فى مكان ما ببلدة روزويل الواقعة جنوب شرق ولاية نيو مكسيكو فى الولايات المتحدة يوجد أحد المطاعم الشهيرة الذى يتخذ شكلا فريدا من نوعه على هيئة سفينة فضاء و يقبل عليه يوميا المئات من الزبائن حيث يلمع ذلك المطعم نهارا فى ضوء الشمس بينما يتلألأ أضوائه ليلا بشكل جذاب يسر الناظرين و رغم غرابة تصميم ذلك المطعم الا أن يرون أنه أمر منطقى لأغراض تسويقية من خلال إستغلال حدث غامض وقع بتلك البلدة فى منتصف أربعينيات القرن الماضى عرف إعلاميا بإسم حادث روزويل حين سقط من السماء جسم غريب فى احد المزارع و سارع الجيش الأمريكى بتطويق المكان و التعامل مع الحادث بسرية شديدة حيث أشار بعض الشهود بأنه كان طبقا طائرا به بعض من الكائنات الفضائية بينما فى المقابل نفى الجيش صحة تلك المزاعم و قدم رواية أخرى لم يصدقها الكثيرين و حتى اليوم لا يزال ذلك الحادث غامضا و معلقا من دون الوصول الى أى حقائق خاصة بعد العديد من الروايات الصادمة التى رافقته على مدار السنوات التالية .
بدأت قصة حادث روزويل فى أحد أيام يونيو أو ربما أوائل يوليو عام 1947 حين استيقظ “ويليام برازل” من نومه و بدء يمارس يومه الروتينى فى مزرعته الواقعة في بلدة “روزويل ” بولاية “نيو مكسيكو” حيث وجد اكتشافًا صادمًا مكون من مساحة كبيرة من الحطام اللامع المكون من شرائط مطاطية و ورق قصدير و عصي صلبة إلى حد ما حيث لم يسمع ” برازل ” مطلقا عن كلمة الأطباق الطائرة على الأقل حتى ذلك الوقت و كان ذلك بالتزامن مع أخبار أخرى كان تملئ وسائل الإعلام ففي يوم 24 من يونيو زعم طيار يدعى “كينيث أرنولد” بأنه رأى تسعة أشياء مجهولة الهوية تطير مثل الطبق بالقرب من “جبل رينييه” فى ولاية “واشنطن” و قدر أن الأجسام كانت تطير بسرعة 1930 كم / ساعة حسبما ورد في تقريره و لكن المشكلة في ذلك الوقت بأنه لم تكن هناك أي مركبة معروفة يمكنها الوصول إلى هذه السرعات خاصة بعد أن قال سلاح الجو بأنه ليس لديه طائرات تجريبية جديدة أو صواريخ موجهة تناسب مثل هذا الوصف و أصبحت تلك القصة خبرا يتصدر الصفحات الأولى فى الصحف يبدء ظهور مصطلح “الأطباق الطائرة” على الرغم من وصف “أرنولد” للأجسام التى شاهدها بأنها على شكل هلال .
