تعتبر سلسلة أفلام جيمس بوند واحدة من أشهر الأعمال السينمائية التى تناقش عالم الجاسوسية و المخابرات من خلال العميل البريطانى الذى يحمل نفس الإسم و يخوض مغامرات تحبس لها الأنفاس لمواجهة الأعداء المنتمين الى منظمات إجرامية أو أجهزة مخابرات دولية أخرى خاصة التى تكون منها تحت مظلة الحكم الشيوعى و نظرا لإتخاذ تلك الشخصية كرمز لأنتصار و تفوق المجتمع الغربى كان لابد على المعسكر الأخر الرد من خلال تقديم بطل شيوعى فى صورة عميل يدعى فيرنر بريديبوش و لكن فى مسلسل تلفزيونى قدم فى ألمانيا الشرقية بسبعينيات القرن الماضى تحت إسم القناع الخفى يقوم فيه بمواجهة الجواسيس الغربيين و الانتصار عليهم و إنقاذ البلاد من شرورهم .
تم عرض مسلسل ” القناع الخفى ” فى الفترة ما بين عامى 1973 و 1979 و كان اسم البطل الرئيسي في العرض ” فيرنر بريديبوش ” و الذى كان يعمل عميلًا سريًا لدى جهاز ” ستاسى ” و هى وزارة أمن الدولة التابعة لألمانيا الشرقية المعادلة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA و البريطانية MI5 حيث كان يشتهر ” ستاسى ” على نطاق واسع بأساليب المراقبة القاسية التي تنطوي على التنصت على المكالمات الهاتفية و الابتزاز و شبكة ضخمة من المخبرين بالاضافة الى قمع أي علامة احتجاج من الناس و وقف أي نوع من التأثير و الدعاية من قبل الأمريكيين و الألمان الغربيين و النازيين غير التائبين داخل ألمانيا الديمقراطية حيث يظهر عملاء ” ستاسى ” داخل المسلسل كأبطال الحرب الباردة و هم يدافعون عن ألمانيا الشرقية من الأفعال الشريرة للأعداء و من المثير للاهتمام أن ذلك المسلسل تم إنتاجه فى استوديو أفلام مملوكًا للدولة في “ألمانيا الشرقية” بغرض تجاوز الشعبية لأفلام ” جيمس بوند ” التى بدأت فى الانتشار بشكل سرى داخل البلاد خلال الستينيات و تقديم ترفيه بصري مختلف للشباب عن أفلام ” بوند ” التى تحمل رسائل خطيرة مناهضة للشيوعية اضافة الى اظهار “المانيا الغربية” بصورة الدولة الفاسدة التى لا تهتم سوى بالأشياء المادية و يعيش فيها أغلب النازيين القدامى .
و كانت السينما و الدراما خلال الحرب الباردة تعد عنصرا مهما فى الحرب الثقافية بين الكتلتين الشرقية و الغربية فقبل إنتاج مسلسل ” القناع الخفى ” و فى عام 1963 كانت سينما ” ألمانيا الشرقية ” تنتج أفلام تتحدث عن عالم الجاسوسية تعرف بإسم الإستطلاع حيث كان الأبطال فيها يظهرون كأمثلة نموذجية لألمان شرقيين مثاليين لا يشربون الكحوليات و اجتماعيين للغاية و يرفضون أي نوع من التأثير الغربي مثل الأنماط الغربية للرقص على سبيل المثال و هم أيضًا على عكس “جيمس بوند” فهم أصدقاء لرجال الطبقة العاملة و يرتدون ملابس عادية و بعدها تم اصدار ذلك المسلسل و التى كانت فيه الاعتمادات الافتتاحية و الأغنية الرئيسية بنفس الأسلوب الدقيق الموجود في أفلام ” بوند ” و هى لرجل يسير ببطء في الممر و تفتح دائرة دائرية سوداء من وسط الشاشة بينما يتم تشغيل موسيقى شبيهة في الخلفية .
