قارة أفريقيا هى ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة و عدد السكان بعد قارة أسيا و إذا تم تضمين الجزر المجاورة لها فإنها تغطي ستة بالمئة من إجمالي مساحة سطح كوكب الأرض و 20 بالمئة من إجمالي مساحة اليابسة و هى يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط و من الشمال الشرقي قناة السويس و البحر الأحمر و من الجنوب الشرقي المحيط الهندي و من الغرب المحيط الأطلسي و يعتبرها العلماء مسقط رأس البشرية حيث تم العثور فيها على أعداد كبيرة من الأحافير الشبيهة بالبشر التى لم يتم اكتشافها في أي مكان آخر و يعود تاريخ بعضها إلى 3.5 مليون سنة و يعتقد أنها حازت على ذلك الإسم نسبة الى كلمة أفري أو عفري و هو اسم عدد من الشعوب سكنت في شمال قارة أفريقيا بالقرب من العاصمة الإقليمية قرطاج ثم اضيفت اليها اللاحقة الرومانية “-ca” التى تعنى البلد أو الأرض و يرجح أخرين أن الاسم مشتق من الكلمة اللاتينية أبريكا و تعني المشمس أو الكلمة اليونانية أفريك أى الغير باردة و لكن أى كان الإسم فتلك القارة تعتبر موطنًا لبعض من أروع العجائب الطبيعية في العالم مثل جبل كليمنجارو و كينيا و الوادي المتصدع العظيم و بحيرات فيكتوريا و تنجانيقا و نهر النيجر و شلالات فيكتوريا و جبال الأطلس و صحاري كالاهاري و الصحراء الكبرى .
و على الرغم من كون قارة أفريقيا بها الكثير من الموارد الطبيعية الا أنها تظل أفقر قارات العالم و أكثرها تخلفًا ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى آثار تجارة الرقيق و الاستعمار و نظام التجارة الدولية و الجغرافيا السياسية بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع اضافة الى الحكومات الفاسدة و الاستبداد و الصراعات التي تتراوح ما بين الحروب و الحروب الأهلية و حروب العصابات إلى الإبادات الجماعية .
و تبلغ المساحة الإجمالية لأفريقيا ما يقرب من 30.2 مليون كيلومتر مربع و تعتبر ” الجزائر ” هى أكبر دولها من حيث المساحة تليها “الكونغو” ثم “السودان” و بعدها “ليبيا” بينما أصغر دول قارة أفريقيا هي “جزيرة سيشل” المكونة من أرخبيل يقع قبالة الساحل الشرقى ثم يليها “ساوتومى و برنسيب” و “موريشيوس” و “جزر القمر” بينما تعتبر دولة ” جامبيا ” هى أصغر الدول الموجودة داخل القارة .
و تقسم قارة أفريقيا الى خمسة مناطق رئيسية كل منطقة تتبعها مجموعة من الدول حيث تقع فى منطقة “غرب أفريقيا” دول “بنين و بوركينا فاسو و كاب فيردى و ساحل العاج و جامبيا و غانا و غينيا و غينيا بيساو و ليبيريا و مالى و موريتيانيا و النيجر و نيجيريا و سان هيلينا و السنغال و سيراليون و توجو” بينما الدول الواقعة فى “شرق أفريقيا” تشمل “بوروندى و جزر القمر و جيبوتى و إريتريا و أثيوبيا و كينيا و مدغشقر و مالاوى و موريشيوس و مايوتى و موزمبيق و رينيون و رواندا و سيشل و الصومال و جنوب السودان و تنزانيا و أوغندا و زامبيا و زيمبابوى ” أما منطقة “وسط أفريقيا” فتتألف من “أنجولا و الكاميرون و أفريقيا الوسطى و تشاد و الكونغو و الكونغو الديموقراطية و غينيا الإستوائية و الجابون و ساوتومى و برنسيب” بينما منطقة “جنوب أفريقيا” فتشمل دول “بوتسوانا و ليسوتو و ناميبيا و جنوب أفريقيا و سوازيلاند” و اخيرا “شمال أفريقيا” الذى يضم دول ” مصر و ليبيا و تونس و الجزائر و المغرب و السودان ” .
