هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) هي أكبر مؤسسة إذاعية في العالم تأسست عام 1922 و تنتج برامج و خدمات إعلامية تبث عبر التلفزيون و الراديو و الإنترنت و تتمثل مهمتها في الإعلام و الأخبار و الترفيه و على الرغم من أن تمويلها يتم بشكل أساسي من خلال رسوم ترخيص حكومية إلا أن هيئة الإذاعة البريطانية تعمل بشكل مستقل بناءً على أحكام ميثاقها التي تنص على خلوها من النفوذ السياسي و التجاري بدافع من الجودة و ليس الربح لذلك أصبحت بى بى سى أكثر وسائل الإعلام الإخبارية إحتراما في العالم و تمت الإشادة بها من قبل البعض لتقاريرها المحايدة و المتوازنة الا أنها تعرضت مؤخرا للعديد من الانتقادات و الخاصة بمزاعم التحيز و صعوبة منافستها للعديد من القنوات الإخبارية الأخرى بسبب قلة التمويل و هو ما دفعها الى تطوير طرق جديدة لتحقيق الإيرادات عبر استخدام الوسائط الرقمية و التفاعلية لتوفير توزيع جديد فضلا عن الالتزام بجودة البث .
تاريخ هيئة الاذاعة البريطانية
تأسست شركة الإذاعة البريطانية الأصلية عام 1922 من قبل العديد من الشركات الخاصة لبث خدمات الراديو التجريبية و كان أول إرسال لها في 14 نوفمبر ثم تحولت مع “جون ريث” الذى تم تعيينه كمدير عام لها الى هيئة الإذاعة البريطانية عام 1927 و ذلك بعد منحها ميثاق تأسيس ملكي و لم تعد مملوكة للقطاع الخاص و بدأت البث التلفزيوني التجريبي عام 1932 و أصبحت خدمة منتظمة تُعرف باسم خدمة تلفزيون بى بى سى عام 1936 حيث كان يطلق عليها الجمهور المحلى اسم ” بيب ” .
و فى 1 سبتمبر عام 1939 توقف البث التلفزيونى حتى 7 يونيو عام 1946 بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية و دخلت فى المنافسة الإعلامية لأول مرة عام 1955 مع قناة التلفزيون المستقل ITV الذي تم تشغيلها بشكل تجاري و مستقل و فى عام 1964 قدمت تلك المؤسسة الاعلامية قناة تلفزيونية ثانية (بى بى سى 2) و أعادت تسمية القناة الرئيسية الى (بى بى سى 1) ثم بدء بث القناة الثانية بالألوان بداية من 1 يوليو عام 1967 .
و خلال فترة الثمانينيات و منذ تحرير سوق التليفزيون و الإذاعة في “المملكة المتحدة” واجهت هيئة الإذاعة البريطانية منافسة متزايدة من القطاع التجاري لا سيما على القنوات الفضائية و التلفزيون الكبلي و خدمات التلفزيون الرقمي لذلك لعب قسم الأبحاث في بى بى سى دورًا رئيسيًا في تطوير تقنيات البث و التسجيل كما أجروا أبحاثًا أساسية في الصوتيات و قياس مستوى البرنامج و مدى الإلتزام بالمعايير الاعلامية الموضوعة .
شركة بي بي سي
المقر الرئيسي والمكاتب الإقليمية
دار البث هو المقر الرئيسي لهيئة الإذاعة البريطانية و يقع في مدينة “لندن” بمنطقة بورتلاند و عادة ما يكون مقرا لراديو بى بى سى 2 و 3 و 4 و 6 موسيقى و 7 حيث افتتح دار البث رسميًا في 14 مايو عام 1932 و هو مبنى ذات واجهة شبه دائرية و به برج راديو منمق و يوجد في الجزء الأمامي من المبنى تماثيل بروسبيرو و آرييل ( المقتبسين من احدى مسرحيات شكسبير ) حيث كان اختيارهم متعمدا لأن “بروسبيرو” كان ساحرًا و “أرييل” كان روحًا من الهواء حيث تنتقل موجات الراديو , كما كان دار البث موطن مسرح راديو بى بى سى الذى يتم فيه تسجيل برامج الموسيقى و المسرحيات أمام جمهور الاستوديو و مع حلول عامي 2005 و 2006 على التوالي نقل راديو بى بى سى 2 و بى بى سى 6 موسيقى استوديوهاتهما من دار البث إلى استوديوهات مبنية حديثًا في “ويسترن هاوس” المجاورة .