و على الرغم من أن المسلسل كان عرضًا بغرض الدعاية إلا أنه تم إنشاؤه جيدًا من خلال طاقم عمل قوي يأتى على رأسهم الممثل ” أرمين موللر ستال ” الذي لعب دور ” فيرنر بريديبوش ” في الحلقات العشر الأولى و ذهب لاحقًا إلى “هوليوود” و كان له أدوار في أفلام مثل “Shine” و “The Game” اضافة الى جودة تصوير اللقطات التى كانت ممتازة أيضًا و لكن على الجانب الآخر و مثل أي فيلم دعائي كان في بعض اللحظات قد تكون المشاهد فيه سخيفة مثل وجود بعض من الممثلين فى حلقات أخرى بأدوار مختلفة حيث تناولت الحلقة الأولى منه مهمة أوكلت الى ” فيرنر بريديبوش ” للتسلل إلى شبكة من النازيين الذين يخططون لانقلاب في “الأرجنتين” حيث وضع خطة معقدة للغاية و التى من خلالها كان يغير هوياته و يغوي ضباط مخابرات نازيين بأسلوبه و يكتشف بسهولة أن رهبان في دير إيطالي هم من يقومون بتهريب النازيين إلى أمريكا الجنوبية و عند وصوله إلى “الأرجنتين” يقوم بمشهد راقص مذهل مع امرأة من المفترض أنها أرجنتينية الا أن من قام بأدائها ممثلة ألمانية بمكياج سيئ و في حلقة أخرى يمكن أن ترى عميلاً لوكالة المخابرات المركزية يهاجم عميلاً أخر خارج قلعة ألمانية و هو يرتدي بدلة نينجا .
أقرأ أيضا : مشاهير من هوليوود تم وضعهم فى القائمة السوداء بدعوى تعاطفهم مع الشيوعيه
و بجانب شخصية ” فيرنر بريديبوش ” تظهر شخصية أخرى فى الحلقات و هى العميل “ألكسندر” ذات المظهر الجيد و المغرم بارتداء قمصان بنية اللون و الباحث عن مجموعة شريرة تخطط لرمي غاز الأعصاب و اختباره فوق مدينة ألمانية حيث يظهر كرجل عادي خلال النهار بعمله مصورًا لوكالة إعلانية و يلتقط صورًا لفتيات جميلات و لا أحد يشك في أنه جاسوس و لكن عند الحاجة إليه فإنه يضع سحره في مهاراته القتالية و خبراته الجاسوسية لحماية شعب ألمانيا الشرقية من أي شخص يريد إيذائهم حيث كان اسم تلك الحلقة “إنفلونزا كينج كونج” و التى يقوم فيها “الكسندر” و فريق المخابرات بتتبع أحد الأشرار الذى كان يختبئ بشقة في مدينة “فرانكفورت” و في إحدى الليالي يتسلل البطل الى الشقة و بعد بحث قصير يعثر على حقيبة مشبوهة في الثلاجة و بالصدفة يدخل العدو في نفس اللحظة ليبدأ قتال بينهم يتم فيه تبادل اللكمات ينتهى بإنتصار البطل و يتضح أن الشرير ليس إرهابياً و لكن أمريكيا يعمل عميلاً لوكالة المخابرات المركزية و على ما يبدو فى أغلب الحلقات كان الصراع مع أجهزة المخابرات الغربية موضوعًا رئيسيًا و متكررًا في العرض ففي حلقة أخرى يقاتل العملاء الناتو و خططهم فى بدء اضطرابات عسكرية داخل جمهورية ألمانيا الديمقراطية و فى حلقة أخرى اكتشفوا وجود أسلحة جنوب أفريقية من حقبة الفصل العنصري تم ادخالها الى البلاد بمساعدة “الولايات المتحدة” و في الحلقة الأخيرة حاول عملاء ” ستاسى ” جنبًا إلى جنب مع ” فيرنر بريديبوش ” إيقاف خطط وكالة المخابرات المركزية لبدء الثورات القومية الفاشية في “اليونان” و “تركيا” و “إيطاليا” .