و سرعان ما سيطرت على البلاد حالة من الذعر حيث قال عدد من رجال الشرطة و علماء الفلك بأنهم قد تلقوا بلاغات أخرى عن عدد من تلك الشواهد من قبل أشخاص فى نيويورك و الولايات الشرقية الأخرى و بحلول يوم 7 يوليو قرر “برازل” اتخاذ إجراء أمام ما أكتشفه و قام بتسليم صندوق من الحطام المتراكم يدويًا و الذي جمعه بمساعدة زوجته و طفليه إلى “جورج ويلكوكس ” ظابط بلدة روزويل حيث كان يتداول وقتها حديث عن مكافأة لأي شخص قد يدل على أحد هذه الأجسام الطائرة المجهولة الهوية و يقال بحسب جريدة “روزويل ديلي كرونيكل ” المحلية أن ” برازل ” قد صرح بأن اكتشافه خلال حادث روزويل قد يكون لأحد الأطباق الطائرة و بمجرد استلام الظابط ” ويلكوكس ” للصندوق أتصل بالعقيد “ويليام بلانشارد” مسئول القوات الجوية فى الجيش الأمريكى الموجود فى تلك المنطقة و الذي أرسل رجاله إلى الموقع لجمع المواد المتبقية و أصدر ” والتر هوت ” المتحدث الرسمى للقوات الجوية الموجودة فى روزويل بيانًا صحفيًا في 8 يوليو قال فيه :
أصبحت الشائعات العديدة المتعلقة بالطبق الطائر حقيقة واقعة بالأمس حيث كان مكتب استخبارات مجموعة القنابل رقم 509 التابعة للقوات الجوية الثامنة المتمركزة فى مطار روزويل العسكرى محظوظين بما يكفي للحصول على طبق طائر من خلال تعاون أحد مربي الماشية المحليين و ظباط الشرطة حيث هبط ذلك الطبق الطائر في مزرعة بالقرب من روزويل في وقت ما الأسبوع الماضي و نظرًا لعدم وجود مرافق هاتفية قام المزارع بالاحتفاظ بالحطام حتى يحين الوقت الذي تمكن فيه من الاتصال بالشرطة و تم اتخاذ اللازم .
حيث كان ذلك التصريح هو ما عزز فكرة العثور على طبق طائر خاصة و انه صادر من مصادر رسمية .
و بطبيعة الحال تم نشر ذلك التصريح فى جريدة ” روزويل دايلى ريكورد ” المحلية جنبًا إلى جنب مع الأخبار التي تفيد بأن الرائد “جيسي مارسيل” ضابط استخبارات المجموعة الذي تم إرساله إلى مكان حادث روزويل برفقة “شيريدان كافيت” ضابط المخابرات المضادة خلال عودته اتخذ منعطفًا إلى منزله حيث كان يحمل فى سيارته صندوقين من الحطام و أظهر لابنه البالغ من العمر 10 سنوات “جيسي جونيور ” بعض منه و اكان يحتوى على علامات و رموز تشبه الهيروغليفية وهو أمر ظل عالق في ذهن الصبي الصغير وفقًا لتقرير صحيفة الجارديان و لكن مع السرعة التي نمت فيها إثارة الاكتشاف و بدء الرأى العام فى الحديث عنه اتخذ الجيش إجراءً سريعًا في تمييع القصة ففي اليوم التالي و بعد وقت قصير من بدء العلماء الحكوميين في الوصول إلى مكان الحادث ادعى المسؤولين أن الحطام كان في الواقع لمنطاد طقس و طُلب من “مارسيل” أن يتم تصويره في مؤتمر صحفي مع الحطام و كان هذا هو الحال و أغلقت القضية أو هكذا اعتقد الجميع .
و ماتت قصة حادث روزويل و لكن عاد الاهتمام بها مرة أخرى في عام 1978 حين أجرى عالم الفيزياء النووية و المؤلف و باحث الأجسام الطائرة المجهولة “ستانتون فريدمان” مقابلة مع “مارسيل” الذي قال إن الاكتشاف الذي تم قبل 31 عامًا لم يكن من هذا العالم و أن الحكومة أمرته بالتزام الصمت و بدء “فريدمان” فى اعادة النظر في الحادث و سعى للحصول على شهود آخرين و ألهم عمله مؤلفين أخرين مثل “تشارلز بيرلتز” و “ويليام مور” للمزيد من التحرى حول حادث روزويل و أصدروا بعض من الحقائق فى كتاب يحمل نفس الإسم نشر عام 1980 و تحدث عن أن مركبة فضائية كانت تحلق فوق صحراء “نيو مكسيكو” تراقب نشاط الأسلحة النووية الأمريكية لكنها تحطمت بعد أن ضربها البرق مما أسفر عن مقتل الكائنات الفضائية التى كانت على متنها و كان استنتاجهم بأنه كان هناك تستر كبير من الدولة حول ذلك الحادث و ما زاد من شهرة ذلك الأمر و اهتمام الناس به مجددا انه فى ذلك الوقت صدرت بعض من أفلام الخيال العلمى الشهيرة مثل “حرب النجوم” و “لقاءات قريبة من النوع الثالث” حيث أشارت الدراسات إلى أن المشاهدات و الاعتقاد في الأجسام الطائرة المجهولة يرتفع عندما تظهر نوعية تلك الأفلام و البرامج التلفزيونية الشهيرة لأول مرة حسبما ذكرت صحيفة ” التايمز ” .