و تجمع دول قارة أفريقيا منظمة الإتحاد الأفريقي و هو اتحاد يتكون من جميع الدول الأفريقية باستثناء “المغرب” حيث تشكل عام 2001 و مقره الرئيسي مدينة “أديس أبابا” فى دولة “إثيوبيا” و في يوليو 2004 تم نقل البرلمان الأفريقي التابع للاتحاد إلى مدينة “ميدراند” في “جنوب أفريقيا” بينما ظلت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان و حقوق الشعوب في “أديس أبابا” و تتم ادارة المنظمة وفقا لسياسة اللامركزية بحيث يتم تقاسم ادارتها من قبل جميع جميع الدول العضوة .
قارة أفريقيا جغرافيا
تعتبر قارة أفريقيا أقدم كتلة يابسة على الأرض و أكثرها ديمومة حيث ظلت معظم القارة على ما هي عليه الآن منذ أكثر من 550 مليون سنة و يفصلها البحر الأبيض المتوسط عن قارة أوروبا بينما يفصلها عن قارة أسيا في أقصى شمال شرقها برزخ السويس و من الناحية الجيوسياسية غالبًا ما تُعد شبه جزيرة سيناء المصرية الواقعة شرق قناة السويس جزءًا من إفريقيا أيضًا و تعتبر أقصى نقطة في الشمال هى “رأس بن السقا” في “تونس” و أقصى نقطة جنوبا هى “كيب أجولهاس” في “جنوب إفريقيا” حيث يفصل بينهم مسافة تصل الى 8000 كم اما أقصى نقطة من الغرب فعند الرأس الأخضر بينما أقصى نقطة في الشرق “رأس هافون” في “الصومال” و بينهم مسافة حوالي 7400 كم و يبلغ طول الخط الساحلي للقارة 26000 كم .
و تمتد قارة أفريقيا على طول خط الاستواء و تشمل العديد من المناطق المناخية و تعتبر القارة الوحيدة التي تمتد من المناطق الشمالية المعتدلة إلى المناطق الجنوبية المعتدلة و يتراوح مناخها من استوائي إلى شبه قطبي في أعلى قممها و نصفها الشمالي صحراوي أو جاف بشكل أساسي بينما تحتوي مناطقها الوسطى و الجنوبية على سهول السافانا و مناطق الغابات المطيرة الكثيفة للغاية و تهيمن عليها أنماط الغطاء النباتي مثل الساحل و السهوب .
و تعتبر أفريقيا من القارات الثرية بتنوع الحياة البرية فيها حيث تمتلك مجموعات من الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة مثل الأسود و الضباع و الفهود و الحيوانات العاشبة مثل الجاموس و الغزلان و الفيلة و الإبل و الزرافات التي تنتشر بحرية في سهول مفتوحة غير خاصة بشكل أساسي كما أنها موطن لمجموعة متنوعة من كائنات الغابة بما في ذلك الثعابين و الرئيسيات و أيضا الحياة المائية بما في ذلك التماسيح و البرمائيات .
و من أكثر الظواهر الجغرافية المثيرة للإهتمام فى قارة أفريقيا هو نهر النيل الذى يعتبر أطول نهر في العالم بطول 6650 كم و يتشارك فيه 11 دولة و يعتبر النيل الأبيض و النيل الأزرق هما روافده الأساسيين و النيل الأبيض هو الاطول و يرتفع في منطقة البحيرات الكبرى بوسط إفريقيا و يتدفق شمالًا من “تنزانيا” إلى “جنوب السودان” بينما النيل الأزرق هو مصدر معظم المياه و يلتقي كلا النهرين بالقرب من مدينة “الخرطوم” فى “السودان” و يتدفق الجزء الشمالي من النهر بالكامل تقريبًا عبر الصحراء من “السودان” إلى “مصر” حيث ينتهي في دلتا كبيرة تصب في البحر الأبيض المتوسط أما الظاهرة الأخرى فهى الصحراء الكبرى أكثر صحراء العالم سخونة و الثالثة من حيث المساحة بعد القارة القطبية الجنوبية و القطب الشمالي و هى تقريباً بحجم دولة “الصين” و تغطي ما يقرب من ثلث القارة بمساحة 9 مليون كيلومتر مربع و تشمل تضاريسها مناطق من السهول الصخرية و الكثبان الرملية المتدحرجة و العديد من البحار الرملية .
