كوكب الأرض هو ثالث أقرب كوكب الى الشمس فى ترتيب كواكب المجموعة الشمسية و خامسها من حيث الحجم و هو أكبر الكواكب الصخرية الأربعة القريبة من الشمس ( المريخ و الزهرة و عطارد ) و المكونين من الصخور و المعادن و يعتبر الأكثر كثافة بين جميع كواكب نظامنا الشمسى و هو وطننا الذى نعيش فيه و المكان الوحيد حتى اللحظة المعروف فى الكون كله بإستضافته للكائنات الحية , و رغم أنه يمكن العثور على كميات كبيرة من المياه في جميع أنحاء نظامنا الشمسى الا أن كوكبنا الأزرق هو الوحيد فقط الذى يحافظ على المياه السطحية فى صورتها السائلة بنسبة 71% بينما يتمثل باقى تكوينه على هيئة يابسة من قارات و جزر كما أن سطح كوكبنا مكون من عدة صفائح تكتونية تتحرك ببطء لتشكيل سلاسل جبلية و تتفاعل فيما بينها لانتاج البراكين و الزلازل كما أن الأرض تتميز عن سائر الكواكب بتوليد نواتها الداخلية السائلة لمجال مغناطيسي يشكل غلاف وقائى يعمل على انحراف الرياح الشمسية المدمرة و بالتالى حماية الكوكب من أضرارها , و يقدر أن كوكب الأرض قد نشأ منذ مليارات السنيين حيث تشكلت فى سنواته الأولى المحيطات ثم تطورت فيه الحياة لتنتقل لاحقا الى اليابسة ثم ظهر البشر منذ نحو 300 ألف عام و يصل عددهم اليوم إلى ما يقرب من 8 مليارات نسمة يعيشون على المحيط الحيوي للأرض و يقتاتون على موارده الطبيعية من أجل بقائهم على قيد الحياة بعضها بطرق قد تكون سلبية تعمل على تهديد النظم البيئية للكوكب من مناخ و تربة و مصادر مياه و التى قد تؤدى يوما لا قدر الله الى تهديد حياتنا و تكون سببا فى انقراض الجنس البشرى على نطاق واسع .
و يعتقد ان تسمية كوكب الأرض بذلك الإسم قد حدثت منذ أكثر من ألف عام و رغم أنه قد تمت تسمية جميع الكواكب على أسماء ألهة إغريقية و رومانية الا أن الأرض تحديدا تعتبر إستثناء لذلك حيث أن اسمها Earth مشتق من كلمة جرمانية تعني ببساطة الأرض و هو كوكب يأخذ شكل إهليلجي و نتيجة لذلك فتستقبل المناطق الاستوائية المزيد من الطاقة الشمسية بشكل أكبر من المناطق القطبية ثم يعاد توزيعها مرة أخرى عن طريق حركة دوران المحيطات و الغلاف الجوي المكون أغلبه من غازات النيتروجين و الأكسجين اضافة الى ثانى اكسيد الكربون الذى يعمل على حبس جزء من طاقة الشمس بالقرب من السطح و أيضا بخار الماء الموجود على نطاق واسع و يشكل السحب التي تغطي معظم الكوكب , كما يتفاوت مناخ كوكب الأرض بحسب مجموعة من العوامل مثل توزيعات خطوط العرض و الارتفاعات و مدى القرب من المحيطات كما أن كوكبنا يمتلك تابع وحيد و هو “القمر” الذي يدور حولها و يبلغ عرضه الربع تقريبًا حيث يعمل على تثبيت محورها و التسبب فى بعض من الظواهر الطبيعية عليها مثل المد والجزر .
ما حجم و مسافة كوكب الأرض ؟
يبلغ نصف قطر كوكب الأرض 6371 كيلومترًا حيث يعتبر هو أكبر الكواكب الصخرية و خامس أكبر كوكب بشكل عام فى المجموعة الشمسية و يبعد عن الشمس مسافة 150 مليون كيلومتر و هو بعد يعادل وحدة فلكية واحدة حيث تعتمد تلك الوحدة عند وضع مقارنات سريعة لمسافات الكواكب بالنسبة الى الشمس و بناء على تلك بعد تلك المسافة فيستغرق الضوء حوالي ثماني دقائق تقريبا للوصول إلى كوكبنا كما نبعد عن مركز مجرة درب التبانة بنحو 25 ألف سنة ضوئية .
