تصنع الزجاجات البلاستيكية من مادة البلاستيك المرتفع أو المنخفض الكثافة و تستخدم بأحجامها المتفاوتة عادةً لتخزين السوائل مثل الماء و المشروبات الغازية و زيوت الطهى و المحركات و الأدوية و الشامبو و الحليب و الحبر و غيرها حيث تم استخدمها تجاريا لأول مرة عام 1947 و لكنها ظلت باهظة الثمن نسبيًا حتى أوائل الخمسينيات و لكن مع دخول مادة البولي إيثيلين عالى الكثافة فى تصنيعها أدى ذلك الى أن تصبح شائعة لدى كل من المصنعين و العملاء نظرا لأن الزجاجة البلاستيكية تتميز بأنها أخف وزنا و أرخص ثمنا و أسهل في النقل مقارنة مع نظيرتها المصنوعة من الزجاج و رغم كل المميزات السابقة الا أن الميزة الأكبر هي مقاومتها الفائقة للكسر خلال مرحلتى الإنتاج و النقل و هو ما دفع الكثير من المصانع المنتجة للمواد الغذائية للاعتماد عليها بشكل كبير و لكن على الجانب الأخر و رغم كل تلك المميزات الا هناك العديد من المخاوف المستمرة حول استخدامها فى الأمور المتعلقة بالغذاء لوجود بعض من الدراسات التى تشير الى وجود العديد من المخاطر الصحية المتوقعة على المستهلك بسبب تسرب بعض من المواد السامة للبلاستيك و اختلاطها بالغذاء اضافة الى وجود تأثيرات قد تكون ضارة بالبيئة و هو ما دفع البعض الى القول بأن إعادة استخدام زجاجات المياه البلاستيكية أو تجميدها أو تسخينها قد يؤدى الى تحلل مركبات البلاستيك و الذى من خلالها يتم اطلاق عنصر الديوكسونات و مادة DEHA و الذان يعتبران من المواد المسرطنة فهل تلك المعلومة صحيحة ؟
التقييم
الأدلة
يعتبر الفصل فى الأقاويل المتعلقة بالمشكلات الصحية المحتملة و المرتبطة بزجاجات المياه البلاستيكية عملية صعبة نظرًا لتداول العديد من الادعاءات المختلفة عنها و لأن المصطلح العام “الزجاجات البلاستيكية” يعتبر شائع فى العموم نظرا لأنها تصنع من مواد كيميائية مختلفة و كل مادة لها خصائص تختلف عن الأخرى بشكل واضح و لكن مؤخرا بدأت تتداول على شبكة الانترنت بعض من الأقاويل التى تحذر من وضع الزجاجات البلاستيكية للمياه داخل الفريزر لأن هذا يحرر الديوكسينات من البلاستيك و التى تعتبر مادة شديدة السمية لخلايا أجسامنا و تؤدى الى الاصابة بالسرطان و خاصة الثدى كما أن ذلك الأمر يحدث أيضا عند اعادة استخدام الزجاجات البلاستيكية المخصصة للاستعمال مرة واحدة فقط و الاحتفاظ بها فى العمل أو السيارة حيث يحتوي البلاستيك المستخدم في هذه الزجاجات على عنصر DEHA أو ثنائي إيثيل هيدروكسي أمين الذى يحتمل أن يكون مسرطنًا لذلك فالزجاجات آمنة للاستخدام لمرة واحدة فقط و إذا كان يجب عليك الاحتفاظ بها لفترة أطول فيجب أن لا تزيد عن بضعة أيام أو أسبوعًا كحد أقصى و تجنب الحرارة حيث يمكن أن يتسبب الغسيل و الشطف المتكرر في تحلل البلاستيك و يمكن أن تتسرب المواد المسرطنة إلى الماء الذي تشربه .