تاريخ قارة أفريقيا
يعتبر معظم علماء الأنثروبولوجيا القديمة أن قارة أفريقيا هي أقدم منطقة مأهولة على وجه الأرض و خلال منتصف القرن العشرين اكتشفوا العديد من الحفريات و الأدلة على وجود البشر منذ ملايين السنيين و منذ القدم لم يكن لأفريقيا (مثل جميع القارات الأخرى) دول قومية و بدلاً من ذلك كانت مأهولة بمجموعات من الصيادين و جامعي الثمار و في نهاية العصور الجليدية التي قُدرت بحوالي 10500 قبل الميلاد أصبحت الصحراء واديًا أخضر خصبًا و عاد سكانها من المرتفعات الداخلية و الساحلية في أفريقيا و مع ذلك فإن مناخ الاحترار و الجفاف الذى أتى بحلول عام 5000 قبل الميلاد جعل المنطقة قاحلة مرة أخرى و خرج السكان منها باتجاه وادي النيل تحت الجندل الثاني حيث أقاموا مستوطنات دائمة أو شبه دائمة .
و يعتقد المؤرخين أنه تم تدجين الماشية في قارة أفريقيا قبل الزراعة عام 6000 قبل الميلاد و يبدو أنه كان موجودًا جنبًا إلى جنب مع ثقافات الصيد و الجمع بشمال إفريقيا في مجمع الصحراء و النيل حيث قاموا بتدجين العديد من الحيوانات بما في ذلك الحمار الوحشي و الماعز الصغير الذي كان شائعًا فى ذلك الوقت كما حدثت أولى حالات تدجين النباتات للأغراض الزراعية في منطقة الساحل منذ 5000 عام قبل الميلاد عندما بدأت زراعة الذرة الرفيعة و الأرز الأفريقي في هذا الوقت تقريبًا و خلال الفترة منذ 4000 قبل الميلاد بدأ مناخ الصحراء يصبح أكثر جفافاً و هو تغير مناخي تسبب في تقلص البحيرات و الأنهار و هذا بدوره قلل من مساحة الأراضي المناسبة للمستوطنات بشكل أدى الى حدوث هجرات للمجتمعات الزراعية إلى المناخ الأكثر استوائية في غرب أفريقيا .
و بحلول عام 3000 قبل الميلاد نشأت الزراعة بشكل مستقل في كل الأجزاء الاستوائية من غرب إفريقيا حيث تم تدجين اليام و نخيل الزيت و بدأت زراعة اللوبيا و الفول السوداني و القطن و البطيخ و بحلول الألفية الأولى قبل الميلاد تم إدخال أعمال الحدادة في شمال إفريقيا و انتشرت بسرعة عبر الصحراء إلى الأجزاء الشمالية من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى و بحلول عام 500 قبل الميلاد تقريبًا بدء التنقيب عن بعض القطع النحاسية فى “مصر” و “شمال إفريقيا” و “النوبة” و “إثيوبيا” .
الحضارات المبكرة و التجارة
خلال الفترة من 3300 قبل الميلاد كان بداية افتتاح الفترة التاريخية مع ظهور معرفة القراءة و الكتابة في حضارة مصر القديمة الخاضعة للحكم الفرعوني و التي استمرت بمستويات متفاوتة من التأثير على مناطق أخرى حتى عام 343 قبل الميلاد و شملت الحضارات البارزة في أوقات مختلفة مملكة قرطاج و أكسوم و الممالك النوبية و إمبراطوريات الساحل (كانم-بورنو و غانا و مالي و سونجاي) و زيمبابوي العظمى و الكونغو و حتى بعد أن أصبحت الصحراء صحراء لم تكن حاجزًا منيعًا للمسافرين بين الشمال و الجنوب حيث كان يستخدم المسافرين الثيران قبل إدخال الإبل للتنقل و اتبعت طرق التجارة الواحات التي كانت موجودة عبر الصحراء و تم جلب الجمل لأول مرة إلى “مصر” من قبل الفرس بعد عام 525 قبل الميلاد و رغم ذلك الا أن القطعان الكبيرة لم تنتشر بشكل كافٍ في شمال إفريقيا لتأسيس التجارة عبر الصحراء من خلالها الا فى القرن الثامن الميلادي حيث كان البربر هم أول من استغل هذا .
