فى كل مجال أى كان نوعه لابد من وجود شخص يعد ملكا متوجا عليه سواء كان رياضى و فنى أو حتى إجرامى و بمجرد التطرق فى الحديث عن أنشطة تجارة المخدرات الغير قانونيه فسوف يقفز الى الأذهان بشكل تلقائى ملكها المتوج السابق الكولومبى بابلو إسكوبار الرجل القوى الذى كان يخشاه الجميع و أصبح من خلال تجارته الغير مشروعه واحدا من الأثرياء و لديه تأثير كبير على الناس و نفوذ حتى على الحكومات و السياسيين الذين يديرون البلاد وصل الى درجة اجبارهم على اصدار قوانين مناسبة له و حتى عند معاقبته على أنشطته كان له حرية التصرف فى بناء سجن مخصص له أطلق عليه اسم الكاتيدرال الذى جعله اشبه بمنتجع سياحى فاخر يقضى فيه فترة استجمام و ليست فترة عقوبه و الذى منه ايضا كان يتابع و يدير امبراطوريته .
ولد “بابلو إسكوبار” في “أنتيوكيا” بدولة “كولومبيا” في ديسمبر عام 1949 و كان إبنا لمدرس في مدرسة و يعمل مزارعا أيضا و بدلاً من الاعتماد على الصبر و العمل الجاد للتغلب على صعوبات الحياة تحول إلى عالم الجريمة و التى بدأها بالسرقات الصغيرة ثم انتقل في النهاية إلى تهريب السجائر و بحلول أوائل السبعينيات أصبحت “كولومبيا” منخرطة بشدة في تجارة الكوكايين بعد أن سمح قربها من زراعة الكوكا في دولتى “بيرو و بوليفيا ” بالتحكم فى سوق الكوكايين حيث انضم “إسكوبار” إلى مهربي المخدرات الآخرين لتشكيل تنظيم عصابى اطلق عليه اسم ” ميدلين كارتيل ” الذى توسع فى أنشطته لينتهى به الأمر الى السيطرة على أكثر من 80٪ من الكوكايين المشحون إلى “الولايات المتحدة” في منتصف الثمانينيات و قيامهم بتهريب ما يصل إلى خمسة عشر طناً إليها بشكل يومي مما جعلهم يحققون أرباحا خياليه وصلت الى ما يقرب من 420 مليون دولار أسبوعيا و هو الأمر الذى جعل “إسكوبار” و هو في سن السادسة والعشرين من الأثرياء و يمتلك أسطول تهريب مكون من خمس عشرة طائرة و ست طائرات هليكوبتر و طائرة شخصية و وفقًا لشقيقه كان لديه أيضًا غواصتان صغيرتان .
كان ” بابلو إسكوبار” شخصية معروفة بين الكولومبيين كبطل للفقراء و المسنيين كما ساهم في برامج كرة القدم التي تحظى بشعبية كبيرة في البلاد و تم انتخابه كعضو في مجلس النواب الكولومبي و لكنه على جانب أخر كان تاجرا للمخدرات ذات قوة و نفوذ يخشاه الجميع حيث كان يأمر بالاغتيالات و يرعى الهجمات الإرهابية و يقوم بترهيب كبار المسؤولين أو رشوتهم كما كان ينسق الانقلابات على الحكم و تمكن من تغيير قوانين تسليم المجرمين بين “كولومبيا” و “الولايات المتحدة” لمصلحته الخاصة و كان يدفع بسخاء لسكان بلدته ليكونوا بمثابة حراس له و قدم مكافآت على قتل ضباط الشرطة و نظرا لاستفحال خطورة ” إسكوبار ” و عصابات المخدرات فى البلاد بدأت الحكومة فى مطاردتهم خاصة بعد اغتيال السياسى “لويس كارلوس جالان” الذى كان مرشحا لمنصب الرئيس في عامي 1982 و 1987 بعد أن أعلن عن نفسه بأنه سيكون عدو لعصابات المخدرات حيث تم تضييق الخناق على ” إسكوبار ” و رجاله حيث سمحت معاهدة تم ابرامها بين “الولايات المتحدة” و “كولومبيا” بتسليم أي كولومبي يشتبه في تهريبه المخدرات إلى الولايات المتحدة و إخضاعه أمام محاكم أمريكية و بات من الواضح أن “بابلو إسكوبار” سيضطر إلى الاستسلام للسلطات لكنه رفض ذلك و ذهب إلى حد التحريض على حرب ضد الحكومة الكولومبية لوقف معاهدة تسليم المجرمين .