و بالإضافة إلى العديد من مباني هيئة الإذاعة البريطانية في “لندن” توجد مراكز إنتاج رئيسية في “كارديف” و “بلفاست” و “جلاسكو” و “برمنجهام ” و “مانشستر” و “بريستول” و “ساوثاهمبتون” و “نيوكاسل” اضافة أيضًا الى العديد من الاستوديوهات المحلية و الإقليمية الصغيرة المنتشرة في جميع أنحاء “المملكة المتحدة” و بعضها معروف محليًا باسم “دار البث” أيضا في تقليد لمقر BBC في “لندن” .
الميثاق الملكى
هيئة الإذاعة البريطانية هي مؤسسة عامة شبه مستقلة تعمل كبث خدمة عامة تأسست بموجب ميثاق ملكي تتم مراجعته كل عشر سنوات من قبل مجلس محافظين تعينه الحكومة حيث يشترط الميثاق أن تكون تلك الهيئة الإعلامية خالية من التأثير السياسي و التجاري على حد سواء و أن تجيب فقط على مشاهديها و مستمعيها و في مارس 2005 نشرت وزيرة الثقافة ما يسمى الورقة الخضراء التى تحدد فيها مقترحاتها لمستقبل هيئة الإذاعة البريطانية كانت أبرزها زيادة الاستعانة بمصادر خارجية للإنتاج و تقليل التركيز على البرامج المقلدة مثل تلفزيون الواقع .
الإدارة
بى بى سى هي شركة مستقلة عن التدخل الحكومي المباشر و تدار من قبل مجلس محافظين معين و تكون الإدارة العامة للمؤسسة في يد المدير العام المعين من قبل المحافظين و هى تمتلك أكبر ميزانية مقارنة بأي محطة إذاعية في “المملكة المتحدة” حيث كانت ميزانيتها السنوية عام 2005 حوالي 3.8 مليار جنيه إسترليني .
و تعد الوسيلة الرئيسية لتمويل هيئة الإذاعة البريطانية هي من خلال رسوم ترخيص التلفزيون حيث يكون مطلوبا ذلك الترخيص لتشغيل جهاز استقبال البث التلفزيوني داخل “المملكة المتحدة” و يتم تحديد تكلفة ترخيص التلفزيون من قبل الحكومة و اعتبارًا من عام 2006 كانت تتكلف تلك الخدمة حوالي 11 جنيه إسترليني شهريا و يتم جمع الإيرادات بشكل خاص و لا تمر عبر الدولة قبل الوصول إلى بى بى سى و بالتالي فهي تعتبر مؤسسة مستقلة و ليست حكومية .
الخدمات
بجانب الخدمات الإعلامية لدى بى بى سى العديد من المشاريع الأخرى داخل “المملكة المتحدة” مثل نشر الكتب و المجلات ( خدمة كتب بى بى سى BBC Books) و خدمات إنتاج الوسائط المتعددة ( أقراص DVD و ألعاب الكمبيوتر) التي تقدمها بى بى سى مالتميديا و تستخدم عائدات و ارباح تلك الخدمات فى إنتاج البرامج كما لديها مشاريع مشتركة للبث عبر الأقمار الصناعية و الكابلات لتخدم “الولايات المتحدة” و “كندا” و دول أخرى و في عام 2005 أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية أنها ستقلل بشكل كبير من بثها الإذاعي بلغات أوروبا الشرقية و تحويل الموارد بدلاً من ذلك إلى محطة بث تلفزيوني فضائية جديدة باللغة العربية .
أخبار بي بي سي
تقول بى بى سى عن نفسها أنها أكبر جامع للأخبار الإذاعية في العالم حيث تقدم خدمات لراديو بى بى سى المحلي بالإضافة إلى شبكات التلفزيون مثل بى بى سى نيوز 24 و بى بى سى برلمان و بى بى سى ورلد و بى بى سى نيوز أونلاين اضافة الى خدماتها التي أثبتت شعبيتها مثل خدمات الجوال للهواتف المحمولة و أجهزة المساعد الرقمي الشخصي كما توفر تنبيهات أخبار عاجلة على أجهزة الكومبيوتر لسطح المكتب و البريد الإلكتروني و التلفزيون الرقمي .
