عند التفكير في الكائنات البحرية التي ربما تمثل خطورة علي الإنسان فسيتبادر في الأذهان عادة أسماك القرش و قناديل البحر لكنه في واقع الأمر يوجد مخلوقًا قد تظن أنه غير ضار لكنه لا يقل خطورة عن ماسبق و هو الحلزون المخروطي الذي يحظى بإحترام هواة جمع الأصداف بسبب إمتلاكه لصدفة رائعة الشكل و لكن ما لا يعرفه الكثيرين أن تحت شكله الخارجي الجميل يحمل سرًا قاتلًا و هو إحتوائه علي سم يستخدمه لصعق فرائسه من الأسماك الصغيرة و الرخويات التي يتغذى عليها و لكن هذا لا يعني أن البشر في مأمن من قبضته القاتلة لأن لدغة سامة واحدة منه الحيوان من الممكن أن تكون كافية للتسبب في الإصابة بالشلل و حتى الموت .
و نظرا لخطورة الحلزون المخروطي فدائما ما ينصح أن يتمتع الغواصين في المحيط الهادئ بالخبرة الكافية في التعامل مع تلك المخلوقات لأن من لا يمتلكها أو يكون غير حذر فقد يتسبب في إيذاء نفسه و تكون حياته ثمن لذلك لأنهم من الوارد أن يعجبوا بصدفة الحلزون المخروطي و يقومون بإلتقاطها دون إتخاذ أي إجرائات للحماية و هو ما يتسبب في إصابتهم بلدغة سامة و في حين أن معظم الناس يتعافون دون أي ضرر دائم إلا أن ذلك لا يمنع من وجود عشرات الوفيات البشرية الناجمة عن لدغات الحلزون المخروطي الصغير و ذلك لأن سمه يحتوي على مادة تؤدي إلي الإصابة بالشلل و المشكلة الأكبر أنه يعمل بشكل سريع داخل الجسم و هو ما معناه أن بعض ضحاياه لا يعرفون حتى ما الذي أصابهم حتى الوصول إلي الوفاة .
و يعيش الحلزون المخروطي ذو المظهر غير الضار في قوقعة جميلة مصنوعة من أنماط ملونة باللون البني أو الأسود أو الأبيض لذلك يحب مرتادي الشواطئ جمعها و الإحتفاظ بها و هو مثل معظم القواقع بطيء في الحركة لكن هجومه سريع و قوي حيث تستخدم تلك المخلوقات البحرية المفترسة نظام كشف متطور للبحث عن الفريسة التي تكون من الأسماك أو الديدان البحرية أو حتى القواقع الأخرى في حالة كان الطعام نادرًا و بمجرد أن يستشعر أنف الحلزون المخروطي الطعام بالقرب منه يطلق خرطومًا حادًا أو نتوءًا يشبه الإبرة من فمه و يقوم بلسع ضحيته علي الفور و أحيانا قد لا يشعر الضحايا بألم اللسعة لأن الهجوم يكون فوريًا بالإضافة إلي أن السم له خصائص مسكنة للألم .
و لا يقوم الخرطوم بحقن السموم فقط بل يسمح للحلزون بسحب السمكة نحوه من خلال شوكة حادة توجد في نهايته و بمجرد أن تصاب بالشلل التام يقوم الحلزون المخروطي بتوسيع فمه و إبتلاعها بالكامل و بطبيعة الحال فإن الخرطوم صغير جدًا و لا يمكنه سحب إنسان لكنه لا يزال بإمكانه أن يسدد جرعة سامة إليه و ما يجعل الحلزون المخروطي مميتًا للغاية هو قلة الألم الذي تنتجه لدغته لأنه في كثير من الأحيان لا يعرف الضحايا حتى ما الذي أصابهم و غالبًا ما يفترض الغواصين الذين يقومون بإلتقاط تلك الصدفة أن قفازات الغوص الخاصة بهم توفر الحماية ضد أي أضرار محتملة و لكن ما لا يعرفونه أن خرطوم الحلزون المخروطي يستطيع إختراق القفازات لأن سلاحه شبيه بالحربة و مصنوع من أجل الجلد الخارجي القاسي للأسماك و لكن لحسن الحظ أن البشر ليسوا لذيذين أو قابلين للهضم بالنسبة إليهم فطالما لم يدوس شخص ما على هذا المخلوق أو يفاجئه أثناء الغوص أو يلتقط قوقعة تحتوي بداخلها على ذلك الحيوان القاتل فسيكون بمأمن من شرها لذلك فتعتبر الوفيات بالنسبة للبشر نادرة حيث تشير الإحصائيات إلي أنه توجد 30 حالة وفاة بشرية سنويا ناجمة عن لدغات الحلزون المخروطي .
و يرجع سبب قلة الوفيات البشرية من الحلزون المخروطي إلي أنه من بين أكثر من 700 نوع يوجد القليل منها فقط سام بما يكفي لقتل البشر حيث يعتبر حلزون المخروط الجغرافي الذي يبلغ طوله 15 سنتيمتر هو الأكثر فتكًا نظرا لإحتوائه علي أكثر من 100 مادة سامة في جسمه حتى أنه يُعرف بالعامية بإسم “حلزون السجائر” لأنه إذا تعرض الإنسان للدغة واحدة منه فلن يتبقى له سوى ما يكفي من الوقت لتدخين سيجارة قبل أن يموت لأن بضعة ميكروليترات من سم الحلزون المخروطي قوي بما يكفي لقتل 10 أشخاص و لسوء الحظ فلا يوجد مضاد سم متاح للدغاته و الشيء الوحيد الذي يمكن للأطباء فعله هو منع السم من الإنتشار و محاولة إزالته من موقع الحقن و مع ذلك يدرس العلماء طرق يمكن من خلالها إستخدام سم الحلزون المخروطي الخطير في الأغراض الطبية .
أقرأ أيضا : أبرز 10 كائنات حية تقوم بعمليات تحول جنسي من ذكر لأنثي أو العكس
و لمحاولة الإستفادة من سم الحلزون المخروطي قام العلماء الأستراليين بعزل سمه لأول مرة إلى أجزائه الفردية عام 1977 كما أمضي البروفسير ” بالدوميرو أوليفيرا “من جامعة ” يوتا ” سنوات في حقن السم للفئران و اكتشف أن الثدييات الصغيرة أظهرت آثارًا جانبية مختلفة إعتمادًا على عنصر السم الذي حقن فيها فبعض السموم قد جعلتها تنام في حين أن البعض الآخر جعلهم يركضون أو يهزون رؤوسهم و يأمل الخبراء في إستخدام ذلك السم لعلاج آلام الإعتلال العصبي السكري و حتى الصرع و في يوم من الأيام قد يكون بديلاً للمواد الأفيونية حيث يشيرون إلي أن المادة الموجودة في ذلك السم أقوى بـ 1000 مرة من المورفين لكنها تتميز بعدم تسببها في أي أعراض جانبية مثله و هي مشكلة كبيرة مع الأدوية الأفيونية .