محكمة العدل الدولية (ICJ) هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة (UN) حيث نشأت فكرة إنشاء محكمة دولية للتحكيم في المنازعات الدولية لأول مرة خلال المؤتمرات المختلفة التي أنتجت إتفاقيات لاهاي أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين و كانت الهيئة التي تم إنشاؤها لتحقيق ذلك الغرض هي محكمة التحكيم الدائمة التي كانت بمثابة مقدمة لمحكمة العدل الدولية الدائمة (PCIJ) التي أسستها عصبة الأمم و خلال الفترة من عام 1921 و حتي عام 1939 أصدرت أكثر من 30 قرارًا و ما يقرب من نفس العدد من الآراء الإستشارية و مع ذلك لم تكن أي منها مهتمة بالقضايا التي تسببت بتوريط أوروبا في الحرب العالمية الثانية التي بعد إنتهائها تأسست محكمة العدل الدولية عام 1945 بموجب مؤتمر سان فرانسيسكو الذي أنشأ أيضًا منظمة الأمم المتحدة و كانت جلستها الإفتتاحية عام 1946 و يعتبر جميع الدول الأعضاء في المنظمة الأممية هم أطراف في النظام الأساسي لها و يجوز لغير الأعضاء أيضًا أن يصبحوا أطرافًا فيها أيضا .
و تعتبر محكمة العدل الدولية هيئة مستقلة تنعقد بشكل دائم و تتكون من 15 قاضياً و لا يجوز أن يكون إثنان منهم من مواطني دولة واحدة و يتم إنتخابهم لمدة تسع سنوات بأغلبية الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة و مجلس الأمن و يحق للقضاة الذين يتم إنتخاب ثلثهم كل ثلاث سنوات إعادة إنتخابهم مجددا و ينتخب القضاة رئيسهم و نائبه و يعمل كل منهما لمدة ثلاث سنوات و يمكنهم تعيين موظفين إداريين حسب الضرورة و علي الرغم من أن مقر محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية لكن يجوز عقد جلساتها في مكان آخر عندما ترى المحكمة أنه من المرغوب فيه القيام بذلك و تعد اللغات الرسمية للمحكمة هي الفرنسية و الإنجليزية .
و تتمثل المهمة الأساسية لمحكمة العدل الدولية إصدار الأحكام في النزاعات بين الدول ذات السيادة و يجوز للدول فقط أن تكون أطرافاً في القضايا المعروضة على المحكمة و لا يمكن مقاضاة أي دولة أمام المحكمة العالمية ما لم توافق على مثل هذا الإجراء و بموجب المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة يجوز لأي دولة أن توافق علي الإختصاص الإلزامي للمحكمة مقدماً عن طريق تقديم إعلان بهذا المعنى إلى الأمين العام للأمم المتحدة و بحلول عام 2000 كانت أكثر من 60 دولة قد أصدرت مثل هذا الإعلان و يجوز أن يتم الإعلان دون قيد أو شرط أو يمكن أن يتم بشرط المعاملة بالمثل من جانب الدول الأخرى أو لفترة معينة و تقدم المرافعات أمام المحكمة مكتوبة و شفوية و يجوز للمحكمة سماع الشهود و تعيين لجان خبراء لإجراء التحقيقات و إعداد التقارير عند الضرورة لمساعدتها علي إصدار الأحكام .
و يتم حل القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية بإحدى الطرق الثلاث (1) يمكن تسويتها من قبل الأطراف في أي وقت أثناء الإجراءات (2) يمكن للدولة المتقدمة بالطلب وقف الإجراءات و الإنسحاب في أي وقت (3) يمكن للمحكمة إصدار حكم و تبت محكمة العدل الدولية في المنازعات وفقًا للقانون الدولي كما هو موضح في الإتفاقيات و الأعراف الدولية و المبادئ العامة للقانون التي تعترف بها الدول المتحضرة و بناء علي الأحكام القضائية و كتابات الخبراء الأكثر تأهيلاً في القانون الدولي و رغم أن القضاة يتداولون فيما بينهم سرا فإن أحكامهم الصادرة باللغتين الإنجليزية و الفرنسية تصدر في محكمة علنية و يجوز لأي قاضٍ لا يوافق كليًا أو جزئيًا على قرار المحكمة أن يقدم رأيًا منفصلاً و يعتبر حكم المحكمة نهائي و غير قابل للإستئناف .
و تعتبر قرارات المحكمة التي بلغ عددها حوالي 70 قرارًا بداية من عام 1946 و حتي عام 2000 ملزمة للأطراف و قد إهتمت بقضايا مثل الحدود البرية و البحرية و السيادة الإقليمية و العلاقات الدبلوماسية و حق اللجوء و الجنسية و الحقوق الإقتصادية كما تتمتع محكمة العدل الدولية أيضًا بصلاحية تقديم آراء إستشارية بشأن المسائل القانونية بناءً على طلب الأجهزة الأخرى التابعة للأمم المتحدة و وكالاتها المتخصصة عندما تأذن لها الجمعية العامة بذلك و علي الرغم من أن الإستشارات التي بلغ عددها حوالي 25 خلال الخمسين سنة الأولى ليست ملزمة إلا أنها تعتبر مهمة حيث أهتمت محكمة العدل الدولية بقضايا مثل الإنضمام إلي الأمم المتحدة و نفقات مهماتها و الوضع الإقليمي لجنوب غرب أفريقيا و الصحراء الغربية كما يجوز أيضًا منح المحكمة الإختصاص القضائي في قضايا معينة بموجب معاهدة أو إتفاقية و بحلول أواخر التسعينات تم إيداع ما يقرب من 400 معاهدة ثنائية و متعددة الأطراف في الأمم المتحدة و التي منحت ولاية قضائية إلزامية لمحكمة العدل الدولية فيها .
و لحسن الحظ أن عدد قليل من الدول الأطراف أمام محكمة العدل الدولية (أو أمام محكمة العدل الدولية الدائمة) فشلت في تنفيذ قرارات المحكمة حيث يوجد إستثنائان فقط لذلك و هما ” ألبانيا ” التي فشلت في دفع مبلغ 843.947 جنيهًا إسترلينيًا كتعويضات للمملكة المتحدة في قضية قناة كورفو عام 1949 و ” الولايات المتحدة ” التي رفضت دفع تعويضات لحكومة نيكاراجوا عام 1986 و لم تكتفي بذلك بل سحبت إعلانها عن الولاية القضائية الإجبارية و منعت إستئناف نيكاراغوا أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة و لكن بشكل عام تنفيذ قرارات المحكمة ممكناً لأن قراراتها علي الرغم من قلة عددها إلا أنه تعتبر شرعية في نظر المجتمع الدولي .