تعتبر سلسلة أفلام الرسوم المتحركة توم و جيري هي واحدة من أشهر أفلام الكارتون في العالم و التي يستمتع بها الكبار و الصغار أثناء مشاهدتهم للمطاردات المثيرة و الطريفة التي يقوم بها القط توم في مقابل المقالب التي يضعها الفأر جيري في طريقه كما تتميز تلك السلسلة بأنها الأكثر إستمرارية لدي المشاهدين فبعد أن بدء ظهورها في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي و ظلت تعرض حتي أواخر الخمسينيات إلا أنها لا تزال تشاهد حتي اللحظة من قبل الكثيرين و تعرض علي شاشات العديد من القنوات و نظرا لنجاح تلك الشخصيتين جماهيريا و نقديا و فوز أفلامهم بالعديد من الجوائز أبرزها الأوسكار فقد تم تطويرها للظهور في أفلام جديدة و حديثة تواكب مفاهيم العصر الحالي إضافة إلي ظهورهم في عدد من الأفلام الروائية الطويلة و لذلك في تلك المقالة نسلط الضوء علي تاريخ توم و جيري منذ بداية إبتكارهم و حتي اللحظة .
بدأت قصة أفلام الرسوم المتحركة توم و جيري في ” الولايات المتحدة ” عام 1937 حين حصل الرسام ” جوزيف باربيرا ” على الضوء الأخضر من أستوديوهات ” مترو جولدوين ماير ” لتطوير شخصيات كرتونية جديدة بالمشاركة مع زميله الرسام ” ويليام هانا ” حيث بدء الثنائي في طرح عشرات الأفكار حول طبيعة الشخصيات المطلوبة بغض النظر عن هويتهما و اللذان من المفترض أن يتصارعان في لعبة ذكاء و تضمنت الأفكار الأولية ثعلبًا و كلبًا إلا أنه لم يبدو صراعا مناسبا إلي أن أتفقا في النهاية على أن القط و الفأر هما الأكثر منطقية و بشكل عام أعجب المنتج “فريد كويمبي” بالفكرة بما يكفي لإعطاء الضوء الأخضر لإنتاجه في نفس العام و حمل عنوان “Puss Gets the Boot” و رغم أن بطولته كانت من قط و فأر إلا أنهم لما يكونا توم و جيري و لكن حملا أسماء “جاسبر” و هو القط و الفأر “جينيكس” .
و حقق الفيلم نجاح مقبول دفع المنتج ” فريد كويمبي ” لطلب المزيد من تلك الأفلام القصيرة و بدأ الاستوديو في طرح أسماء جديدة لتلك الشخصيات حيث أعتقد “هانا و باربيرا ” أن تلك الأسماء غير مناسبة لإبداعهم لذلك بدأوا في التفكير بأسماء بديلة حتي وقع الإختيار علي توم و جيري حيث كان كلا الأسماء متواجدين بشكل بارز في اللغة الإنجليزية لأكثر من قرن ففي عام 1821 كتب الكاتب البريطاني “بيرس إيجان” رواية حملت عنوان ” الحياة في لندن ” و سرد فيها قصص بطلين يحملان ذلك الإسم و نظرا لنجاح الرواية فقد ألهمت إنتاج مسرحية إضافة لإطلاق ذلك الإسم علي كوكتيل شراب و أعجب ” هانا و باربيرا ” بالإسمين كثيرا و قررا إطلاق إسم ” توم ” علي القط و “جيري ” علي الفأر و بعد إنتاج أول فيلم قصير حصل على ترشيح رسامي الرسوم المتحركة و شركة ” مترو جولدوين ماير” لجائزة الأوسكار عام 1941 و لمدة خمسة عشر عامًا عمل الثنائي على رسومات توم و جيري الكارتونية إلي أن أدت تخفيضات الميزانية في الخمسينيات داخل الإستوديو إلى إلغاء إستكمالها و نتيجة ذلك قرر كلا الرسامين إفتتاح أستوديو ” هانا-بربيرا برودكاشن ” و الذي أنتج سلاسل أفلام رسوم متحركة تلفزيونية مختلفة مثل الجيتسونز و الفلينتستونز و غيرهم الكثير.
