الأقمار أو الساتلايت تعرف بأنها أجسام في الفضاء تدور حول جسم أكبر و تتكون من نوعين أحدهما طبيعي مثل القمر الذي يدور حول كوكب الأرض أو اصطناعي مثل محطة الفضاء الدولية و عادة عندما يطلق مصطلح الأقمار الصناعية فهى تعنى ألات من صنع الإنسان يتم إطلاقها لتدور حول الأرض أو أي جسم آخر في الفضاء و فى الوقت الحالى يوجد الآلاف من الأقمار الصناعية التى تقوم بعدد من الوظائف المختلفه فبعضها يلتقط صوراً لكوكبنا و الأخرى للكواكب الموجودة داخل المجموعة الشمسية بما فيها الشمس حيث تساعد تلك الصور العلماء في التعرف بشكل أكبر على الأرض و النظام الشمسي و الكون برمته كما توجد أنواع أخرى من تلك الأقمار ترسل إشارات تليفزيونية و تسهل عملية الإتصالات سواء الهاتفية أو عبر شبكة الإنترنت و أخرى معنية بالشأن العسكرى سواء بالتحكم فى توجيه أنواع من الأسلحة أو ممارسة أنشطة تجسسية .
و ترجع أهمية الأقمار الصناعية فى أمكانيتها تغطية مساحات كبيرة من الأرض في وقت واحد كما تتمتع برؤية واضحة للفضاء ذلك لأنها تطير فوق غيوم الأرض و هواءها فقبل انطلاقها كانت الإشارات التلفزيونية الأرضية تنتقل في خطوط مستقيمة مما يجعل الجبال أو المبانى الشاهقة عائقا لها كما أن المكالمات الهاتفية التى تجرى الى اماكن بعيدة كانت تمثل مشكلة أيضا من حيث التكاليف و تواجه صعوبة فى تركيب كابلات الهاتف لمسافات طويلة أو تحت الماء الا أن ذلك قد تغير تماما مع وجود تقنية الأقمار الصناعية التى تمكنت من تذليل كل تلك العقبات لاحقا .
و بحسب اخر الاحصائيات فتحتل الاقمار الصناعيه المخصصه للاغراض التجاريه المركز الاول ثم تليها العسكرية و الحكومية و المدنيه و تعد “الولايات المتحدة” هى اكثر الدول امتلاكا لها بما يقارب 1900 قمر تليها “الصين” في المرتبة الثانية بأكثر من 400 ثم “روسيا” في المرتبة الثالثة بـ 176 قمرا .
تاريخ الأقمار الصناعية
كانت الأقمار الصناعية جزء من سباق الفضاء الذى كان أحد مظاهر الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة حيث نجح السوفييت في 4 أكتوبر عام 1957 فى إطلاق أول قمر صناعي و هو “سبوتنيك 1″ و كان مسبار فضائي بحجم كرة الشاطئ و قد صدم هذا الفعل العالم الغربى و على رأسه ” الولايات المتحدة ” لأنه كان الإعتقاد السائد وقتها أن السوفييت لم يكن لديهم القدرة على إرسال الأقمار الصناعية إلى الفضاء و بعد هذا العمل الفذ أطلق السوفييت مجددا في 3 نوفمبر عام 1957 قمرًا صناعيًا أكثر ضخامة و هو “سبوتنيك 2 ” و كان يحمل الكلبة “لايكا” و فى المقابل كان أول قمر صناعي للولايات المتحدة يتم إطلاقه بنجاح هو “إكسبلورر 1” و ذلك في 31 يناير عام 1958 و كان يمثل 2 % فقط من حجم “سبوتنيك 2” و بوزن 13 كجم .
و بذلك أصبحت الأقمار الصناعية ” سبوتنيك ” و ” إكسبلورر ” هما بداية إنطلاق سباق الفضاء بين الدولتين العظميين و الذي استمر حتى أواخر الستينيات على الأقل حيث كان التركيز على الأقمار الصناعية فى البداية قبل الإنتقال إلى فكرة إرسال الإنسان للفضاء و بعدها بدأت أهداف كلا البلدين في الانقسام فبينما واصلت “الولايات المتحدة” مهمات الهبوط على سطح القمر و إنشاء برنامج مكوك الفضاء قام “الاتحاد السوفيتي” ببناء أول محطة فضاء في العالم ” ساليوت 1 ” و التي تم إطلاقها عام 1971 ثم تبعتها محطات أخرى مثل ” سكاى لاب ” التابعة للولايات المتحدة و ” مير ” للاتحاد السوفيتي .
