الكثير منا يتابع عبر شاشات التلفزيون و بكثير من الشغف فعاليات سباق الخيول أو الجمال نظرا لما تحمله تلك الرياضات من إثارة و تنافسية و لعل ذلك هو ما دفع البعض نحو إبتكار نوع جديد من تلك السباقات و لكن يحمل في طياته بعض من اللمسات الطريفة و ذلك عن طريق إستبدال الخيول بطيور النعام الضخمة المعروفة بعدم قدرتها علي الطيران و لكن بإمكانها العدو لمسافات كبيرة قد تصل إلي 70 كيلومتر في الساعة و لكم ستندهش حين تعرف أنه يمكن ركوبها و السيطرة عليها من أجل خوض منافسات تعرف بإسم سباق النعام و هو نوع من الرياضات الغريبة التى بدأت في قارة أفريقيا و منها أنتشرت إلي باقي دول العالم خاصة الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و عدد من الدول الأخري التى أصبحت أراضيها تستضيف بشكل سنوي عدد من بطولاتها .
و قبل التطرق إلي سباق النعام سنتناول سريعا طبيعة حياة ذلك الطائر و الذي يعتبر أكبر الأنواع التى لا تزال تعيش حتي اليوم و موطنه قارة أفريقيا و يميل إلى العيش في مجموعات تتراوح ما بين خمسة إلى 50 طائرًا و يتغذى بشكل أساسي على المواد النباتية و الزواحف الصغيرة و اللافقاريات و إذا تعرض للتهديد فإنه يميل إلى الإستلقاء على الأرض أو الهرب بعيدًا و يتم تربيته حاليا في جميع أنحاء العالم للحصول علي ريشه كما يمكن إستخدام جلده في صناعة المنتجات الجلدية و يتم تسويق لحمه تجاريًا لجودته نظرا لخلوه من الدهون و في الوقت الراهن تعتبر تربيته ضرورية بالنظر إلى حقيقة أن عددهم بدء في التناقص بشكل ملحوظ خلال الـ 200 عام الماضية و يعتبر النعام كائنات مسالمة بطبيعتها و تحاول أن تتجنب البشر في البرية قدر الإمكان لذلك فيميلون إلى الهروب إذا تم الاقتراب منها و لكن إذا تعرضوا للهجوم فمن الممكن أن يصبحوا عدوانيين حال شعروا أنهم بحاجة إلى الدفاع عن أراضيهم أو صغارهم حيث يستخدمون مخالبهم الطويلة التي لديها القدرة على نزع أحشاء الشخص بضربة واحدة للدفاع عن أنفسهم و من الملاحظ أن معظم تلك الهجمات تحدث في “جنوب إفريقيا” لا سيما في منطقة تقع فيها مزارع النعام بجوار مناطق النعام الوحشي و البرية .
و نظرًا لميل تلك الطيور للهجوم عندما يشعرون بالتهديد بالإضافة إلى حقيقة أن لديهم مخالب من الممكن أن تضر الإنسان يتسأل البعض لماذا إذا يتم أستخدامهم في سباق النعام و الإجابة هي أن العديد من الأشخاص و للأسف يسعدون بتعريض أنفسهم للخطر إذا كان ذلك يعني أنهم قادرون على التنافس مع بعضهم البعض بالإضافة إلي وجود حقيقة أن النعام من الممكن ركوبه بنجاح حيث يصل إرتفاعه إلى 1.6 متر و يمكن أن يصل وزنها الأقصي إلى حوالي 86 كيلوجرامًا و لهذا السبب من المفترض أن يركبها الأطفال فقط و لكن ما يحدث هو أن البالغين من يسعون لذلك رغم وضع مزارع النعام في جنوب إفريقيا حدًا أقصى لوزن الدارجين و الذي يبلغ 75 كجم كما أن تلك الطيور أثناء جريها من الممكن أن تصل إلي سرعات تبلغ 70 كيلومتر في الساعة مع الحفاظ علي تلك السرعة لمسافات طويلة و هو ما أغري الكثيرين في إستغلالها بالسباقات و التنافس طالما من الممكن أن يكونوا أسرع من الخيول و سهل ركوبهم و السيطرة عليهم .