و نظرا أن محيط كوكب الأرض عند خط الأستواء يبلغ 40،070 كيلومترًا و أن اليوم يستغرق تقريبا 24 ساعة فيبلغ سرعة كوكبنا 1670 كيلومترًا في الساعة ثم تتناقص صعودا او هبوطا من خط الاستواء حتى تصل الى الصفر عند ذروة القطبين .
ما هو مدارها و دورانها ؟
عندما يدور كوكب الأرض حول الشمس فإنه يكمل دورة واحدة حول نفسه كل 23.9 ساعة و يستغرق 365.25 يومًا لإكمال دورة واحدة حول مدار الشمس و هو أمرا أثار اشكالية كبيرة حيث مثل ذلك الربع الإضافي من اليوم تحديًا لنظام التقويم لدينا الذي يعتبر العام الواحد 365 يومًا لذلك و للحفاظ على تماسك التقاويم السنوية مع مدارنا حول الشمس فيتم اضافة يومًا واحدًا كل أربع سنوات و يسمى ذلك اليوم باليوم الكبيس و السنة المضافة إليها السنة الكبيسة.
و تميل الأرض حول محورها بمقدار 23.4 درجة ، مما يعني أن ضوء الشمس يسقط بشكل غير متساو على سطح الكوكب على مدار العام مما يؤدي إلى تباين موسمي في معظم أنحاء الكوكب و تكون الفصول الأربعة فخلال جزء من العام يميل نصف الكرة الشمالي نحو الشمس لذلك يكون التسخين الشمسى أكبر فى الشمال و بالتالى فصل الصيف و العكس صحيح و بعد ستة أشهر ينقلب الوضع و عندما يبدأ فصلى الربيع و الخريف يتلقى كلا من نصفي الكرة الأرضية كميات متساوية تقريبًا من الحرارة القادمة من الشمس , و غالبًا ما ينقسم سطح الأرض إلى ثلاث مناطق مناخية رئيسية و هى المناطق القطبية في القطب الشمالي و الجنوبي و التي تبدأ أعلى أو أسفل خط عرض 66 درجة شمالًا أو جنوبًا و المناطق المعتدلة المتوسطة بين خطي عرض 23 و 66 درجة شمالاً أو جنوباً و المناطق الاستوائية بين مدار السرطان عند خط عرض 23 درجة شمالًا و مدار الجدي عند خط عرض 23 درجة جنوبًا .
أقرأ أيضا : ماذا يحدث اذا توقف كوكب الأرض عن الدوران ؟
كيف تشكل كوكب الأرض ؟
عندما استقر النظام الشمسي في مخططه الحالي منذ حوالي 4.5 مليار سنة تشكلت الأرض عندما قامت الجاذبية بسحب الغاز و الغبار الملتف إلى الداخل لتصبح الكوكب الثالث بعيدًا عن الشمس و هى مثل نظرائها من الكواكب الصخرية فهى لها نواة مركزية و غطاء صخري اضافة الى قشرة صلبة .
و يقدر العلماء أن الأرض قد مرت خلال عمرها بأربعة دهور بدأت بـ “الدهر الجهنمى” و هى مرحلة تشكل الكوكب عن طريق تراكم غيمه من السديم الشمسي و نتيجة لفعل الجاذبيه تم تشكيل قرص كوكبى و مع إطلاق غازات بركانية تسبب ذلك فى تشكيل غلاف جوى بدائى الا انه لم يحتوى على الاكسجين حيث كان جزء كبيرا من سطح الأرض لا يزال منصهرًا لذلك كان من الصعب وجود اى حياة فيه و بمرور الوقت برد ذلك السطح مكونا قشرة صلبة مع انتقال الارض الى “الدهر السحيق” حيث سجلت فيه الحياه بدائيه النواة منذ 3.5 مليار سنة و بعدها تحولت الارض الى “دهر الطلائع” وفيه تحولت الكائنات من وحيدة النواة الى شكل اكثر تعقيدا و متعددة الخلايا حيث بدأت البكتيريا في إثراء الغلاف الجوي بالأكسجين كبداية صالحه لمعيشة الكائنات الحيه سمحت بوجود النباتات و الفطريات انتهاءا “بدهر البشائر” و الذى نعيش فيه الان حيث بدأت الفقاريات فى السيطرة على الارض فيما يعرف باسم الانفجار الكمبري و الذى فيه بدأت الأشكال المألوفة من النباتات والحيوانات و الثدييات فى الظهور انتهاءا بالبشر .