و بعد ذلك بدأت العديد من الدول الاخرى في إرسال الأقمار الصناعية التابعة لها إلى الفضاء بعد التعرف على مميزاتها المتعددة حيث حسنت الأقمار الصناعية الخاصة بالطقس التنبؤات و قامت الأقمار الأخرى المعنية بدراسة الأرض و متابعتها مثل سلسلة لاندسات (في جيلها التاسع الآن) فى مراقبة التغيرات الحادثة بالغابات و المياه و أجزاء أخرى من سطح كوكبنا كما قامت أقمار الاتصالات بإجراء مكالمات هاتفية بعيدة المدى و في النهاية أصبح البث التلفزيوني المباشر من جميع أنحاء العالم جزءًا طبيعيًا من الحياة و ساهمت بشكل كبير فى تطور الأجيال اللاحقة في اتصالات الإنترنت و مع التطور التكنولوجى الذى شهده العالم مؤخرا أصبح من الممكن الآن إرسال أقمار صناعية أصغر بكثير يمكنها القيام بعدد من المهام في المدار و من الشائع الآن أن تقوم الشركات و الجامعات بإنشاء ” الكيوب سات ” و هى أقمار صناعية على شكل مكعب تحتل بشكل متكرر مدارًا أرضيًا منخفضًا و تطلق الى الفضاء من خلال صواريخ أو ترسل عبر قاذفات متنقلة من محطة الفضاء الدولية (ISS) التى تعتبر هى بحد ذاتها أكبر قمر صناعى فى المدار تم بناءه حتى اللحظة .
مكونات الاقمار الصناعية
تحتوى الأقمار الصناعية القابلة للاستخدام سواء كانت تحمل بشر أو ألية على أربعة أجزاء رئيسية و هى نظام طاقة ( يمكن أن يكون شمسيًا عبر الألواح أو نوويًا داخل بطاريات ) و وسيلة للتحكم في الإرتفاع و هوائي لنقل المعلومات و تلقيها و حمولة لجمع المعلومات مثل الكاميرا أو كاشف للجسيمات او أجهزة استشعار علمية و التى تقوم بجمع معلومات حول الأرض و مكوناتها من هواء و ماء أو جمع بيانات عن النظام الشمسي و الكون و مع ذلك ليست كل الأقمار الصناعية بالضرورة تحتوى على كل تلك المكونات بل تكتفى بإثنين فقط و هم نظام الطاقة و الهوائى.
ما الذي يحفظ الأقمار الصناعية من السقوط إلى الأرض ؟
يجب فهم أن الأقمار الصناعية مثل القذيفة أو جسم ينطلق له قوة واحدة فقط تؤثر عليه و هى الجاذبية فمن الناحية الفنية أي شيء يعبر “خط كرمان” على ارتفاع 100 كيلومتر يعتبر في الفضاء و مع ذلك يجب أن يتحرك القمر الصناعي بسرعة لا تقل عن 8 كيلومترات في الثانية الواحدة لمنع سقوطها مرة أخرى على الأرض لذلك فتعتبر الأقمار الصناعية التي تقترب من الأرض معرضة لخطر السقوط لأن جزيئات الغلاف الجوي ستبطئ من سرعتها مما يجعل الجاذبية تقوم بسحبها أما أولئك الذين يدورون بعيدًا عن الأرض فلديهم عدد أقل من الجزيئات التى تقاوم السرعة .
و اعتمادا على تلك النظرية فهناك العديد من مناطق المدارات المقبولة حول الأرض أحدها يسمى المدار الأرضي المنخفض الذي يمتد على مسافة ما بين 160 إلى 2000 كيلومتر و يعتبر ذلك المدار هو الموجودة فيه “محطة الفضاء الدولية” و المنطقة التى يعمل بها مكوك الفضاء و في الواقع كانت فيه أيضا جميع البعثات البشرية باستثناء رحلات “أبولو” التى توجهت إلى “القمر” كما أن تلك المنطقة هى من تتواجد فيها معظم الأقمار الصناعية أيضًا .
