نهر المسيسيبي هو أكبر نهر في نصف الكرة الشمالي و ثاني أطول نهر يقع داخل قارة أمريكا الشمالية بعد نهر ميسوري الذي يعد أحد روافده و يبدء التدفق من منبعه ببحيرة إتاسكا في شمال ولاية مينيسوتا ليقطع رحلة طويلة تمتد علي مسافة 3766 كيلومترا حتي يصل إلي مصبه في خليج المكسيك بولاية لويزيانا و يكون مع أنهار جيفرسون و ميسوري أكبر نظام أنهار في أمريكا الشمالية حيث يشغل أجزاء من مساحات 31 ولاية داخل الولايات المتحدة و مقاطعتين في كندا بشكل يجعله ثالث أطول نهر في العالم بعد نهري النيل و الأمازون و يستضيف نهر المسيسيبي أكثر التجمعات النباتية و الحيوانية تنوعًا في العالم حيث يعيش فيه و علي ضفاف سهوله عدد لا يحصى من الحيوانات البرية و تدعم مياهه أكثر من ثلاثمائة نوع من الأسماك كما يعتبر النهر دليل لإرشاد الملايين من الطيور المهاجرة من و إلى مناطق الشتاء كل عام .
جغرافيا يبلغ طول نهر المسيسيبي 3766 كيلومترا و هو ثاني أطول نهر في ” الولايات المتحدة ” بعد نهر ميسوري و يبدأ منبعه من بحيرة إتاسكا الواقعة علي إرتفاع 450 مترًا فوق مستوى سطح البحر في متنزه إتاسكا الوطني بولاية مينيسوتا ثم ينحدر النهر إلي 220 مترًا أسفل شلالات سانت أنتوني في مينيابوليس و يمر نهر المسيسيبي عبر العديد من البحيرات الجليدية و غابات الصنوبر و النباتات و مستنقعات الكاتيل قبل أن تنضم إليه باقي الروافد , و تبلغ رحلة المياه من المنبع إلي المصب بخليج المكسيك حوالي 90 يومًا كما يشكل نهر المسيسيبي حدود ثماني ولايات و هم ويسكونسن و آيوا و إلينوي و ميسوري و كنتاكي و أركنساس و تينيسي و الميسيسيبي و يمر عبر منطقتين أخريين و هم مينيسوتا و لويزيانا و في النهاية يصب النهر في خليج المكسيك على بعد حوالي 160 كيلومترًا من مدينة نيو أورليانز بولاية لويزيانا.
و يعد نهر مينيسوتا و نهر إلينوي من بين الأوائل الذين انضموا إلى نهر المسيسيبي ثم ينضم إليهم نهر ميسوري بالقرب من سانت لويس بولاية ميسوري و يُشار إليه أحيانًا باسم “الموحل الكبير” و هو ثاني أكبر روافد نهر المسيسيبي من حيث الحجم كما ينضم إلى نهر المسيسيبي أيضًا نهر أوهايو في القاهرة و نهر إلينوي و نهر أركنساس و يعد نهر أتشافالايا في لويزيانا أحد الموزعين الرئيسيين لنهر المسيسيبي و يسمى النهر من منبعه إلى منطقة نهر أوهايو نهر المسيسيبي العلوي بينما من أوهايو إلى مصبه بإسم المسيسيبي السفلي و ينقسم نهر المسيسيبي العلوي إلى ثلاثة أقسام:
- منابع المياه من المنبع إلى شلالات القديس أنتوني .
- سلسلة من البحيرات الإصطناعية بين مينيابوليس و سانت لويس بولاية ميسوري .
- نهر المسيسيبي الأوسط و هو نهر يتدفق بحرية نسبيًا عند ملتقى نهر ميسوري في سانت لويس .
و علي طول النهر العلوي تم تصميم سلسلة مكونة من 29 قفلًا و سدًا تم بناء معظمها في ثلاثينيات القرن العشرين للحفاظ على قناة بعمق 2.7 متر لحركة مرور الصنادل التجارية كما تُستخدم البحيرات المتكونة أيضًا لركوب القوارب الترفيهية و صيد الأسماك و خلال فترات التدفق العالي تُفتح البوابات بالكامل و تتوقف السدود عن العمل أما أسفل سانت لويس فيتميز نهر المسيسيبي بالتدفق الحر نسبيًا .
أما في نهر المسيسيبي السفلي فمن خلال عملية طبيعية تعرف باسم التبديل الدلتي يقوم النهر بتحويل مساره النهائي إلى المحيط كل ألف عام أو نحو ذلك و يحدث ذلك بسبب رواسب الطمي و الرواسب الأخري التي ترفع مستوى النهر مما يؤدي في النهاية إلى إيجاد طريق أكثر انحدارًا لخليج المكسيك حيث تسببت هذه العملية على مدار الخمسة آلاف عام الماضية في تقدم الخط الساحلي لجنوب لويزيانا نحو الخليج من 25 إلي 80 كيلومترًا و يُعرّف حوض دلتا نهر المسيسيبي بأنه كل الأراضي و منطقة مصبات الأنهار الضحلة الواقعة بين الممرين الشماليين لنهر المسيسيبي و خليج المكسيك .
