مع بدء التفكير بشكل جدي في الخروج من كوكب الأرض و التوجه لبناء مستعمرات فضائية لا سيما علي سطح القمر و كوكب المريخ بدأت العديد من شركات القطاع الخاص ذات الأنشطة المتعلقة بالتعدين في النظر إلي الفضاء بإعتباره مصدر محتمل للعديد من الثروات الطبيعية و المعدنية التي تتواجد بكثافة علي أسطح الكواكب و الأقمار و حتي داخل كتل الصخور الموجودة في النيازك و الكويكبات التي تصل أحجامها لمدن كاملة و تتحرك في ذلك الفضاء الفسيح بسرعات فائقة حيث تشير أخر الدراسات إلي أنه يدور حولنا أكثر من 10000 كويكب مليئين بالثروات المستقبلية و الذي حال إستخراجهم و بيعهم من المتوقع تحقيق أرباح تصل لتريليونات الدولارات .
و نظرا لمغريات فكرة التعدين في الفضاء بدء ثلاثة رجال في محاولة تنفيذ ذلك الأمر علي أرض الواقع و هم ” لاري بايج ” من شركة جوجل و المخرج ” جيمس كاميرون ” و ” بيتر ديامانديس ” الذين قاموا بتأسيس شركة خاصة عام 2012 أطلقوا عليها إسم ” الموارد الكوكبية ” و هي شركة رائدة في السباق نحو إستخراج الموارد من الكويكبات التي يتوقع أنها تحتوي على كميات هائلة من البلاتين و المعادن الأخري التي تعتبر نادرة و مكلفة على الأرض كما أنها تحتوي أيضا على الماء و الحديد اللذان يصعب الحصول عليهما في الفضاء لذلك فيعتبران عنصرين هامين من الممكن أن يعتمد عليهم الإنسان أثناء وجوده فى الفضاء الخارجي .
و يشير العديد من العلماء إلي أن فكرة التعدين في الفضاء بجانب خلقها أرباح تصل إلي تريليونات الدولارات هنا على الأرض فهي أيضًا تعد الخطوة الأولي نحو إستكشاف الكون الذي لا يزال حتي اللحظة يوجد به الكثير من الأسرار لأنه إذا تمكنت شركات التنقيب من إستخراج الموارد الموجودة في الفضاء الخارجي بدلاً من عمليات التنقيب في الأرض التي يتوجب بعد ذلك شحنها إلي الفضاء عبر الصواريخ فإن ذلك الأمر سيوفر ملايين الدولارات بالإضافة إلي توفير الكثير من الوقت لأن وجود مواقع خاصة بالتعدين في الفضاء هو أمر من شأنه أن يسمح للرواد بالسفر لمسافات أبعد و أسرع و يعني أن المستعمرات الفضائية من الممكن أن تصبح نظريًا مكتفية ذاتيًا حيث يقول ” كريس لويكي ” رئيس قسم مناجم الكويكبات في شركة ” الموارد الكوكبية ” بأنه في السابق نتيجة توفر الموارد علي كوكبنا فقد أتاح لنا ذلك الإنتقال إلى كل حدود الأرض و بالمثل إذا تمكنا مستقبلا من العثور على نفس تلك الفرصة في الفضاء الخارجي فسنجد محركًا اقتصاديًا لتمويل إستكشافه لأبعد الحدود فيه .
و في الوقت الحالي تعد الشركات الخاصة هي أكبر اللاعبين في مسألة التعدين في الفضاء كما توجد أنشطة حكومية أيضا بذلك الصدد حيث أطلقت حكومة ” اليابان ” برنامج التعدين الفضائي الخاص بها عام 2013 و حتى حكومة ” الولايات المتحدة ” ترى أن هذه الصناعة الجديدة بدأت تلوح في الأفق و تحاول حاليا جعلها مجدية إقتصاديًا من خلال محاولة تقديم مشروع قانون داخل الكونجرس عرف بإسم ” قانون الكويكبات “و الذي من شأنه أن يمنح ملكية أي موارد مستخرجة من الكويكبات إلى الشركة التي تقوم بإستخراجه و علي الرغم من أن مشروع القانون هذا لم يصل بعد إلي قاعة مجلس النواب بشكل رسمي إلا أن مجرد وجوده يثبت أن التعدين في الفضاء بدء يدخل إلي عالم الواقع بسرعة أكبر مما يعتقده معظم الناس .
و يعتبر تعدين الكويكبات ليس بالأمر السهل لأنه من الصعب تحديد طبيعة أو كمية الموارد التي يحتوي عليها كويكب معين إن وجدت بالأساس و ذلك نتيجة تحركه عبر الفضاء بسرعات عالية و هو الأمر الذي يفتح مجال جديدا في الإستثمار بسوق الأقمار الصناعية المتخصصة بأعمال التنقيب في الفضاء أو صناعة تليسكوب جديد خفيف الوزن يطفو في الفضاء بحثًا عن أي كويكبات قيمة و بمجرد رصده يقوم بتقييمه و تحديد عما إذا كان يحتوي على موارد ذات قيمة سواء على الأرض أو في الفضاء و بعدها ترسل شركات التعدين الفضائية روبوتات صغيرة للتشبث بسطح الكويكب و إستخراج تلك الموارد بإستخدام المثاقب .
أقرأ أيضا : الفندق الفضائي و بداية مرحلة التفكير فى الفضاء كوجهة سياحية
و رغم المستقبل الواعد لتلك الصناعة إلا أنه و حتي اللحظة نتيجة الغموض القانوني الذي يكتنف حقوق التعدين في الفضاء الخارجي إضافة إلي أن تلك الأنشطة الإستخراجية قد تكون محفوفة بالعديد من المخاطر فلا يزال لدى الكثيرين تحفظات بشأن ذلك الأمر لكنه من المتوقع أننا سوف نشهد في المستقبل عدد من الأثرياء الذين تمكنوا من تكوين ثرواتهم من فكرة الإستثمار في الفضاء الخارجي خاصة في مجال التعدين الفضائي .