا” في “واشنطن” العاصمة و الذى يقوم بالتوجيه العام و القيادة السياسية للمراكز العشرة للوكالة و التي يتم من خلالها إدارة جميع المرافق الأخرى أربعة منهم من ميراث اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية (NACA) و اثنان آخران تم نقلهما من حوزة الجيش الى الوكاله اضافة الى أربعة مراكز أخري قامت ” ناسا ” ببنائها بعد وقت قصير من تشكيلها.
أربعة منشأت موروثة من NACA
تسلمت ” ناسا ” أربعة منشئات من اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجويه و هم :
مركز لانجلي للأبحاث (LaRC) … و يقع في “هامبتون” بولاية “فيرجينيا” و هو معنى بأبحاث الطيران و فيه تم اختبار مركبة الهبوط القمرية ” أبولو ” كما قام بالتخطيط لعدد من المهمات الفضائية البارزة .
مركز أبحاث أميس (ARC) … و يقع في “موفيت فيلد” بولاية “كالفورنيا ” و المعنى بإجراء أبحاث حول الديناميكا الهوائية للطائرات التي تعمل بالمروحيات و قام بتوسيع مهامه ليشمل إجراء البحوث في مجال الطيران و الفضاء و تكنولوجيا المعلومات و توفير الريادة في علم الفلك و الأقمار الصناعية الصغيرة و الأنظمة الذكية / التكيفية و الحماية الحرارية.
مركز جورج دبليو لويس للأبحاث … و يقع فى ” لويس فيلد ” بولاية ” أوهايو ” و هو معنى بأبحاث تنفس الهواء و الدفع في الفضاء و علم التبريد و الاتصالات و تخزين الطاقة و تحويلها و علوم الجاذبية الصغرى و أعيد تسميته الى مركز أبحاث “جون جلين” عام 1999 تكريما لرائد الفضاء الذى يحمل نفس الاسم .
منشأة أبحاث الطيران هيو إل درايدن … و تقع داخل قاعدة إدواردز الجوية بولاية ” كالفورنيا ” و تمت إعادة تسميتها الى منشأة ” نيل أرمسترونج ” تكريما لرائد الفضاء الأول الذى مشى على القمر.
منشئات عسكريه تم تحويلها الى ناسا
مختبر الدفع النفاث (JPL) … و هو يقع في مقاطعة “لوس أنجلوس” بولاية “كاليفورنيا” و هى منشأة وظيفتها الأساسية تتمثل فى بناء و تشغيل المركبات الفضائية الروبوتية و القيام بعدد من المهمات حول مدار الأرض و تشغيل شبكة اتصالات الفضاء العميق التابعة لناسا.
مركز جورج سي مارشال لرحلات الفضاء (MSFC) … و يقع فى “هانتسفيل” بولاية “ألاباما ” و يعد أحد أكبر مراكز “ناسا” و يعتبر هو المكان الذي تم فيه تطوير صاروخ ” ساتورن 5 ” كما أنه كان المركز الرائد فى تصميم و تجميع محطة الفضاء الدولية (ISS) و تدريب الطاقم ذي الصلة و انشاء اجزاء دفع مكوك الفضاء و خزانه الخارجي كما كان يحتوى على اماكن اطلاق تلك الصواريخ و التى انتقلت لاحقا إلى “فلوريدا” لتصبح هى مركز عمليات الإطلاق فى اوائل الستينيات .
منشئات تم بنائها من قبل ناسا
معهد جودارد لدراسات الفضاء بجامعة كولومبيا … و هو يقع في مدينة “نيويورك” و يعد أكبر منظمة لتجمع العلماء و المهندسين في “الولايات المتحدة ” لزيادة المعرفة بالأرض و النظام الشمسي و الكون من خلال الملاحظات من الفضاء كما أنه مختبر أمريكي رئيسي لتطوير و تشغيل المركبات الفضائية العلمية غير المأهولة اضافة الى قيام المعهد بتشغيل شبكتين لتتبع الرحلات الفضائية و تطوير و صيانة أنظمة المعلومات المتقدمة لبيانات الفضاء و علوم الأرض وتطوير أنظمة الأقمار الصناعية للإدارة الوطنية للمحيطات و الغلاف الجوي (NOAA).