بناء الأرض
يتكون كوكب الأرض من أربع طبقات رئيسية تبدأ بالنواة الداخلية في مركز الكوكب و تحيط بها النواة الخارجية ثم الغطاء او كما يطلق عليها الوشاح و يليها القشرة .
و تتكون النواة الداخلية من كرة صلبة مصنوعة من الحديد و النيكل في دائرة نصف قطرها 1،221 كيلومترًا و تصل درجة الحرارة هناك إلى 5400 درجة مئوية و يحيط بها النواة الخارجية حيث يبلغ سمك هذه الطبقة 2300 كيلومتر وهي مصنوعة من سوائل الحديد و النيكل و بعد النواة توجد طبقة الوشاح أو الغطاء و هي تعتبر الأكثر سمكًا بـ 2900 كيلومتر و تتكون من مزيج ساخن و لزج من الصخور المنصهرة و بعدها الطبقة الأخيرة و هى القشرة التى يبلغ سمكها 30 كيلومترًا في المتوسط لأنه في قاع المحيط تكون القشرة أرق من اليابسة .
و مثل كوكبى المريخ و الزهرة فكوكب الأرض به براكين و جبال و وديان حيث ينقسم الغلاف الصخري للأرض و الذي يشمل القشرة و الغطاء العلوي إلى صفائح ضخمة تتحرك باستمرار و ان كان ببطء و تحدث الزلازل عندما تتصادم تلك الصفائح مع بعضها البعض و خلال بعض من تلك التصادمات قد تتشكل الجبال كما يبلغ متوسط عمق المحيطات التى تغطى ما نسبته 71% من سطح الكوكب حوالي 4 كيلومترات و تحتوى فى أعماقها تقريبا كل براكين الأرض لدرجة أن بركان “ماونا كيا” الموجود في جزيرة “هاواي” التابعة الى “الولايات المتحدة” يعد من قاعدته الى قمته أطول من “جبل إفرست ” و لكن معظمه تحت الماء كما تقع أطول سلسلة جبال على الأرض تحت الماء أيضًا في قاع المحيط المتجمد الشمالي و المحيط الأطلسي حيث تعتبر أطول بأربع مرات من جبال الأنديز و روكي و جبال الهيمالايا مجتمعة .
و تعتبر أعلى نقطة فوق مستوى سطح البحر هي قمة جبل إيفرست على 8849 مترًا بينما الحوض الصغير المشكل على هيئة هلال في الجزء السفلي من غرب المحيط الهادئ و المعروف باسم خندق ماريانا هو أعمق بقعة على كوكبنا بمسافة 10984 مترًا و يعد نهر النيل أطول نهر في العالم بمسافة 6650 كم عبر شمال شرق إفريقيا و “بحيرة بايكال” في “روسيا” هي أكبر و أعمق بحيرة للمياه العذبة و تحتوي على 23،013 كيلومتر مكعب و هو حجم يعادل تقريباً حجم جميع بحيرات أمريكا الشمالية العظمى الخمس مجتمعة .
