شهد عام 2023 حلول الذكري المئوية لأول مباريات دولية في كرة القدم تقام علي الأراضي الأسترالية و جمعت بين منتخبها الوطني و نظيره النيوزيلندي و كانت تلك المباراة بمثابة نقطة إنطلاق لإحدى أكثر المنافسات الرياضية إثارة في تلك البقعة من العالم و التي تجسدت في بطولة أطلق عليها إسم رماد كرة القدم Soccer Ashes و رغم غرابة الإسم إلا أنها كانت رمز لمنافسة شرسة و طويلة الأمد بين تلك الدولتين و لكن مع حلول منتصف الخمسينيات توقفت البطولة بشكل مفاجئ بعد إختفاء كأسها بشكل محير لعشاق اللعبة و مؤرخيها و لكن مع مرور قرن علي إنشائها ظهر الكأس من جديد ليعيد إحياء قصة رائعة تجمع بين الرياضة و التاريخ بين البلدين .

يرجع تاريخ المنافسة بين ” أستراليا ” و ” نيوزيلندا ” في عالم كرة القدم إلي عام 1922 حين إلتقى المنتخبان في ثلاثة مباريات أقيمت في ” نيوزيلندا ” و شهدت تفوق ملحوظ للمنتخب النيوزيلندي بعد تحقيقه فوزين و تعادل و في العام التالي إستضافت ” أستراليا ” المنتخب النيوزيلندي في سلسلة أخرى من المباريات المثيرة إنتهت بفوز متبادل بين المنتخبين و نظرا لما شهدته تلك المباريات من إثارة ولدت فكرة كأس رماد كرة القدم لتصبح نظيرًا لبطولة كأس الرماد المشهورة في لعبة الكريكيت و التي يتنافس عليها المنتخب الأسترالي و الإنجليزي .

و صمم كأس بطولة رماد كرة القدم من قبل ” هاري ماير ” مدير الفريق النيوزيلندي و صانع الكؤوس الشهير حيث صنعه من الخشب النيوزيلندي و الأسترالي و إحتوي الكأس علي رماد السيجار الذي دُخن من قبل قائدي المنتخبين الأسترالي ” أليكس جيب ” و النيوزيلندي ” جورج كامبل ” و تم عرضه خلال ليلة إحتفالية في مدينة بريسبان عقب مباراة أجريت بين الفريقين في التاسع من يونيو عام 1923 و ما أضفي علي الكأس بعدا عاطفيا و تاريخيا أن الرماد كان محفوظًا داخل علبة معدنية مغطاة بالفضة كان يحملها الجندي الأسترالي ” ويليام فيشر ” خلال معركة جاليبولي في الحرب العالمية الأولي و هو ما جسد القيم التاريخية التي ربطت بين البلدين بعد أن خاضا جنودهما تلك الحرب سويا .

أقرأ أيضا : بفريقين فقط .. تعرف علي أصغر دوري كرة قدم في العالم
و خلال الثلاثين عامًا الأولي ظلت بطولة كأس رماد كرة القدم محور المنافسات بين البلدين حيث تنافس المنتخبان علي هذا الرمز التاريخي و لكن مع حلول منتصف الخمسينيات بدأ الإهتمام بالكأس يتراجع تدريجيًا إلي أن إختفي تمامًا عام 1954 و لم يكن هناك أي تفسير واضح عن مكانه و ظل إختفاءه لغزًا لم يتم حله لعقود طويلة و لكن بعد مرور قرن من إنشائه ظهر من جديد في ظروف غير متوقعة حين إكتشف أحفاد رئيس الإتحاد الأسترالي لكرة القدم الراحل حينها ” سيدني ستوري ” الكأس محفوظًا بحالة ممتازة داخل مرآب منزلهم العائلي إلي جانب مجموعة من التحف الكروية النادرة و كان هذا الإكتشاف بمثابة العثور علي كنز كروي حيث لم يكن مجرد كأس رياضي فحسب بل رمزًا لوحدة ” أستراليا ” و ” نيوزيلندا ” في الرياضة و التاريخ و اليوم مع إعادة إكتشافه توجد دعوات لإعادة إحياء تلك المنافسات مجددا لتكون جزءًا من تقاليد كرة القدم بين البلدين لإعلاء روح المنافسة التاريخية التي جمعت بينهما قبل قرن من الزمان .