بين التكنولوجيا و التقاليد : كيف يظل الرقم الرياضي رمزًا لا غنى عنه في الألعاب الأولمبية

لم يستفد أي حدث رياضي من التطورات التكنولوجية مثلما إستفادت الألعاب الأولمبية فعلي سبيل المثال إذا نظرنا إلي رياضة المبارزة سنجد أنها تستخدم أجهزة إستشعار متطورة لتسجيل هجمات اللاعبين بدقة بينما تُستخدم الكاميرات الروبوتية تحت الماء لتصوير مسابقات السباحة و الغوص و الباليه المائي و رغم ذلك إلا أنه حتي اللحظة توجد رياضات لا تزال تعتمد علي عناصر ربما قد تظهر بدائية مقارنة مع تلك التقنيات المتقدمة كما نشاهد في ألعاب القوي و ركوب الدراجات حيث نلاحظ أن لاعبيها لا يزالون يستخدمون أرقام مطبوعة علي قطعة من الورق يتم تثبيتها أو لصقها عليهم و هو الأمر الذي يدفع الكثيرين للتساؤل حول سبب الإستمرار في الرقم الرياضي الذي يبدو قديما مقارنة بالتطورات التي يشهدها المجال الرياضي .

بين التكنولوجيا و التقاليد : كيف يظل الرقم الرياضي رمزًا لا غنى عنه في الألعاب الأولمبية

و للإجابة عن تلك التساؤلات فتقنيًا ما يرتديه هؤلاء الرياضيين يُسمى بالـ “بيب” (Bib) و هي قطعة مصنوعة من مادة “التايفك” التي تتميز برقتها و مقاومتها للعرق كما أنها قابلة للتكيف مع حركات جسم الرياضي و بحسب المتاجر المتخصصة في بيع منتجات “التايفك” فإن تلك المادة مقاومة للتمزق سواء كان ذلك بسبب العرق الشديد الناجم عن الجهد البدني أو الإحتكاكات المستمرة .

لماذا يتم إستخدام الرقم الرياضي

و في الأصل كان الرقم الرياضي المطبوع علي الـ “بيب” يستخدم لتعريف المتسابقين أمام الحكام الذين غالبًا ما يواجهون صعوبة في تتبع عدد كبير من المنافسين في وقت واحد و لكن مع التطور التكنولوجي الذي شهد دخول الشرائح الإلكترونية و أجهزة التوقيت أصبح الإعتماد علي الرقم الرياضي فقط أقل أهمية و تم تطوير الـ ” بيب ” بشكل أكثر حداثة ففي مسابقات ألعاب القوى الحالية تم تزويدها بشرائح تعقب تتبع حركة كل عداء بدقة تصل إلي السنتيمتر كما تسجل الوقت الدقيق لعبور المتسابق خط النهاية ففي سباقات مثل نهائي 100 متر للرجال بدورة ألعاب باريس عام 2024 تفوق العداء الأمريكي “نواه لايلز” علي الجامايكي “كيشاين طومسون” بفارق خمسة أجزاء من الألف من الثانية لذلك كان هذا النوع من التقنية ضروريًا لفصل الفائز عن المركز الثاني .

و لا تقتصر وظيفة الـ “بيب” علي التوقيت فقط بل تلعب دورًا مهمًا في مجال التسويق و الرعاية فقد أشارت إحدي الدراسات إلي أن المساحة الكبيرة الموجودة علي صدر الرياضيين تُعتبر موقعًا مثاليًا لشعارات الرعاة الذين يقومون بدفع ملايين الدولارات ليتم عرض شعاراتهم و منتجاتهم و علاماتهم التجارية في البث التلفزيوني الدولي الذي يتابعه الملايين حول العالم لذلك قد يبدو الرقم الرياضي أو الـ ” بيب ” ظاهريا بدائيا إلا أنه في واقع الأمر يعد عنصر متطور و هام للغاية في تلك الألعاب و لا يمكن الإستغناء عنه .

أقرأ أيضا : ذهب الى خط النهايه و هو راكبا سيارة .. قصة أغرب و أطرف ماراثون فى تاريخ دورات الألعاب الأوليمبيه

و رغم أن الرياضيين لا يختارون الأرقام التي تُطبع علي الـ “بيب” إلا أن بعضهم يجد فيها رمزية خاصة فعلي سبيل المثال عندما تبرعت لاعبة الجمباز الأسطورية “ناديا كومانيتشي” بالـ “بيب” الخاص بها إلي المتحف الأولمبي بمدينة لوزان في ” سويسرا ” عام 2014 أشارت إلي أن الرقم 73 كان له معنى خاص بالنسبة إليها حيث يرمز إلي عدد مرات حصولها علي الدرجة الكاملة (10) و التي بلغ عددها سبع مرات و إلى عدد الميداليات الذهبية التي فازت بها و التي بلغت ثلاث ميداليات.

شارك الموضوع
الألعاب الأولمبية">

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *