الطاقة النووية هي طاقة يتم إطلاقها بكميات كبيرة خلال مجموعة من التفاعلات المؤثرة على نواة الذرة و يمكن الحصول على تلك الطاقة و تحريرها في عملية تسمي الإنشطار النووي التى تحدث تحت إشراف صارم داخل المفاعلات كما تنشأ أيضا من خلال عملية الإندماج النووي التى تحدث داخل الشمس و هى طاقة لها جانب إيجابي عبر إستخدامها فى الأغراض السلمية بغرض إنتاج و توليد الكهرباء داخل محطات الطاقة كما لها وجه سلبى فى تسخيرها للأغراض العسكرية من خلال إستغلالها كأسلحة للدمار الشامل مثلما حدث فى إسقاطها على مدينتي هيروشيما و ناجازاكي فى اليابان حيث أدى تدميرهم الى وضع كلمة النهاية للحرب العالمية الثانية و تعتبر الطاقة النووية طاقة نظيفة و رخيصة الثمن لكنها تحتاج الى تجهيزات و تقنيات معقدة لا تتوفر سوى لقليل من الدول لأنه حال خروجها عن السيطرة فمن الممكن أن تؤدي الى حدوث كوراث بيئية و إنسانية ضخمة كما حدث بعد إنفجار مفاعل تشيرنوبل للطاقة فى الإتحاد السوفيتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي .
و لتحرير الطاقة النووية يتم ذلك من خلال عملية تسمى “الإنشطار النووي” و تجرى داخل المفاعلات النووية و هى منشأة مكونة بسلسلة من الآلات التي يمكنها التحكم في الانشطار الذى يكون وقوده مركبات من عنصر اليورانيوم الذى تُجبر ذراته على التفكك و بمجرد إنقسامها تطلق الذرات جزيئات صغيرة تسمى نواتج الانشطار تعمل على إنقسام ذرات أخرى من اليورانيوم بشكل يؤدي إلى بدء تفاعل متسلسل يتولد من خلاله طاقة حرارية و التى يتم إستغلالها فى تسخين عامل تبريد المفاعل الذى يكون عادة ماء أو معدنًا سائلًا أو ملحًا مصهورًا و يكون ناتج عملية التسخين هى خروج كميات كبيرة بخار الماء ذات ضغط و درجة حرارة مرتفعة تقوم بتحريك التوربينات و هى ألات مثل العجلات تعمل على تشغيل المولدات أو المحركات التي تنتج الكهرباء .
و للتحكم فى مقدار الطاقة النووية المنبعثة يتم الإعتماد على قضبان مكونة من مواد تسمى السموم النووية أبرزها عنصر الزينون الذى يقوم بإمتصاص بعض نواتج الانشطار الناتجة و كلما زاد عدد تلك القضبان داخل المفاعلات أثناء حدوث التفاعل المتسلسل كان التفاعل أبطأ و أكثر تحكمًا و العكس صحيح حال إزالة القضبان حيث سيتولد تفاعل متسلسل أقوى و بالتالى توليد المزيد من الكهرباء لذلك فتقبل الكثير من الدول على تلك النوعية من الطاقة و بحسب إحصائية صدرت عام 2011 فيتم توليد حوالي 15 بالمائة من الكهرباء الموجودة في العالم بواسطة محطات الطاقة النووية و تمتلك “الولايات المتحدة” بمفردها أكثر من 100 مفاعل على الرغم من أنها تولد معظم الكهرباء من الوقود الأحفوري و الطاقة الكهرومائية كما تنتج دول مثل “ليتوانيا” و “فرنسا” و “سلوفاكيا” كل طاقتها الكهربائية تقريبًا من محطات الطاقة النووية .
أما بالنسبة لعملية إنتاج الطاقة النووية من خلال “الإندماج النووي” ففيها تندمج ذرات الهيدروجين لتكوين الهيليوم حيث ينتج من ذلك التفاعل طاقة حرارية ضخمة و حتى اللحظة لا تحدث تلك التفاعلات سوى داخل الشمس لذلك يمكن القول أن الاندماج النووي هو ما يجعل الحياة على كوكب الأرض ممكنة و حاليا لا تملك محطات الطاقة النووية القدرة على إنتاج الطاقة بأمان و موثوقية من خلال الاندماج النووي و ليس من الواضح عما إذا كانت تلك العملية ستكون خيارًا في أي وقت لإنتاج الكهرباء و مع ذلك يعكف المهندسين النوويين في عمل المزيد من الدراسات و التجارب لمحاولة تطويع تفاعلات الاندماج النووي نظرا لأنها ستكون آمنة و فعالة من حيث التكلفة على الأرجح .
