رغم كثرة عدد المتسابقين الذين شاركوا فى البرنامج الشهير من سيربح المليون بنسخه الدولية المتعددة إلا أن عدد قليل منهم هو من تمكن من حصد قيمة الجائزة الكبري و صاروا من أصحاب الملايين بعضهم كان عن جدارة لثقافتهم المرتفعة و إلمامهم بالكثير من المعلومات العامة و البعض الأخر ربما كان الحظ رفيقا لهم فى عدد من الأسئلة التي لم تكن بالصعوبة الكافية أو أقترنت بشكل أو بأخر بمجال تخصصاتهم و إهتماماتهم مما سهل عليهم التعرف علي الإجابة أما النوع الأخير فكان من خلال إستخدام أساليب ملتوية مثل ما فعل البريطاني تشارلز إنجرام الذي أصبح ثالث شخص في تاريخ البرنامج يفوز بالجائزة الأولي لكنه فى نفس الوقت أثار الكثير من الشكوك بتصرفاته خلال خوض المسابقه حتى تم إفتضاح أمره و حجب الجائزة عنه و ملاحقته قضائيا لإتباعه أساليب إحتيالية بهدف تحقيق مكاسب مالية بدون وجه حق .
بدأت القصة حين تم إختيار الأنجليزي ” تشارلز إنجرام ” و هو رائد يعمل فى الجيش البريطاني للظهور فى برنامج من سيربح المليون عام 2001 و يكون بذلك هو ثالث فرد فى عائلته يشارك في العرض بعد زوجته ” ديانا ” و شقيقها “أدريان بولوك” اللذان حصل كلاهما على مبلغ 32000 جنيه إسترليني ثم إنسحبا من المسابقة و بعد إختياره ظل طوال الفترة التى سبقت ظهوره فى العرض علي التدرب يوميا لمدة 20 دقيقة علي ألة ” سرعة الإجابة ” و هى مشابهة للألة المخصصة لسؤال السرعة الموجودة فى البرنامج ثم تحدد يوم حضوره للتصوير و الذى كان يوم 9 سبتمبر و تمكن من إجتياز سؤال السرعة و أصبح من المحظوظين الذين نجحوا فى الجلوس علي كرسي المسابقة و خوض غمار الأسئلة و بحلول الوقت الذي أنتهى فيه تسجيل اليوم الأول كان ” تشارلز إنجرام ” قد وصل إلى 4000 جنيه إسترليني فقط و أستخدم اثنين من وسائل المساعدة الثلاثة .
و فى اليوم التالي للتصوير و إستكمال المسابقة لم يكن هناك أدني شك لدى فريق إنتاج البرنامج أن ” تشارلز إنجرام ” لن يذهب بعيدا فى تلك المسابقة و لكنهم فوجئوا بأنه يجيب علي كل سؤال بسلاسة حتى وصل الى السؤال الأخير و الذى تمكن أيضا من الإجابة عليه بسهولة و حصد قيمة الجائزة الكبرى البالغة مليون جنيه أسترلينى و بدا واضحا للجميع أن هناك فارق كبير بين شخصية الامس المترددة و بالكاد تجيب علي الأسئلة بشكل صحيح و شخصية اليوم الواثقة من إختياراتها و يبدء الشك يراود فريق العمل بأن هناك أمر مريبا فى ذلك الموضوع خاصة و أن مقدم البرنامج ” كريس تارانت ” إعتاد على مناقشة المتسابقين أثناء تفكيرهم فى إجابات الأسئلة و التى من بينها تستطيع أنت كمشاهد أن تستشف مقدار معرفتهم سواء بشكل إيجابي عند الإجابة الصحيحة منها يتم الإنتقال الي السؤال التالي أو بشكل سلبي عند الإجابة الخطأ و الخروج من المسابقة أو الإنسحاب منها الا أنه فى حالة ” تشارلز إنجرام ” بدا أنه ليس لديه أي قدر معرفي حول الإجابات الصحيحة التى يقوم بإختيارها .
