نهر الدانوب هو ثاني أطول نهر في قارة أوروبا بعد نهر الفولجا و يعتبر أطول نهر داخل الإتحاد الأوروبي و ينبع من الغابة السوداء في ألمانيا كمجريين صغيرين و هما نهرا بريجاخ و بريج اللذان يلتقيان في مدينة دوناوشينجن و عند هذه النقطة يُعرف بإسم نهر الدانوب الذي يتدفق شرقاً لمسافة 2857 كم و يمر بعدة عواصم في وسط و شرق أوروبا قبل أن يصب في البحر الأسود عبر دلتا الدانوب في رومانيا و أوكرانيا و هو نهر كان يوما واحد من الحدود الدائمة للإمبراطورية الرومانية و يتدفق أو يشكل جزءاً من حدود عشر دول و هم ألمانيا و النمسا و سلوفاكيا و المجر و كرواتيا و صربيا و رومانيا و بلغاريا و مولدوفا و أوكرانيا بالإضافة إلي أن حوض تصريفه يشمل أجزاءً من تسع دول أخرى و هم إيطاليا و بولندا و سويسرا و جمهورية التشيك و سلوفينيا و البوسنة والهرسك و الجبل الأسود و مقدونيا و ألبانيا.
و يغطي حوض نهر الدانوب مساحة 817,000 كم² مما يجعله واحد من أكبر الأنهار في العالم و هو بمثابة شريان الحياة لأوروبا حيث يقطن حول حوضه أكثر من 83 مليون شخص و يتميز بإحتوائه علي موائل متنوعة و فريدة تدعم حياة عدد من الكائنات الحية كالحيوانات و النباتات بعضها قد يكون نادر و مهدد بالإنقراض مثل البجع الأبيض و سمك الحفش بالإضافة إلي أن ذلك النهر لا يخدم الإنسان فقط بل يلعب دوراً مهماً في النظام البيئي الطبيعي للمنطقة كما كان له دورا في إلهام الفنانين عبر التاريخ حيث ألف ” يوهان شتراوس ” مقطوعة “الفالس الأزرق للدانوب” ووصفه الشاعر الألماني ” فريدريش هولدرلين ” بأنه “نهر منعش و مليء بالألحان فهو أحياناً يهدر بروح مرحة وفي أحيان أخرى يحلم بهدوء ” .
جغرافيا نهر الدانوب
تشكل بعض روافد نهر الدانوب أنهاراً مهمة بحد ذاتها حيث يمكن التنقل فيها بواسطة البوارج و القوارب النهرية ذات الغاطس الضحل و تعد الروافد الرئيسية من المصدر إلى المصب، هي ” إيلر، ليخ، ريغن، إيسار، إن، إنس، مورافا، ليثا، فاه، هرون، إيبيل، سيو، درافا، فوكا، تيزا، سافا، تيميش، فيليكا مورافا، كراش، جيو، إيسكر، أولت، فيديا، أرجيش، يالوميتسا، سريت، بروت ” .
تقسيم النهر
ينقسم النهر إلي ثلاثة أجزاء و هم :
- الجزء العلوي : يبدء من المنبع إلي بوابة ديفين حيث يحتفظ نهر الدانوب بطبيعته الجبلية حتى ” باساو ” و يبلغ متوسط إنحدار القاع 0.0012% من باساو إلى بوابة ديفين ثم ينخفض بعد ذلك إلي 0.0006%.
- الجزء الأوسط: يبدء من بوابة ديفين و حتي بوابة الحديد و بعدها يتسع مجري النهر و يصبح متوسط إنحدار القاع حينها 0.00006%.
- الجزء السفلي: يبدء من بوابة الحديد إلي سولين حيث يبلغ متوسط الإنحدار 0.00003%.
حوض نهر الدانوب
يُصرف حوض النهر مياهه علي مساحة تبلغ 817,000 كيلومتراً مربعاً تغطي 19 دولة مما يجعله النهر الأكثر تأثيراً علي مستوى العالم حيث يتدفق من غابة ألمانيا السوداء إلي البحر الأسود كما أنه يُعد النهر الرئيسي الوحيد في أوروبا الذي يتدفق من الغرب إلي الشرق و تحديدا من أوروبا الوسطي إلي أوروبا الشرقية.
دلتا نهر الدانوب
تعد دلتا ذلك النهر ثاني أكبر دلتا في أوروبا بعد دلتا نهر الفولجا و يقع الجزء الأكبر من الدلتا في ” رومانيا ” (مقاطعة تولسيا) بينما يقع الجزء الشمالي منها علي الضفة اليسرى من ذراع كاليا في ” أوكرانيا ” (مقاطعة أوديسا) و تعد المساحة التقريبية لتلك الدلتا هي 4152 كيلومتر مربع منها 3446 كيلومتر مربع في ” رومانيا ” و إذا تم إضافة بحيرات رازيم-سينوي [1015 كيلومتر مربع] فإن المساحة الإجمالية تصل إلي 5165 كيلومتر مربع و تمثل تلك الدلتا أهمية ثقافية و بيئية كبيرة و لذلك تم إدراجها عام 1991 كموقع للتراث العالمي لليونسكو حيث تدعم الأراضي الرطبة فيها أسرابًا ضخمة من الطيور المهاجرة بما في ذلك 70٪ من البجع الأبيض في العالم و 50٪ من الغاق القزم.