و يعد المدار الثابت بالنسبة للأرض أو المدار المتزامن مع الأرض هو أفضل مكان لاستخدام أقمار الاتصالات و هى منطقة فوق خط الاستواء على على ارتفاع 35786 كم فعند هذا الارتفاع فإن معدل “السقوط” حول الأرض يماثل تقريبًا معدل دورانها مما يسمح للقمر الصناعي بالبقاء فوق نفس البقعة على الأرض بشكل مستمر تقريبًا و هكذا تحافظ الأقمار الصناعية على اتصال دائم بهوائي ثابت على الأرض مما يسمح باتصالات موثوقة و عندما يصل عمرها الإفتراضى الى نهايته يفرض البروتوكول نقلها بعيدًا ليحل محلها قمر صناعي و هذا بسبب وجود مساحة كبيرة أو الكثير من “الفتحات” في ذلك المدار للسماح للأقمار الصناعية الجديدة بالعمل دون مشاكل .
و في حين أن بعض الأقمار الصناعية تستخدم بشكل أفضل حول خط الاستواء فإن البعض الآخر أكثر ملاءمة للمدارات القطبية خاصة تلك التي تدور حول الأرض من القطب إلى القطب بحيث تشمل مناطق تغطيتها القطبين الشمالي و الجنوبي و تشمل الأمثلة على الأقمار الصناعية التي تدور حول القطب أقمار الطقس و الاستطلاع .
ما الذي يمنع الأقمار الصناعية من التصادم مع بعضها البعض ؟
فى الوقت الراهن هناك ما يقدر بنصف مليون جسم اصطناعي في مدار الأرض و التى تتباين فى الحجم و الشكل و كل منها يتحرك بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة و من بين كل ذلك العدد لا يوجد منه سوى جزء بسيط من هذه الأقمار الصناعية مما يعني أن هناك الكثير من “النفايات الفضائية” التي تطفو هناك و بطبيعة الحال مع كثرة تلك الأجسام فتزداد فرصة الاصطدام لذلك يتعين على وكالات الفضاء النظر في المسارات المدارية بعناية عند إطلاق شيء ما في الفضاء و عليه تقوم وكالات مثل شبكة مراقبة الفضاء الأمريكية بتتبع الحطام المداري و تقوم بتنبيه وكالة ناسا و الكيانات الأخرى إذا كانت قطعة منهم من الممكن ان تصطدم بشئ حيوي و هذا يعني أنه من وقت لآخر تحتاج محطة الفضاء الدولية إلى إجراء مناورات مراوغة للخروج من طريقها و مع ذلك لا تزال الاصطدامات تحدث و كان أحد أكبر الاصطدامات التى حدثت من حطام الفضائي هو بقايا اختبار مضاد للأقمار الصناعية أجراه الصينيين عام 2007 حيث تسبب في حطام دمر قمرًا صناعيًا روسيًا عام 2013 و في ذلك العام أيضًا اصطدم القمران الصناعيان إيريديوم 33 و كوزموس 2251 ببعضهما البعض مما ولد سحابة من الحطام .
و رغم الصراعات و الخلافات السياسيه على سطح الارض الا ان الأقمار الصناعية لم تسلم منها فى الفضاء فمع بدايات الالفية الجديده تعرضت العديد من الاقمار العسكريه للعديد من عمليات الاختراق من قبل بعض من المنظمات المسلحة للاستحواذ على ما بها من معلومات سريه كما حدث تطور نوعى فى مجالات الاسلحه لاستهدافها حيث نجحت العديد من الدول فى اجراء تجاربها لاسقاط الأقمار الصناعية الموجودة على مدارات منخفضه باستخدام الصواريخ الباليستيه .
و فى الوقت الحالى تدرس وكالة ناسا و وكالة الفضاء الأوروبية و العديد من الكيانات الأخرى اتخاذ تدابير لتقليل كمية الحطام المداري حيث يقترح البعض إسقاط الأقمار الصناعية الميتة بطريقة ما ربما باستخدام شبكة أو رشقات هوائية لإبعاد الحطام من مداره و تقريبه من الأرض كما يفكر آخرون في إعادة تزويد الأقمار الصناعية الميتة بالوقود لإعادة استخدامها و هي تقنية تم عرضها آليًا على محطة الفضاء الدولية .