صحراء ناميب هي صحراء ساحلية تقع في قارة أفريقيا علي طول ساحل ناميبيا الغربي و جنوب غرب أنجولا و تتميز بإمتلاكها لأعلى الكثبان الرملية في العالم مع سهول حصوية و جبال وعرة و تبلغ مساحتها 80 ألف كيلومتر مربع و تمتد لحوالي 1900 كم على طول الساحل الأطلسي لناميبيا و أطلق عليها ذلك الإسم نسبة إلي كلمة ناميب المأخوذة من كلمة في لغة الناما و تعني الهائل و تعتبر هي أقدم صحراء في العالم بعد أن عانت من الظروف القاحلة أو شبه القاحلة لمدد تتراوح ما بين 55 إلى 80 مليون سنة حيث تتعرض بعض المناطق فيها لأقل من 10 ملم سنويا من الأمطار و علي الصعيد الإقتصادي تعتبر صحراء ناميب موقعًا مهمًا لإستخراج عدد من الثروات المعدنية أبرزها الماس و التنجستن و الملح .
و تعد صحراء ناميب موطنًا لعدد من الأنواع الغير العادية من النباتات و الحيوانات التي لا توجد في أي مكان آخر في العالم و أحد هذه النباتات Welwitschia mirabilis و هو نبات شبيه بالشجيرة ينمو فيه ورقتين طويلتين بشكل مستمر طوال حياتها و قد يصل طولها إلى عدة أمتار و مع مرور الوقت تصبح معقودة و ملتوية بسبب رياح الصحراء و هي تعتبر الأوراق الأطول عمراً لأي عضو في المملكة النباتية و يقدر أن عمر أكبر هذه النباتات يبلغ حوالي 2500 عام كما أن الضباب الكثيف المنتشر على طول الساحل و الذي يحتوي علي مياه عذبة يعتبر هو جوهر الحياة للكائنات الحية في صحراء ناميب فمن خلاله يتكثف الندي علي أعشاب الصحراء و على أجسام المخلوقات الصغيرة كما توجد فتحات مياه موحلة تجتذب حيوانات الجيمسبوك و النعام و النسور و الخنازير .
و نتيجة الظروف القاسية في صحراء ناميب تكيفت معظم الحيوانات و النباتات التي تعيش فيها فعلي سبيل المثال يتمتع حيوان الجيمسبوك المعروف أيضًا باسم المها بطبقة أخف من أي نوع فرعي من الظباء ذات القرون الطويلة إضافة إلي نظام معقد من الأوعية الدموية و الممرات الأنفية التي تعمل على تبريد دمه قبل أن يصل إلى الدماغ و من أجل العيش يحفرون بحثًا عن المياه الجوفية و يشربون من حفر الري و يتغذون في الصباح الباكر على النباتات ذات المحتوى العالي من الرطوبة كما تسمح له تكيفاته العديدة بتحمل درجات الحرارة المرتفعة و البقاء لأيام دون ماء كما تعد الصحراء موطنًا لعدد كبير من أنواع القوارض الصغيرة التي تتواجد بين الموائل الصخرية في الصحاري الغربية و في الكثبان الرملية و في الغطاء النباتي للسهول الحصوية.
و تحتوي حديقة ناميب-نوكلوفت الوطنية و هي واحدة من أكبر المنتزهات في أفريقيا التي تحتوي على مجموعة من الكثبان الرملية الضخمة و التي يبلغ إرتفاعها ما يقرب من 300 متر و هي أطول الكثبان الرملية في العالم و خلال موسم الأمطار في بعض السنوات تشكل مياه نهر تسوتشاب بركًا عند قاعدة تلك الكثبان الرملية و نتيجة التفاعل بين الهواء المحمل بالمياه القادم من البحر عبر الرياح الجنوبية التي تعتبر من أقوى الرياح في أي صحراء ساحلية و الهواء الجاف في الصحراء فإن كلاهما يتسببان في تكون ضبابًا هائلًا و تيارات قوية يفقد فيها البحارة طريقهم بسهولة لذلك فتشتهر المنطقة بأنها موقع للعديد من حطام السفن و يمكن العثور على بعض هذه السفن المحطمة على عمق يصل إلى 50 مترًا داخل اليابسة حيث تزحف الصحراء ببطء بإتجاه الغرب نحو البحر مما يؤدي إلى إستصلاح الأراضي على مدى سنوات عديدة.
و تعد حدود الصحراء من الشمال و الشرق هي سفح الجرف الغربي الكبير لناميبيا و الذي تسود فوقه الأراضي الأكثر رطوبة لكن في الجنوب يحدث تحول تدريجي يدمج فيه نهر ناميب مع صحاري كارو و كالاهاري في الداخل و تعد من السمات الغريبة لصحراء ناميب هي الدوائر الموجودة على الأرض التي تبرز بسبب التغيرات المفاجئة في نمط الغطاء النباتي و هذه الدوائر المعروفة بإسم “الحلقات الخيالية” تكون أكثر وضوحًا من الجو و كان هناك إهتمام و تكهنات حول أصلهم لعدة قرون و يعتقد الآن أنها تم إنشاؤها بواسطة النمل الأبيض .
و من الناحية المناخية تعد منطقة صحراء ناميب متناقضة فهي تكاد تكون خالية من المطر و مع ذلك يكون هواؤها عادة عند نقطة التشبع أو بالقرب منها أما الضباب فهو شائع جدًا و درجات الحرارة في المنطقة الساحلية معتدلة في جميع الفصول و تتراوح بين 14 درجة إلى 20 درجة مئوية بالموسم الدافئ في ديسمبر و بين 9 درجات إلى 14 درجة مئوية بالموسم البارد في يوليو أما في الداخل فتصل درجات الحرارة في الصيف ما بين 30 إلى 45 درجة مئوية خلال النهار و تنخفض إلي 4 إلى 7 درجات مئوية في متوسط ليلة الشتاء و على الساحل تصل نسبة الرطوبة إلى 100% لمدة 19 ساعة يوميا في الصيف و لمدة 11 ساعة في الشتاء و عند الحافة الداخلية للصحراء يكون الهواء أكثر جفافًا و الضباب غير معروف تقريبًا و نادرا ما تتجاوز الرطوبة فيها 50% و مع ذلك فإن هذا الرقم مرتفع بالنسبة لمنطقة صحراوية و تجلب العواصف الرعدية النادرة هطول الأمطار في تلك الأماكن و التي يبلغ متوسطها أقل من 51 ملم سنويًا في الداخل و 13 ملم على الساحل .
و تواجه صحراء ناميب عدد من التهديدات أبرزها إنخفاض منسوب المياه على طول نهر كويسيب و الذي يحدث في المقام الأول بسبب إستخراج المياه الجوفية للإستهلاك المحلي حيث يعتبر نهر كويسيب و النباتات الموجودة بداخله بمثابة مصدات للرياح الجنوبية تعمل علي تأخير حركة الكثبان البحرية بإتجاه الشمال على السهول المرصوفة بالحصى و في حالة تدمير هذا الحاجز الطبيعي فإنه يؤدي إلي حدوث عواقب بيئية خطيرة في هذا الجزء من صحراء ناميب كما يوجد هناك تهديد آخر يتمثل في الرعاة الذين يرعون قطعانًا كبيرة من الماعز و مجموعات صغيرة من الحمير فوق قاع نهر كويسيب و على طول حافة الكثبان الرملية حيث تقوم الماشية بالتغذي علي النباتات الموجودة في ذلك المكان مما يشكل خطورة بيئية كبيرة من خلال زيادة التصحر .