منذ ستينيات القرن العشرين و أصبح جسر أوفرتون في مدينة دمبارتون الأسكتلندية معقلًا لظاهرة غامضة أثارت الكثير من حيرة سكان المنطقة الذين لاحظوا أن عدد من الكلاب تأتي إلي ذلك الجسر تحديدا من أجل الإنتحار من خلاله حيث يقدر الباحثين المحليين أن ما لا يقل عن 300 كلب قد قفز من ذلك الجسر في حين ذكرت الصحف الشعبية المحلية أن العدد أكبر من ذلك بكثير و يقترب من 600 و بشكل إجمالي مات حوالي 50 كلبًا بالفعل نتيجة لهذه القفزات غير القابلة للتفسير و هو ما جعل السكان يطلقون علي المكان إسم جسر إنتحار الكلاب .
و تاريخيا كانت الأراضي الواقعة في ذلك المكان تُعرف بإسم مزرعة أوفرتون و في عام 1859 إستحوذ ” جيمس وايت ” الذي تقاعد من عمله في سلك القانون و إنضم إلى والده و عمه في مجال التصنيع الكيميائي علي مساحات ضخمة من تلك المزرعة و بعد ثلاث سنوات قام ببناء منزل أوفرتون و عندما توفي ” جيمس ” عام 1884 إستأجر إبنه ” جون ” مصمم المناظر الطبيعية ” هنري ميلنر ” لتصميم جسر مميز يربط منطقة ” أوفرتون ” مع منطقة “جارشيك ” لذلك يعد جسر أوفرتون القديم في وضعه الحالي إمتدادًا للممر المجاور لمنزل أوفرتون .
و أصبح جسر أوفرتون بعد أن تم الإنتهاء منه عام 1895 مكانًا شهيرًا للمشاة و أصحاب الكلاب و يرجع ذلك جزئيًا إلي تصميمه المزخرف و المساحات الخضراء المورقة على كلا الجانبين و منذ أن أصبح طريقًا شائعًا للمشي أبلغ العشرات عن أحداث غريبة تحدث عليه أثناء سيرهم حيث تصبح كلابهم ممسوسة بطريقة ما و سرعان تركض نحو الجسر ثم تقفز منه و هو ما يؤدي إلي مصرع بعضهم نتيجة إصطدامهم بالصخور الموجودة علي الأرض التي تقع علي عمق 15 متر تقريبًا من أعلي الجسر كما يزعم بعض الشهود أنهم شاهدوا كلابًا تتسلق جدارنه قبل القفز و تشير تقارير أخري مثيرة للقلق أن الكلاب التي نجت من قفزتها الأولى عادت إلى الجسر للمحاولة مرة أخرى .
و من أبرز الحوادث التي حدثت علي جسر أوفرتون حين كانت ” لوتي ماكينون ” تمشي مع كلبتها ” بوني ” و فجأة شعرت بشيء يتغير في كلبتها كما و لو أن شئ قد سيطر عليها حيث تجمدت في البداية ثم إستحوذت عليها طاقة غريبة و بعدها ركضت و قفزت مباشرة من على الحاجز و لحسن الحظ كانت ” بوني ” واحدة من المحظوظين الذين نجوا من القفز و لكنها لم تكن الحادثة الوحيدة ففي عام 2011 كان ” ديفيد و لويز ماكفيل ” يسيران مع كلبتهم ” صوفي ” و فجأة قفزت هي الاخري من الجسر بشكل سريع أصاب أصحابها بالصدمة و نظرا لتكرار تلك الحوادث قامت الجمعية الأسكتلندية لمنع القسوة على الحيوانات بإرسال ممثلين للتحقيق فيها لكن المحققين كانوا في حيرة من أمرهم لأنهم لم يستطيعوا تفسير ما يحدث .
و من المعروف أن سكان ” دمبارتون ” يؤمنون بالخرافات لذلك كان من الطبيعي ربطها بالخوارق حيث يقول ” أليستر داتون ” و هو سائق سيارة أجرة محلي أن الناس في ذلك المكان يؤمنون بالأساطير لأنهم نشأوا و هم يعتقدون بوجود الأشباح لأنهم شعروا بالأرواح و هي تهيمن علي المكان لذلك فإن المسئول عن تلك الظاهرة هي قوة خارقة للطبيعة حيث تقول الأسطورة المحلية أن سيدة أوفرتون البيضاء التي يُعتقد أنها شبح الأرملة الحزينة لمالك العقار السابق ” جون وايت ” تهيم علي ذلك المكان حتى يومنا هذا خاصة و أن السكان قد رأوا أشباح في النوافذ و حول الأراضي لذلك فيعتقد البعض أن السيدة الشبحية من المحتمل أنها هي من تجبر الكلاب على القفز حتى وفاتها .
و بعيدا عن الأشباح يعتقد آخرون أن السبب وراء سلوك الكلاب الغريب فوق جسر أوفرتون يرجع إلي أن الكلاب تنجذب ببساطة إلى الروائح القوية المنبعثة من الثدييات التي تعيش في المضيق الخصب أسفل الجسر و يتم دعم هذه النظرية من خلال حقيقة أن الكلاب علي الرغم من عدم تمتعها ببصر جيد مقارنة بالبشر إلا أن لديها حاسة شم قوية بشكل لا يصدق حيث يمكن لها أن تشم رائحة أفضل بنحو 100 ألف مرة من الإنسان و من المعروف أنها تنجذب إلي الروائح القوية المختلفة لذلك فمن المحتمل أن يفسر هذا سبب قيامهم في كثير من الأحيان بإصدار ردود أفعال مفاجئة لأصحابها نتيجة روائح هم يشموها بعكس البشر مثل القمامة و جثث الحيوانات الميتة و أحيانًا البراز .
و يتفق الدكتور ” ديفيد ساندز ” عالم سلوك الحيوان الشهير الذي تم استدعاؤه من قبل مجلس دمبارتون للتحقيق في سبب قفز الكلاب مع هذه النظرية البيولوجية حيث يشير إلي أن القفز قد يكون له علاقة بالإختلاف في المنظور بين الكلاب و البشر لأن عالمهم مختلف عن عالمنا فنحن مرتفعون في المتوسط بمتر و نصف لذلك حصلنا على منظور أكبر بكثير للبيئة أما الكلاب فلديها منظور منخفض المستوى للغاية لذلك فيعتقد أن السبب يرجع إلي تلك العوامل المختلفة مجتمعة أما بالنسبة لإختيار ذلك الجسر تحديدا فيرجع إلي إحتوائه علي الوصفة الفريدة للحياة البرية و البيئية التي يتطلع إليها الكلاب .
أقرأ أيضا : لغز غابة الإنتحار في اليابان التى تعتبر قبلة للباحثين عن الموت
و علي أي حال مهما كان السبب فلا يزال جسر أوفرتون نقطة جذب للكلاب التي تقفز منه لذلك دعا أحد أعضاء البرلمان المحليين في مجلس دمبارتون إلى وضع علامات تحذيرية واضحة حول منطقة جسر أوفرتون على أمل كبح جماح هذا الإتجاه الغريب و المروع .