يعتبر السيرك علي مر التاريخ واحد من أبرز الأماكن الترفيهية في العالم حيث تقام فيه العديد من العروض المختلفة و المتنوعة التي يشوب بعضها جانب من الخطورة سواء في أداء الحركات الأكروباتية أو التعامل مع الحيوانات المفترسة و رغم إنتشار فنون السيرك في جميع أنحاء العالم إلا أن واحد منهم يوجد في روسيا يحمل طابع خاص و ذلك من خلال إعتماده علي القطط فقط ليكونوا هم الممثلين و المؤدين الرئيسيين الذين يشاركون البشر في تلك العروض رغم من صعوبة تدريب ذلك النوع من الحيوانات لذلك كان من الطبيعي أن يحظي مسرح موسكو للقطط و هو إسمه بشهرة كبيرة بين الناس و يرتاده الجمهور بأعداد كثيفة لمشاهدة تلك العروض المهارية الجميلة و الغريبة فى ذات الوقت .
و أنشئ مسرح موسكو للقطط منذ نحو 30 عاما و فيه تكون قطط الشوارع هي نجوم العرض و رغم علم الجميع عن مدى صعوبة تدريب قطة ناهيك عن أنها قادمة من الشوارع إلا أن القائمين علي ذلك المكان نجحوا بشكل مثير للإعجاب في تحقيق ذلك و تمكنوا من تدريبهم علي ركوب الدراجات و المشي فوق الحبل و تأدية الحركات البهلوانية و الألعاب الهوائية كما يلاحظ أنه يوجد كيمياء كبيرة تجمع ما بين القطط أبطال العرض و الممثلين المؤدين من البشر كما و لو أنهم يكملون بعضهم البعض و هو أمر يرجع بحسب القائمين علي المكان لوجود حب و تفاهم متبادل بين الطرفين و هو العامل الرئيسي الذي يعتمدون عليه أثناء تدريبهم و إقامة عروضهم حيث يقولون أنه من الصعب معاقبة قطة وراء الكواليس ثم جعلها تؤدي على المسرح لذلك يكون التعامل مبني علي الصبر و التفاهم لأن القطط من المستحيل أن تعمل في ظل قيود مفروضة عليها .
و بدأت فكرة مسرح موسكو للقطط في بداية التسعينيات علي يد شخص روسي يدعي ” يوري كوكلاشيف” و الذي بدأ حياته المهنية كمهرج سيرك و خلالها بدء بالتفكير في أمر يجعله مميز عن باقي الفنانين و المهرجين الآخرين و يكون شيء يصنعه بنفسه و يجب تذكره من قبل الجمهور و في أحد الأيام وجد بجواره قطة صغيرة و كانت ودية للغاية و تمكن من التواصل معها و أثناء قيامه بأحد العروض قرر أدائه و هي برفقته علي كتفه و حين رأي رد فعل الجمهور الإيجابي علي ذلك بدأ في تطوير بعض المهارات مع القطط. و بعد عشرين عامًا في السيرك قرر إنشاء مسرح خاص به تقوم فيه القطط بمشاركة المهرجين في العروض الأكروباتية حيث يحتوي العرض المعتاد على جميع معايير عروض السيرك حيث يقوم المهرجين بأداء الكوميديا التقليدية الخاصة بهم و تشاركهم فيه القطط و مع إستمرار العرض تبدأ القطط في الظهور بشكل أكبر و يقومون بإستعراض حيلهم و مهاراتهم من القفزات القصيرة إلى المشي علي حبل مشدود و التوازن علي الكرات و القفز .
و يقدم مسرح موسكو للقطط إثني عشر عرضًا مختلفًا للجمهور و يعمل فيه ما يقارب من 200 قطة تغطي 38 سلالة بصفتهم فنانين و يقومون ببطولة تلك العروض بشكل إحترافي يدفع الكثيرين للتسائل عن كيفية تدريبهم حيث يجيب ” كوكلاشيف ” بأن الأمر يستغرق عام من أول ظهور ذلك القط علي المسرح لأول مرة من أجل التدريب و حتي ظهوره أمام الجمهور لأداء تلك العروض كما يجب أن تمر القطط بإختبارين حتي يتم الإعتماد عليهم في الأداء أولهم هو إختيارهم على أساس الموهبة بحيث يجب أن تكون مرحة و فضولية و ثانيا إجراء إختبارات للتأكد من صحتهم الجيدة لأنهم سوف يعيشون فى وسط مجتمع كامل من القطط و هو أمر ضروري للحفاظ عليهم جميعا من إنتشار أي أمراض بينهم وراء الكواليس لذلك تخضع القطط الجديدة لفحص جسدي و ثمانية إختبارات دم لمحاولة إكتشاف أي أمراض قد معدية ثم تظل لمدة شهر تقريبًا في الحجر الصحي و منفصلة عن القطط الأخرى و إذا كانت جميع الاختبارات سليمة فبعد أسبوعين إلى ثلاثة يبدأون في تكييف القطة مع الباقين و إذا تعذر دمج القطة بطريقة ما معهم فإنهم يتأكدون من توفير منزل جيدًا أخر لهم و إلى الأبد .
و عند بداية مسرح موسكو للقطط سعي القائمين عليه في العثور علي القطط في كل مكان في الشوارع و في ملاجئ الحيوانات و بعد مرور سنوات من إفتتاحه نمت عائلة تلك القطط بشكل كبير حيث يعد حاليا معظم الممثلين من ذرية الفنانين الأوائل كما أن لكل قطة منهم مهاراتها الخاصة في العروض و يكون دور ” كوكلاشيف ” هي ملاحظة تلك المهارات و تطويرها حتى تحب القطة أداء نفس الحيلة لفترة طويلة كما أن المسرح له نجوم بارزين من بين هؤلاء القطط فواحد منهم يسمى “بوريس” و هو مشهور جدا في “روسيا” لأنه بطل حملة إعلانية خاصة بطعام القطط و الطريف في الأمر أنه عندما تتقاعد إحدي القطط لكبر سنها تبقى في المسرح و تستفيد من الرعاية الجيدة المقدمة لها نظير خدماتها السابقة .
أقرأ أيضا : تعرف على بلدة أوشيما اليابانية المعروفة بإسم جزيرة القطط
و رغم ما يقوله ” كوكلاشيف ” عن حسن معاملة أبطاله داخل مسرح موسكو للقطط إلا أنه على مر السنين دخل فى معارك قضائية كثيرة مع مجموعات لحقوق الحيوان و التي أتهمته بسوء معاملة القطط و بأن جميع إدعائاته عن حسن معاملتهم غير صحيحة بل علي العكس هو يسيئ إليهم دائما و لكن علي مر السنوات أنتصر في العديد من تلك الدعاوي نظرا لأن التحقيقات لم تثبت وجود أي إسائات لتلك الحيوانات و هو ما ساهم في زيادة شهرة مسرح موسكو للقطط ليس في الداخل فقط و لكن في الخارج أيضا حيث أقام عدد من العروض في دول أوروبا و ” الولايات المتحدة ” و تعتبر حاليا عائلة ” كوكلاشيف ” من بين أكثر فناني الأطفال شهرة على نطاق واسع في جميع أنحاء “روسيا” .