قد لا يكون هناك لاعب كرة قدم على الساحة العالمية أكثر إثارة للإنقسام و الجدل من لاعب نادي برشلونة السابق و منتخب الأوروجواي لويس سواريز فبجانب أنه واحد من أفضل الهدافين الذين أنجبتهم الملاعب على الإطلاق إلا أنه طوال مسيرته المهنية التي إستمرت لأكثر من عقدين من الزمن في الملاعب وجهت إليه العديد من الإتهامات أبرزها العنصرية و الغش و أخرها عض المنافسين خلال المباريات سواء علي مستويات الأندية أو المنتخبات و التي تسببت بإيقافه في ثلاث مناسبات منفصلة و هو الأمر الذي جعل العديد من المهتمين بتلك اللعبة حول العالم يرونه على أنه شيطان متجسد رغم سجله التهديفي الحافل .
و خلال مشاركاته في لعبة كرة القدم حصل اللاعب ” لويس سواريز ” علي عدد من الألقاب أهمها حرف “S” في “MSN” و هو الإختصار المستخدم لوصف القوة الهجومية الأسطورية المكونة من ثلاثة لاعبين في نادي برشلونة و هم ” ليونيل ميسي ” و ” لويس سواريز ” و ” نيمار ” كما أكتسب لقب ” المسلح ” لمواهبه القاتلة في التهديف و لتميز إحتفاله عند إحرازه الأهداف حين يشير بكلتا يديه و كأنه يحمل بندقيتين و يطلق عدة طلقات خيالية و لكن في عام 2010 أُطلق عليه لقب جديد و غريب في نفس الوقت و هو “آكل لحوم البشر في أياكس” حيث كان وقتها قائد العملاق الهولندي نادي ” أياكس أمستردام ” و قام في ذلك الموسم بعض اللاعب ” عثمان باكال ” لاعب فريق ” أيندهوفن ” في كتفه أثناء إحدى المباريات التي جمعت الناديين لسبب غير مفهوم و رغم وقوع الحادث على بعد سنتيمترات من الحكم إلا أنه لم تتم معاقبته في المباراة .
و رغم أنه في ذلك التوقيت لم يكن هناك تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) إلا أنه بسبب وجود أدلة فيديو دامغة ضده قام نادي ” أياكس أمستردام ” بإيقاف ” لويس سواريز ” لمباراتين بعد الحادث و أتهمه الإتحاد الهولندي لكرة القدم بإرتكاب عمل عنيف و ضاعف من عقوبته بإيقافه سبع مباريات و لم يلعب مرة أخرى مع النادي لكن أهدافه التي تجاوزت 80 هدفًا خلال أربعة مواسم لفتت إنتباه ” نادي ليفربول ” الأنجليزي الذي رغم تلك الحادثة المؤلمة و الإيقاف اللاحق حصل النادي علي توقيعه في شتاء عام 2011 و يبدء في إحراز الأهداف معهم و أيضا المشاكل فخلال مباراة ضد غريمه ” مانشستر يونايتد ” أتُهم ” لويس سواريز ” بإستخدام إهانة عنصرية تجاه مدافع اليونايتد الأسود ” باتريس إيفرا ” الذي قال أنه أشار إليه بإستخدام كلمة “زنجي” و لكن دافع اللاعب الأورجواني عن نفسه قائلا بأن تلك الكلمة كان يقصد بها معنى أخر باللغة الإسبانية .
و بدعم من نادي ” ليفربول ” أصر “لويس سواريز ” على براءته و دفع بأنه غير مذنب خلال تحقيقات الأتحاد الإنجليزي لكرة القدم و في نهاية المطاف تم إيقافه ثماني مباريات بسبب الإساءة العنصرية لإيفرا و أصر ” سواريز ” على أنه ليس عنصريا حيث قال ” لقد شعرت بالرعب عندما أدركت لأول مرة أن هذا هو ما تم إتهامي به و ما زلت حزينًا و غاضبًا لأنني أعتقد أن هذه وصمة عار على شخصيتي و التي من المحتمل أن تظل موجودة معي إلى الأبد لأنه إذا وضعت إسم “لويس سواريز” في محرك البحث على الإنترنت ستظهر لك كلمة “عنصري” و هو أمر أشعر أنني لا أستحقه ” و لكن بعد موسمين هاجم ” لويس سواريز ” مدافع نادي تشيلسي ” برانيسلاف إيفانوفيتش ” بعضة شرسة أخرى في الساعد حيث سقط المدافع علي الأرض و هو مذعور بينما تصرف ” سواريز ” و كأن شيئا لم يحدث و لكن مرة أخرى تبع ذلك الأمر عدد من العواقب أهمها الإيقاف عشر مباريات و من ناحيته أتصل ” سواريز” بإيفانوفيتش هاتفيا بعد العضة و أعتذر له و قال المدافع الصربي أنه “عندما حدث ذلك فوجئت و غضبت لكن بعد المباراة هدأت و نسيت كل شيء و تحدثنا عبر الهاتف و قبلت إعتذاره “.
