من الطبيعى أن يستلهم المؤلفين و خاصة من يكتبون الروايات البوليسية أحداث جرائم حدثت بالفعل ثم يقومون بتطويعها بما يتوافق مع الرواية التى يقومون بكتابتها و فى أحيان أخري قد يمرون هم أنفسهم بتجارب معينة و يعملون على نقلها من واقع الحياة الى الأوراق إلا أن الأمر يختلف قليلا مع واحدا منهم و هو الهولندي ريتشارد كلينكامر الذى يعتقد أنه جمع ما بين الإثنين بعد أن تم إتهامه بقتل زوجته التى أختفت فى ظروف غامضة و بعدها أصدر كتابا يتحدث عن تلك الجريمة و يضع فى طيات أحداثه طرقا مختلفة يمكن للمرء فيها أن يقتل بها زوجته و فى نفس الوقت من الصعب إدانته قانونيا لعدم وجود أدلة مادية قد تساهم فى إلقاء القبض عليه .
ولد ” ريتشارد كلينكامر ” فى مارس عام 1937 بهولندا و شهد فى طفولته أحداث مروعه من إغتصاب خالته و مقتل عمه ثم عاش فى “النمسا” مع بدايات الحرب العالميه الثانية حيث كانت والدته على علاقه مع احد الظباط النازيين و عند عودتهم إلى “هولندا” تمت معاقبتها من الجمهور بحلق شعر رأسها فى كرنفال قبيح ثم عملت والدته كعاهرة من اجل توفير متطلبات الاسرة و عند بلوغه التاسعه عشرة أنتقل الى ” فرنسا ” و انضم إلى الفيلق الأجنبي الفرنسي وهو فرع من الجيش الفرنسي مكون من متطوعين أجانب ثم عمل بعدها كمحرر و كاتب و كان دائم الشرب و تزوج لكنه لم يوفق فى تلك الزيجه ثم عاد الى “هولندا” ليتقابل مع زوجته المستقبليه ” هانيلور جودفرينون ” التى كانت تصغره بعشر سنوات و لكنها مهووسة بحبه .
و تزوج الإثنان عام 1978 و انتقلوا إلى قرية “جانزيديك” الصغيرة في شمال شرق “هولندا” و كان الزواج مستقرًا فى البدايه بعد أن كانت لهما وظائف جيدة حيث عملت “هانيلور” ممرضة أما ” ريتشارد كلينكامر ” فقد كان كاتبا و كثيراً ما كانوا إجتماعيين مع الأصدقاء لكن سرعان ما تبدلت الأحوال بعد أن خسر ” ريتشارد كلينكامر ” كل مدخراته في سوق الأسهم حينها تحول إلى الشرب بكثرة و تحولت حياتهم الزوجية الى جحيم و كانت تصل الى حد مغادرة الزوجة منزلها لتقضى الوقت مع اصدقائها عندما يكون زوجها فى حالة سكر لأنه يكون عنيفا و عدوانى بشكل غير مسبوق الى أختفت “هانيلور” بشكل مفاجئ فى فبراير عام 1991 بعد أن أبلغ زوجها الشرطة بإختفائها و أخبرهم أنه عثر على دراجتها الحمراء في محطة قطار قريبة الا أن أصدقاء الزوجة كانوا مقتنعين بالفعل بأن ” ريتشارد كلينكامر ” هو المسئول عن إختفائها و نتيجة لتلك الاتهامات الموجهة اليه تم احتجازه و قامت الشرطة بالتحقيق و تفتيش المنزل باستخدام الكلاب البوليسية و ماسحات بالاشعة تحت الحمراء الا أنه لم يعثروا على أى دليل قد يدين الزوج مما يحول دون إلقاء القبض عليه و تم اخلاء سبيله و بعدها عاش الزوج فى المنزل بمفرده حيث استمر فى الشرب و الكتابة .
و بعد مرور عام على إختفاء الزوجة دون حدوث أى تطور فى قضيتها زار ” ريتشارد كلينكامر ” دار النشر التى يتعامل معها و تقابل مع مالكها “ويليم دونكر ” و قدم له مسودات لرواية جديدة بعنوان ” يوم الاربعاء .. يوم منس ” و التى كانت مرعبة فى تفاصيلها بما فيه الكفاية بعد أن كانت قائمة على طرق مروعة تمكن الزوج من قتل زوجتة و حدد فيها سبعة اساليب واحدة منها كانت فى غاية البشاعة حيث يدفع جسد زوجته الى مطحنة ضخمة لتدمير جثتها و إطعام لحمها الى الحمام و كان الكتاب بشعا للغاية بشكل دفع الناشر إلى رفضه و لم يكتفى بذلك فقط بل بدء فى الشك بأن ” ريتشارد كلينكامر ” هو بالفعل من قتل زوجته و سرعان ما تسربت أخبار تلك الرواية الى الصحافة المحلية و حدثت بعض المقابلات التلفزيونية معه و التى سأله فيها احد المحاورين عما إذا كان قد قتل زوجته بالفعل ؟ فأجابه ” ربما .. فقد يقول الناس اننى قطعتها و اغرقتها فى البركة ” .
و رغم أنه من المفترض أن ينفى ” ريتشارد كلينكامر ” تلك الإتهامات الا أنه و على العكس كان يلمح فى إجاباته إلي أنه قد فعلها حيث كان يقول لهم ” كل شخص قادر على قتل شخص ما في مكان ما فجأة ” و كان دائما ما يحفر حفرة في حديقته و يشير إلى الجيران أنها كانت كبيرة بما يكفي لجسم شخص حتى ان ناشره “دونكر” علق على تلك التصرفات و قال “لقد أحب ان يكتسب سمعة سيئة لكن في الوقت نفسه أخبرني أن زوجته كانت أعظم حب في حياته” و مرت السنوات و بعد ان ترك ” ريتشارد كلينكامر ” المنزل و اشتراه سكان جدد عام 2000 قاموا بعمل بعض الاصلاحات فيه و أثناء حفرهم أكتشفوا هيكل عظمى كان مدفونا تحت الأرض سرعان ما تعرف الطب الشرعى عليها بأنها جثة الزوجة المختفاه ” هانيلور ” و تم القاء القبض عليه و اعترف بجريمته و تم محاكمته و ادانته بالسجن لسبع سنوات الا انه اطلق سراحه بعد عامين عام 2003 بسبب سلوكه الجيد الى انت توفى عام 2016 عن عمر يناهز 78 عامًا .