بحر إيجه هو جسر ممتد للبحر الأبيض المتوسط و يقع بين جنوب البلقان و شبه جزيرة الأناضول و بين البر الرئيسي لليونان و تركيا على التوالي و في الشمال يرتبط ببحر مرمرة و البحر الأسود عن طريق مضيقي البوسفور و الدردنيل و تعتبر جزيرة كريت عمومًا بمثابة علامة على حدوده الجنوبية و يبلغ طوله 612 كم و عرضه 299 كم و مساحته الإجمالية 215000 كم مربع و أقصي عمق له هو 3543 مترًا شرق جزيرة كريت و يوجد به ما يقرب من 1400 جزيرة مرتبة بشكل عام في سبع مجموعات رئيسية و يقع معظمها ضمن الولاية القضائية لليونان بينما ينتمي الباقين إلى تركيا و كان معروفًا في اليونان القديمة بإسم الأرخبيل و نشأ علي بره الرئيسي في كريت و اليونان الحضارات المبكرة التي أشتق منها الكثير من الثقافات الغربية الحديثة .
و في العصور القديمة كانت هناك تفسيرات مختلفة لتسمية بحر إيجه بذلك الإسم حيث قيل أنه يرجع إلي مدينة إيجاي اليونانية أو علي اسم ” إيجيا ” ملكة الأمازون التي ماتت في البحر أو إيجيون “عنزة البحر” أو ” أيجيوس ” والد ” ثيسيوس ” الذي أغرق نفسه في البحر عندما ظن أن إبنه قد مات كما يرجح البعض أن أصل الكلمة المحتمل هو إشتقاق من الكلمة اليونانية ” أيجيس ” أي ” موجات ” ليكون معناه “البحر المتموج ” أما في اللغة البلغارية فيُعرف بإسم البحر الأبيض حيث تقول الأسطورة أن البحارة و التجار البلغار في العصور الوسطى وجدوه بحرًا مضيافًا و خجولًا للسفر و أطلقوا عليه اسم “البحر الأبيض” على عكس ” البحر الأسود ” المعادي و الخطير.
و توجد في بحر إيجه عدد ضخم من الجزر يبلغ عددها 1415 لذلك كان يطلق كلمة “أرخبيل” علي بحر إيجه و جزره التي تعتبر العديد منها إمتدادات للجبال الموجودة في البر الرئيسي حيث تمتد إحدى هذه السلاسل عبر البحر إلي “خيوس ” و تمتد أخرى من “يوبويا ” إلي ” ساموس ” و تمتد ثالثة من “البيلوبونيز ” و ” كريت ” إلى “رودس ” مما يفصل بحر إيجه عن البحر الأبيض المتوسط و تقع غالبية تلك الجزر سياسيا تحت السيادة اليونانية أما الباقي فيتبع السيادة التركية و تنقسم جزر بحر إيجة اليونانية تقليديا إلى سبع مجموعات و هي من الشمال إلي الجنوب جزر شمال شرق بحر إيجه و سبوراد و يوبويا و جزر أرجو سارونيك و سيكلاديز و دوديكانيز (سبوراديس الجنوبية) و كريت و العديد من تلك الجزر بركانية و صخرية و قاحلة تمامًا و من بعضها يتم إستخراج الرخام و الحديد و تحتوي الجزر الأكبر حجمًا على بعض الوديان و السهول الخصبة التي تنتج التين و العسل و المعادن و الزيت و الزبيب و الخضروات و القمح و النبيذ كما أن الحضارات القديمة التي إزدهرت في تلك الأماكن كان لها الفضل في جذب السياح إلي تلك المنطقة .
و في بحر إيجه تدور المياه السطحية عكس إتجاه عقارب الساعة و يتم التحكم في خصائصه بشكل أساسي علي المناخ الإقليمي و تصريف المياه العذبة من الأنهار الرئيسية التي تصب في جنوب شرق أوروبا و التغيرات الموسمية في تدفق المياه السطحية للبحر الأسود عبر مضيق الدردنيل و في أوائل التسعينيات من القرن الماضي كشف تحليل لبحر إيجه عن وجود ثلاث كتل مائية متميزة له أولها المياه السطحية و هي قشرة بسمك يتراوح بين 40-50 مترًا مع درجات حرارة في الصيف تتراوح بين 21-26 درجة مئوية و في الشتاء ما بين 10 درجات مئوية في الشمال إلي 16 درجة مئوية في الجنوب أما الكتلة الثانية فهي مياه بحر إيجة المتوسطة و يتراوح سمكها ما بين 40-50 متر إلي 200-300 متر مع درجات حرارة تتراوح بين 11-18 درجة مئوية و أخر تلك الكتل هي مياه قاع بحر إيجه و تتواجد على أعماق أكبر من 200-300 متر مع درجة حرارة موحدة تتراوح بين 13-14 درجة مئوية .
و لبحر إيجه باع تاريخي حيث يطلق مصطلح “حضارة بحر إيجه” علي حضارات العصر البرونزي التي تطورت في ” اليونان ” و حوضه في الفترة ما بين 3000 إلي 1200 قبل الميلاد و في العصور القديمة كان البحر مسقط رأس حضارتين قديمتين و هما الحضارة المينوية في جزيرة كريت و الحضارة الميسينية في البيلوبونيز و في وقت لاحق نشأت مدن ” أثينا ” و ” إسبرطة ” و كانت هناك ثلاث مناطق متميزة يغطيها مصطلح حضارة بحر إيجه و هم “كريت ” التي إرتبطت بها الحضارة المينوية و ” سيكلاديز ” و البر الرئيسي اليوناني الذي حدث بينهم تقارب خلال الفترة الهلادية المبكرة ومع جزيرة كريت في الفترة المينوية الوسطى و منذ حوالي عام 1450 إنتشرت الحضارة الميسينية اليونانية إلى جزيرة كريت و ربما كانت تلك الجزيرة بمثابة جسر ثقافي حيث يبدو أن الثقافة و الحضارات التي تطورت بها قد إنخرطت في التجارة مع عدد من المراكز المختلفة مثل مصر القديمة و الشرق الأوسط ثم بعد ذلك تم غزو منطقة بحر إيجة لاحقًا من قبل الفرس و الرومان و سكنتها الإمبراطورية البيزنطية و البندقية و الأتراك السلاجقة و الإمبراطورية العثمانية و كانت طرقه البحرية وسيلة الإتصال بين العديد من الحضارات المتنوعة في شرق البحر الأبيض المتوسط .
و في العصر الحديث شهد بحر إيجه ما عرف بإسم “نزاع بحر إيجه” و هو عبارة عن مجموعة من القضايا و الخلافات ذات الجذور التاريخية العميقة بين ” اليونان ” و ” تركيا ” حول طبيعة السيادة و الحقوق ذات الصلة في تلك المنطقة و التي أدت إلي إندلاع حرب بينهم عامي 1920 و 1922 و هو ما أدي إكتساب حالة من عدم الثقة بين الطرفين أدت إلي وجود توتر مستمر في العلاقات بين البلدين تسببت مرتين إلي حدوث أزمات إقتربت من إندلاع أعمال عدائية عسكرية بين الطرفين أعوام 1987 و 1996 و تمحورت تلك الخلافات بين ترسيم حدود المياه الإقليمية و المجال الجوي و تحديد المناطق الإقتصادية الخالصة و إستخدام الجرف القاري و مسألة الوضع المنزوع السلاح لبعض الجزر اليونانية في المنطقة و هي مشكلات لا تزال معلقة حتي الأن .