و فى عام 1989 و بعد فترة وجيزة من حلقة برنامج “الألغاز غير المحلولة” التي ظهرت فى احداها حادث روزويل اتصل شخص يدعى “جلين دينيس” بالخط الساخن و قال أن صديقًا له كان يعمل ممرضًا في مطار “روزويل” العسكرى و روى له بأنه رأى ثلاث جثث غريبة و لكن ربما لم يهتم احدا كثيرا بتلك المكالمة و لكن فى عام 1994 كانت القنبلة الحقيقية و التى دفعت الكثيرين للتساؤل عما اذا كان بالفعل الحطام الموجود فى حادث روزويل هو لمركبة فضائية ام شئ عسكرى فوفقا لسلاح الجو الأمريكي فقد أعترف الى أن قصة منطاد الطقس ليست صحيحة و لكنها لم تكن لتغطية حقيقة أن كائنات فضائية صغيرة قد زارت كوكب الأرض على متن مركبتهم الفضائية و لكن كان الحطام في الواقع ناتجًا عن مشروع سري لمجموعة من الميكروفونات التى تم تثبيتها على بالونات عالية الارتفاع و غير مرئية كان سيتم اطلاقها فى الاتحاد السوفيتي لالتقاط الموجات الصوتية الناتجة عن اختبارات القنابل الذرية السوفيتية و يُدعى ” مشروع موجول ” و قيل أنه تم تشغيله بين عامي 1947 و 1949 و أن البالونات مكونة من مادة غير عادية من النوع الذي يمكن الخلط بينه و بين جسم غامض و اعتقد البعض ان ذلك الإعتراف الرسمى بمثابة اغلاق تام للقضية الا ان ذلك لم يحدث .
فمع الاعلان الرسمى الأمريكى عن حقيقة حادث روزويل كانت النتيجة هى مزيد من الشكوك حيث قال “كينيث درينكووتر” المحاضر الأول في علم النفس و المتخصص في الأمور الخارقة بجامعة مانشستر متروبوليتان فى “المملكة المتحدة” ان التصريحات الرسمية الأمريكية المتضاربة تؤدى بإستمرار إلى عدم اليقين فالرواية الرسمية الأولى بأنه منطاد طقس لم يكن واضحا ثم غيروا الرواية و أدى ذلك إلى الشك في أن شيئًا ما كان يجري و يتم التستر عليه و يثير شعورًا بأن شيئًا ما يتم إخفاؤه عن عامة الناس بشكل يزيد من التكهنات بعثورهم على شئ غامض يمتلك تكنولوجيا غريبة و بطبيعة الحال عاد الاهتمام مجددا حول البحث عن طبيعة حادث روزويل و فتح ملفاته مرة أخرى و البدء فى أيلاء أهمية كبيرة لشهادات أولئك الذين كانوا هناك و كثير منهم من العسكريين المحترمين حيث قال أحدهم ممن كانوا هناك يوم الحادث بأن كل فرد من كبار ظباط العقيد ” ويليام بلانشارد ” المتمركزين فى الوحدة الجوية فى روزويل باستثناء واحد فقط قد قالوا حين رأوا حطام تلك المركبة أنها من أصل غريب و من خارج كوكب الأرض لأنه ليس صاروخا او منطاد طقس بينما كان الرافض الوحيد بينهم هو ظابط المخابرات المضادة ” شيريدان كافيت ” الذي رافق “مارسيل” الى الحطام لأول مرة حيث أشارت شهادته الدقيقة إلى أنه لم يحدث شيء غير مألوف و أضاف أنه لم يتعرض للتهديد من قبل أي شخص في الحكومة و أن الحطام لم يكن مبعثرًا على نطاق واسع و هو أمر قال عنه محققى الأطباق الطائرة بأنه مناقض للحديث عن ” مشروع موجول ” لأنه كان المفترض أنه لو كان صحيحا كان الحطام سكون كبيرا و على نطاق واسع .