أقرأ أيضا : عشرة قصص طريفه أستخدم فيها أصحابها طرقا إبداعيه من أجل تنفيذ إنتقامهم
و بعد الكثير من العمليات الارهابية فى البلاد بدأ ” بابلو إسكوبار” مفاوضاته مع الرئيس مطالبا الحكومة بإلغاء معاهدة التسليم و أراد بناء سجنه الخاص و استخدام حراسه داخله دون أى تدخل من الشرطة و بعد ستة أشهر من المحادثات السرية بينهم لإبعاد الوضع عن أعين الجمهور أذعنت الحكومة الكولومبية لمطالب “إسكوبار” الذى بنى سجنه الخاص و أطلق عليه رسميا اسم ” الكاتيدرال ” و لكن بشكل غير رسمي كان يسميه “نادى ميدلين ” أو “فندق إسكوبار” نظرا الى أنه كان مجمعا على مساحة سبعة أفدنة من الأراضي في التلال التى كان إسكوبار يقضى بها أوقات فى اللعب خلال طفولته و اختار موقعًا يسمح بخط رؤية مباشر لمنزل عائلته حتى أنه قام بتركيب تلسكوبًا ليتمكن من رؤيتهم.
و تميز ذلك المجمع بسرير دائري دوار و حوض جاكوزي و تضمن صالة ديسكو و ملعبًا كبيرا لكرة القدم وجه ” إسكوبار ” من خلاله دعوة الى الفريق الوطني الكولومبي للعب فيه بالاضافة الى قاعة بلياردو بما في ذلك طاولات للعبة تنس الطاولة و العديد من غرف النوم بأسرة كبيرة و ملحقا به أحدث المعدات الإلكترونية و عدة بارات بها أجهزة تلفزيون بشاشات كبيرة في ذلك الوقت و العديد من المطابخ المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ كما كان هناك العديد من صالات العرض السينمائى و مكاتب و نظام إنذار متطور كما كانت تأتي شاحنة إلى المجمع أسبوعيًا لجلب الضروريات اللازمة لإسكوبار و الحراس و غالبًا ما تم تضمين النساء ضمن بند تلك الضروريات كما كانت تقوم عائلته و أصدقاؤه و شركاؤه و العديد من لاعبي كرة القدم المحترفين بزيارته عدة مرات في الأسبوع و استضاف فيه العديد الحفلات كما استمر من داخله في ادارة تهريب الكوكايين إلى “الولايات المتحدة” و تجاهلت السلطات الكولومبية كل ما يحدث بداخل ذلك المجمع لتجنب الإذلال الوطني و للإبقاء على الوضع الراهن و الهادئ فى البلاد .
و رغم كل تلك الامتيازات الا انه عاد الصدام مجددا بين ” بابلو إسكوبار ” و الحكومة الكولومبيه عندما أحضر أربعة من مساعديه إلى السجن ليتم تعذيبهم و قتلهم بسبب نزاع مالي و أمره بقتل العديد من قادة الكارتل مع حاشيتهم و عائلاتهم حيث اقترحت الحكومه نقله إلى سجن عادي الا أنه رفض الامتثال لذلك و في يوليو عام 1992 و بعد أن أمضى ثلاثة عشر شهرًا من عقوبة السجن التى كانت مقررة لخمس سنوات تسلل “إسكوبار” و غافل قوات الجيش المحيطة بمجمعه و هرب لتبدء مطاردته من قبل قوات ” سيرش بلوك ” و هي وحدة عسكريه قوامها 600 رجل دربتها قوة دلتا الأمريكية بقيادة العقيد “هوجو مارتينيز” و تم وضع مكافأة قدرها ستة ملايين دولار على رأس “إسكوبار” .
و بعد عام و نصف من هروبه و بعد انتقاله من منزل آمن إلى آخر استطاعت تلك الوحدة الوصول اليه و قتله في تبادل لإطلاق النار في 12 من ديسمبر عام 1993 , و بعد وفاة ” بابلو أسكوبار ” تم اهمال سجنه الذى أصبح مهجورا باستثناء بعض من الزيارات العرضية من الباحثين عن الكنوز و الشرطة و الصحفيين و استحوذت مدينة “إنفيجادو” على ذلك السجن و في عام 2007 انتقل الرهبان البينديكتين إلى ذلك المجمع و قاموا ببناء كنيسة صغيرة و كافيتريا و مكتبة و أماكن للمعيشة و أعطت المدينة الأرض لاولئك الرهبان لتمكينهم من بناء مأوى للفقراء و كبار السن .