تعتبر الحيوانات من المكونات الهامة فى عالم السينما حيث يتم الإعتماد عليها فى الكثير من المشاهد خاصة بالأفلام الحربية القديمة التى تتطلب وجود خيول يمتطيها المتحاربين خلال معاركهم أو فى أفلام المغامرات التى تدور أحداثها وسط الأدغال و الغابات و الذى يكون من الضرورى تواجد العديد من الحيوانات المتنوعة سواء كانت أليفة أو مفترسة حتى أنه فى بعض من الأعمال السينمائية قد يكون الحيوان نفسه هو بطل العمل الرئيسى و نتيجة لذلك فقد يتطلب الأمر عناية خاصة بتلك الحيوانات فى الكواليس خلال فترة التصوير و التأكد من عدم تعرضها لسوء المعاملة و هذا دور تقوم به جمعية الرفق بالحيوان التى تعتبر جزء هام من فريق العمل السينمائى و ينحصر دورها فى الرقابة على معاملة الحيوانات خلال إنتاج الفيلم و اعطاء صناعه شهادة موثقة بإستيفائهم المعايير اللازمة بحسن معاملتهم و هو ما يرفع من تقييم الفيلم .
بدأ الإهتمام بذلك الأمر حين شكلت جمعية الرفق بالحيوان فى الولايات المتحدة لأول مرة لجنة للتحقيق في إساءة معاملة الممثلين للحيوانات في هولييود بأوائل القرن العشرين عندما كانت الخيول المستخدمة في العديد من أفلام الغرب الأمريكى معرضة للإصابة أو الوفاة في الكواليس خاصة بعد ما حدث خلال تصوير فيلم ” جيسى جيمس ” عام 1939 عندما تم إرسال حصان و راكبه الدوبلير للقفز فوق منحدر يبلغ ارتفاعه أكثر من 20 مترا فوق نهر و بعد تنفيذ المشهد كسر ظهر الحصان و توفى على الفور و بدافع من الغضب العام قامت جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية من خلال اتفاقية تم توقيعها مع نقابة ممثلي الشاشة و جمعية منتجي و موزعي الصور المتحركة (التي أصبحت تسمى حاليا جمعية الأفلام السينمائية الأمريكية) يتم بموجبها اعطائهم سلطة مراقبة جميع أعمال السينمائية و الدرامية التى تحتوى على مشاهد بها حيوانات و متابعة أسلوب العناية بها في كواليس الأنتاج .
و خلال تصوير الأفلام التى تحتوى على مجموعة من الحيوانات تحدد جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية معاييرها الخاصة برعايتهم من خلال دليل أطلقوا عليه عنوان “إرشادات الاستخدام الآمن للحيوانات في الوسائط المصورة” و الذى يحتوي على بعض المعايير التي تبدو واضحة منها معرفة أن هناك منتجات محددة مخصصة لحيوانات محددة و لا يمكن استخدامها على حيوانات أخرى و عدم استخدام الكحول حول الحيوانات في أي وقت و عند امتطاء الخيول او الماشية خلال التصوير يجب ان تكون الاحذية ملساء و لا تسبب اى جروح لتلك الحيوانات اما بالنسبة للحيوانات التي تظهر في خلفية المشاهد و الحيوانات الأليفة التي يجلبها الممثلون و أعضاء الطاقم فيجب ضمان تواجد طعامها و شرابها و أشياء أخرى لإبقائهم فى راحة و حتى الحيوانات الضالة التي تتجول في مكان التصوير تحصل على حماية من جمعية الرفق بالحيوان حيث تنص الإرشادات على الاعتناء بها أيضا بدلاً من مطاردتهم من قبل أفراد الإنتاج .
و يتكون أفراد جمعية الرفق بالحيوان الموجودين فى كواليس العمل من فريق لديهم خلفية في الأعمال المتعلقة بالحيوان مثل الفنيين البيطريين و مدربي و حراس الحيوانات و يكونوا بمثابة ممثلى سلامة الحيوانات المعتمدين من الجمعية عند الطلب و يعملون فى الكواليس لمراقبة رعاية الحيوانات و معالجتها عند الضرورة و التعاون مع مدربي الحيوانات و مسؤولي الدعاية و الممثلين لضمان تنفيذ تلك الإرشادات و المعايير فخلال تصوير فيلم True Grit الذى أنتج عام 2010 على سبيل المثال عمل مندوب السلامة المعتمد عن كثب مع فريق الإنتاج لتصوير العديد من المشاهد التي تضمنت الحصان الذي ركبته بطلة العمل ” هايلى ستانفيلد ” التى ادت شخصية ” ماتى روس ” حيث كان هناك مشهد يسبح فيه الحصان عبر النهر و لتنفيذه تم اتخاذ العديد من احتياطات السلامة و قام المدربون بإعداد أربعة خيول و المدربون تدريباً خاصاً على السباحة و للقيام بتصوير المشهد قاموا بإزالة اى حطام من قاع النهر مع توفر أربعة قوارب أمان جاهزة تنتظر لسحب الخيول بسرعة إذا حدث أي خطأ و فى مشهد أخر حيث يركب الحصان و يجرى حتى ينهار من أعلى و يموت فقد تم تصويره بعناية على مدار ثلاثة أشهر و باستخدام العديد من الخيول التى تم تعليمها جميعًا كيفية تمثيل مشهد الانهيار بأمان حيث أكد مندوب السلامة أن الحيوانات كانت على الأرض فقط و كانت مرتاحة أما بالنسبة لبقية اللقطات فقد أخذ حصان مزيف مكان الحيوان الحي حتى يتمكن الممثلون البشريون من مواصلة المشهد دون الضغط على الخيول .
