تقام المعسكرات فى العديد من الدول لأغراض متعددة ما بين ملتقى للرياضيين بغرض الإعداد لبطولة ما أو تجمع للكشافة من أجل تدريب الأطفال طرق و أساليب الاعتماد عن النفس و لكن يوجد فى غانا بأقصى غرب أفريقيا معسكرات من نوع خاص ليس من السهل تواجده فى أى مكان أخر بالعالم و هو معسكرات الساحرات و هو مكان مخصص لتجميع و عزل بعض من النسوة اللائي يزعم أنهن ساحرات لا لشئ سوى ان سوء حظ ما قد أصاب إحدى القرى أو ظهور إمرأة وسط قبيلتها بشكل غريب الأطوار مثل اصابتها بأحد الامراض النفسية او حتى بغرض التخلص منها لأى أسباب أخرى واهية مثل الإستيلاء على الميراث و حينها يكون أسهل إتهام لها هو وصمها بأنها ساحرة ليتم نفيها على الفور و نقلها الى ذلك المكان المعزول لحماية المجتمع من شرورها كما يزعم و أيضا لتعيش فى أمان بعيدا عن بطش الخارج .
و أنشئت معسكرات الساحرات منذ أكثر من 100 عام عندما قرر رؤساء القرى إنشاء مناطق آمنة و معزولة للنساء و تدار من قبل أشخاص يطلق عليهم اسم ” التينداناس ” و هم قادة قادرون على تطهير المرأة المتهمة بالسحر و حماية المجتمع من أي عمل لها و أيضا لحمايتها من حراس المعسكرات التى لا تزال قائمة حتى اللحظة و يبلغ عددها الأن ما لا يقل عن 6 و هم ” بونياسي و جامباجا و غناني و كباتينجا و كوكو و نابولي ” و تضم أكثر من 1000 أمرأة يعيشون داخل أكواخ متقاربة بلا كهرباء أو مياه جارية و تتسرب أسطحها عند هطول الأمطار و من أجل الحصول على المياه يسيرون لكيلومترات الى أحد الانهار و هم يحملون القدور الثقيلة فى أسلوب حياة صعب و لكن يمكن تحمله طالما هم أمنون داخل تلك الأماكن من بطش الناس بالخارج و هم يقتاتون حياتهم عن طريق جمع الحطب أو بيع أكياس صغيرة من الفول السوداني أو العمل في المزارع المجاورة .
أقرأ أيضا : هيلين دانكن و محاكمة أخر ساحرة بريطانية فى القرن العشرين
و تعتبر “غانا” واحدة من الدول الأفريقية التى يؤمن بعض مواطنيها بوجود علاقة ما بين السحر الأسود و تسببه فى تفشى الأمراض و نفوق الماشية و الجفاف و الحرائق و الكوارث الطبيعية الأخرى و فى الغالب يكونوا دائما كبار السن هم من فى مرمى الاتهام كما يلاحظ أن أكثر من 70٪ من سكان المخيمات قد تم اتهامهم و طردهم بعد وفاة أزواجهن مما يشير إلى أن مزاعم السحر تلك ما هي الا وسيلة لتمكين العائلة من السيطرة على ممتلكات الأرملة اضافة الى أن بعض منهم تم ارسالهن الى معسكرات الساحرات لأنهم كانوا مزارعات ناجحات أو لديهن أعمال مربحة أو تجرأن على التدخل في الأمور المخصصة للرجال فقط حتى أن بعض منهن تم اتهامهم لأسباب مضحكة مثل ظهور واحدة منهم فى حلم لاحد الاشخاص و أخرى تم أتهمت بأنها ساحرة بعد تشبييها بألهة البحر التى تغرى الرجال حتى وفاتهم لمجرد ان احد الرجال قد غرق بجانبها .
و من أجل التأكد من أن تلك المرأة ساحرة من عدمها فتجرى فى معسكرات الساحرات بعض من الطقوس الغريبة حيث تقدم المرأة على شراء دجاجة ذات ألوان زاهية لتعرض على الكاهن المقيم فى ذلك المكان و الذى يكون جالسا و ينطق بالتعاويذ قبل ذبح الدجاجة و يتم مراقبتها جيدا و هى تلفظ أنفاسها الأخيرة و معرفة كيف ستسقط فإذا وقعت على ظهرها فذلك معناه ان تلك المرأة بريئة و يتم رش الماء المقدس عليها و على المجتمعين لمشاهدة الاحتفال اما اذا وقعت على جانب أخر فهذا يعنى أنها مدانة بالسحر و عليها الخضوع لطقوس تطهير أسوأ بكثير مثل شرب مزيج من دم الدجاج و جماجم القرود و التربة و يجب عليها أن تشرب هذا الخليط من دون أن تمرض في غضون سبعة أيام من أجل طرد الأرواح الشريرة لتكون فعالة و إذا لم يكن كذلك فيجب أن تتناول المزيج مرة أخرى .
و يقول المراقبين و النشطاء أن معسكرات الساحرات تمثل مظهرًا دراماتيكيًا لوضع المرأة في “غانا” حين تصبح المسنات هدفًا لأنها لم تعد مفيدة و أن النساء اللواتي لا يتوافقن مع طلبات المجتمع يقعن ضحية لاتهامات بممارسة السحر و التى ما هى الا مجرد كراهية و غيرة و طريقة للتخلص منهم و أن الكثير من هؤلاء النساء قد تم اتهامهن بالظلم خاصة و أن بعضهن مصابات بأمراض نفسية مثل الاكتئاب و الخرف و غيرهم و هى أمراض من السهل على أى طبيب نفسى تشخيصها الا انه و لصعوبة فهم تلك الامور و استيعابها بداخل تلك المجتمعات فيكون الاتهام حاضرا بالسحر او المس و هو ما دفع الكثير من المنظمات الانسانية لمحاولة مد يد العون لتلك الأماكن التى تمر بظروف قاسية خاصة بعد ازدياد الاعداد فيها مع شح الامكانيات المتوفرة لاعالتهن حيث تقوم بمحاولة توفير الاحتياجات الاساسيه للنساء و الاطفال مع تأهيلهن و اعطائهن جرعات نفسيه لزيادة ثقتهن بانفسهن وتعليمهن حقوقهن وإيجاد طرق يمكنهن من خلالها إعالة أنفسهن .
أقرأ أيضا : تعرف على عصابة جولابى التى تضم نساء محاربات بغرض تحقيق العدالة
و من ناحيتها ترى الحكومة الغانية أن معسكرات الساحرات وصمة عار على سمعة واحدة من أكثر الدول تقدمًا و حيوية في غرب إفريقيا و وعدت انها ستتحرك بسرعة لحلها و اغلاقها و العمل على لم شملهن مع مجتمعاتهن مجددا حيث قامت بالفعل باغلاق عدد منهم الا ان الامر لم يكن بتلك السهولة نظرا لأن إعادة هؤلاء النساء إلى قراهن الأصلية سيكون محفوفًا بالمخاطر لذلك فلابد من توعية سكان تلك القرى أولا بعدم وجود السحرة و ان هؤلاء مجرد نسوة عاديين قبل الإقدام على تلك غلق تلك المعسكرات و هذا أمر سيستغرق ما بين 10 الى عاما و هو ما جعل السلطات ترجئ إغلاق باقى المعسكرات لحين اشعار أخر .