تخيل بحيرة تتواجد في قلب الصحراء و تحتوي على بقع كبيرة الحجم تنتشر على سطحها و من وقت إلي أخر تتغير ألوانها مع التغيرات الطبيعية المحيطة بالمكان , قد تظن أن تلك المواصفات ليس من السهل وجودها في أي مكان بالطبيعة و لكن في واقع الأمر تتواجد في كندا و تعرف بإسم البحيرة المرقطة التي تعد واحدة من أكثر الأشياء الطبيعية سيريالية في العالم بسبب تغير ألوان تلك المجموعة الغريبة من المسطحات المائية الشبيهة بالبرك من وقت إلي أخر إعتمادا على وجود و تركيز المعادن الموجودة في الماء حيث نجدها في بعض الأحيان صافية تماما و في أحيان أخرى تكتسب ألوان صفراء أو خضراء أو زرقاء و نظرا للظهور بتلك التباينات في الألوان فهي تعطي منظر ساحر و خلاب .
و تقع البحيرة المرقطة في الصحراء الوحيدة الموجودة في “كندا” بالقرب من مدينة “أوسويوس” التابعة لمقاطعة كولومبيا البريطانية و قد تبدو فى البداية مثل أي بحيرة و لكن مع الدخول في فصل الصيف تحدث فيها تلك الظواهر الغريبة نتيجة إرتفاع درجات الحرارة حيث يبدأ الماء في التبخر و تتبلور المعادن القادمة من التلال المحيطة في الممرات و تترك وراءها بركًا كبيرة تنتشر في الأرض و في حين أن البحيرة المرقطة تحتوي على أكثر من عشرة معادن إلا أن كبريتات المغنيسيوم و الصوديوم و الكالسيوم يعدون هم الأكثر وفرة بجانب كميات قليلة من التيتانيوم و الفضة و غيرهم و هي خواص تجعل البحيرة المرقطة واحدة من أكثر المسطحات المائية الغنية بالمعادن في العالم .
و البحيرة المرقطة مالحة مما يعني أنه لا يتصل بها أي تدفقات خارجية لذلك فتعتبر الينابيع الجوفية و الأمطار هم المصدر الرئيسي لمياهها و نتيجة شدة ملوحتها فتعتبر الحياة المائية بها في أدني مستوياتها كما أنها تغطي مساحة تصل إلي 15 هكتارًا و هي ضحلة نسبيًا حيث يبلغ أقصى عمق لها حوالي 3 أمتار و تعتمد ألوان البقع المعدنية المنتشرة فيها بالأساس على طبيعة التركيب المعدني بها إضافة إلي كمية ضوء الشمس و الماء الموجودين في المنطقة فعلى سبيل المثال تتكون البقع الزرقاء عادةً من كبريتات المغنيسيوم بينما البقع الخضراء غالبًا ما تكون بخليط من كبريتات المغنيسيوم و كربونات الكالسيوم.
أقرأ أيضا : تعرف علي بحيرة هيلير الوردية أغرب بحيرات العالم
و علي مر الزمن أرتبطت البحيرة المرقطة بالثقافات التي عاشت بجوارها حيث عرفها الهنود الأصليين الذين عاشوا في وادي أوكاناجان منذ فترة طويلة و كانوا يطلقون عليها إسم ” كليلوك ” و يتصورون بأن لديها قدرات علاجية كبيرة و خلال الحرب العالمية الأولى تم إستخدام المعادن الموجودة بها في صناعة الذخيرة حيث كان العمال يقومون بإستخراج ما يصل إلي طن واحد من تلك المعادن يوميًا و تشير القصص إلى أنه قبل البدء في نشاط التعدين بها كانت البحيرة ذات تنوع و جمالًا فنيًا أكبر في الألوان ثم في وقت لاحق حاولت عائلة المستثمر “إرنست سميث” تحويل تلك الأرض إلى منتجع صحي خلال العقود الأربعة التي امتلكتها فيها و بعد ذلك تم بيعها لمجموعة من السكان الأصليين الذين يطلقون علي أنفسهم إسم ” الأمم الاولي ” و في الوقت الراهن توجد لافتة على جانب الطريق تخبر الزائرين أن البحيرة المرقطة منطقة حساسة ثقافيًا و بيئيًا لذلك يحيط بها سياج بشكل يحافظ على الأرض و يسمح للسياح بمشاهدتها من بعيد فقط .