مركز جون سي ستينيس الفضائي … و يقع في مقاطعة “هانكوك” بولاية “ميسيسيبي” و كان يعتبر أكبر منشأة اختبار لمحركات الصواريخ التابعة لناسا حتى نهاية برنامج مكوك الفضاء و يتم استخدامه حاليًا لاختبار الصواريخ من قبل أكثر من 30 شركة و وكالة محلية و دولية .
مركز المركبات الفضائية المأهولة (MSC) … و يقع فى مدينة ” هيوستون ” فى ولاية ” تكساس ” و يعتبر مركز “ناسا” للتدريب على رحلات الفضاء البشرية و البحث والتحكم في الطيران و هو مركز مسئول عن تدريب رواد فضاء من “الولايات المتحدة ” و شركائها الدوليين .
مركز جون إف كينيدي للفضاء (KSC) … و يقع فى “كيب كانافيرال” بولاية “فلوريدا ” و يعد أحد أشهر منشآت “ناسا” و يعرف بأنه مركز عمليات الإطلاق و تمت إعادة تسميته تكريماً لرئيس الولايات المتحدة الراحل حيث كان موقع الإطلاق لكل مهمة فضائية حملت رواد بشريين للفضاء منذ عام 1968 كما يقوم المركز بإدارة و تشغيل منشآت إطلاق الصواريخ من ثلاث منصات و يعتبر مبنى تجميع المركبات (VAB) رابع أكبر مبنى في العالم من حيث الحجم و كان الأكبر عند اكتماله عام 1965 .
كما تشمل تلك المراكز مرافق تابعه أهمها مرفق “والوبس” للطيران فى “فيرجينيا” و مرفق “ميتشود” للتجميع في “لويزيانا” و مرفق “اختبار الرمال البيضاء” في “نيو مكسيكو” و محطات شبكة الفضاء العميق في “كاليفورنيا ” .
أقرأ أيضا : أشهر تسعة ظواهر فضائية غامضه داخل مجموعتنا الشمسيه أحتار العلماء فى الوصول لتفسيرات منطقية لها
الأقمار الصناعية و المركبات الفضائيه و المسابير
أجرت وكالة “ناسا” العديد من برامج رحلات الفضاء الآلية و غير المأهولة طوال تاريخها و التى أطلقت أول أقمار صناعية أمريكية في مدار الأرض للاغراض العلمية و الاتصالات و أرسلت العديد من المسابير لاستكشاف كواكب النظام الشمسي بدءًا من كوكب الزهرة و المريخ ثم القيام بجولات كبرى للكواكب الخارجية.
الأرض و القمر
كان أول قمر صناعي أمريكي غير مأهول هو “أكسبلورر 1” Explorer 1 والذي بدأ كمشروع خلال الجزء الأول من سباق الفضاء و تم إطلاقه في يناير 1958 بعد شهرين من إطلاق “سبوتنيك” و عند إنشاء وكالة “ناسا ” تم نقل المشروع اليها و لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا و تركزت مهامه على الأرض و الشمس من قياس المجالات المغناطيسية و الرياح الشمسية كما هناك تلسكوب “هابل” الفضائي الذي دخل المدار عام 1990 اضافة الى استخدام مركبات الفضاء فى إمداد محطة الفضاء الدولية (ISS) .
كوكب الزهره و عطارد و المريخ
كانت المجموعة الشمسيه هدفًا لأربعة برامج غير مأهولة على الأقل داخل وكالة ” ناسا ” حيث كانت الأولى فى السيتينات و السبعينيات عبر برنامج “مارينر” الذى قامت مسابيره بزيارات متعددة إلى كوكبى “الزهرة و المريخ” و واحدة إلى “عطارد” و التى كانت تستفيد من جاذبية و سرعة الكواكب للوصول إلى وجهتها .
