تعتبر المصارعة واحدة من الرياضات الشهيرة و المتجذرة في الوجدان الإنساني منذ قديم الأزل و تمارس في الكثير من دول العالم خاصة و أنها لعبة لا تقتصر مبارياتها علي البشر فحسب و لكن للكائنات الحية الأخري نصيب أيضا فيها حيث تقوم العديد من المدن حول العالم بتنظيم فعاليات للمصارعة يكون أبطالها أحد أنواع الحيوانات أو الطيور و تعد مصارعة الجمال التي تنظم بشكل سنوي في غرب تركيا أحد أبرز أنواع نزالات الحيوانات بإعتبارها جزء من الثقافة البدوية التركية أو كما يطلق عليها إسم اليوروك و خلالها يتقاتل إثنان من ذكور جمال التولو وسط حشد غفير من المتفرجين و هي رياضة تلقي رواجا كبير في تلك المناطق رغم إعتراضات منظمات حقوق الحيوان .
و يرجع تاريخ رياضة مصارعة الجمال إلي أكثر من 1000 عام حيث نشأت بين القبائل التركية القديمة التي رأت أن الجمال يتصارعون فيما بينهم بالبرية فقرروا أن يقوموا بتنظيم تلك النزالات بأنفسهم و مع مرور السنوات و تجذر تلك الرياضة في التراث التركي أستغلت رابطة الطيران الوطنية التركية في عشرينيات القرن الماضي ذلك الأمر في و قامت بتنظيم فعاليات مصارعة الجمال من أجل جمع التبرعات لشراء طائرات للحكومة التركية و رغم ذلك بدأت السلطات في تثبيط تلك الممارسة بإعتبارها متخلفة جدًا لكنها تراجعت لاحقا و قامت في الثمانينيات بتشجيع تلك المسابقات كجزء من إحياء الثقافة التاريخية لتركيا .
و من أجل الحصول علي أفضل أداء لمصارعة الجمال يقوم المنظمين لتلك الفعاليات بإقامتها خلال موسم تزاوجهم نظرًا للعامل المحفز للقتال في وجود أنثي قريبة و خلال المصارعة تتقاتل الجمال بإستخدام أعناقها كوسيلة ضغط لإجبار خصمها الأخر على السقوط ثم يتم إعلان فوز أحدهم إذا سقط منافسه علي الأرض أو هرب من حلبة القتال و هو ما قد يسبب بعض من الخطورة علي الجمهور نظرا لفراره وسط الحشود مما يؤدي إلي حدوث عدد من الإصابات و من الملاحظ أنه رغم إقامة تلك العروض علي الأراضي التركية إلا أنه يتم تربية معظم الجمال المقاتلة في دولتي ” إيران ” أو ” أفغانستان ” و يمكن بيع الجمل الواحد منهم بأكثر من 20 ألف دولار أمريكي .
أقرأ أيضا : مصارعة الزيت .. لعبة قتالية تركية تمارس منذ سبع قرون
و حاليا هناك ما يقرب من ثلاثين مهرجانًا سنويًا في منطقة بحر إيجه التركية تقام فيه فعاليات مصارعة الجمال و التي تكون خلال الفترة من نوفمبر و حتي مارس و يشارك في المنافسات ما يقرب من مائة من الجمال المقاتلة حيث يتنافس كل جمل في حوالي عشر مباريات و تقام تلك الأحداث دائمًا في أيام الأحد علي ملاعب كرة القدم و تستمر كل منها عادةً لمدة عشر دقائق و في نهاية الموسم غالباً ما تكون هناك بطولة للأبطال يتنافس فيها أفضل الجمال و لا يقتصر الحضور علي السكان المحليين فقط بل يحضر أيضا العديد من السياح و هو ما يجعل تلك المهرجانات جزءًا أساسيًا من صناعة السياحة في غرب الأناضول .