الحمض النووي DNA هو اختصار لكلمة الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين Deoxyribo Nucleic Acid و هو مادة كيميائية عضوية ذات بنية جزيئية معقدة و تتكون من سلسلتين تلتفان حول بعضها البعض لتشكيل حلزون مزدوج و يتواجد الحمض النووي DNA في جميع الخلايا سواء كانت بدائية النواة أو معقدة بالإضافة الى العديد من الفيروسات و ترجع أهميتها فى قيامها بحمل المعلومات الجينية لنقل الصفات الوراثية من الأباء الى أبنائهم كما تعمل على تطوير و نمو جميع الكائنات الحية المعروفة و المساهمة فى تكاثرها أيضا و هى مادة تخزن داخل الكائنات الحية في هياكل طويلة تسمى الكروموسومات .
مما يتكون الحمض النووي DNA ؟
يتكون الحمض النووي DNA من جزيئات تسمى النيوكليوتيدات و يحتوي كل نوكليوتيد على ثلاثة مكونات و هم (1) مجموعة الفوسفات و هي ذرة فوسفور واحدة مرتبطة بأربع ذرات أكسجين و (2) جزيء السكر (3) قواعد النيتروجين الأربعة و هي الأدينين (A) و الثايمين (T) و الجوانين (G) و السيتوزين (C) و الذين يعملون معًا كـ “الأحرف” التي تشكل الشفرة الجينية للحمض النووي لدينا .
و ترتبط النيوكليوتيدات ببعضها البعض لتشكيل خيطين طويلين يتدرجان لإنشاء بنية تسمى الحلزون المزدوج و إذا كنت تفكر في بنية الحلزون المزدوج فى أن تكون مثل السلم فستكون جزيئات الفوسفات و السكر هي الجوانب بينما ستكون أزواج قواعد النيتروجين هي الدرجات و التى تختلف أزواجها من درجة الى أخرى حيث تلتحم أزواج الأدينين مع الثايمين (A-T) و أزواج الجوانين مع السيتوزين (G-C) و يقدر أن الحمض النووي DNA الخاص بالبشر يتألف من حوالي 3 مليارات زوج قاعدي و أن أكثر من 99٪ من هذه القواعد هي نفسها الموجودة عند جميع الأشخاص .
و على غرار الطريقة التي يمكن بها ترتيب الحروف في الأبجدية لتشكيل الكلمات فإن ترتيب قواعد النيتروجين في تسلسل الحمض النووي يشكل الجينات و كيفية صنع البروتينات حيث يمكن اعتبار أن الجينات ترمز الى البروتينات مع الأخذ فى الإعتبار أن الحمض النووي DNA ليس المسئول المباشر عن إنتاج البروتين و لكن لصنعه تقوم الخلية بعمل نسخة من الجين بإستخدام الحمض النووي الريبي RNA و الذى يتشابه فى بنيته مع الحمض النووي العادي إلا أنه يحتوي على خيط واحد فقط بدلاً من اثنين لذلك يبدو و كأنه نصف سلم فقط كما يحتوي الحمض النووي الريبي على ثلاثة من القواعد النيتروجينية الأربعة المشتركة مع الحمض النووي و يستخدم قاعدة تسمى اليوراسيل بدلاً من الثايمين للاقتران مع الأدينين .
و تعتبر جزيئات الحمض النووي DNA طويلة جدًا و لا يمكن وضعها في الخلايا الا فى أوضاع محددة لتناسب حجمها حيث يتم لف الحمض النووي بإحكام لتشكيل هياكل تسمى الكروموسومات و يحتوي كل كروموسوم على جزيء DNA واحد ملفوف بإحكام حول بروتينات تشبه البكرة تسمى الهستونات و التي توفر للكروموسومات هيكلها حيث يمتلك البشر 23 زوجًا من تلك الكروموسومات و يوجد داخل كل خلية نواة تعد هى مركز التحكم بها و يحمل البشر و معظم الثدييات الأخرى زوجًا من الكروموسومات الجنسية التي يمكن أن تكون إما على شكل X أو Y و وفقًا للمعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري فتحمل الإناث اثنين من كروموسومات الجنس X في كل خلية من خلايا الجسم بينما يحمل الذكور واحدًا X و واحد Y و لكن هناك بعض الاختلاف الطبيعية في عدد الكروموسومات الجنسية التي يحملها الناس ففي بعض الأحيان قد يكون هناك كروموسومات جنسية إضافية أو قد يكون هناك واحد مفقود لذلك يمكن أن تحدث أنماط أخرى مثل X و XXX و XXY و XXYY .