و فى عام 1976 تم إجراء أول هبوط ناجح على “المريخ” بواسطة المركبه ” فايكنج 1 ” Viking 1 و بعد عشرين عامًا هبطت ايضا المركبة “روفر” و في 26 من نوفمبر عام 2011 تم إطلاق مهمة مختبر علوم المريخ التابع لناسا بنجاح على كوكب “المريخ” و هبطت مركبة “كوريوسيتي” بنجاح على سطحه في 6 من أغسطس 2012 و بدأت لاحقًا في البحث عن دليل على وجود حياة سابقة أو حالية به و فى الوقت الراهن تحاول الوكاله التخطيط لارسال مركبة “مافن” الفضائية كجزء من برنامج استكشافى لدراسة الغلاف الجوي للمريخ.
المجموعه الشمسيه
خارج “المريخ” زارت المركبة الفضائيه “بايونير 10” كوكب “المشتري” لأول مرة عام 1973 و بعد أكثر من 20 عامًا أرسل المسبار “جاليليو” إلى الغلاف الجوي للكوكب و أصبح أول مركبة فضائية تدور حول الكوكب و أصبحت “بايونير 11” أول مركبة فضائية تزور “زحل” في عام 1979 و قامت “فوييجر 2″ بأول زيارات الى ” أورانوس ونبتون” في عامي 1986 و 1989 على التوالي و كانت أول مركبة فضائية تغادر النظام الشمسي هي “بايونير 10” في عام 1983 و لفترة من الوقت كانت المركبة الفضائية الأبعد ولكن تم تجاوزها منذ ذلك الحين من قبل كل من “فوييجر 1 وفوييجر 2” .
و تحمل المسابير ” بايونير 10 و 11 و فويجير 1 و 2 ” رسائل من الأرض إلى أى حياة خارج كوكبنا و فُقد الاتصال بـ “بايونير 10″ عام 2003 و لا تزال مسابير ” فويجير ” تعمل بكفاءة فى استكشافهم للحدود الخارجية الواقعة بين النظام الشمسي و الفضاء بين النجوم و فى عام 2006 تم إطلاق مهمة “نيو هورايزونز” إلى كوكب “بلوتو” عام 2006 و نجحت في الوصول و إجراء رحلة طيران على الكوكب في 14 من يوليو عام 2015 و ذلك بعد أن تلقى مساعدة من جاذبية كوكب “المشتري” في فبراير 2007 حين قام بفحص بعض أقمار “المشتري” الداخلية .
ناسا فى نقاط سريعه
- كلمة ” ناسا ” Nasa هى اختصار لكلمة الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء National Aeronautics and Space Administration.
- مبنى تجميع المركبات التابع لوكالة “ناسا” و الواقع فى ولاية فلوريدا كبير لدرجة أنه يمكن أن تتشكل سحب مطر بالقرب من السقف داخل المبنى في الأيام الرطبة و لمواجهة هذا فهى لديها واحد من أكبر أنظمة تكييف الهواء في العالم .
- لدى وكالة “ناسا” مكتبًا لحماية الكواكب في حالة وجود حياة على كوكب آخر.
- رفع على وكالة “ناسا” دعوى قضائيه من قبل ثلاثة يمنيين بتهمة التعدي على المريخ بعد أن زعموا أنهم ورثوا الكوكب عن أسلافهم منذ 3000 عام.
- في عام 2006 كان على “ناسا” الحصول على نسخ مصورة من عملية الهبوط الأصلي على سطح القمر من محطة سي بي إس و مركز جونسون للفضاء بعد اعترافها بالتسجيل عن طريق الخطأ على تسجيلات الشرائط الخاصة بهم.