و نتيجة إزدياد تلك الشكوك و بعد فترة وجيزة من فوز ” تشارلز إنجرام ” بالجائزة الكبري قامت الشركة المنتجة بتعليق أموال الجائزة و منع تسليمها إليه بدعوي أن الرائد بالجيش البريطاني كان مخادعا و إتخذ أساليب إحتيالية للظفر بذلك المبلغ و زعموا أن المحاضر ” تيسوين وايتوك ” الذي كان جالسا بين المتسابقين الآخرين المنتظرين لدورهم فى المسابقة كان يسعل بشكل ملحوظ عند كل سؤال يتم توجيهه إلي ” إنجرام ” و أكد على تلك الملحوظات ” فيل دايفز ” مدير العرض الذى كان موجودا فى تلك القاعة خلال تصوير الحلقة حيث قال أنه ليس لديه أى شك من أن ” تيسوين ” كان يسعل برقم الإجابة الصحيحة بحيث لو كانت الإجابة هى الثالثة فيقوم على الفور بالسعال لثلاث مرات و لاحظت أستمرار ذلك الوضع طوال مدة تصوير تلك الحلقة .
و مع إنتشار أخبار تلك الفضيحة تم إلقاء القبض علي ” تشارلز إنجرام ” و زوجته ” ديانا ” و ” تيسوين وايتوك ” و بعد اعتقالهم مثل الثلاثة أمام محكمة “ساوثوارك كراون” و طوال مدة المحاكمة التي أستمرت أربعة أسابيع تمسك كل من ” إنجرام ” و ” وايتوك ” ببرائتهم و رغم ذلك أدين الثلاثي بالتآمر من أجل الغش و الإحتيال و تمت معاقبة ” تشارلز إنجرام ” بالسجن لمدة 18 شهرا مع وقف التنفيذ و دفع غرامة قدرها 15000 جنيه إسترليني مع 10000 جنيه إسترليني إضافية كمصاريف و رسوم و أُجبر على الاستقالة من منصبه كرائد في الجيش و لم يتمكن من الحفاظ على مكاسبه من البرنامج كما تم تغريم زوجته “ديانا إنجرام” بمبلغ 15000 جنيه إسترليني و دفع 10000 جنيه إسترليني إضافية في حين تم تغريم “وايتوك” بـ 10000 جنيه إسترليني مع 7500 جنيه إسترليني إضافية و السجن لمدة 12 شهرًا مع إيقاف التنفيذ .
أقرأ أيضا : بغرض تحقيق نسب مشاهدة مرتفعه .. مذيع لامع يتهم بتورطه فى ارتكاب جرائم قتل
و في السنوات التي أعقبت المحاكمة واجه ” تشارلز إنجرام ” الإذلال و السخرية العلنية المستمرة و لكنه مع ذلك أستمر في الظهور بالعديد من البرامج التلفزيونية الترفيهية إلى جانب زوجته و ظل كلا الثنائي مصرين علي برائتهم و بعد مرور ما يقرب من عقدين على تلك الفضيحة و نسيان الناس لها عادت إلي دائرة الضوء مجددا بعد تجسيدها فى أحد المسلسلات البريطانية القصيرة بعنوان ” كويز ” و كان من بطولة “ماثيو ماكفادين” و “سيان كليفورد” و “مايكل شين” و التى كانت أحداثه إلي حد ما متعاطفة معه و تحاول تبرئته من تلك التهمة و لكن يعترض علي ذلك ” فيل دايفز ” حيث قال أنه طوال فترة عمله فى البرنامج إكتسب خبرة كبيرة فى فهم نفسية المتسابقين و يستطيع القول أنه حتى الأشخاص الأكثر ذكاءً يمكنهم الخروج من العرض بمبلغ 16.000 و 32.000 و 64.000 و فى حالات نادرة 125000 جنيه إسترليني لأن المسابقة تنتهى بالنسبة لهم عند مواجهة سؤال لا يعلمون عنه أى شيئ أما بالنسبة لحالة ” تشارلز إنجرام ” فقد كان لا يعلم و رغم ذلك كان مستمرا فى المسابقة بشكل سلس و مثير للإستغراب .