و بتتبع تاريخ سباق النعام فمن المرجح أن يكون قد بدء في قارة أفريقيا و تحديدا في جنوب أفريقيا و لكن التاريخ الرسمي لها يرجع إلي عام 1890م حين تم تنفيذ هذه الممارسة لأول مرة في مدينة “جاكسونفيل” التابعة لولاية “فلوريدا” الأمريكية بغرض الجذب السياحي لذلك المكان و كانت تتم سباقاتها إما من خلال ركوبها أو ربطها بعربات يقف فيها أحد الفرسان أو يجلس عليها و يقوم بتوجيههم بإستخدام اللجام .
و تعتبر القواعد المنظمة لسباق النعام بسيطة جدا حيث يُطلب من الفارس أن يتسلق ظهر الطائر و يمسك بريشه ثم ينطلق به عبر مسار محدد و توجد حالات لا يُسمح فيها بركوب النعامة مباشرة و لكن يتم ربطها في عربة و يسحبها الطائر أثناء سيرها و لعل ما يميز تلك الرياضة عن غيرها هو حقيقة أن النعام ليس من السهل السيطرة عليه أثناء الجري حيث يحاولون عادةً التخلص من الراكب و ينجحون في بعص الحالات بالفعل في إلقاءه علي الأرض و يجب أن يتم ترقيم النعام لتمييزهم و ذلك لتمكين المعلقين و منظمي السباق و المتفرجين من معرفة أي من النعامات التى تتقدم السباق كما يجب علي جميع الفرسان وضع ألوان لتمييزهم مثل فرسان سباقات الخيول و يلاحظ خلال السباق أنه رغم البداية الجيدة لإحدي النعامات الا أنه من الممكن أن تراها تخرج عن المسار و تسمح لنعامة أخرى بتجاوزها كما يسقط العديد من الفرسان علي الأرض أثناء سير السباقات بينما يتشبث الأخرين بريشها بطريقة تبدو غير مريحة و مؤلمة للطائر .
و في الوقت الحالي تعتبر ممارسة سباق النعام أقل شيوعًا عما كانت عليه في السابق بسبب إعتراضات عدد من جماعات حقوق الحيوان تحت مبرر أنه لم يسبق أن تربت النعام لتحمل البشر على عكس الحيوانات الأخري مثل الإبل و الخيول لذلك يعتبر ركوبها من أجل الرياضة و الترفيه عن الآخرين نوع من القسوة عليها خاصة و أن سبب جريهم بالأساس يرجع إلي شعورهم بالخوف كما بدا من الواضح أنه إذا كان الشخص الذي يركب النعامة ثقيلًا جدًا فيمكن أن يتسبب ذلك في حدوث ضرر حقيقي لذلك الطائر المسكين و هو ما دفع بعض من منظمي تلك المسابقات لإستبدال البالغين بالأطفال الأخف وزنا و لكن ذلك الأمر أثار الكثير من الجدل لما يمثله من خطورة علي حياة الطفل لأن السقوط من علي ظهر النعام و في تلك السرعات يكون أمر مؤلما و أحيانا يكون عرضة للكسر أو الجرح .
أقرأ أيضا : كرة سلة الحمير لعبة أمريكية تحت مرمي جمعيات الرفق بالحيوان
و رغم إعتراضات جماعات حقوق الحيوان الا انه لا يزال سباق النعام مستمر في العديد من المواقع المختلفة معظمها يقع في “الولايات المتحدة ” أبرزها مضمار سباق أرض المعارض في مدينة “نيو أورلينز” في ولاية “لويزيانا” الأمريكية و هو مضمار يستضيف سباقات غريبة كل عام فبجانب سباق النعام يقام عليه أيضا سباقات الحمير الوحشية حيث تدار تلك المسابقات من أجل المراهنات كما يوجد سباق كانتربري بارك في ولاية “مينيسوتا” و الذي يضم سباق النعام و الجمال و الحمير الوحشية أيضا و أيضا سباقات مضمار “إليس بارك للسباق و الألعاب” و هو حدث ينظم بشكل سنوي في مدينة “هندرسون” في ولاية “كنتاكي” الأمريكية و فيه أصبح سباق النعام بديلاً لسباقات الخيول الأصيلة التى كانت تنظم فيه .