كرة القدم هى اللعبة الشعبية الأولي فى العالم و كثير منا يحب تلك الرياضة سواء كانت متابعة أو ممارسة و منذ نعومة أظافرنا و نحن نعلم قواعدها جيدا حيث تستند تلك اللعبة على قوانين و لوائح منظمة إضافة إلي مجموعة من الأعراف و التقاليد أهمها أن تلك الرياضة ربما تعتبر ذكورية فى المقام الأول و مع مرور الوقت بدأت بعض من تلك المفاهيم فى التغير بعد ممارستها من قبل العديد من النساء و تشكيلهم لفرق و منتخبات تخوض منافسات كرة القدم النسائية و مع تقبل الكثيرين لتلك التغيرات الا أنه لم يدور فى مخيلة أحد على الإطلاق أن يكون هناك فريق مختلط يضم الجنسين معا و رغم وجود بعض من المحاولات لدمج النساء مع الرجال فى فرق موحدة الا أنها لم تنجح لأسباب عدة بعضها مجتمعي و الأخر فسيولوجي كما أن الإتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) يمنع تماما مشاركة اللاعبات النساء من اللعب مع الرجال مشددا على الفصل دائما ما بين الجنسين عند ممارسة تلك الرياضة .
و ربما يرجع بداية الجدل فى مسألة منع اللاعبات النساء من اللعب مع الرجال لعام 2018 عندما كانت حارسة مرمي منتخب كندا ” ستيفاني لابي ” تبحث عن فريق جديد للتدرب معه بعد أن لعبت لعدد من فرق السيدات في قارة أوروبا و الولايات المتحدة ثم عادت إلى وطنها بميدالية أولمبية برونزية من بطولة الألعاب الأولمبية فى ريو عام 2016 و هو الامر الذى أعطاها دفعة بأنها مستعدة لخوض تحدي جديد من خلال القيام بشيء مختلف و الذى تجسد فى محاولة العثور على فريق رجال للعب معهم بدلاً من الفرق النسائية و كان سبب حماسها لتلك الفكرة هو وجود لاعبات مثل ” هايلي ويكينيسير ” التى تشارك الرجال فى بطولات الدوري الفنلندي و السويدي فى لعبة هوكي الجليد لذلك بدأت تفكر فى الأمر و قالت لنفسها لما لا يكون نفس الشئ أيضا فى كرة القدم و أن تكون هى المبادرة لذلك .
و بدأت ” ستيفاني لابي ” فى تطبيق فكرتها بشكل عملي و تواصلت مع أندية مختلفة و واجهت الكثير من المقاومة و الرفض حتى وجدت ضالتها لدى المدير الفني “تومي ويلدون” الذي كان يدرب فريق “كالجاري فوتهيلز” الكندي و كان منفتحًا على الفكرة و قال لها إذا كان بإمكانك إبقاء الكرة خارج الشبكة فأنا سأختارك لأنني أهتم بالكفاءة و ليس أى شئ أخر و بدأت بالفعل ” ستيفاني ” فى التدريب مع الفريق و كان “ويلدون” سعيدًا جدًا بلاعبته الجديدة و يقول بأن عقليتها و طريقة تعاملها مع اللعبة كان من الطراز العالمي علاوة على ذلك فأن قدرتها و مستوى خبرتها المرتفع جعلتها ذات تأثير قيم على بقية أعضاء الفريق حيث يوجد فرق ملحوظ بين “لابي” و زملائها من حراس المرمى الرجال لأنها كانت أقصر و أخف وزنا و تقدم شيئًا مختلفًا .
و مع إنتهاء التدريبات أصبح أمام ” وييلدون ” إمكانية إختيار ثلاثة حراس مرمي للعب فى فريق “كالجاري فوتهيلز” للمشاركة في الدوري الممتاز الكندي و شعر أن ” ستيفاني لابي ” قد حصلت على مكانها داخل الفريق و لكن عندما أتصل باللجنة المنظمة قالوا إن ذلك لن يكون ممكنًا حيث أوضح المسؤولين أن الدوري رابطة قائمة على النوع الاجتماعي و بما أن فريقه للذكور فمن الصعب على اللاعبات النساء من اللعب مع الرجال و عبثا حاولت ” ستيفاني ” التواصل معهم لكنهم كانوا صارمين للغاية و لم يكونوا منفتحين على الحديث أو المناقشة فى تلك النقطة على الإطلاق خاصة و أنه قد سبقتها محاولة فاشلة عام 2004 فى الدوري المكسيكي حيث منع “الفيفا” نادي “أتلتيكو سيلايا” المكسيكي من التعاقد مع اللاعبة “ماريبيل دومينجيز” مشيرًا إلى أنه يجب أن يكون هناك فصل واضح بين كرة القدم للرجال و السيدات لأنه حتى فى “المملكة المتحدة” أكثر الدول إنفتاحا على تلك اللعبة يسمح اتحاد كرة القدم للفتيات والفتيان باللعب معًا حتى سن 18 عامًا و بعد ذلك يتم الفصل حسب الجنس لأنه من غير الأمن أن تلعب النساء مع أو ضد الرجال لأنهم قد يتعرضون للأذى نتيجة أن متوسط أحجامهم أصغر بكثير منهم .
