على الرغم من أن الشعور بالألم تجربة غير محببة للإنسان الا أنها فى ذات الوقت تعد هبة من الله لتذكير الإنسان بحدود قدراته البشرية و تنبيهه عن وجود خطر ما يحدق به و تحذيره من وقوعه فى ضرر اكبر و لعل لا أحد يقدر تلك النعمة أو يعرف مدى أهميتها سوى من حرم منها و أبرز تلك الامثلة هى لأمرأة أسكتلندية فى منتصف السبعينيات و تدعي جو كاميرون و المعروف عنها أنها لا يمكنها الشعور بالألم على الإطلاق سواء كانت حسية أو إنفعالية لأسباب يعزوها بعض العلماء الى طفرات جينية و التى بسببها تعرضت على مدار حياتها لعدد من المخاطر التى كادت أن تضع حياتها على المحك لا لشئ سوى أنها أفتقدت هبة الشعور بالألم .
و تقول ” جو كاميرون ” التى كانت تعمل معلمة سابقه انها لا تشعر بأى نوع من الالم طوال فترة حياتها حتى أثناء مرورها بالاحداث التي من المفترض أن تكون مؤلمة بشكل كبير حيث تتذكر اثناء طفولتها عندما سقطت و أصيب ذراعها أثناء التزلج على الجليد فهى لم تشعر بأى بشئ او يكون لديها فكرة عن وجود كسر بها الى أن لاحظت والدتها ذلك بعد عدة ايام و ايضا اثناء ولادتها لإبنها حيث قالت انه لم يكن شعورا مؤلما مثل باقى النساء بل كان مثل الدغدغه و امرا ممتعا كما انها عند تناولها الفلفل الحار فهى لا تشعر بشئ سوى بتوهج و انتعاش بسيط و فى اغلب الاحيان تحرق ذراعيها فى الفرن و لا تشعر بأى ألم او تنبيه سوى بشم رائحة الاحتراق كما انه بجانب عدم احساسها بالالم الجسدى فهى ايضا لا تشعر بأى الام نفسيه فهى سعيدة طوال حياتها و لا يوجد لديها أى نوع من الغضب او الخوف او الحزن او القلق الامر الذى كان يزعج الناس منها لقلة انفعالاتها معهم الا انه اصبح لديها العذر الان بعد معرفة طبيعة حالتها .
و تضيف ” جو كاميرون ” انها تشعر بانها انسانه محظوظة لكنه لم يخطر ببالها انها مختلفه عن الاخرين حيث لم تكن تشعر بأن ذلك الامر غريبا و فريدا الا عند وصولها الى سن 65 عاما بعد انتباه احد الاطباء الى حالتها ثم تستدرك أنه رغم إمتلاكها تلك الموهبة الا أنه وضعتها فى كثير من المتاعب لأن الألم مثل أجراس الإنذار حيث تواجه صعوبات حاليه فى المشى نتيجة إصابتها بألام المفاصل التى لم تشعر به فى بداياته مما اثر عليها بالسلب بعد ذلك كما انها تعرضت مؤخرا لحادث سيارة لكنها لم تتأثر بما واجهته خلال ذلك الحادث كتجربة مزعجة فبينما كان سائق السيارة الأخرى يرتجف من هول الحادث كانت هى تشعر بالهدوء و بدون اى رد فعل و تقول ان ذلك ليس شجاعة منها لكنها لا تشعر بالخوف كما انه يوم وفاة والدتها لم تشعر بألام الفراق حيث قالت حين شاهدت جثمانها انها افضل جثمان رأته على الاطلاق و هى الان تتعاون بحماس مع فريق الابحاث الطبيه لاجراء التجارب عليها و تأمل ان تساعد حالتها بالتوصل الى اى شئ يعمل على ابعاد الناس عن مسكنات الألم التي يصنعها الإنسان و التحول إلى طرق طبيعية أكثر لتخفيفها كما انها تخطط لوهب جثمانها بعد وفاتها للعلم لمزيد من الدراسات .
و يرجع تاريخ رصد حالة ” جو كاميرون ” الفريدة عند بلوغها سن 65 عاما حين كان احد اطباء التخدير و يدعى ” ديفجيت سريفاستافا ” مكلفا بتسكين الامها اثناء و بعد اجرائها لعملية جراحية و التى كان من المفترض أن تترك لها ألمًا مبرحًا لكنه لاحظ عدم استخدامها لاى نوع من المسكنات و عدم شعورها بأى نوع من انواع الألام الجسديه و النفسيه بعد اجراء العمليه الامر الذى اصابه بالحيره خاصة بعد فحص تاريخها الطبى و الذى لم يكن فيه اى طلب لمسكنات الألم على الاطلاق فتواصل مع احدى المجموعات البحثيه الطبيه فى “لندن” و المعنيه بعلوم الوراثه المتعلقه بتأثيرات اللمس و الشعور بالالم و الذين بدأوا فى الاهتمام بدراسة حالتها و اكتشفوا انها ناجمة عن طفرة نادرة في جينها لم يتم التعرف عليها من قبل تقوم بمفعول المهدئ فى التخفيف عن الألام الجسدية و النفسية لديها و التى تعتبر مفيدة للغاية فى ابحاثهم لان ذلك الاكتشاف يعد اختراق يأمل الباحثون أن يؤدي في النهاية إلى تحسين خيارات العلاج للمرضى الذين يعانون من الألم و القلق فى فترة ما بعد الجراحة و الألام المزمنه .
أقرأ أيضا : لماذا نشعر بالنعاس و الخمول بعد تناول وجبة من الطعام ؟
و لا يزال العلماء يواصلون ابحاثهم حول ” جو كاميرون ” و رغم عدم تاكدهم من مصدر تلك الطفرة لديها الا انهم يعتقدون انها على الارجح انتقلت اليها عن طريق والدها نظرا لانها غير موجودة لدى امها او ابنتها لكنها توجد لدى ابنها بالاضافه الى انها كانت تلاحظ ان والدها الراحل لم تراه قط و هو يتناول الاسبرين او يشتكى بأى نوع من الالم .