علي الرغم من أن بطولة الألعاب الأولمبية و كأس العالم في كرة القدم و غيرهم يعتبرون بالأساس بطولات رياضية إلا أنهم في ذات الوقت يفسحون المجال للأنشطة التجارية و التسويقية من خلال إستغلال العديد من الشركات العالمية الشهيرة لذلك الحدث في الترويج لنفسها و لمنتجاتها و هو ما فعلته سلسلة مطاعم ماكدونالدز حين قررت الإستفادة من إقامة الألعاب الأولمبية الصيفية في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية عام 1984 و تقدم عرض لجمهورها فى محاولة لتكرار حملة ترويجية ناجحة في السابق قامت بها فى أولمبياد عام 1974 و لكن كانت الصدمة كبيرة جدا للشركة و القائمين عليها بعد إنتهاء فعاليات البطولة و هي محققة لخسائر فادحة بلغت ملايين الدولارات .
كانت الحملة الدعائية التي قدمتها شركة ماكدونالدز بسيطة للغاية و هي “عندما تفوز الولايات المتحدة .. تكسب” و كان يتم الترويج لها في جميع أنحاء البلاد حيث يتم توزيع بطاقات تابعة لسلسلة المطاعم على عملائها بالتزامن مع المنافسات الأولمبية و حال فوز أي رياضي أمريكي في منافسة رياضية يمكن للعملاء أخذها إلى أي مطعم تابع للشركة و الحصول علي ما في تلك البطاقة مجانا حيث كان لكل ميدالية أولمبية يتم إحرازها وجبتها الخاصة فالميدالية الذهبية تساوي وجبة ” بيج ماك ” بينما الفضية تحصل علي البطاطس المقلية و البرونزية مشروب الكوكاكولا و كانت تلك الحملة ناجحة جدا عام 1976 في البطولة التي أقيمت في “كندا” بمدينة ” مونتريال ” و فازت “الولايات المتحدة” بما مجموعه 94 ميدالية منها 34 ميدالية ذهبية لذلك بدا للشركة أنها فرصة رائعة لتكرارها لكن لسوء الحظ لم يسير العرض الترويجي بالكامل وفقًا للخطة .
و حققت الحملة خسائر فادحة و كان السر في ذلك سياسي في المقام الأول فإحتجاجًا على الغزو السوفيتي لأفغانستان قامت “الولايات المتحدة” و معها أكثر من 60 دولة بمقاطعة بطولة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1980 التى نظمت في “الإتحاد السوفيتي” بمدينة ” موسكو ” و ردا على ذلك في البطولة التالية التي أقيمت عام 1984 بمدينة ” لوس أنجلوس ” الأمريكية قام السوفييت و معهم 14 دولة بمقاطعة تلك الأولمبياد و هو ما سهل للرياضيين الأمريكيين طريقهم إلي النهائيات لعدم وجود منافسات حقيقية نتيجة غياب تلك الدول و عدم حضور أعتى خصومهم و بالتالي حقق الفريق الأولمبي الأمريكي نجاحًا كبيرًا بعد أن حصل على 174 ميدالية منها 83 ذهبية و هو ما جعل شركة ماكدونالدز تشعر بعواقب حملتها الترويجية لأنه كلما فاز الأمريكيين زاد عدد العملاء الذين يأتون للحصول علي العروض المجانية لذلك حدثت أزمة كبيرة بعد أن واجهت المطاعم في جميع أنحاء الولايات المتحدة نقصًا شديدا فى الوجبات التي تقوم بتقديمها .
أقرأ أيضا : ألعاب غريبة كانت مدرجة يوما فى الألعاب الاوليمبية
و للتعقيب علي تلك الأزمة صرح متحدث بإسم شركة ماكدونالدز لصحيفة لوس أنجلوس تايمز قائلا “مع كل ميدالية ذهبية تفوز بها الولايات المتحدة كنا نغرق و رغم أن تلك الحملة هي الأنجح لكنها في نفس الوقت الأكثر تكلفة ” و عندما أنتهت بطولة الألعاب الأولمبية كان الشركة صامتة تماما بشأن الأموال التي دفعتها في تلك الحملة الترويجية و حتى اليوم لا يعرف أحد طبيعة المبلغ الذي خسرته الشركة و مع ذلك قالوا إنه كان أغلى عرض ترويجي في التاريخ منذ نشأة تلك السلسلة و قد قدر خبراء التسويق أنه كلفهم ملايين الدولارات خاصة و أنهم ألتزموا بالعرض و قدموا وجباتهم و منتجاتهم بشكل مجاني .
و رغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها شركة ماكدونالدز إلا أنه حدثت حملات مماثلة في الأولمبياد التالية أعوام 1988 التي أقيمت في “كوريا الجنوبية” بمدينة ” سيول ” و 1996 في ” أتلانتا ” الأمريكية و لحسن حظهم شهدت العروض الترويجية بعد عام 1984 نجاحًا أكبر بكثير عن ذي قبل و مع ذلك فإن الشراكة بين الشركة و الأولمبياد و التي استمرت لأكثر من 40 عامًا قد أنتهت مؤخرًا في عام 2017 مع الإحتفاظ ببعض من حقوق التسويق .