في السنوات الأخيرة أصبحت المسلسلات الإسبانية مثل العاصفة التي إجتاحت الشاشات في كل مكان من عالمنا العربي خاصة بعد عرض مسلسل لا كاسا دو بابل الذي لاقي نجاح جماهيري منقطع النظير بعد أن أثار شغف المتابعين بقصته المثيرة و حبكته الدرامية المتقنة و كان سببا في لفت الإنتباه نحو متابعة الأعمال الدرامية الإسبانية الأخري و هو الأمر الذي دفع الكثيرين للتساؤل حول السر وراء الإهتمام الحالي بالدراما الإسبانية و عن الأسباب التي تميزها عن المسلسلات الأجنبية الأخرى و كيف تمكنت هذه الأعمال من أن تصبح ظاهرة تربط بين الثقافات بعد أن إستطاعت تجاوز حاجز اللغة و الجغرافيا لتصل إلي قلوب الملايين من المشاهدين العرب لذلك سنستعرض في تلك المقالة أسباب إنتشار المسلسلات الإسبانية و ما جعلها محبوبة لدي الجمهور العربي .

1. الجاذبية الثقافية و الشخصيات المتعددة الأبعاد .. تتميز المسلسلات الإسبانية و خاصة “لا كاسا دو بابل” بشخصيات معقدة و متناقضة تجعل المشاهدين يشعرون بتعاطف معها رغم أفعالها المثيرة للجدل فمثلاً شخصية “البروفيسور” تحولت إلي رمز للذكاء و التحليل بعد أن أثارت إعجاب الجمهور بقدرته علي التخطيط لسرقات مثالية مليئة بالإثارة و المفاجآت و يرجع ذلك إلي العمق في بناء الشخصيات الذي يغوص في دوافعهم الشخصية و صراعاتهم النفسية و هو ما يجعل الجمهور يشعر بتواصل أكبر معها بشكل يخلق حالة من التماهي مع الشخصيات و الأحداث .

2. التقنيات السينمائية العالية و الإنتاج الإحترافي .. تتسم الأعمال الدرامية الإسبانية بجودة إنتاج عالية و إخراج فني متقن ما يجعلها تنافس الأعمال الدرامية الأمريكية و البريطانية حيث تستخدم هذه المسلسلات تقنيات متطورة في التصوير و المونتاج تسهم في إبراز جمالية المشاهد و بث روح الإثارة و التشويق فيه و إذا نظرنا إلي مسلسل “لا كاسا دو بابل” فسنجد أنه إعتمد علي تقنيات تصوير مبتكرة عملت علي خلق جو مشحون بالأدرينالين يشعر من خلاله المشاهد بأنه جزء من الأحداث و هو ما يزيد من إستمتاعه و إندماجه في القصة .

3. التنوع في الحوارات و القضايا المجتمعية .. تتناول المسلسلات الإسبانية قضايا مجتمعية متنوعة كالصراع الطبقي و الحب المستحيل و قضايا الهوية و الإنتماء مما يجعلها قريبة من إهتمامات الجمهور العربي الذي يواجه قضايا مشابهة كما أن الحوارات في تلك الأعمال تكون غالبًا قريبة من الواقعية و مليئة بالتشويق و هو ما يجعل الأحداث مثيرة و في نفس الوقت تترك تأثير عاطفي علي المشاهدين .

4. توظيف الموسيقى و التأثير العاطفي .. لم تغفل المسلسلات الإسبانية إستخدام الموسيقي كعنصر أساسي لإبراز المشاعر و إيصال الرسائل فعلي سبيل المثال أغنية “بيلا تشاو” التي ظهرت في المسلسل أصبحت رمزًا للتمرد و الحرية و أثارت إحساسًا خاصًا في وجدان الجمهور الذي تبناها كشعار رمزي و لعل ذلك هو أحد الأسباب التي جعلت المشاهدين العرب يشعرون بالقرب من هذه المسلسلات ويشاركونها في حياتهم اليومية.

5. سهولة الوصول عبر منصات البث الحديثة .. ساهمت منصات البث مثل “نتفليكس” في توفير المسلسلات الإسبانية للجمهور العالمي بما في ذلك العالم العربي حيث سهلت هذه المنصات في الوصول إلي محتوى متنوع بشكل ساعد علي إنتشار تلك الأعمال بصورة أوسع و أسرع و بفضل الترجمة إلي العربية و الدبلجة أحيانًا أصبحت هذه المسلسلات متاحة لجمهور عريض و هو ما زاد من شعبيتها و حقق إنتشارًا لم يكن ممكنًا لها في السابق .

6. تأثير السوشيال ميديا في توسيع الظاهرة .. ساهمت وسائل التواصل الإجتماعي بشكل كبير في جعل المسلسلات الإسبانية حديث الساعة حيث يتداول المعجبين مشاهد مميزة و عبارات قوية من هذه المسلسلات كما كانت السوشيال ميديا أيضًا وسيلة لنقل قصصها و حبكتها و مشاركة الآراء حول الشخصيات مما ساعد علي بناء قاعدة جماهيرية عريضة لتلك المسلسلات وصلت أصدائها إلي من لم يكونوا علي علم بها .

أقرأ أيضا : تعرف على العميل فيرنر بريديبوش النسخة الشيوعية من جيمس بوند

7. الإبتعاد عن النمط التقليدي في السرد القصصي .. المسلسلات الإسبانية غالبًا ما تخرج عن المألوف في طريقة عرض القصص حيث تختار تقديم حبكات غير تقليدية بعيدة عن السرد الخطي المعتاد فعلى سبيل المثال “لا كاسا دو بابل” يروي قصة جريمة و سرقة ضخمة و لكن من منظور فلسفي يتناول العوامل النفسية و القضايا الأخلاقية و الإجتماعية المحيطة بها و هو الأمر الذي يجذب الجمهور و يمنحه منظورًا جديدًا للعالم .