و أختفت شخصيتي توم و جيري لسنوات حتي عام 1961 حين أحيت شركة ” مترو جولدوين ماير ” الثنائي مجددا تحت قيادة “جين ديتش” و الذي أنتفل بهم إلي خارج المنزل الذي عاشوا فيه و جعل مغامراتهم في مواقع غريبة كما حدث أيضا تغيير في مالك المنزل فبعد أن كانت امرأة أمريكية من أصل أفريقي ثقيلة الوزن تعمل كطاهية أو خادمة و يطلق عليها إسم ” مامي تو شوز ” أصبح رجل أبيض في منتصف العمر و أصلع حيث نالت تلك السلسلة أيضا نجاحا كبيرا هي الأخري تخطي نجاح سلسلة ” لوني تونز الشهيرة ” و علي مدار 30 عاما تغير علي تلك السلسلة العديد من المخرجين و كانت الطفرة الحقيقية في شعبية توم و جيري عند بث تلك الأفلام تلفزيونيا بعد أن كانت تعرض في قاعات السينما حيث أصبحت تعرض علي شاشة قناة CBS الأمريكية خلال الفترة من أعوام 1965 و حتي 1972 و بعد ثلاثة سنوات قام مبتكري تلك الشخصية ” هانا و باربيرا ” في إنتاج بعض من تلك الأفلام علي شاشة القناة لمدة عامين و بعد أن أستحوذ ” تيد تيرنر ” علي أستوديوهات ” مترو جولدوين ماير ” قرر إنتاج مجموعة جديدة من أفلام توم و جيري إلا أنها لم تضاهي أبدًا جودة الكلاسيكيات و التي تفوقت كثيرًا على العروض الجديدة التي تم إنتاجها في التسعينيات و العقد الأول من القرن الحادي و العشرين .
و نتيجة شهرة توم و جيري و علي الرغم من أنهم شخصيتين إفتراضيتين إلا أن العديد من الشائعات قد طالتهم أبرزها أن أخر فيلم كارتون لهم أنتهي بنهاية مزعجة و قاسية حيث تقتل كلتا الشخصيتين نفسيهما عن طريق الاستلقاء على سكة قطار و الذي يقوم بدهسهم سويا إلا أن ذلك الأمر ليس صحيحا و مقولات مبالغ فيها ففي فيلم Blue Cat Blues القصير الذي صدر عام 1956 يشعر “توم” باليأس بشكل لا يصدق عندما تتركه صديقته بحثًا عن قط أخر و يحاول “جيري” إخراجه من تلك الحالة و تنتهي الحلقة بجلوسهما على سكة حديدية بينما يقترب القطار منهم لكن الرسوم الكاريكاتورية لا تصور في الواقع وفاتهم كما أنهم لا يموتون حقًا لأنه تم إنتاج المزيد من الرسوم الكرتونية لتوم وجيري بعد صدور ذلك الفيلم و مع ذلك إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أن تلك النهاية كانت غير ملائمة للأطفال .
أقرأ أيضا : القصة الكاملة وراء ظهور شخصيات سلاحف النينجا
و نظرا للشعبية الضخمة التي حصلت عليها شخصيتي توم و جيري لدي الأطفال و الكبار و حتي النقاد كان من الطبيعي أن تحصد أفلامهم الكثير من الجوائز أبرزها الأوسكار في فئة أفضل فيلم رسوم متحركة قصير حيث سيطر القط و الفأر تمامًا على تلك الجائزة بين عامي 1940 و 1954 بعد أن فازوا بها سبع مرات منهم أربع سنوات متتالية خلال أعوام 1943 و 1946 بالإضافة إلي 13 ترشيح أخر لتتميز تلك السلسلة بأنها الوحيدة من أفلام الرسوم المتحركة التي عرضت في السينما في عصر ما قبل التلفزيون يحصل علي ذلك العدد من الجوائز و بفارق كبير عن أقرب سلسلة أخري .