كثيرا من الناس يلتقطون صورا لتكون بمثابة البورتريه لهم و لكن قليل منها هى من تحمل ورائها قصصا مثل تلك الصورة التى تظهر فيها فتاة أفغانية مراهقة ذات 12 عاما و هى تنظر بعمق إلى الكاميرا بعيونها الخضراء و ترتدي حجابًا أحمر فى مخيم ناصر باغ للاجئين في باكستان أثناء فترة الإحتلال السوفيتي لأفغانستان و هى صورة وصفها البعض بموناليزا العالم الأول فى العالم الثالث و أصبحت لاحقا رمزا لأفغانستان فى العالم الغربى و ظلت هويتها مجهولة لفترة طويلة إلى أن تحددت بأنها تدعي شربات جولا .
التاريخ : ديسمبر 1984 .
المصور : الامريكى ” ستيف ماكورى ” – مجلة “ناشونال جيوجرافيك” .
التفاصيل : ترجع خلفية تلك الصورة الى الفترة التى قام فيها ” الاتحاد السوفيتي ” بإجتياح الأراضى الأفغانية حيث فرت عائلة الفتاة ” شربات جولا ” من قريتهم نتيجة القصف السوفيتى الذى نتج عنه مقتل والديها حيث سارت مع جدتها و أشقائها عبر الجبال إلى “باكستان” حيث استقروا فى مخيم “ناصر باغ” للاجئين و اصبحت واحدة من الطلاب فى مدرسة غير رسمية داخل ذلك المخيم و فى تلك الاثناء كان المصور الأمريكى متواجدا لتوثيق محنة لاجئى أفغانستان عندما سمع ضحكات قادمة من أطفال داخل خيمة مدرسية للبنات و يقول أنه لاحظ هذه الفتاة الصغيرة ذات العيون المذهلة و عرف على الفور أنها هي الصورة الوحيدة التي أراد إلتقاطها و عندما بدأ في التقاط صورة ” شربات جولا” رفعت يديها لتغطية وجهها لكن معلمتها طلبت منها أن تنزل يديها حتى يرى العالم وجهها ويعرف قصتها حيث كانت تلك الصورة هى اول صورة تلتقط لها نظرا لأنها لم ترى كاميرا من قبل و بمجرد أن تم إلتقاطها نهضت الفتاة و غادرت للدردشة مع أصدقائها ثم ظهرت صورتها على غلاف مجلة “ناشونال جيوجرافيك” معنونة باسم الفتاة الافغانية حيث نالت الكثير من التعليقات حول عيونها الخضراء و وصفت مجلة اميركان فوتو تلك الصورة بانها مزيج غير عادي من الحزم و السحر و أعتبرتها ناشونال جيوجرافيك بأنها الصورة الفوتوغرافية الأكثر شهرة في تاريخ المجلة .
و بعد شهرة صورة ” شربات جولا ” قام المصور بعدة محاولات فاشلة خلال التسعينيات للعثور عليها إلى أن جاء عام 2002 عندما قام فريق كامل من “ناشونال جيوجرافيك” بصحبة المصور بالسفر الى “باكستان” ثم منها الى “أفغانستان” للتقصى و محاولة الوصول إليها حيث قابلوا العديد من النساء الذين أدعوا أنهن أصحاب الصورة الا أن الفريق وجدها فى النهايه و هى بعمر 30 عاما و تم التأكد من هويتها باستخدام تكنولوجيا خاصة بالتعرف على الهوية من خلال التعرف على قزحية العين و يقول المصور بعد لقائها ان بشرتها قد تأثرت للغاية حيث أصبح لديها تجاعيد الآن الا انها لا تزال ملفتة للنظر كما كانت كل تلك السنوات الماضية .
الجدير بالذكر ان “شربات جولا” تزوجت بين سن 13 و 16 و عادت إلى قريتها في “أفغانستان” عام 1992 و أصبحت أرملة حيث توفى زوجها عام 2012 و لديها منه ثلاث فتيات و توفى الرابع في طفولته و أعربت عن أملها في أن يتمكن أطفالها من الحصول على التعليم و فى عام 2016 تم إعتقال “شربات جولا” أثناء تواجدها فى “باكستان” لوجودها بوثائق مزورة و حكم عليها بالسجن خمسة عشر يومًا و ترحيلها إلى “أفغانستان” و أنتقدت منظمة العفو الدولية ذلك القرار الا أنه مع عودتها إلى أفغانستان تم استقبالها هى و أطفالها في القصر الرئاسي و وعدها القائمون على الحكم بدعمها ماليا و فى عام 2017 تم منحها مسكنا فى العاصمة “كابول” لتقيم فيه هى و اطفالها .
أقرأ أيضا : صورة الزعيم الثوري تشي جيفارا التى يقدر بأنها أكثر صورة تم نسخها فى العالم
و نتيجة شعبية تلك الصورة تم استغلالها سياسيا عقب هجمات 11 سبتمبر حيث استخدمتها إدارة الرئيس “جورج دبليو بوش” في الترويج لحقوق المرأة الأفغانية أثناء الحملة العسكرية الأمريكية في “أفغانستان” بالاضافه الى قيام ناشونال جيوجرافيك بنشر صور أحدث لشربات جولا كجزء من قصة غلاف عن حياتها في عدد أبريل عام 2002 كما كانت موضوعا لفيلم وثائقى للقناة عنوانه البحث عن الفتاة الأفغانية و الذي تم بثه في مارس 2002 و انشأت القناة صندوق الفتيات الأفغانيات و هي منظمة خيرية تهدف إلى تعليم الفتيات و الشابات الأفغانيات و الذى توسع نطاقه ليشمل الفتيان الافغان ليتغير اسمه الى صندوق الأطفال الأفغان و قامت القناة بتكريمها و تكفلت بتغطية تكاليف العلاج الطبي لها و لعائلتها و مساعدتها فى الحج إلى مكة.