و بالقرب من السطح يوجد الغلاف الجوي للأرض الذى يتكون من 78٪ نيتروجين و 21٪ أكسجين و 1٪ غازات أخرى مثل الأرجون و ثاني أكسيد الكربون و النيون حيث يؤثر ذلك الغلاف على مناخ الأرض على المدى الطويل و الطقس المحلي على المدى القصير و يحمينا من الإشعاعات الضارة القادمة من الشمس اضافة الى اعتباره كدرع يقينا من النيازك التي يحترق معظمها بمجرد احتكاكها به حيث تحدث معظم الأنشطة البشرية في أدنى طبقة من الغلاف الجوي و هي طبقة “التروبوسفير” و التي تمتد من 8 إلى 14.5 كم فوق رؤوسنا و فوقها توجد طبقة “الستراتوسفير” حيث تطير السحب و بالونات الطقس على ارتفاع يصل إلى 50 كم ثم تليها طبقة “الميزوسفير” التي تمتد حتى 85 كم و هو الارتفاع الذي تحترق فيه النيازك و اخيرا طبقة ” الثيرموسفير ” التى تصل إلى مسافة بعيدة في الفضاء بارتفاع لا يقل عن 600 كم .
الغلاف المغناطيسى للأرض
يؤدي الدوران السريع لكوكب الأرض و نواته المكونة من النيكل و الحديد إلى نشوء مجال مغناطيسي يعمل على حمايتنا من الرياح الشمسية و المكونة بتيار من الجسيمات المشحونة المنبعثة باستمرار من الشمس و عندما تصبح تلك الجسيمات محاصرة في المجال المغناطيسي للأرض فإنها تصطدم بجزيئات الهواء فوق الأقطاب المغناطيسية لكوكبنا و التى تقوم بالتوهج و تسبب الشفق أو الأضواء الشمالية و الجنوبية .
و يعتبر المجال المغناطيسي هو السبب فى جعل إبر البوصلة تشير إلى القطب الشمالي بغض النظر عن الاتجاه الذي تدور فيه و لكن من المعروف انه من الممكن ان تتغير القطبية المغناطيسية للأرض و تنقلب الى الاتجاه المعاكس حيث يخبرنا السجل الجيولوجي أن الانعكاس المغناطيسي يحدث كل 400 ألف سنة في المتوسط وبقدر ما نعلم فإن مثل هذا الانعكاس المغناطيسي لا يسبب أي ضرر للحياة على الأرض و من غير المرجح أن يحدث الانعكاس لألف سنة أخرى على الأقل و لكن عندما يحدث ذلك فمن المرجح أن تشير إبر البوصلة الى العديد من الاتجاهات المختلفة لبضعة قرون أثناء إجراء ذلك التبديل و بعد اكتماله سيشيرون جميعًا إلى الجنوب بدلاً من الشمال .
الحياة على كوكب الأرض
يتمتع كوكب الأرض بدرجة حرارة مناسبة للغاية و مزيج من المواد الكيميائية التي جعلت الحياة ممكنة به و الجدير بالذكر أن الأرض فريدة من نوعها من حيث أن معظم كوكبنا مغطى بالمياه السائلة لأن درجة الحرارة تسمح بوجود الماء السائل لفترات طويلة من الزمن حيث كانت المحيطات الشاسعة مكانًا مناسبًا لبدء الحياة على الكوكب منذ حوالي 3.8 مليار سنة الا أنه حاليا بدأت بعض من مميزات كوكبا فى التغير بسبب التأثيرات المستمرة من التغير المناخى و الإحتباس الحرارى .
أستكشاف كوكب الأرض
على الرغم من صعوبة الوصول الى الفضاء الا أن استكشاف كوكب الأرض و طبقاته و اعماق محيطاته تعتبر هى الأصعب فحتى اللحظة لا يزال كوكبنا لديه الكثير من الأسرار التى لم يتم حلها بعد و لم نستطيع التوغل الى اعماق الأرض سوى الى 12 كيلومترا فقط كما أن كوكبنا يمتلك أنظمة تفاعلية تجعل منه عالما متغيرا بإستمرار لذلك فتقوم وكالة ناسا و الوكالات الفضائية الأخرى بمراقبة كوكبنا على مدار اللحظة باستخدام أدوات حساسة لفهم التوازن الدقيق بين محيطاته و هوائه و أرضه و حياته حيث تساعد تلك الملاحظات في دراسة و توقع الطقس و الجفاف و التلوث و تغير المناخ و العديد من الظواهر الأخرى التي تؤثر على البيئة و الاقتصاد و المجتمع .
أقرأ أيضا : عندما يكون نزول طبقات الأرض أكثر تحديا للإنسان من صعوده للفضاء