و رغم كثافة تلك التحذيرات الا أنه وفقًا لمجلس الكيمياء الأمريكي فإن جميع هذه الادعاءات غير دقيقة لسببين أولها أنه لا يتم استخدام عنصر DEHA في تصنيع الزجاجات البلاستيكية المخصصة للشرب و لا حتى يتحرر حال تحلل تلك الزجاجات كما أنه لا يتم تصنيف عنصر DEHA على أنه مادة بشرية مسرطنة :
لا يتم تصنيف مادة DEHA على أنها مسرطنة للبشر من قبل إدارة السلامة و الصحة المهنية الأمريكية أو البرنامج الوطني لعلم السموم أو الوكالة الدولية لأبحاث السرطان و هي السلطات الرائدة في المواد المسببة للسرطان و رغم انه في عام 1991 و بناءً على بيانات محدودة للغاية صنفت وكالة حماية البيئة الأمريكية مادة DEHA على أنها “مادة مسرطنة محتملة للإنسان” الا انه عام 1995 قيمت وكالة حماية البيئة ذلك التصنيف مرة أخرى و خلصت إلى أنه و بشكل عام الأدلة محدودة للغاية لإثبات أن عنصر DEHA من المحتمل أن يسبب السرطان , علاوة على ذلك فإن مادة DEHA ليست متأصلة في الزجاجات البلاستيكية المستخدمة فى الشرب كمواد خام أو منتج ثانوي أو منتج تحلل اضافة الى انه تمت الموافقة عليها من قِبل إدارة الأغذية و العقاقير لتطبيقات الاتصال الغذائي لذلك لن تشكل خطرًا على الصحة حتى و لو كانت موجودة و أخيرًا في يونيو 2003 أجرت “المختبرات الفيدرالية السويسرية لاختبار و بحوث المواد” دراسة علمية عن الهجرة في زجاجات المياه البلاستيكية الجديدة و المعاد استخدامها فى ثلاثة بلدان و خلصت أنها لم تجد عنصر DEHA مما يشير إلى أنه من غير المحتمل أن تكون تلك المادة قد هاجرت من الزجاجات لذلك فهى تعتبر أمنة .
اضافة الى ذلك دحضت جمعية السرطان فى الولايات المتحدة مثل هذه الادعاءات و قالت :
في الواقع فإن مادة DEHA ليست متأصلة في البلاستيك المستخدم في صنع هذه الزجاجات كما أن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) تقول أن ذلك العنصر لا يمكن تصنيفه على أنه مادة مسرطنة للإنسان .
أما بالنسبة لفكرة أن تجميد الماء في الزجاجات البلاستيكية يطلق مادة الديوكسين فيرد المجلس الكيميائي الأمريكي حول تلك المزاعم و يقول :
ببساطة لا يوجد أساس علمي لدعم الادعاء بأن الزجاجات البلاستيكية المخصصة للشرب ستطلق الديوكسين عند تجميدها حيث أن الديوكسينات هي عائلة من المركبات الكيميائية التي يتم إنتاجها عن طريق الاحتراق في درجات حرارة عالية للغاية و يمكن أن تتشكل فقط في درجات حرارة أعلى بكثير من 370 درجة مئوية لذلك لا يمكن أن تتشكل في درجة حرارة الغرفة أو في درجات حرارة متجمدة علاوة على ذلك فلا يوجد أساس علمي معقول لتوقع وجود الديوكسينات في عبوات الأطعمة أو المشروبات البلاستيكية في المقام الأول .
أقرأ أيضا : هل الألم الناتج من ركل الخصيتين لدى الذكور أصعب من ألام الولادة ؟
كما قال الباحث في جامعة “جون هوبكنز” الدكتور “رولف هالدن” أيضًا عن مثل هذه الادعاءات :
ذلك الأمر يعتبر أسطورة حضرية فلا توجد ديوكسينات في البلاستيك بالإضافة إلى ذلك فيعمل التجميد في الواقع على عدم إطلاق المواد الكيميائية لذلك فهى لا تنتشر بسهولة في درجات الحرارة الباردة مما يحد من إطلاق المواد الكيميائية في حالة وجود الديوكسينات في البلاستيك و التى لا نعتقد بوجودها فى الأساس و لكن هناك مجموعة أخرى من المواد الكيميائية تسمى الفثالات التي تضاف أحيانًا إلى البلاستيك لجعلها مرنة و أقل هشاشة و هي ملوثات بيئية يمكن أن تُظهر سلوكًا شبيهًا بالهرمونات من خلال العمل كمضادات للغدد الصماء لدى البشر و الحيوانات و هى تظهر إذا قمت بتسخين البلاستيك و وقتها يمكن لتلك الفثالات الانتقال من الزجاجة إلى الماء والطعام .
لذلك فنستطيع القول ان كل تلك المعلومات ما هى الا مجرد مزاعم خاطئه و ليس لها اى اساس علمى .