و تعتبر ادارة أخبار بى بى سى هي الذراع الرئيسية لهيئة الإذاعة البريطانية نظرا لأنها المسؤولة عن جمع الأخبار و إنتاج البرامج الإخبارية على شاشتهم التلفزيونية و الراديو و عبر الإنترنت و تعتبر أكبر ناشر إخباري في العالم حيث تنتج ما يقرب من 100 ساعة من الإنتاج يوميًا و يتألف قسم الأخبار من 3500 موظف من بينهم 2000 صحفي و الميزانية السنوية لذلك القسم هو 350 مليون جنيه إسترليني و تنفذ أخبار بى بى سى هدفًا رئيسيًا من أهداف الميثاق الملكي لهيئة الإذاعة البريطانية و هو جمع الأخبار و المعلومات في أي جزء من العالم و بأي طريقة قد يراها مناسبة .
و كان يقع مقر تلفزيون أخبار بى بى سى نيوز في مركز التلفزيون (TVC) بمنطقة “وود لين” في العاصمة البريطانية “لندن” و يتبعه مراكز إقليمية في جميع أنحاء “المملكة المتحدة” بالإضافة إلى 44 مكتبًا لجمع الأخبار حول العالم و في عام 2008 أنتقل مركز الأخبار إلى مقر راديو بى بى سى في بورتلاند في وسط “لندن” .
و تحظى هيئة الإذاعة البريطانية بالاحترام داخل “المملكة المتحدة” و العديد من دول العالم و قد نالت الثناء على تقاريرها غير المتحيزة و المتوازنة حيث أظهرت الدراسات أنه أثناء تغطية الأحداث الكبرى مثل حرب العراق و هجمات 11 سبتمبر تحول المشاهدين إلى بى بى سى و مع ذلك فلا يخلو الامر من الانتقادات لدى بعض المعلقين فى أنها قناة منحازة و فى بعض من الأحيان تسير بتوجيهات من الأجهزة الأمنية البريطانية .
الاستقلال السياسي و التجاري
رغم اشتراط ميثاق البى بى سى فى أن تكون خالية من التأثير السياسي و التجاري و أن تخضع فقط لمشاهديها و مستمعيها الا أن الموضوعية السياسية لهيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) موضع تساؤل في بعض الأحيان فعلى سبيل المثال حملت صحيفة الديلي تلغراف (3 أغسطس 2005) رسالة من المنشق السوفيتي عن المخابرات السوفيتية KGB “أوليج جورديفسكي” ، يشير إليها باسم “الخدمة الحمراء” و بعدم موضوعيتها التى تتشدق بها بل تسير بتوجيهات من الأجهزة الأمنية .
كما تتهم بى بى سى بانتظام من قبل الحكومة بالتحيز لصالح المعارضة و من قبل المعارضة بالتحيز لصالح الحكومة و بالمثل في أوقات الحرب غالبًا ما تتهم حكومة “المملكة المتحدة” أو مؤيدون أقوياء للحملات العسكرية البريطانية هيئة الإذاعة البريطانية بالتعاطف المفرط مع وجهة نظر العدو حتى أنه أطلق عليها عام 1991 خلال حرب الخليج الاسم الساخر “هيئة إذاعة بغداد” و على العكس من ذلك فإن بعض أولئك الذين يصفون أنفسهم بأنهم مناهضون للسياسات البريطانية في “المملكة المتحدة” أو الذين يعارضون الحروب الخارجية فقد اتهموا هيئة الإذاعة البريطانية بالتحيز المؤيد للسياسات البريطانية أو برفض إعطاء متنفس للأصوات المناهضة للحرب الا ان البعض يدافع عن الهيئة و يقول انها تعرض جميع الأراء لذلك فمن الطبيعى ان الناس لمجرد عرض وجهة نظر مخالفة لهم سيرون التحيز الذي يرغبون في رؤيته و يدعم هذه الحجة حقيقة أن هيئة الإذاعة البريطانية كثيرا ما تتهم بالتحيز من قبل جميع الآراء حيث تشمل الأمثلة على الخلافات و الانتقادات تغطية أخبار بى بى سى لحرب العراق و الصراع الفلسطينى الإسرائيلي .