و يصرف نهر المسيسيبي بمعدل سنوي متوسط يتراوح بين 5600 و 19820 متر مكعب في الثانية من الماء و يطلق حوالي 365 مليون متر من الطين و الرمل والحصى سنويًا و على الرغم من أنه خامس أكبر نهر في العالم من حيث الحجم فإن هذا التدفق يمثل مجرد جزء صغير من إنتاج نهر الأمازون حيث يبلغ تدفق نهر المسيسيبي عشر تدفقه و لا تختلط مياه الأنهار العذبة التي تتدفق من نهر المسيسيبي إلى خليج المكسيك بالمياه المالحة على الفور حيث يستمر بشكل طبيعي حول طرف فلوريدا قبل أن يمتزج جيدًا بمياه المحيط المالحة و هناك جهود مستمرة لإبعاد المياه المالحة عن المياه العذبة في نهر المسيسيبي قبل دخولها إلى المحيط حيث تتسبب المياه المالحة في إحداث فوضى في الموائل الحساسة للمحيطات الحيوية للمياه العذبة في الداخل و علي مدار الخمسين عامًا الماضية إنخفض حمل الرواسب في حوض دلتا نهر المسيسيبي بشكل كبير بسبب مجموعة من العوامل الطبيعية أو التي يسببها الإنسان حيث تشمل العوامل الطبيعية أحداثًا مثل الأعاصير و تآكل المد والجزر و إرتفاع مستوى سطح البحر .
جيولوجيا قام نهر إلينوي الجليدي منذ حوالي 200.000 إلى 125.000 سنة بسد نهر المسيسيبي بالقرب من جزيرة روك بولاية إلينوي و تحويله إلى قناته الحالية أبعد إلى الغرب وهي الحدود الغربية الحالية للولاية كما حدثت تغييرات أخرى في مجرى النهر بسبب الزلازل على طول منطقة صدع نيو مدريد التي تقع بين مدينتي ممفيس في ولاية تينيسي و سانت لويس بولاية ميسوري و قيل إن ثلاثة زلازل في عامي 1811 و 1812 تقدر شدتهم بنحو 8 درجات على مقياس ريختر قد عكست مسار نهر المسيسيبي مؤقتًا و خلقت هذه الزلازل أيضًا بحيرة ريلفوت في تينيسي مع صدع تشكل في نفس الوقت الذي تشكل فيه خليج المكسيك .
و يمتلك نهر المسيسيبي ثالث أكبر حوض تصريف في العالم و لا يتجاوزه في الحجم سوى مستجمعات مياه نهري الأمازون و الكونغو حيث يغطي الحوض أكثر من 3,225,000 كيلومتر مربع بما في ذلك كل أو أجزاء من 31 ولاية أمريكية و مقاطعتين في كندا و تعتبر روافده الرئيسية هي كالتالي :
- النهر الأسود الكبير في ميسيسيبي .
- النهر الأحمر في لويزيانا .
- النهر الأبيض في أركنساس .
- نهر أركنساس في أركنساس .
- نهر أوهايو في إلينوي و كنتاكي .
- النهر الموحل الكبير في إلينوي .
- نهر كاسكاسكيا في إلينوي .
- نهر ميسوري في ولاية ميسوري .
- نهر إلينوي في إلينوي .
- نهر دي موين في ولاية ايوا .
- نهر الظربان في ولاية ايوا .
- نهر روك في إلينوي .
- نهر ماكوكيتا في ولاية أيوا .
- نهر ويسكونسن في ولاية ويسكونسن .
- نهر تشيبيوا في ولاية ويسكونسن .
- نهر سانت كروا في ولاية ويسكونسن .
- نهر مينيسوتا في ولاية مينيسوتا .
و تشمل الروافد الفرعية الرئيسية نهر تينيسي (أحد روافد نهر أوهايو) و نهر بلات (أحد روافد نهر ميسوري).
بيئيا في ستينيات و أوائل سبعينيات القرن العشرين لم يكن هناك سوى عدد قليل من اللوائح التي تتحكم في ما يذهب إلى النهر و كانت مادة الـ دي.دي.تي و هي مادة كيميائية تستخدم في الأسمدة من الملوثات الخطيرة له لذلك خلال تلك الفترة كان النسر الأصلع الأمريكي على وشك الإنقراض و لكن مع وضع العديد من اللوائح تم الحفاظ عليه كما يوجد أيضا أنواع متعددة من الطيور و الأسماك الذين يعيشون علي طوله و أعاليه حيث يوفر النهر منازل لطيور مالك الحزين و البلشون و أسراب كبيرة من البط القماشي و يمكن للمرء أيضًا رؤية بجعات التندرا الجميلة و البجع الأبيض على طول ضفاف النهر و كل عام يزور محمية الحياة البرية العليا في نهر المسيسيبي ما يقرب من 3.5 مليون شخص كما يمر علي نهر المسيسيبي و روافده و ممراته المائية 40 بالمائة من جميع البط و الإوز و البجع و النسور الموجودة في الولايات المتحدة.