و مع تصوير الفيلم تقوم جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية بخطوة أخير قبل اعطاء تصريحها بأن الحيوانات فى ذلك العمل لم تتعرض للأذى حيث تقوم بفحص الفيلم بشكل نهائى قبل التصريح بإصداره و ذلك للتأكد من أن تصرف الحيوان الموضح في المشاهد النهائية هو ما رآه ممثلو السلامة بالفعل خلال التصوير و مع ذلك لا تعني شهادة “عدم تعرض الحيوانات للأذى” حرفيًا أنه لم تتضرر أي حيوانات أثناء الإنتاج حيث يكتسب الإنتاج الشهادة إذا كان يفي بمعايير جمعية الرفق بالحيوان لرعاية حيواناته و التعامل معها خلال التصوير و إذا أصيب حيوان أو قُتل أثناء اتباع تلك الإرشادات فلا يزال بإمكان الإنتاج الحصول على الشهادة و التصريح بصدور الفيلم و الترويج له و رغم ذلك استخدمت بعض الأفلام شهادة اعتماد مزيفة بأن تلك الحيوانات لم تتعرض للأذى دون الحصول عليها بالفعل و عندما يحدث ذلك ترسل جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية للاستوديوهات و الموزعين المرتبطين بالإنتاج خطاب وقف يطالب بإزالة علامة تصريح الجمعية من الإصدارات السينمائية و أقراص DVD للأفلام .
أقرأ أيضا : تعرف على فيلم زئير المصنف بأنه أخطر فيلم تم تصويره عبر التاريخ
و يصدر تصريح جمعية الرفق بالحيوان الامريكية بناء على عدد من التصنيفات فاذا كان بتقييم “مراقب : مقبول” فهذا معناه أن ممثلى السلامة لم يتمكنوا من مراقبة كل مشهد ظهرت فيه الحيوانات و مع ذلك أشرفت جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية على عمل مشهد حيواني كبير تم تصويره وفقًا للمعايير الخاصة بهم و بعد فحص المنتج النهائي و التحقق من جميع الإجراءات الحيوانية التي تم الإشراف عليها أثناء الإنتاج يقروا بأن صانعي الأفلام قد تعاونوا بشكل كامل مع عمليتنا اما التقييم الأخر فهو “تمت مراقبته : ظروف خاصة” و هذا يعنى اتباع الانتاج للمعايير و تعاون مع الإجراءات الوقائية التي فرضها ممثلى سلامة الحيوان المعتمدون الا انه وقع حادث أو إصابة أو وفاة لحيوان أثناء التصوير و كشف تحقيق كامل أن الحادث لم يكن نتيجة إهمال أو سوء نية من جانب المنتج أو موردي الحيوانات اما التصنيف الثالث فهو “مراقب : غير مقبول” و الذى يعنى فشل الإنتاج في الالتزام بالمعايير بشأن الاستخدام الآمن للحيوانات في الوسائط المصورة أو تجاهل سلامة الحيوانات و تسبب ذلك بشكل مباشر في إصابة حيوان أو موته و التقييم الرابع “غير مراقب: متوافق مع الإنتاج ” و فيه لم يتمكن ممثلى السلامة من الإشراف المباشر على تصرفات الحيوانات بسبب محدودية الموارد أو تضارب المواعيد الا أن الانتاج امتثل لجميع المعايير و قدم عرضًا أوليًا للفيلم بناءً على طلب جمعية الرفق بالحيوان الأمريكية و أخيرا تقييم “لم تتم مراقبته : لم يسع الإنتاج ” و هو معناه عدم وجود اى مراقبة من ممثلي السلامة المعتمدين أثناء التصوير بشكل لا يمكن مشاهدة معاملة الممثلين للحيوانات أو معرفة ما إذا تم اتباع المعايير بشأن الاستخدام الآمن للحيوانات في الوسائط المصورة.