- في عام 1999 فقدت وكالة “ناسا” مركبة مدارية تقدر بملايين الدولارات بسبب أن نصف المهندسين يستخدمون القياسات المترية و النصف الأخر يستخدم القياس البريطانى .
- تشير التقديرات إلى أن وكالة “ناسا” قد أرسلت أكثر من 2200 حيوان إلى الفضاء بما في ذلك الحشرات و الخنازير و القرود و الجرذان و الأرانب و العناكب و تم إرسال 2000 في مهمة واحدة عام 1998.
- تم سجن “ثاد روبرتس ” و هو أحد المتدربين بالوكالة لمدة 7 سنوات بعد أن سرق بعض من صخور القمر التى تم جلبها الى الأرض و مارس الجنس عليها .
- أعلنت وكالة “ناسا” أنها تعمل إلى جانب الإدارة الوطنية للأمن النووي على خطط لإمكانية تدمير كويكبات خطرة بأسلحة نووية .
- عام 1965 أرسلت مهمة “جيميني 3 ” رواد الفضاء “جون يونج” و “جوس جريسوم” للدوران حول لأرض و قام “يونج” بتهريب شطيرة لحم بقري إلى المركبة الفضائية و هي أول حالة معروفة للمواد المهربة الصالحة للأكل في الفضاء و اعترف ” يونج ” أن إحضارها كان فكرة سيئة لأنها بدأت تتفكك على الفور تقريبًا .
- رواد الفضاء الثلاثة الذين أداروا مهمة ” أبولو 11 ” و هم “نيل أرمسترونج” و “باز ألدرين” و “مايكل كولينز” لم يتمكنوا من الحصول على أي شركة تصدر لهم تأمينًا على الحياة قبل أن ينطلقوا في الفضاء و وفقًا لتقارير شبكة إن بي سي نيوز و من أجل إعالة أسرهم في حالة عدم عودتهم إلى الأرض قاموا بتوقيع مظاريف و بطاقات بريدية ختمها الأصدقاء بختم به تاريخ الإطلاق و الهبوط و التي يمكن بيعها بدولارات كبيرة لعشاق الفضاء في حالة عدم قيامهم بذلك.
- تحب وكالة “ناسا ” أفلام الكرتون لدرجة أنها سميت اثنين من أقمارها الصناعية “توم” و “جيري” و اللذان يطارد بعضهما البعض أثناء دورانهما حول الأرض كجزء من مهمة ناسا لمتابعة التجارب المناخية و قياس مجال الجاذبية لكوكبنا .
- عندما عادت “أبولو 11” إلى الارض قادمة من القمر كانت وكالة “ناسا” قلقة بشأن احتمال وجود جراثيم قمرية لذلك فرضت الحجر الصحي على رواد الفضاء لمدة ثلاثة أسابيع طويلة.
- في عام 1958 تم إرسال القمر الصناعي لترحيل الاتصالات ” بروجيكت سكور ” إلى المدار حيث تم عبره بث رسالة عيد الميلاد للرئيس “دوايت أيزنهاور” لتلك السنة إلى أي شخص قد يستمع مما يجعله هو أول صوت يتم إرساله من الفضاء.
- في 11 سبتمبر 2019 أعلنت وكالة “ناسا” أن تلسكوب “كبلر” الفضائي قد اكتشف عالماً يحتمل أن يكون صالحاً للسكن على بعد حوالي 110 سنوات ضوئية.
- غالبًا ما تعرض وكالة “ناسا” فيلم “أرمجيدون” كجزء من برنامجها التدريبي الإداري ثم تطلب من طاقمها الجديد تحديد أكبر عدد ممكن من الأخطاء العلمية حيث يوجد فيه ما لا يقل عن 168 منهم.
- توجد منطقة واسعة فوق “البرازيل” يضعف فيها المجال المغناطيسي للأرض و هو مؤثر بشكل كبير لدرجة أن ناسا تقوم بإيقاف تشغيل أقمارها الصناعية عند المرور فوقها.