الحدائق الوطنية
تشمل الحدائق الوطنية الموجودة علي طول ضفاف النهر ما يلي :
- منتزه أوبيري دوناو الطبيعي (ألمانيا)
- منطقة حماية الطبيعة دوناوليتين (ألمانيا)
- الحديقة الوطنية دوناو آون (النمسا)
- الحديقة الوطنية دونا-إيبولي (المجر)
- منتزه كوباتشي ريت الطبيعي (كرواتيا)
- الحديقة الوطنية جيرداب (صربيا)
- منتزه بوابات الحديد الطبيعي (رومانيا)
- محمية دلتا الدانوب الحيوية (رومانيا)
نهر الدانوب جيولوجيا
علي الرغم من أن منابع النهر صغيرة نسبيًا اليوم إلا أن الدانوب جيولوجيًا أقدم بكثير من نهر الراين و قد أدى ذلك إلي بعض التعقيدات الجيولوجية المثيرة للإهتمام لأن نهر الراين هو الوحيد الذي ينبع من جبال الألب و يتدفق شمالًا نحو بحر الشمال و مع ذلك لاحظ العلماء أنه قبل العصر الجليدي الأخير كان نهر الراين يبدأ عند الطرف الجنوبي الغربي من الغابة السوداء بينما كانت المياه القادمة من جبال الألب التي تغذي نهر الراين اليوم تُحمل شرقًا بواسطة ما يُعرف بـ “أوردوناو” (الدانوب الأصلي) و لا تزال أجزاء من مجرى هذا النهر القديم الذي كان أكبر بكثير من الحالي مرئية في الوديان (التي أصبحت الآن جافة) في منطقة جبال سوابيا الحالية و مع مرور الوقت حدث تآكل لوادي الراين العلوي و بالتالي تغيرت إتجاهات معظم المياه القادمة من جبال الألب و بدأت تغذي نهر الراين أما نهر الدانوب العلوي اليوم فهو مجرد إنعكاس ضعيف للنهر القديم.
و بما أن جبال سوابيا مكونة إلي حد كبير من الحجر الجيري المسامي و نظرًا لأن مستوي نهر الراين أقل بكثير من مستوى نهر الدانوب فإن الأنهار الجوفية تنقل اليوم الكثير من مياهه إلي نهر الراين و في العديد من أيام الصيف عندما يكون تدفقه منخفضًا تتسرب مياهه تمامًا إلي هذه القنوات الجوفية في موقعين بجبال سوابيا و تعرف هذه الظاهرة بإسم “غرق الدانوب” ثم تعود معظم هذه المياه إلي الظهور علي بعد 12 كيلومترًا جنوبًا عند “أختوبف” الذي يعتبر أكبر ينبوع في ” ألمانيا ” بمعدل تدفق يبلغ 8500 لتر في الثانية شمال بحيرة كونستانس و بالتالي يتغذي نهر الراين .
تاريخ النهر
كان حوض نهر الدانوب موقعًا لبعض أقدم الحضارات البشرية حيث عاشت في وسطه الثقافات النيوليتية المرتبطة بالفخار الخطي أما ثقافة فوتشيدول (التي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد) و المشهورة بفخارها فقد نشأت في موقع فوتشيدول بالقرب من فوكوفار بكرواتيا كذلك تم العثور علي العديد من مواقع ثقافة فينكا التي تعود من الألفية السادسة و حتي الثالثة قبل الميلاد كما كان جزءًا من الحدود الرومانية و اليوم يعيش في حوضه حوالي 83 مليون شخص و بذلك يعتبر هو شريان الحياة لأوروبا حيث يعمل الحوض علي توحيد و إستدامة مجموعة متنوعة من الثقافات والتقاليد.
الأهمية الإقتصادية
تتميز مناظر السهول الفيضية لنهر الدانوب بتقديمها لخدمات بيئية متعددة مع دعم الأنشطة الإجتماعية و الإقتصادية مثل الصيد و السياحة و النقل .
الملاحة والنقل .. يعد ذلك النهر الذي يُعرف بـ”الممر السابع” للإتحاد الأوروبي طريقًا مهمًا للنقل و منذ إفتتاح قناة الراين-ماين-دانوب أصبح النهر يربط البحر الأسود بمراكز الصناعة في غرب أوروبا و ميناء روتردام حيث صممت فيه ممرات المائية لنقل السفن الكبيرة .
الصيد .. تراجعت أهمية الصيد في نهر الدانوب التي كانت نشطة في العصور الوسطى بشكل كبير و مع ذلك لا يزال هناك بعض من المواقع التي تزدهر فيها مهنة الصيد خاصة منطقة الدلتا .
السياحة .. تشمل المواقع السياحية و الطبيعية الهامة علي طول النهر وادي فاخاو و حديقة دوناو-أوين الوطنية في ” النمسا ” و حديقة أوبيري دوناو الطبيعية في ” ألمانيا ” و كوباكي ريت في ” كرواتيا ” و بوابة الحديد و دلتا الدانوب في ” رومانيا ” .