فخلال غزو العراق عام 2003 اتُهمت بالتحيز المؤيد لحرب العراق لدرجة أنه كانت هناك احتجاجات مناهضة للحرب خارج مكاتبها و وجد تقرير صادر عن جامعة “كارديف” أن “بى بى سى” عرضت أكثر من أجندة مؤيدة للحرب و اعتمدت بنسبة كبيرة على مصادر حكومية أو عسكرية و ابتعدت الى حد ما عن المصادر المستقلة كما ركزت بشكل أقل على الضحايا العراقيين اما بالنسبة الى الصراع الفلسطينى الاسرائيلي ففي عام 2006 تم إجراء تحقيق مستقل لتقييم حيادية أخبار بى بى سى و تغطية الشؤون الجارية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني و قد حدد أنه لا يوجد تحيز لكن هذه التغطية تعطي أحيانًا صورة غير كاملة قد تضلل المشاهدين و تؤثر على فهمهم للموقف و أشار تقرير اللجنة إلى أن التقارير الإخبارية لبى بى سى لا تغطي بشكل كاف معاناة المدنيين الفلسطينيين و أنها تركز بشكل كبير على المنظور الإسرائيلي للأحداث .
و نتيجة بعض تغطيات مراسلي أخبار بى بى سى لدى العديد من الدول فقد أدى ذلك الى حظر عملهم الصحفى و اغلاق مكاتبهم حيث تم حظر مراسليها من قبل نظام الفصل العنصري السابق في “جنوب إفريقيا” و من من قبل إدارة الرئيس “روبرت موغابي” في “زيمبابوي” التي سعت حكومتها في البداية إلى فرض رقابة على بثها ثم حظرتها لاحقًا و اعتبرتها منظمة إرهابية اضافة الى دول اخرى مثل “الصين” و “سريلانكا” و “باكستان” .
الراديو و التلفزيون
يوجد في راديو بى بى سى خمس محطات وطنية رئيسية و هى راديو بى بى سى 1 (الأفضل في الموسيقى الجديدة) و راديو بى بى سى 2 (المحطة الإذاعية الأكثر استماعًا في المملكة المتحدة مع 13.7 مليون مستمع أسبوعيًا) و راديو بى بى سى 3 (موسيقى ذات اهتمامات متخصصة مثل الكلاسيكية و العالمية و الفنون و الدراما و الجاز ) و راديو بى بى سى 4 (الشؤون الجارية و الدراما و الكوميديا) و راديو بى بى سى 5 لايف و راديو 5 لايف سبورت .
و توجد أيضًا شبكة من المحطات المحلية التابعة لها التى تعرض مزيج من الحديث و الأخبار و الموسيقى في “إنجلترا” و جزر القنال بالإضافة إلى المحطات الوطنية لراديو بى بى سى ويلز و راديو بى بى سى اسكتلندا و غيرهم كما تقدم هيئة الإذاعة البريطانية للجمهور في جميع أنحاء العالم خدمة بى بى سى العالمية الممولة من وزارة الخارجية التي تبث في جميع أنحاء العالم على راديو الموجات القصيرة و التى تعتبر مصدر رئيسي للأخبار و برامج المعلومات لأكثر من 140 مليون مستمع حول العالم و تبث الخدمة حاليًا بـ 43 لغة و لهجة (بما في ذلك الإنجليزية) .
و تعتبر قناتي بى بى سى 1 و بى بى سى 2 هما القناتان التلفزيونيتان الرائدتان في هيئة الإذاعة البريطانية و هي خدمة تلفزيونية إقليمية توفر على مدار اليوم الأخبار المحلية و البرامج المحلية الأخرى بالاضافة الى بى بى سى 3 و 4 التي لا تتوفر إلا عبر معدات التلفزيون الرقمي (وهي بالفعل قيد الاستخدام على نطاق واسع في المملكة المتحدة بعد إيقاف الإرسال التناظري من عام 2008) كما تدير بى بى سى أيضًا BBC News 24 و BBC Parliament و قناتين للأطفال CBBC و CBeebies على القنوات الرقمية أيضًا.