اليورانيوم
اليورانيوم هو الوقود الأكثر استخدامًا لإنتاج الطاقة النووية و ذلك لأن ذراته تنقسم بسهولة نسبيًا و يعتبر عنصر شائع جدًا فى الطبيعة و موجود بالصخور في جميع أنحاء العالم و مع ذلك فإن النوع المحدد من اليورانيوم المستخدم لإنتاج تلك الطاقة و الذي يسمى U-235 هو نادر جدا حيث يمثل أقل من واحد بالمائة من اليورانيوم الموجود في العالم و رغم أن ” الولايات المتحدة ” تستخدم المستخرج من أراضيها الا أنها تعتمد بشكل أكبر على استيراده من “أستراليا” و “كندا” و “كازاخستان” و “روسيا” و “أوزبكستان” حيث يستخرج مع معادن أخرى لذلك يجب معالجته قبل استخدامه و نتيجة أنه يمكن استغلال اليورانيوم بصفته وقود نووي لإنتاج أسلحة دمار شامل فيُسمح فقط للدول التي هي جزء من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) باستيراد و استخدام اليورانيوم أو البلوتونيوم الذى يعتبر وقود نووي آخر حيث تعزز تلك المعاهدة الاستخدام السلمي للوقود النووي فضلاً عن الحد من انتشار الأسلحة النووية .
و تشير الإحصائيات الى أنه فى الغالب يستخدم المفاعل النووي النموذجي حوالي 200 طن من اليورانيوم كل عام كما تسمح بعض من العمليات المعقدة بإعادة تخصيب اليورانيوم و البلوتونيوم أو إعادة تدويرهما للإستخدام مرة أخرى مما يقلل من الاعتماد على كميته المستخرجة و تقليل نفقات الاستخراج و المعالجة و النقل .
الطاقة النووية و المجتمع
تنتج الطاقة النووية الكهرباء التي يمكن استخدامها لتزويد المنازل و المدارس و الشركات و المستشفيات و المصانع حيث أنشأ أول مفاعل نووي تم إنشائه لإنتاج الكهرباء بالقرب من “أركو” بولاية “أيداهو” الأمريكية و الذى بدأ عمله كمفاعل تجريبي عام 1951 كما تم إنشاء أول محطة للطاقة النووية فى ” روسيا ” في “أوبنينسك” عام 1954 و من المعروف أنه يتطلب لبناء المفاعلات النووية مستويات عالية من التكنولوجيا لذلك لا يمكن الحصول على اليورانيوم و البلوتونيوم المطلوب إلا للدول التي وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية و لهذه الأسباب تقع معظم محطات الطاقة النووية في العالم المتقدم .
و تتميز الطاقة النووية بأنها متجددة و نظيفة و لا تلوث الهواء و لا تطلق غازات الدفيئة المسئولة عن ظاهرة الإحتباس الحراري كما أن محطاتها يمكن بناؤها في المناطق الحضرية أو الريفية و نتيجة ندرة ملوثاتها فلا تغير البيئة المحيطة بها بشكل جذري و فيها يتم إعادة تدوير البخار الذي يعمل على تشغيل التوربينات و المولدات من خلال تكثيفه في هيكل منفصل يسمى برج التبريد أو المكثف و الذى يتحول فيه البخار مرة أخرى إلى ماء و يمكن استخدامه مرة أخرى لإنتاج المزيد من الكهرباء أما البخار الزائد فيتم إطلاقه في الغلاف الجوي حيث لا يسبب ضررًا كبيرًا مثل بخار الماء النظيف و مع ذلك فإن المنتج الثانوي الناتج من الطاقة النووية هو مادة مشعة و هى عبارة عن مجموعة من النوى الذرية غير المستقرة و يمكن أن تؤثر على العديد من المواد من حولها بما في ذلك الكائنات الحية و البيئة و من الممكن أن تكون شديدة السمية أيضا و تسبب حروقًا و تزيد من خطر الإصابة بالسرطان و أمراض الدم و تسوس العظام .
كما ينتج أيضا من تلك المفاعلات النفايات المشعة و هي ما تبقى من تشغيل المفاعل النووي و هي في الغالب ملابس واقية يرتديها العمال و الأدوات و أي مادة أخرى كانت على اتصال بالمواد المشعة و هى طويلة الأمد حيث يمكن أن تظل ملوثة بالإشعاع لآلاف السنين لذلك تنظم الحكومات خططا لكيفية التخلص من هذه المواد حتى لا تلوث أي شيء آخر حيث يتم تخزين الوقود المستخدم و قضبان السموم النووية المشعين للغاية في حاويات خاصة تشبه أحواض السباحة الكبيرة كما تقوم بعض المحطات النووية بتخزين الوقود المستخدم في صهاريج التخزين الجاف فوق الأرض .
و فى الوقت الراهن أصبحت مواقع تخزين النفايات المشعة مثيرة للجدل في “الولايات المتحدة” نظرا الى أنه لسنوات خططت الحكومة لبناء منشأة ضخمة للنفايات النووية بالقرب من جبل “يوكا” فى ولاية “نيفادا” الا ان ذلك الأمر قوبل بإحتجاجات من الجماعات البيئية و المواطنين المحليين و كان مبعث قلقهم هو حدوث تسرب للنفايات المشعة لإمدادات المياه و بيئة جبل “يوكا” الذى يقع على بعد حوالي 130 كيلومترًا من المنطقة الحضرية الكبيرة في “لاس فيجاس” و على الرغم من أن الحكومة بدأت في دراسة ذلك الموقع عام 1978 ، إلا أنها توقفت عن التخطيط لإنشاء منشأة للنفايات النووية في جبل يوكا عام 2009 لإشتداد المعارضة ضده .