و تعتبر الحجة الشائعة في منع اللاعبات النساء من اللعب مع الرجال هي أن لديهم ببساطة خصائص و قدرات بدنية مختلفة حتى أجرى “بول برادلي” عالم الرياضة في جامعة “جون موريس” في مدينة “ليفربول” العديد من الدراسات التي تبحث في أداء لاعبي كرة القدم واحدة منها كانت ورقة بحثية صدرت عام 2013 و قارنت جوانب أداء المباريات بين اللاعبين الذكور و الإناث المتنافسين في دوري أبطال أوروبا حيث لاحظ “برادلي” و زملاؤه أن اللاعبين الذكور قطعوا مسافة إجمالية أعلى قليلاً من اللاعبات أثناء المباريات و لكن وجدوا أيضا أن اللاعبات حصلن على درجات أقل من اللاعبين الذكور في بعض الإختبارات الفسيولوجية مثل التحمل و لكن يستدرك أنه من الممكن ان تتفوق اللاعبات على الذكور فى بعض الأحيان و لكن ليس بشكل دائم حيث يرجع أسباب الإختلافات الفطرية بين الجنسين لعدد من العوامل البيئية و الإجتماعية فمنذ الصغر يتمتع الأولاد بفرص تطوير مهاراتهم الكروية أكثر من الفتيات و يستمر هذا التفاوت لمرحلة البلوغ و حتى بالنسبة للفرق المحترفة من الملاحظ أنه يوجد المزيد من التمويل لمبارايات الرجال و بطولاتهم عن النساء .
و نتيجة الأسباب السابقة فيقول البروفسير ” برادلي ” أنه من الصعب مقارنة اللاعبين الذكور و الإناث على أساس مماثل حتى في نفس المستوى المهني لأن الرجال و النساء لا يتلقون نفس مستوى التدريب أو نفس الفرص لتطوير مهاراتهم لذلك فليس هناك تكافؤ في الفرص حيث قد يكون لديك لاعبات ربما يعملن بدوام جزئي و يتدربن مرة أو مرتين في الأسبوع و لديهن وظائف جانبية فى مقابل لاعبين محترفين يتدربون خمس مرات في الأسبوع و يلعبون مباراتين لذلك من الصعب حقًا وضع أى مقارنات لذلك هو يأمل أن يتغير هذا مع إستثمار المزيد في لعبة السيدات .
و يقول الفريق الذى ينتقد منع اللاعبات النساء من اللعب مع الرجال فى لعبة كرة القدم أن تلك الرياضة ليست مجرد خصائص بدنية فقط فحتى بين اللاعبين الذكور هناك الكثير من الإختلافات في الحجم و القوة و السرعة و إذا نظرنا لمنتخب “إنجلترا” الذى شارك فى نهائيات كأس العالم فى روسيا عام 2018 على سبيل المثال فيمكنك أن ترى إختلافات واضحة حيث كان “هاري ماجواير” من بين الأثقل وزنًا في المسابقة بوزن 98 كجم بينما كان “جيسي لينجارد” واحدًا من الأخف وزناً حيث كان وزنه 60 كجم فقط و كان “رحيم سترلينج” هو الأقصر في الفريق بطول 170 سم و “ماجواير” بارتفاع 194 سم لذلك فهم يدعون إلي إنضمام النساء لفرق الرجال طالما الإثنان يحققان نفس المعايير و نفس القدرات التى يمتلكها اللاعبين الذكور لأنه بذلك لن تكون هناك مشكلة من إنضمامهم للمشاركة .
أقرأ أيضا : قصة مباراة لكرة القدم أقيمت فى حضور أطباق طائرة و كائنات فضائيه
و فى الوقت الحالي تطالب ” ستيفاني لابي ” بمحاولة تعديل اللوائح التى تمنع اللاعبات النساء من اللعب مع الرجال فى كرة القدم فعلى الرغم من أنها توافق على أنه يجب أن تكون هناك بطولات خاصة بالنساء فقط حتى تتاح لهن فرصة عادلة للمنافسة في رياضتهن الا أنها تعتقد أنه بالنسبة للنساء اللائي تغلبن على صعوبات تلك اللعبة من حقهن خوض صعوبات أكبر فيها و تضيف أنها تلقت أيضًا الكثير من الرسائل من فتيات صغيرات و أولياء أمورهم اللائي يلعبن حاليًا مع الأولاد و يريدون الاستمرار في ذلك لذلك فهى تطالب بإلغاء تلك التقاليد لأنه من الممكن أن تكون هناك لاعبات يستطيعن مجاراة اللاعبين الذكور و يتفوقن عليهم و لكنهم هم فقط فى حاجة الى فرصة لن تتحقق سوي بإلغاء تلك القواعد .