اعتاد الفراعنة قديما على تحنيط جثامين موتاهم لأغراض دينية و رغم انتهاء حقبتهم الا أن فنون التحنيط ظلت مستمرة على مدار القرون المتعاقبة فحتى اللحظة يتم عرض العديد من جثامين الباباوات في الفاتيكان و لا يزال الزوار يتدفقون لرؤية جثمان الزعيم الشيوعى لينين المحفوظة بالساحة الحمراء في روسيا و رغم أنها قد تكون مشاهد مروعة للبعض فإن هذه الجثامين تعرض لخدمة شيئًا ذا غرض تاريخي لكن هذا ليس هو الحال تمامًا مع المانيكان المكسيكية لا باسكوليتا التى تجذب الكثير من السياح لمشاهدتها و تجعلهم يتسائلون عما إذا كانت مجرد موديل لعرض الأزياء أو هى جثة حقيقية تم تحنيطها و توظيفها لذلك الغرض .
و تتميز موديل العرض ” لا باسكوليتا ” عن باقى الموديلات الأخرى بأن فستان الزفاف التى تقوم بعرضه يأتى فى المرتبة الثانية دائما لاهتمام المشاهد و الذى يكون تركيزه منصبا على تفاصيل العارضة نفسها بعكس الموديلات الأخرى التى صنعت فى المقام الأول بغرض عرض الملابس و التباهى بها و ذلك لأن وجه ” لا باسكوليتا ” يبدو حقيقى بالفعل بخدود وردية و شعر طبيعي متدفق و عيون صافية مكتملة برموش كثيفة اضافة الى أن يديها صُنعت بتفاصيل دقيقه تظهر فيها العروق و البصمات بشكل واضح اضافة الى ساقيها التى تحتوى على دوالي في الأوردة كما أن أسلوب تغيير الملابس لها غامض جدا فعلى عكس الدمى الاخرى الموجودة فى المتجر يتم وضع ستائر اثناء التغيير و لا تتم هذه العملية الا بعمال متخصصين و من النساء حيث يرجح البعض ذلك لاخفاء تكوينها التشريحى البشرى عن الناس .
و ظهرت موديل العرض ” لا باسكوليتا ” لأول مرة في نافذة متجر لفساتين الزفاف بمدينة “تشيهواهوا” فى “المكسيك” عام 1930 حيث أصيب السكان المحليين بالصدمة فور عرضها و ذلك ليس بسبب مظهر عارضة الأزياء النابض بالحياة فقط ولكن من التشابه الكبير الذي حملته مع ابنة صاحبة المحل “باسكوالا إسبارزا ” و التى بحسب القصة المتداولة كانت تستعد للزواج الا أنها لدغت من قبل عنكبوت الأرملة السوداء السامة يوم زفافها و تلقى مصرعها فى الحال بشكل مأساوى و لم يمض وقت طويل على وفاتها حتى ظهرت تلك العارضة في نافذة المتجر بشكل أدى إلى ولادة أسطورة أنها لم تكن مجرد مانيكان للأزياء على الإطلاق بل جسد العروس نفسه بعد تحنيطه و رغم نفى الأم الا أن أحد لم يصدقها كما تتداول أسطورة محلية أخرى حول ” لا باسكوليتا ” و التى تقول أنها بالفعل مجرد موديل عرض و لكن أحد السحرة الفرنسيين أفتتن بشكلها لدرجة أنه كان يزور مكانها كل ليلة و يعيدها إلى الحياة و يرقص معها و يتنزه برفقتها في جميع أنحاء المدينة قبل إعادتها مرة أخرى إلى واجهة المتجر كل صباح .
أقرأ أيضا : كارل تانزلر الرجل الذى وقع فى حب مريضته ثم عاش مع جثتها بعد وفاتها
و على مر السنوات ادعى عملاء المتجر أن عيون ” لا باسكوليتا ” تتبعهم أثناء تجولهم فى الداخل أو أنهم بمجرد استدارتهم اليها يجدوها فجأة في وضع مختلف كما يشاع أن وجودها يثير خوف بعض العاملين فى المكان حيث تقول ” سونيا بورسياجا ” و هى أحد العاملات المسئولات عن تغيير ملابسها مرتين فى الأسبوع بأنها في كل مرة تقترب فيها من تلك الموديل تجد أن يديها تتعرق لأنهم واقعيتان للغاية كما أن لديها دوالي في ساقيها و تظن أنها شخص حقيقى بالفعل , و رغم تلك التأكيدات أنها جثمان محنط الا أنه يوجد فريق أخر من الرافضين لتلك الفكرة و لديهم أسبابهم المقنعه التى تقول أنه من غير المحتمل أن تظل الجثة المحنطة سليمة تمامًا في حرارة “المكسيك” على مدار تسعة عقود كما أن امكانيات التحنيط بتلك المهارة الخالية من العيوب كان من الصعب تواجدها فى تلك المنطقة و الزمان التى ظهرت فيه خاصة أن حالتها أفضل بكثير من جثمان ” لينين ” الذى توفى فى توقيت مقارب و تم تحنيطه فى ” موسكو ” و هو جثمان يحافظ عليه خبراء و متخصصين و لديهم امكانيات ضخمة فى ذلك المجال و رغم منطقية ذلك الطرح الا انهم حتى اللحظة ليس لديهم تفسير مقنع حول يداها و قدماها الواقعيتان بشكل لا يصدق لذلك توجه البعض الى المالك الحالي للمتجر لمحاولة معرفة حقيقة أسطورة تلك الموديل الا أن اجابته كانت غامضة بأنه لا يستطيع التحدث عن ذلك حيث يقول البعض ان اجابته طبيعية لأنه يستفيد من تلك الأسطورة المتداولة و يفضل أن تظل موجودة دائما .