و امتلكت قارة إفريقيا ما قبل فترة الاستعمار ما يصل إلى 10000 دولة و أنظمة حكم مختلفة تقريبا و شملت مجموعات عائلية صغيرة من الصيادين و جامعي الثمار مثل شعب “سان” في “جنوب إفريقيا” مع مجموعات أكبر و أكثر تنظيماً مثل التجمعات العشائرية من السكان الناطقين بالبانتو في وسط و جنوب إفريقيا اضافة الى مجموعات العشائر شديدة التنظيم في القرن الأفريقي و ممالك الساحل و دول المدن المستقلة مثل مدن التجارة الساحلية فى شرق إفريقيا و في عام 1482 أنشأ البرتغاليين أولى المحطات التجارية العديدة على طول ساحل “غانا” و كانت السلع الأساسية المتداولة هي العبيد و الذهب و العاج و التوابل و نتيجة الاكتشاف الأوروبي للأمريكتين عام 1492 حدث تطور كبير في تجارة الرقيق .
و في غرب إفريقيا تسبب تراجع تجارة الرقيق في المحيط الأطلسي في عشرينيات القرن التاسع عشر في تحولات اقتصادية دراماتيكية في الأنظمة السياسية المحلية بسبب زيادة التشريعات المناهضة للعبودية في أوروبا و أمريكا و الوجود المتزايد للبحرية البريطانية قبالة سواحل غرب إفريقيا حيث أدى ذلك إلى إجبار الدول الأفريقية التى يعتمد اقتصادها على تلك التجارة لتبني أنشطة جديدة حيث قامت القوى الكبرى في غرب إفريقيا مثل اتحاد أسانتي و مملكة داهومي و إمبراطورية أويو بسلك طرقًا مختلفة للتكيف مع هذا التحول بتطوير تجارتها فى تصدير زيت النخيل و الكاكاو و الأخشاب و الذهب و حققت “أسانتى و داهومي” نجاحا فى ذلك المسعي بينما عجزت “أويو” عن التكيف و انهارت في حروب أهلية.
و في منتصف القرن التاسع عشر أصبح المستكشفين الأوروبيين مهتمين باستكشاف قلب القارة و فتح المنطقة للتجارة و التعدين و الاستغلال التجاري بالإضافة إلى أنه كانت هناك رغبة في تحويل السكان إلى المسيحية حيث كانت المنطقة الوسطى من قارة إفريقيا لا تزال غير معروفة إلى حد كبير للأوروبيين في هذا الوقت كما كان الهدف الأساسى لهم أيضا هو تحديد مصدر نهر النيل لذلك قامت بعثتا بيرتون و سبيك (1857-1858) و سبيك وجيمس غرانت (1863) بالوصول الى بحيرة تنجانيقا و بحيرة فيكتوريا و قد ثبت في النهاية أنها هى المصدر الرئيسي لنهر النيل و بحلول نهاية القرن تم استكشاف قارة أفريقيا جيدًا و كان هذا بمثابة قيادة الطريق للاستعمار الأوروبى الذي أعقب ذلك.
الاستعمار و التدافع على أفريقيا
في أواخر القرن التاسع عشر انخرطت القوى الإمبريالية الأوروبية في صراع كبير على الأراضي الأفريقية و لم يتبق سوى دولتين مستقلتين و هم “ليبيريا” و هي دولة مستقلة استوطنها الأمريكيين الأفارقة جزئيًا و “إثيوبيا” و استمر الحكم الاستعماري من قبل الأوروبيين للقارة حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عندما حصلت جميع الدول الاستعمارية تقريبًا على استقلال رسمي بشكل تدريجي .
و كان للاستعمار تأثير مزعزع للاستقرار على عدد من المجموعات العرقية التي لا تزال قائمة حيث كان هناك إصرار أوروبى على رسم الحدود حول الأراضي لعزلها عن تلك الخاصة بالقوى الاستعمارية الأخرى مما أدى الى فصل المجموعات السياسية المتجاورة أو إجبار الأعداء التقليديين على العيش جنبًا إلى جنب مع عدم وجود حاجز بينهم فعلى سبيل المثال على الرغم من أن نهر الكونغو يبدو حدًا جغرافيًا طبيعيًا إلا أنه كان هناك مجموعات تشترك في اللغة أو الثقافة أو أى تشابه آخر على كلا الجانبين و نتيجة تقسيم الأرض بين “بلجيكا” و “فرنسا” على طول النهر فقد أدى ذلك إلى عزل هذه المجموعات عن بعضها البعض و غالبًا ما وجد أولئك الذين كانوا يتاجرون عبر القارة لعدة قرون أنفسهم يعبرون الحدود التي كانت موجودة فقط على الخرائط الأوروبية .
