مع القفزات التكنولوجية التى واكبت العالم مؤخرا و حدوث تطورات ضخمة فى تقنية الذكاء الصناعى بدأت العديد من الشركات فى الاعتماد عليها لتحل محل الانسان فى مؤشر الى أن تلك التقنية من المتوقع مزاحمتها لبنى البشر فى الكثير من الوظائف مستقبلا قد يكون بعضها فى أماكن لا يمكن للعقل تخيل عدم قيام الانسان بها و هو ما فاجئتنا به وكالة الأنباء الحكومية الصينية المعروفة بإسم شينخوا فى مؤتمر الإنترنت العالمى الذى نظم فى الصين حين كشفت النقاب عن تكنولوجيا المذيع الإليكتروني الذى يعمل بتقنية الذكاء الإصطناعي و يمكنه قراءة الأخبار باللغتين الإنجليزية و الصينية و ليس ذلك فقط بل أعلنت عن سعيها للاعتماد على مذيعين جدد يعملون بنفس التقنية من بينهم نساء .
و لمحاولة إستيعاب فكرة المذيع الإليكتروني يجب فهم طبيعة تلك التقنية التى يعمل بها و هى الذكاء الصناعي و التى تعنى قدرة الكمبيوتر الرقمي أو الروبوت الذي يتم التحكم به عن طريق الكمبيوتر على أداء المهام التى تقوم بها الكائنات الذكية مثل الإنسان و ذلك من خلال برمجتها لتنفيذ مهام محددة مع وضع استراتيجية عامة لها للتعلم بشكل تلقائى يجعلها تتكيف مع البيانات المدخلة إليها من دون إعادة برمجتها مجددا حيث شهد العالم مؤخرا اختراقات مهمة فى ذلك المجال و بدأ خروجه من المختبرات الى التطبيقات العملية فى قطاعات عدة مثل التمويل و الصحة و المجالات التجارية و الصناعية و اخرها الإعلامية و أصبحت الصين واحدة من المراكز العالمية الرائدة في تطوير تلك التقنية مع وضع الدولة لخطة تطوير لتتجاوز منافسيها و تصبح الرائدة عالميًا في ذلك المجال بحلول عام 2030 .
و لتنفيذ خطة الدولة أطلقت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” بالتعاون مع محرك البحث “سوجو” الذي يقع مقره في “بكين” تقنية المذيع الإليكتروني لإلقاء نشرات الأخبار و المعتمد على الذكاء الاصطناعي لأول مرة في المؤتمر العالمي الخامس للإنترنت في مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين حيث ظهر مذيع بنفس الهيئة البشرية و بدء فى قراءة الأخبار و اعتمدت صورته المكونة على تركيبات رقمية من لقطات تم إنشائها لمضيف بشري حقيقى و هو يقرأ الأخبار و باستخدام أصوات مركبة على تلك الصورة يبدأ هؤلاء المذيعين فى إلقاء الأخبار مع وجود الحد الأدنى من تعابير للوجه و حركات الشفاه التي تبدو واقعية للغاية و تم تعلمها بشكل ألى من المقدمين الحقيقين حيث ظهر المذيع الأليكترونى الأول و الذى كان نسخة من مذيع الوكالة البارز ” كيو هاو ” للجمهور و هو يرتدى بدلة مخططة و ربطة عنق حمراء و يرحب بالمشاهدين الصينيين و يقوم بقراءة النصوص بشكل طبيعى كأى مذيع إخبارى محترف و التعليق على مقاطع الفيديو التي تبث مباشرة و يومئ برأسه بتركيز و يرفع حاجبيه قليلاً لتقديم صورة نابضة بالحياة بدلاً من روبوت بارد كما قدمت الوكالة أيضًا مذيعا أخر يتحدث الإنجليزية .
و تمتاز تقنية المذيع الإليكتروني فى تقديم التقارير بلا كلل كل يوم و من أي مكان في البلاد و قراءة الأخبار دون أي انقطاع حتى أن هؤلاء المذيعين حين يظهرون للمشاهدين و للدعاية عن انفسهم يقولون لك ” يمكنني مرافقتك على مدار 24 ساعة في اليوم و 365 يومًا في السنة و سأعمل بلا كلل لإبقائك على اطلاع بمجرد كتابة النصوص الخبرية و أتطلع إلى تقديم تجارب إخبارية جديدة اليك ” حيث قام المذيع الإليكتروني ” كيو هاو ” بتقديم 3400 تقرير و اكثر من 10 الاف دقيقه من البث , و من ناحيتها قالت وكالة “شينخوا” إن مذيعي الذكاء الاصطناعي أصبحوا رسميا أعضاء في فريق التقارير و من المتوقع ان يكون هناك فريق أخر للمراسلين بنفس التقنية و هو أمر يفيد فى تقليل تكاليف الإنتاج و تحسين الكفاءة و الدقة و تضيف أن تلك التقنية لا تقتصر على تقديم الأخبار فقط بل يمكن تخصيصها في مجالات أخرى و انه رغم توجه الوكالة للاعتماد على تلك التقنيات الا انه لا يزال مقدمى الأخبار البشريين موجودين فى أعمالهم و لكن يجب على تلك التقنية ان تأخد خطوة الى الامام .
و نتيجة نجاح تقنية المذيع الإليكتروني فقد دفع ذلك الامر الى تطوير الفكرة عن طريق تقديم المذيعة ” تشين تشاومينج ” و هى النسخة الرقميه النسائيه من مقدمة النشرات الاخباريه ” تشو مينج ” و لكن مبرمجة تلك المرة بتقنيات أعلى من سابقيها و التى لا تسمح لها بالحركة و الالتفاف و المشي فحسب بل يمكنك أيضًا رؤية خيوط شعرها و مسام جلدها اضافة الى الدقة فى التنسيق بين الصوت و تفاصيل حركات شفتيها و حركة عضلات وجهها كما يمكنها تغيير الماكياج و الأزياء و التسريحات اعتمادًا على سيناريوهات الأخبار المختلفة .
و رغم تلك النقلة الكبيرة فى المجال الإعلامي الا أنها ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها وسائل الإعلام الصينية الروبوتات بتغطيتها ففي عام 2016 بدأت محطة Dragon TV الإخبارية في استخدام روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي لتقديم تقارير الطقس و رغم فوائد تلك التقنيات على الوكالات الإخبارية الصينية الا ان الكثير من المراقبين يقللون من أهمية ذلك الأمر على اعتبار ان “شينخوا” وكالة توزع التقارير الإخبارية الحكومية و تعطي للجمهور وجهة نظر الحكومة و الحزب بشأن بعض القضايا لذا فإن الحصول على الأخبار من الإنسان أو الروبوتات لن تختلف كثيرًا كما ان المذيع الإليكتروني مهما بلغت إمكانياته فإنه يفتقر لمهارات اتخاذ القرار و المعالجة و تقديم العنصر العاطفي الذي يقدمه الصحفي الحقيقي لذلك فلا يزال امام تلك التقنية الكثير حتى تستطيع منافسة الإنسان .