تعتبر أفلام الرعب نوعا من الأعمال السينمائية التى تسعى إلى إثارة الخوف أو الاشمئزاز لدى المشاهدين لأغراض ترفيهية و غالبا ما تناقش تلك الأفلام موضوعات متعلقة بالجرائم و الخوارق و أحيانا الكوارث و يكون أبطالها إما مجرمين مختلين أو وحوش أو أرواح هائمة و أشباح و كل ذلك فى أجواء غير مريحة بسبب اضافة بعض من التقنيات السينمائية مثل المؤثرات البصرية و الموسيقى التصويرية التى تثير ردود أفعال نفسية مختلفة لدى الجمهور , و تعد أفلام الرعب قديمة من قدم السينما نفسها فهى موجودة منذ أكثر من قرن و كان الإلهام المبكر لها يعتمد على إحياء قصص من الفولكلور الشعبى أو المعتقدات الدينية أو الخرافات أو تجسيد لروايات مرعبة شهيرة قام بكتابتها روائيين عظام مثل “إدجار آلان بو” و “برام ستوكر” و “ماري شيلي” حيث شهدت تلك الأفلام نموا كبيرا بعد إصدار فيلم دراكولا عام 1931 و بدأت فى التفرع لألوان متعددة مثل الرعب الكوميدي و الخارق و النفسي و غيرهم , و رغم أن هولييود تعتبر هى الرائدة فى إنتاج أشهر أفلام الرعب الا أن نوعية تلك الأفلام تنتشر بكثافة أكثر فى دول أخرى مثل اليابان و إيطاليا و تايلاند و رغم أن تلك الأفلام تشهد جدلا اجتماعيا و قانونيا بسبب محتواها الا أنها تحقق نجاحات تجارية كبيرة و لها تأثيرات على المجتمع حيث تداول مؤخرا معلومة على شبكة الإنترنت تشير أن هناك دراسة طبية تزعم بأن مشاهدة أفلام الرعب من الممكن أن تحرق عددًا كبيرًا من السعرات الحرارية و تقلل من خطر الإصابة بالسمنة عن طريق زيادة معدل ضربات قلب المشاهد و هى معلومة مثيرة للجدل تجعلنا نحاول البحث عن حقيقتها فى ذلك الموضوع .
التقييم
الأدلة
لعدة سنوات متتالية كان على شبكة الإنترنت ضجيجًا كبيرا بشأن دراسة طبية صدرت عام 2012 تفترض أن الشخص البالغ العادي يحرق عددًا من السعرات الحرارية أثناء مشاهدة أفلام الرعب كما يفعل أثناء المشي لمدة 30 دقيقة و كلما كان الفيلم مخيفًا زادت السعرات الحرارية المحترقة حتى أن البعض يذهب إلى حد القول إن مشاهدة أفلام الرعب تقلل من خطر الإصابة بالسمنة و هو ما جعل البعض يتسائل عما اذا كان ذلك من الممكن أن يكون استراتيجية جيدة لإنقاص الوزن .
و بالبحث عن تلك الدراسة وجد بالفعل تقرير صدر في 28 من أكتوبر عام 2012 في صحيفة “التيليجراف” يوضح بأنه تم إجرائها بتكليف من شركة تقدم خدمة تأجير الأفلام في “المملكة المتحدة” و نشرت مباشرة قبل عطلة عيد الهالويين بهدف واضح يتمثل في تعزيز مبيعاتهم من أفلام الرعب و لا يبدو أن تلك الدراسة قد تمت مراجعتها من قبل أكاديميات طبية أخرى أو حتى نشرت فى مواقع بحثية مشهورة الا أنها و على أى حال قد أجريت بالفعل في مؤسسة طبية تابعة لجامعة “وستمنستر” في “لندن” و أشرف عليها أخصائي حقيقي في التمثيل الغذائي للخلية و علم وظائف الأعضاء و هو الدكتور “ريتشارد ماكينزي” حيث يقول ملخص نتائجها :
قامت دراسة جامعة وستمنستر بقياس إجمالي إنفاق الطاقة لعشرة أشخاص مختلفين أثناء مشاهدتهم مجموعة مختارة من أفلام الرعب و خلالها قام العلماء بتسجيل معدل ضربات القلب و استهلاك الأكسجين و مخرجات ثاني أكسيد الكربون و اكتشفوا أن عدد السعرات الحرارية المستهلكة قد زاد بمعدل الثلث خلال مشاهدة تلك الأفلام كما كشف البحث أيضًا أن المشاهد التي تعرض لحظات تجعل المشاهدين يقفزون في حالة من الرعب هي أفضل فترة لحرق السعرات الحرارية لأنها تسبب ارتفاع فى معدل ضربات القلب و ضخ الدم الذى يحفز زيادة إفراز الإدرينالين الذى يعمل على خفض الشهية و زيادة معدل الأيض الأساسي و في النهاية حرق مستوى أعلى من السعرات الحرارية .
كما ذكرت صحيفة التيليحراف أيضا بأن الفيلم الذي يتصدر قائمة حرق السعرات الحرارية هو فيلم الإثارة النفسي The Shining الذى انتج عام 1980 حيث يستهلك المشاهد العادي 184 سعرة حرارية هائلة و احتل فيلم Jaws المركز الثاني حيث حرق المشاهدين 161 سعرة حرارية في المتوسط و جاء The Exorcist في المركز الثالث بـ 158 سعرة حرارية كما كانت بعض الأفلام الأخرى التي عُرضت على المشاركين مثل The Texas Chainsaw Massacre أحرقت ما لا يقل عن 107 سعرا .
و رغم وجود تلك الدراسة بالفعل الا أن هناك شيئان يجب ملاحظتهما و هما حجم العينة الصغير جدًا (10 أشخاص فقط) و النطاق الضيق للدراسة التي قامت بقياس التمثيل الغذائي للمشاركين في الوقت الفعلي خلال المشاهدة فحسب و لم تتبع فقدان الوزن الفعلي على مدى فترة طويلة أو مقارنة فعالية فقدان الوزن فى اوقات مختلفة علاوة على ذلك فإن عدد السعرات الحرارية التي يُزعم حرقها أثناء مشاهدة أفلام الرعب ليس بهذه الضخامة أو الإعجاب فوفقًا لموقع شهير للياقة البدنية و فقدان الوزن فإن الشخص الذى يبلغ وزنه 68 كيلوجراما يحرق الكثير من السعرات الحرارية و هو جالسا فقط لمدة 90 دقيقة من دون مشاهدة أى أفلام و هى فترة تعادل متوسط طول فيلم رعب طويل.
أقرأ أيضا : هل من الخطورة على الإنسان الاستحمام خلال سوء الأحوال الجوية ؟
و عليه ففي حين أن الدراسة التى صدرت عام 2012 و استنادًا إلى أدلة طفيفة جدًا تشير إلى أن بعض الأشخاص قد يحرقون عددًا قليلاً من السعرات الحرارية أثناء مشاهدة أفلام الرعب و هو شكل مساوى للجلوس فى حالة سكون لمدة 90 دقيقة و لأن إجراء البحث قد تم لأغراض الدعاية و لا يجب أن يؤخذ بشكل جاد فيُنصح الأشخاص الذين لديهم اهتمام حقيقي بفقدان الوزن باستشارة الطبيب و وضع خطة مناسبة لإنقاص الوزن من خلال التمارين الرياضية و الحميات .