تاريخ إكتشافه
لوحظ الحمض النووي DNA لأول مرة من قبل عالم الكيمياء الحيوية السويسري “فريدريش ميشر” عام 1869 و الذى استخدم طرقًا كيميائية حيوية لعزل الحمض النووي من خلايا الدم البيضاء و الحيوانات المنوية و قرر أنه شئ مختلف تمامًا عن البروتين لكن لسنوات عديدة لم يدرك الباحثين أهمية هذا الجزيء و في عام 1952 استخدمت الكيميائية “روزاليند فرانكلين” التي كانت تعمل في مختبر الدكتور “موريس ويلكينز” تقنية حيود الأشعة السينية و هي طريقة لتحديد بنية الجزيء و منها أكتشفت أن الحمض النووي له عنصر حلزوني و استطاعت توثيق بنيته المعروفة و في عام 1953 أظهر المختبر الصورة لعلماء الأحياء “جيمس واطسون” و “فرانسيس كريك” و التى من خلالها نشروا ورقة بحثية بارزة في مجلة نيتشر و اقترحوا فيها النموذج الأيقوني ذو الحلزون المزدوج للحمض النووي كما نعرفه الآن مع جوانب و درجات فوسفات السكر و الأزواج القاعدية A-T و G-C و اقترحوا أيضًا أنه يمكن نسخ الحمض النووي و بالتالي نقله و نتيجة تلك الجهود تم منح الثلاثى “واطسون و كريك و ويلكنز” جائزة نوبل في الطب عام 1962 لاكتشافاتهم المتعلقة بالتركيب الجزيئي للأحماض النووية و أهميتها في نقل المعلومات في المواد الحية و لم يتم تضمين “روزاليند فرانكلين” في الجائزة على الرغم من أن عملها كان جزءًا لا يتجزأ من البحث .
ما وظيفة الحمض النووي DNA ؟
تقوم الجينات بترميز البروتينات التي تؤدي جميع أنواع الوظائف للبشر و الكائنات الحية الأخرى فعلى سبيل المثال يحتوي الجين البشري HBA1 على تعليمات لبناء بروتين “ألفا جلوبين” و هو أحد مكونات “الهيموجلوبين” و المسئول عن حمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء كما يقوم الجين OR6A2 بترميز المستقبل الشمي و هو بروتين يكتشف الروائح في الأنف و بناءً على نسخة ذلك الجين لديك قد تحب الكسبرة أو تعتقد أن مذاقها مثل الصابون .
و على الرغم من أن كل خلية من الخلايا البالغ عددها 37.2 تريليون خلية داخل الإنسان تحمل نسخة من الحمض النووي الخاص بك إلا أنه ليست كلها تبني نفس البروتينات و أحد أسباب ذلك هو أن الجزيئات المسماة “عوامل النسخ” تلتصق بالحمض النووي DNA للتحكم في الجينات التي يتم تشغيلها و إيقافها كما أن حزم الحمض النووي متباينة قليلاً في أنواع الخلايا المختلفة و هذا يؤثر على كيفية و مكان عمل عوامل النسخ التي يمكن أن تلتقط الجزيء بالإضافة إلى ذلك يشير علم الوراثة إلى وجود تعديلات خارجية على الحمض النووي تعمل على تشغيل جينات معينة أو إيقاف تشغيلها .
أقرأ أيضا : دانكان ماكدوجال الطبيب الذى أجرى تجربة لقياس وزن الروح البشرية
تطبيقات إختبار الحمض النووي DNA ؟
يحتوي الحمض النووي DNA للأشخاص على معلومات حول تراثهم و يمكن أن يكشف في بعض الأحيان عما إذا كانوا معرضين لخطر الإصابة بأمراض معينة لذلك تُستخدم اختبارات الحمض النووي DNA أو الاختبارات الجينية فى تشخيص الاضطرابات الجينية لتحديد ما إذا كان الشخص حاملًا لطفرة جينية يمكن أن ينقلها إلى أطفاله و فحص ما إذا كان الشخص في خطر من مرض وراثي على سبيل المثال حيث من المعروف أن بعض الطفرات في جينات BRCA1 و BRCA2 تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي و المبيض و يمكن أن يكشف الاختبار الجيني عما إذا كان الشخص مصابًا بهذه الطفرات بالإضافة الى استخدام ذلك الإختبار أيضا فى تحديد الأقارب البيولوجيين مثل النسب البيولوجي للطفل (الأم الجينية و الأب) من خلال اختبار أبوة الحمض النووي .