إقتصاديا يسمح طريق النهر العظيم للزوار بالسفر على طرقاته و مشاهدة 3229 كيلومترًا من المناظر الطبيعية الخلابة عبر ولايات أركنساس و إلينوي و أيوا و مينيسوتا و ميسيسيبي و ميسوري و ويسكونسن كما يعيش علي طول ضفافه حوالي 12 مليون شخص موزعين علي 125 مقاطعة و يجلب وادي نهر المسيسيبي 7 مليارات دولار أمريكي من منتجات الغابات و الزراعة و 29 مليون دولار من التصنيع كل عام و يتم نقل ما يقرب من 470 مليون طن من البضائع عبر نهر المسيسيبي كل عام و يعد القمح من الغرب الأوسط و البتروكيماويات من خليج المكسيك من أهم السلع التي يتم نقلها عبر ذلك النهر .
تاريخيا قبل الاستيطان الأوروبي سكنت العديد من قبائل الأمريكيين الأصليين مناطق السهول الفيضية لنهر المسيسيبي و أستخدموا النهر كطريق سريع لدعم قراهم و كعلامة جيولوجية و كانت لديهم علاقة نشطة مع النهر بعد أن فهموا طبيعته الديناميكية و كيفية العمل معه و في 8 مايو عام 1541 أصبح ” هيرناندو دي سوتو ” أول أوروبي مسجل يصل إلى نهر المسيسيبي و أطلق عليه اسم “ريو دي إسبيريتو سانتو” أو “نهر الروح القدس” و هذا الاسم هو حاليًا اسم النهر في العالم الناطق بالإسبانية و كان المستكشفان الفرنسيان ” لويس جولييت ” و ” جاك ماركيت ” أول من جعل النهر معروفًا للعالم الأوروبي من خلال رحلتهما أسفل النهر من مصب نهر ويسكونسن إلى مصب أركنساس في عام 1673 و في عام 1682 تمت المطالبة بوادي نهر المسيسيبي بأكمله لصالح لويس الرابع عشر ملك ” فرنسا ” و أطلق على النهر اسم نهر كولبير إلا أنه نتيجة الحرب الفرنسية و الهندية فقدت ” فرنسا ” جميع أراضيها في البر الرئيسي لأمريكا الشمالية و منحت معاهدة باريس عام 1763 ” بريطانيا العظمى ” حقوقًا في جميع الأراضي الواقعة في الوادي شرق المسيسيبي و ” إسبانيا ” حقوقًا في الأراضي الواقعة غرب المسيسيبي و في معاهدة باريس الثانية عام 1783 سيطرت ” إسبانيا ” على النهر جنوب خط عرض 32°30′ شمالًا و فيما يُعرف بالمؤامرة الإسبانية كانت تأمل في الحصول على سيطرة أكبر على لويزيانا و الغرب بأكمله و لكن إنتهت هذه الآمال عندما تم الضغط عليها للتوقيع على معاهدة بينكني عام 1795 و استعادت ” فرنسا ” لويزيانا من ” إسبانيا ” في معاهدة سان إلديفونسو الثالثة السرية عام 1800 ثم أشترت ” الولايات المتحدة ” الإقليم من ” فرنسا ” عام 1803.
و خلال الحرب الأهلية الأمريكية لعب النهر دورًا حاسمًا فيها حيث دعت حملة فيكسبيرغ التابعة للإتحاديين إلي السيطرة على الجزء السفلي من نهر المسيسيبي و كان إنتصارهم في معركة فيكسبيرغ عام 1863 محوريًا في إنتصارهم النهائي في تلك الحرب و بعد ذلك بوقت قصير تم البحث عن طريقة لترويض النهر لإستخدامه كنظام نقل للبضائع و الأشخاص و في أواخر القرن التاسع عشر تمت إزالة العقبات من القناة حتى تتمكن القوارب البخارية الكبيرة من المرور بسهولة أكبر و في بداية القرن العشرين تم إنشاء الآلاف من السدود المجنحة المصنوعة من الصخور و الصفصاف لتقييد التيار و فتح قناة صالحة للملاحة أما فى الفترة ما بين العشرينيات و الأربعينيات تم إنشاء 27 قفلًا و سدًا للحفاظ على القناة على مدار العام حيث حولت هذه السدود النهر إلى سلسلة من برك تشبه البحيرة و غمرت هذه السدود أجزاء من السهول الفيضية و خلقت موطنًا للعديد من أنواع الأسماك و الحياة البرية .