و لم يكتفي ” لويس سواريز ” بالمشاغبات في الأندية فقط و لكن علي صعيد المنتخبات أيضا فبعد أكثر من عام علي عضه لإيفانوفيتش و خلال بطولة كأس العالم عام 2014 التي نظمت في ” البرازيل ” عض ” سواريز ” المدافع الإيطالي ” جيورجيو كيليني ” في كتفه خلال مباراة في دور المجموعات و كانت قضمته واضحة كالنهار و رغم علامات الأسنان على كتف ” كيلين ” إلا أنه أفلت من عقوبة الحكم في تلك اللحظة لكن المحلل التلفزيوني ” ستيوارت روبسون ” قال في ذلك اليوم بعد أن أعيدت اللقطة : “لقد كان لديه القليل من كيليني بالتأكيد ليس مرة أخرى .. بالتاكيد. لا. ” و بعد فترة وجيزة قام الإتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) بإيقافه تسع مباريات منهيًا بذلك مشاركته في كأس العالم بالإضافة إلى حظر إضافي لمدة أربعة أشهر من اللعب في الأندية و المنتخبات .
و لم تكن تلك السابقة الأولي للاعب ” لويس سواريز ” في كأس العالم فخلال مشاركته في بطولة عام 2010 التي نظمت في جنوب إفريقيا تم وصفه بالغشاش من قبل قارة بأكملها خلال مباراة ربع النهائي التي جمعت منتخبي أوروجواي و غانا حيث لمس ” سواريز ” الكرة عمدًا داخل منطقة جزاء فريقه في محاولة يائسة لمنع تسجيل هدف حاسم لغانا فمع تعادل المباراة بهدف لكل فريق في وقت متأخر من الوقت الإضافي تصدى اللاعب لرأسية ” دومينيك أدييا ” بكلتا يديه مما منع الدولة الأفريقية من تحقيق فوز مؤكد و أحتسبت ركلة جزاء لغانا و طرد و غادر الملعب و هو يبكي نظرا لوجود فرصة تأهل منتخب أفريقي إلي دور النصف النهائي و سدد المهاجم الغاني ” أسامواه جيان ” ركلة الجزاء و إرتدت من العارضة و ركض سواريز و أحتفل مما أثار حفيظة الجماهير الغانية و فازت ” أوروجواي ” بركلات الترجيح وتأهلت هي إلى الدور نصف النهائي و قال لاعب خط وسط غانا السابق ” إبراهيم أيو ” لصحيفة أثليتيك : “أن غانا بأكملها تكرهه و إفريقيا بأكملها تكرهه”.
و إلتقى منتخب ” أوروجواي ” و ” غانا ” مرة أخرى في نهائيات كأس العالم عام 2022 بقطر في المباراة النهائية لدور المجموعات لكلا الفريقين و بطبيعة الحال سيطر الحديث عن الإنتقام من أجل “غانا ” على عناوين الأخبار و في اليوم السابق للمباراة قامت ” أوروجواي ” بشكل مفاجئ بإتاحة ” لويس سواريز ” للصحفيين و على الفور أشار أحد المراسلين الغانيين إلى لمسة اليد و سأله عما إذا كان قد فكر في الإعتذار عن ذلك لأنه ينظر إليه في بلاده بإعتباره الشيطان و رغم ضحك الحاضرين إلا أن ” سواريز ” لم يبتسم حيث قال ” لم أعتذر عن ذلك لأنني أخذت عقوبتي في لمسة اليد لكن لاعب غانا هو من أهدر ركلة جزاء و ليس أنا و ربما يمكنني الإعتذار إذا قمت بإلتحام و أصبت لاعب و حصلت على بطاقة حمراء و بالفعل حصلت علي تلك البطاقة و أحتسب الحكم ركلة جزاء و هذا ليس خطأي لأنني لم أهدر ركلة الجزاء و ليس من مسؤوليتي أن أسدد أنا ركلة الجزاء ” و خلال تلك المباراة المرتقبة فازت ” أورجواي ” علي ” غانا ” بهدفين نظيفين لكن الفوز لم يكن كافيا حيث تم إقصاء ” أوروجواي ” من دور المجموعات بفارق الأهداف و خرجت “غانا” أيضاً من نهائيات كأس العالم لكرة القدم لكن الجماهير الغانية هتفت عندما ظهر ” لويس سواريز ” و هو يبكي على شاشة الملعب الكبيرة .
أقرأ أيضا : أندريس إسكوبار اللاعب الذى دفع حياته ثمنا لإحرازه هدفا عن طريق الخطأ فى مرماه ببطولة كأس العالم
و رغم نظرة الغانيين إلي ” لويس سواريز ” بإعتباره مخالفًا للقانون إلا أنه ظل لاعبًا محترمًا في ” ليفربول ” و ” كاتالونيا ” فبعد فوزه بأول حذاء ذهبي أوروبي و الذي يمنح لأفضل هداف في القارة مع نادي ” ليفربول ” عام 2014 أنضم إلي نادي ” برشلونة ” في ذلك الصيف مع ” نيمار ” و ” ميسي ” و أصبح من الواضح أنه أحد أفضل المهاجمين في العالم فهو هداف عنيد و مؤدي في المباريات الكبيرة بعد أن سجل 198 هدفًا في ستة مواسم للنادي الكاتالوني و شكل علاقة تخاطرية مع ميسي على أرض الملعب و علاقة وثيقة مع الأرجنتيني و عائلته خارج الملعب و خلال وجوده في ” برشلونه ” فاز بأربعة ألقاب في الدوري الإسباني و حذاء ذهبي أوروبي آخر و كأس دوري أبطال أوروبا و نتيجة لسجله المشرف أهملت الأندية تجاوزاته حيث أنضم بعد مونديال قطر إلي نادي طفولته ناسيونال دي مونتيفيديو و منه إلي إنترميامي الأمريكي ليكون بجوار صديقه ” ليونيل ميسي ” و لكن علي الصعيد الجماهيري ظلوا ينظرون إليه كواحد من أعظم الأشرار في اللعبة حول العالم .