و في الدول التي كان بها عدد كبير من السكان الأوروبيين على سبيل المثال روديسيا (زيمبابوي حاليًا) و “جنوب إفريقيا” غالبًا ما تم إنشاء أنظمة المواطنة من الدرجة الثانية و ذلك لمنح الأوروبيين قوة سياسية تفوق أعدادهم بكثير ففي دولة “الكونغو” الحرة التى كانت من ممتلكات الملك “ليوبولد الثاني” ملك “بلجيكا” تعرض السكان الأصليين لمعاملة غير إنسانية و شبه عبودية مع العمل القسري و غالبًا ما غيَّر الأوروبيين من توازن القوى المحلي و خلقوا انقسامات عرقية لم تكن موجودة من قبل و أدخلوا انقسامًا ثقافيًا كان ضارًا بالسكان الأصليين في المناطق التي يسيطرون عليها فعلى سبيل المثال في ما يعرف الآن بدولتى “رواندا” و “بوروندي” اندمجت مجموعتان عرقيتان (الهوتو و التوتسي) في ثقافة واحدة و بعدها حدثت حرب أهلية بين الطرفين و ارتكبت على إثرها الكثير من المذابح .
و بحلول عام 2007 أصبحت قارة أفريقيا تضم 53 دولة مستقلة و ذات سيادة و منذ نهاية الوضع الاستعماري تم عرقلة الكثير من الدول الأفريقية بسبب عدم الاستقرار السياسي و الفساد و العنف و الاستبداد و كانت الغالبية العظمى من الدول الأفريقية هي جمهوريات تعمل في ظل شكل من أشكال النظام الرئاسي للحكم و مع ذلك فإن القليل منهم كان قادرًا على الحفاظ على الحكومات الديموقراطية و كانت الحدود التي فرضتها أوروبا للعديد من الدول محل نزاع على نطاق واسع و لعبت صراعات الحرب الباردة بين “الولايات المتحدة” و “الاتحاد السوفيتي” و كذلك سياسات صندوق النقد الدولي دورًا في عدم الاستقرار فعندما تصبح دولة ما مستقلة لأول مرة كان من المتوقع في كثير من الأحيان أن تتماشى مع إحدى القوتين العظميين حيث تلقت العديد من البلدان في شمال إفريقيا مساعدات عسكرية سوفيتية بينما تلقى العديد من دول وسط و جنوب إفريقيا الدعم من “الولايات المتحدة” أو “فرنسا” أو كليهما و شهدت السبعينيات تصعيدًا حيث انضمت “أنجولا و موزمبيق” المستقلتان حديثًا إلى “الاتحاد السوفيتي” بينما سعى الغرب و “جنوب إفريقيا” لاحتواء النفوذ السوفيتي من خلال تمويل حركات التمرد و كانت بعض البلدان تحكمها الأحزاب الشيوعية التي سعت إلى فرض السياسات السوفيتية مما أدى إلى كوارث مثل المجاعة الإثيوبية اعوام 1985-1989 .
التركيبة السكانية
يبلغ عدد سكان قارة أفريقيا حوالي 1.21 مليار نسمة أى ما يعادل 12.76٪ من تعداد سكان العالم البالغ عددهم 7.1 مليار و هى بذلك تعد إلى حد بعيد ثانى القارات اكتظاظًا بالسكان على هذا الكوكب و تأتى نيجيريا فى المرتبة الأولى (206.4 مليون شخص) تليها أثيوبيا (115 مليون شخص) ثم مصر (102.3 مليون شخص) و بعدها الكونغو الديموقراطية (89.6 مليون شخص) بينما الدول الأقل كثافة سكانية هي سانت هيلينا (6000 نسمة) و سيشل (98.3 ألف نسمة) و ساوتومى و برنسيب (219.2 ألف نسمة) و مايوتي (272.8 ألف نسمة) .