و لمزيد من الشكوك صدر في عام 1995 فيلم يُزعم أنه يُظهر تشريحًا لجثة مخلوقات فضائيه و ادعى أنه تم تصويره على يد مسؤولًا عسكريًا أمريكيًا بعد فترة وجيزة من حادث روزويل و تم عرضه بواسطة ” راى سنتيلى ” و هو رجل أعمال في مجال الفيديو و أثارت اللقطات ضجة كبيرة عندما تم بثها على شبكات التلفزيون حول العالم الا أنه في عام 2006 أعترف ” راى ” بأن الفيلم كان في الغالب مفبرك لكنه استمر في الادعاء بأنه يستند إلى لقطات حقيقية مفقودة الآن .
أقرأ أيضا : قرية الأقزام فى الصين التى فشل العلم فى الوصول إلي تفسيرها
و على مدار الأربعين عامًا الماضية أو نحو ذلك كانت هناك مزاعم و خيوط جديدة مما أدى إلى زيادة الغموض حول حادث روزويل فعلى سبيل المثال تحدث محقق الأطباق الطائرة “كالفن باركر” مؤخرًا عن الوقت الذي قضاه مع “مارسيل” قبل وفاته عام 1986 زاعما بأن الظابط قد كشف له بأنه أخفى ثلاث قطع معدنية من موقع التحطم في الجزء العلوي من سخان المياه في منزله و مع ذلك لم يتم العثور عليهم مطلقًا و لم يتوقف الأمر عند ذلك حيث ظهرت نظرية أخرى على يد مصدر لم يذكر اسمه و عمل كمهندس في المنطقة 51 و الذى تحدث الى ” آني جاكوبسن ” و هي صحفية مخضرمة في مجال الأمن القومي أن طبيب معسكر الاعتقال النازي “جوزيف منجيل” قد تعاون مع السوفييت من خلال تشوية بعض من الأطفال المراهقين ليشبهوا الكائنات الفضائية ثم تم وضعهم في طائرة حلقت فوق “نيو مكسيكو” حيث كانت خطة الزعيم السوفيتى ” جوزيف ستالين “أن يخرج الأطفال الى الشوارع و يظن الأمريكيين أنهم زوار من كوكب المريخ و سينشأ ذعر عارم فى البلاد و يكون ذلك جزء من الحرب الباردة بين المعسكرين الا ان البعض شككوا فى تلك الرواية لأنه لا يوجد دليل في أي أرشيف سوفييتي خاصة فى وثائق المخابرات السوفيتية KGB على وجود مثل هذه التجارب خاصة أنه إذا كان القصد هو إثارة الذعر فقد فشل فشلا ذريعا .
و لا تزال الحقيقة غائبه حتى أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين لم يعطوا اى اجابة حاسمة ففى مقابلة عام 2014 أفاد الرئيس الأسبق “بيل كلينتون” أن إدارته حققت في الحادث و لم تجد شيئا مثيرا للإهتمام و هو ما أكده ” باراك اوباما ” حيث قال يسألني الناس دائمًا عن ” حادث روزويل ” و الكائنات الفضائية و الأطباق الطائرة و لكنها فى واقع الأمر امور ليست مثيرة كما يظن البعض اما الرئيس السابق ” دونالد ترامب ” فكان له رأى أخر فحين تم سؤاله عما اذا كان يفكر في الإفصاح عن مزيد من المعلومات حول حادث روزويل قال لن أتحدث حول ما أعرفه عنه لكنه مثير جدًا للاهتمام .