أساطير الشيروكي و هم أحد الشعوب الأصلية التي عاشت في أمريكا الشمالية مليئة بالحكايات المذهلة و لكن إحدي تلك القصص الأكثر روعة و إثارة للاهتمام هي التي تعلقت بالأشخاص ذوي العيون القمرية الذين عاشوا في أعماق غابات ولايتي كارولينا الشمالية و جورجيا الحالية و إتسموا بعيون زرقاء شاحبة و كانوا حساسين للغاية للضوء لدرجة أنهم كانوا ينامون أثناء النهار و لا يظهرون إلا في ضوء القمر و الغريب أنهم كانوا علي عكس الكائنات الأخرى التي تظهر في أساطير السكان الأصليين لم يكونوا أرواحًا و لا وحوشًا بل بشرًا مثل الشيروكي أنفسهم و رغم أن روايات الأشخاص ذوي العيون القمرية قد تكون مجرد أسطورة إلا أن البعض يؤمن أن هذه الكائنات الغامضة كان لها خلفية حقيقية و منهم من يظن بأنهم كانوا من نسل المستوطنين الويلزيين الذين وصلوا إلي تلك الأراضي قبل قرون من كريستوفر كولومبوس .
بدأ توثيق أسطورة الأشخاص ذوي العيون القمرية لأول مرة مع تدفق المستوطنين الأوروبيين إلي أمريكا الشمالية في القرن الثامن عشر حيث أخبر أحد زعماء الشيروكي ” أوكونوستوتا ” قصة هؤلاء الأشخاص لحاكم ولاية تينيسي ” جون سيفير ” عام 1782 نقلا عن روايات أسلافه حيث قال له أن الرجال البيض أو الأشخاص ذوي العيون القمرية كانوا في تلك الأراضي منذ فترة طويلة بعد أن عبروا المياه العظيمة [ المحيط الأطلسي ] ثم هبطوا أولاً بالقرب من مصب نهر ألاباما كما وصف عالم النبات ” بنيامين سميث بيرتون ” عام 1797 نقلا عن شعب الشيروكي مواصفات هذا العرق الغامض حيث قالوا له بأنهم صغار الحجم و ذات عيون خفيفة و شاحبين و بسبب حساسيتهم للضوء كانوا يختبئون أثناء النهار و لا يخرجون إلا في الليل و أن شعب الشيروكي قام بطردهم من تلك الغابات إستغلالا لعدم تحمل هؤلاء الأشخاص سطوع القمر خلال إكتماله في السماء .
و ربما في الوقت الحالي من الممكن أن نرى حكايات الأشخاص ذوي العيون القمرية على أنها مجرد أساطير لكن البعض يعتقد أنهم موجودون بالفعل و يشتبهون في أنهم أوروبيين جاءوا إلي أمريكا الشمالية في القرن الثاني عشر حيث تتوازى رواياتهم مع أسطورة أخرى تدور حول أمير ويلزي يُدعى ” مادوك أب أوين جوينيد ” و الذي يُزعم أنه و شقيقه ” ريريد ” قررا الفرار من ” ويلز ” عام 1170 بسبب الحرب الأهلية بين إخوتهما و أثناء الإبحار غربًا زُعم أن الأخوين هبطا في أمريكا الشمالية و أنشأا مستوطنة ثم عاد ” مادوك ” إلي ” ويلز ” ليجلب معه المزيد من الأشخاص عبر المحيط الأطلسي و رغم إختفاءه أثره من السجل التاريخي ثم إختفاء إسم شقيقه ” ريريد ” لاحقًا إلا أن قصتهما ظلت حية منذ القرن الثاني عشر فصاعدًا من خلال القصص و الأغاني الويلزية لذلك كان الإعتقاد بأنهم هم أسلاف الأشخاص ذوي العيون القمرية .
و كان من الواضح أن الزعيم الشيروكي ” أوكونوستوتا ” من المؤمنين بذلك حيث قال أن التلال الغامضة المبنية من الرمال و الحصي و الحطام الموجودة في المنطقة قد بناها الويلزيين أو الرجال ذوي العيون القمرية علاوة علي أن بعض المستوطنين منهم لديهم أوجه تشابه مذهلة بين ثقافتهم و ثقافة السكان الأصليين الذين واجهوهم خاصة بعد عثور الويلزيين في أمريكا الشمالية علي حصون حجرية مثل تلك التي بناها أسلافهم في ” ويلز ” و لاحظوا أن بعض السكان الأصليين لديهم بشرة شاحبة و عيون زرقاء بل و أن بعض لغاتهم تبدو مشابهة للغة الويلزية ففي عام 1608 وجدت مجموعة من المستوطنين البيض أن اللغة الويلزية كانت مشابهة جدًا للغة الموناكان مما دفعهم إلي تعيين أحد أعضائهم الناطق باللغة الويلزية و هو ” بيتر وين ” للعمل كمترجم فوري بين المجموعتين .
و على الرغم من سهولة رفض بعض هذه الأدلة بإعتبارها محض صدفة إلا أن البعض يؤكد أن الأشخاص ذوي العيون القمرية تركوا أيضًا آثارًا مادية لحضارتهم في جبال الأبالاتشي حيث يوجد حتى يومنا هذا عدد من المواقع الغريبة في تلك المنطقة و التي يعتقد البعض أنها آثار للأشخاص ذوي العيون القمرية منها حصن الجبل الموجود في ولاية ” جورجيا ” و الذي فيه آثار متهدمة لجدار كان عظيمًا في السابق يبلغ طوله 275 متر و سمكه 3.5 متر و إرتفاعه مترين في بعض الأماكن و يحمل تشابهًا مذهلاً مع الأسوار الأوروبية و كان قد أخبر الحاكم ” سيفير ” صديقًا له أن الجدار قد بناه هؤلاء الأشخاص و أنهم شيدوه كحماية ضد أسلاف الشيروكي الذين طردوهم في النهاية من المنطقة و لكن في ظل تلك المعلومة التي تقول أن الأشخاص ذوي العيون القمرية هم من بنوا ذلك الحصن فهو ما معناه أنه لم تكن لهم أي علاقة بأميري القرن الثاني عشر حيث يقدر بعض المؤرخين أن ذلك السور يسبق وصولهم بمئات السنين و ربما تم بناؤه في الفترة ما بين 400 و 500 ميلادية.
أقرأ أيضا : أطفال وولبيت الخضر الذين ظهروا فى قرية إنجليزية بشكل غامض حاملين معهم قصة أكثر غموضا
و لعل الدليل الأخر علي وجود الأشخاص ذوي العيون القمرية هو زعم متحف التاريخ المحلي في “ميرفي ” بولاية ” نورث كارولينا ” بأنه يحتوي على قطعة أثرية ترجع لهؤلاء الأشخاص حيث يقولون أن مزارعًا من القرن التاسع عشر أثناء حفره عثر علي تمثالًا غريبًا في أرضه و الذي يبدو أنه يصور شخصين إما يقفان بالقرب من بعضهما البعض أو ملتصقين و ذوي وجوه مسطحة و من المرجح أنها ترجع لتلك الحضارة رغم أنه من غير الواضح عما إذا كان هذا التمثال يصور الأشخاص ذوي العيون القمرية أم لا أو إذا كانوا هم من صنعوه أم لا لذلك فإن أسطورة الأشخاص ذوي العيون القمرية تترك حاليا لدى المؤرخين أسئلة أكثر من الإجابات أبرزها هل كانت قصص الشيروكي عنهم حقيقية أم مختلقة و هل كان هؤلاء الأشخاص ترجع أصولوهم من ويلز أو من شيء مختلف؟ .