و يعتنق الأفارقة مجموعة واسعة من المعتقدات الدينية و من الصعب استنتاج إحصائيات دقيقة حول الديموغرافيا الدينية في قارة أفريقيا ككل و لكن بحسب بعض التقديرات فإن ما يقرب من 46.5 % من جميع الأفارقة مسيحيين و 40.5 % مسلمين مع ما يقرب من 11.8 % يتبعون الديانات الأفريقية الأصلية و عدد قليل من الأفارقة هم من الهندوس أو البهائيين أو لديهم معتقدات أخرى , و تميل الديانات الأصلية في أفريقيا جنوب الصحراء إلى الدوران حول الروحانية و عبادة الأسلاف حيث يكون القاسم المشترك في أنظمة المعتقدات التقليدية هو تقسيم العالم الروحي إلى أرواح نافعة و ضارة حيث تشمل الأرواح المفيدة عادةً أرواح الأسلاف التي تساعد أحفادهم و أرواح قوية تحمي مجتمعات بأكملها من الكوارث الطبيعية أو هجمات الأعداء بينما تشمل الأرواح المؤذية أرواح الضحايا المقتولين الذين دفنوا دون طقوس جنائزية مناسبة و الأرواح التي يستخدمها الوسطاء لإحداث المرض بين أعدائهم .
و تعتبر مملكة مصر القديمة في الألفية الثالثة قبل الميلاد هى أول نظام ديني معقد معروف في القارة و فى العصر الحديث تم تحويل العديد من الأفارقة جنوب الصحراء الكبرى إلى المسيحية خلال الفترة الاستعمارية كما دخل الإسلام إفريقيا عندما فتح العرب المسلمين شمال إفريقيا خلال أعوام 640 و 710 م بدءًا من “مصر” كما كان المسلمين أيضًا من بين الشعوب الآسيوية التي استقرت لاحقًا في إفريقيا الخاضعة للحكم البريطاني خلال الحقبة الاستعمارية التى نجحت المسيحية فيها بتحويل أولئك الذين يتبعون الديانات التقليدية و لكن لم ينجحوا كثيرًا في تحويل المسلمين الذين استفادوا من التحضر و زيادة التجارة للاستقرار في مناطق جديدة و نشر عقيدتهم حيث واصل الإسلام نموه الهائل في القرنين العشرين و الحادي و العشرين بمعدل انتشار حسب بعض التقديرات أسرع بمرتين من المسيحية في إفريقيا .
و بجانب الأديان تحتوى قارة أفريقيا على أكثر من ألف لغة (يقدر البعض بأنها أكثر من ألفي لغة) و معظمها من أصل أفريقي و بعضها من أصل أوروبي و تعتبر تلك القارة هى الأكثر فى تعدد اللغات بالعالم لذلك ليس من النادر العثور على أفراد فيها يتحدثون بطلاقة ليس فقط عدة لغات أفريقية و لكن أيضًا لغة أو اثنتين من اللغات الأوروبية حيث توجد بها أربع عائلات لغوية رئيسية و هم “عائلة اللغات الأفرو آسيوية” و تتكون من حوالي 240 لغة و يتحدث بها 285 مليون شخص منتشرين في جميع أنحاء شرق و شمال إفريقيا و الساحل و جنوب غرب آسيا تليها ” عائلة اللغات النيلية الصحراوية ” و تتكون باكثر من مائة لغة و يتحدث بها 30 مليون شخص بشكل أساسي في “تشاد و إثيوبيا و كينيا و السودان و أوغندا و شمال تنزانيا” تليها ” عائلة “لغة النيجر و الكونغو” التى من المحتمل انها أكبر عائلة لغوية في العالم من حيث اللغات المختلفة حيث منها عدد كبير من لغات البانتو المستخدمة في كثير من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى و أخيرا ” عائلة لغة خويسان ” و تتألف من حوالي 50 لغة و يتحدث بها في “جنوب إفريقيا” ما يقرب من 120.000 شخص و العديد منها معرض للانقراض .
و بعد الفترة الإستعمارية اعتمدت جميع البلدان الأفريقية تقريبًا لغات رسمية نشأت خارج القارة على الرغم من أن العديد من البلدان في الوقت الحاضر تستخدم أيضًا لغات مختلفة من أصول أفريقية (مثل السواحلية) كلغة رسمية و لكن في العديد من البلدان تُستخدم الإنجليزية و الفرنسية للتواصل في المجال العام مثل الحكومة و التجارة و التعليم و الإعلام اضافة الى العربية و البرتغالية كأمثلة أخرى للغات غير أفريقية في الأصل و يستخدمها ملايين الأفارقة اليوم في المجالين العام و الخاص .