لطالما عانى المجتمع الأمريكي من مشكلة العبودية و تسببت الدعوات للتخلي عنها الى نشوب حرب أهلية مستعرة فى ستينيات القرن التاسع عشر قامت بتدمير الأخضر و اليابس و أنتهت بإنتصار الشمال و أفكاره على الجنوب و بدأت البلاد فى التخلص من تلك العادة الذميمة و مع ذلك ظلت الأفكار العنصرية تهيمن على الولايات المتحدة طوال السنوات اللاحقة و دائما ما كان يتم فصل البيض عن السود بشكل مجحف فى جميع الأماكن و وسائل المواصلات و حارب الكثير من النشطاء و الحقوقيين و المنظمات المدنية تلك التصرفات و منهم من دفع حياته ثمنا لذلك الى أن كللت جهودهم بالنجاح و أصبح الجميع متساويين فى الحقوق و الواجبات و بدء المجتمع الأمريكى يتنفس الصعداء الا أنه سرعان ما صدم حين نشرت وسائل الإعلام قصة بشعة التفاصيل حدثت فى مزرعه تملكها عائلة اليبراخت فى ولاية تكساس خلال فترة السبعينيات و الثمانينيات و الذين كانوا يقومون بإختطاف الافراد المشردين و اجبارهم على العمل فيها و هم مقيدين بالسلاسل كالعبيد و فى ظروف انسانيه صعبه .
بدأت القصة بأبطالها و هم عائلة اليبراخت الذين عاشوا فى مزرعة كبيرة مترامية الاطراف مساحتها 3500 فدان بالقرب من مدينة “ماونتن هوم” و كانت تعمل فى مجال تقطيع الاشجار و بيع الاخشاب بالاضافه الى بيع الميداليات الخشبيه للمفاتيح اليدويه فى محطات البنزين حيث كان حلم رب العائله و هو “والتر اليبراخت الاب” ان يكون ملك ميداليات المفاتيح فى تكساس و بطبيعة الحال لكى تكون ملكا فعليك ان يكون حولك الكثير من المخدومين وقتها و لذلك تفتق الى ذهن “والتر اليبراخت الابن” فكرة تتلخص فى جمع كل المشردين من الولايه و العمل فى المزرعه بشكل اجبارى و بطبيعة الحال لن يسأل عنهم أحد أو يهتم لإختفائهم بالاضافة الى ان العائلة لن تتحمل أى نفقات أو أجور سوى طعامهم و أماكن إقامتهم فقط .
و اعجب افراد عائلة اليبراخت بتلك الفكرة و شرعوا فى تنفيذها بمساعدة خادمهم ” كارلتون روبرت كالدويل ” حيث كان يتم تجميع المشردين و اغرائهم عن طريق عرض للاقامه و الطعام مقابل العمل بالمزرعه و كان يبدو الأمر للمشردين و كأنه شيئا جيدا الا انه سرعان ما يكتشفون انهم ممنوعون من المغادرة و يتم اجبارهم طوال اليوم على تقطيع الأشجار و صنع الميداليات و في الليل كانوا يقيدون بالسلاسل فى أسرتهم داخل منزل قديم متهدم حار فى الصيف و بارد فى الشتاء و يخلو من اى مرافق و بدون وسادات او مراتب و عند أى تذمر من قبلهم يتم تهديدهم بالاسلحه و السكاكين و عندما طلب ثلاثه من المشردين الخروج تم تقييدهم بالسلاسل و ترهيبهم بالاقدام على حفر قبورهم بالاضافه الى رمى قطع من اللحم امامهم و محاولة ايهامهم انها لأناس سبقوهم و حاولوا الهروب و خلال عملهم كانت “جويس إليبراخت” تلقى عليهم الحجارة و الزجاجات التى تسقط بالقرب من أقدام العبيد لترى مدى قربها دون أن تصيبهم .
و على الرغم من معاناة المشردين بالاجبار فى العمل طوال اليوم داخل مزرعة عائلة اليبراخت مع قلة الطعام الممنوح لهم و المعامله السيئة من الضرب و الاهانه الا ان معاناة واحد من المشردين من ولاية ” ألاباما ” و يدعى “أنتوني بيتس” كانت هى الاسوء حيث كان يستمتع “اليبراخت الاب” و مساعده “كالدويل” فى تعذيبه بالضرب و الصعق بالكهرباء بالاضافه الى اجبار باقى المشردين على مشاركتهم فى حفلات تعذيبه بل و تسجيل تلك اللحظات التى تتخللها الصراخات و التوسلات على اشرطة تسجيل الى ان توفى من التعذيب و تم حرق جثمانه لاخفاء معالم الجريمة وسط ضحكاتهم و على نغمات إحدى الأغاني .
أقرأ أيضا : عائلة بيندر الدموية .. النسخة الأمريكية من عصابة ريا و سكينة
و لان لكل شئ نهايه فقد هرب واحد من هؤلاء المشردين من المزرعه و بادر بالاتصال بالشرطة التى داهمتها فى 6 ابريل عام 1984 و وجدوا خمسة رجال و امرأة يعيشون في حظيرة هناك و زعموا جميعًا أنه تم إحضارهم إلى ذلك العقار مع وعد بتناول وجبة ساخنة و وفقًا لسجلات المزرعة فقد تم توظيف ما لا يقل عن 75 شخصًا من وقت الى أخر كما عثرت الشرطة على بقايا عظام و تسجيلات للتعذيب بالاضافه الى شهادات العبيد حيث تم القاء القبض على البيراخت الاب و الابن و خادمهم كالدويل و تقديمهم الى المحاكمة بتهمة الخطف و القتل و التى ظلت منعقدة لمدة ثلاثة اشهر و انتهت بصدور احكام غريبه لا تتناسب مع طابع الجرائم التى ارتكبوها حيث تم الحكم على البيراخت الاب بوضعه تحت المراقبه و الحكم على والتر البيراخت بـ 15 عاما الا انه ظل حرا بعد تقديم عددا من الطعون اما المساعد كالدويل فحكم عليه بـ 14 عاما قضى منهم ثلاث سنوات فقط و كان تبرير تلك الأحكام المخففة هو وجود القليل من الأدلة المادية التي تربط أي شخص بوفاة “بيتس” لأنه لم يتم العثور على الجثة في المزرعة و على الرغم من وجود العديد من أسلحة القتل المحتملة الا أنه كان من المستحيل تحديد ما يمكن استخدامه لقتل “بيتس” بدون جثة .