ذهل العالم عندما شاهد الخراب الذى احدثته القنبلة الذريه لدرجة أن البعض قد شكك فى أن تكون قنبلة واحدة قد تسببت فى كل ذلك الدمار , و رغم المأساة التى تركتها تلك القنابل و التى تركت ورائها كارثة انسانية كبرى جراء انفجارها الضخم الا أنه لم يكن الأول من نوعه حيث يخبرنا التاريخ بأن العالم شهد خلال القرن السابع عشر واحدا من أعنف الانفجارات التى حدثت داخل المدن و هو انفجار وانج جونج تشانج أو تيانكى العظيم الذى حدث فى العاصمة الصينية بيكين و كان له أثار مدمرة ضخمه لم تكن فى مقتل آلاف الأشخاص و تدمير البنى التحتية للمدينة فحسب بل كان له بالغ الأثر فى انتهاء سلالة عائلة مينج الحاكمة , و حتى اللحظه لا أحد يعرف أسباب ذلك الإنفجار الذى أصبح بمثابة لغز يحاول المؤرخين و العلماء فك غموضه من خلال مجموعة من الفرضيات تراوحت ما بين انفجار مستودع للأسلحة الى سقوط نيزك فى ذلك المكان .
كان الحادث يوم 30 من مايو عام 1626 و الذى بدء بيوم روتينى داخل مستودع أسلحة “وانج جونج تشانج” بالقرب من المدينة المحرمة في “بكين” و مثل كل يوم كان من المفترض أن يتم تصنيع البارود و المدافع و السهام و غيرها من الأسلحة بكميات كبيرة حيث كان ذلك المستودع يعتبر واحدا من أكبر مستودعات الأسلحة في “الصين” بذلك الوقت و في خلال الفترة ما بين الساعة 9 و 11 و بحسب ما ورد فى الصحيفة الرسميه فقد سمع دوي قادم من الشمال الشرقي و وصل تدريجياً إلى الجنوب الغربي من المدينة تلتها غيوم ترابية و اهتزاز للمنازل ثم تبع ذلك سطوع وميض يحتوي على ضوء عظيم اعقبه حدوث انفجار هائل حطم السماء و فتت الأرض و أصبحت السماء بعدها مظلمة و كل شيء في نطاق 2 كيلومتر تم ازالته من مكانه تماما من أشجار كبيرة و منازل و بشر و حتى تماثيل الأسود الحارسة التي تزن ما يقرب من 3 أطنان و كانت مثبتة فى القلاع حيث شوهدت على بعد مسافة كبيرة عن اماكنها .
و خلف انفجار ” وانج جونج تشانج ” حصيلة كارثيه من الاصابات و الوفيات حيث لقى ما يقرب من 20 ألف شخص مصرعهم و أصيب أضعاف ذلك الرقم من بينهم أشخاص كانوا يعملون في ترميم القصور بالمدينة المحرمة و يقال أن الانفجار تسبب أيضا في وفاة نجل الإمبراطور الذي كان يبلغ من العمر سبعة أشهر فقط و بمثابة الوريث الوحيد لعرشه نتيجة سقوط لوح حجرى عليه و توفي لاحقًا متأثرًا باصابته و حتى رئيس وزارة الأشغال ” دونج كيوى ” المشرف على مستودعات الأسلحة الستة في “الصين” تعرض لكسر في أطرافه و تقاعد بعد ذلك من منصبه كما قُتل العديد من المسؤولين الحكوميين في المدينة أو جُرحوا أو فُقدوا أثناء الانفجار و بحسب ما ورد فقد دفن بعضهم أحياء في منازلهم .
كان انفجار ” وانج جونج تشانج ” قويا جدا لدرجة أنه سمع على بعد أكثر من 2000 كيلومتر من “بكين” في منطقة “تشانج بينج” المجاورة و أثرت موجاته التضاغطيه على مناطق وصلت إلى مدى 150 كيلومترًا و هى أرقام ان كانت دقيقة فيقدر العلماء أن ذلك الدمار نجم عن انفجار يعادل 20 ألف طن من مادة تي إن تي دفعة واحدة و هو ما يكافئ تقريبًا القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة “هيروشيما” خلال الحرب العالمية الثانية كما تحدثت بعض الروايات حول ذلك الانفجار عن تكون سحابة كثيفة ارتفعت إلى السماء و ظلت في الأفق فوق المدينة لساعات و هو شيء يشبه بشكل مخيف سحابة عيش الغراب التى نجمت بعد انفجار القنبلة الذرية .
و بعد الانفجار كانت المدينة تحت الأنقاض و أستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تتعافى من كل ذلك الخراب و بغض النظر عن الخسائر البشرية و تدمير البنية التحتية فإن التأثير الأكثر عمقًا للانفجار هو إنهاءه سلالة “مينج” بعد وفاة وريثه الوحيد حيث مات الإمبراطور بعد عام واحد من الحادث و خلفه شقيقه التى أدت خططه باستبعاد شخصيات مهمة في الدولة إلى انهيار الإمبراطورية بالكامل بعد 18 عامًا فقط من الانفجار الذى قال عنه البعض أنه كان عقابًا إلهيًا لأن سلالة “مينج” كانت فاسدة بشكل متزايد و لديها ممارسات سيئة خلال حكمها و نظرا للغموض الذى صاحب الانفجار فقد أدى ذلك إلى تعزيز تلك الخرافة و هو ما دفع الإمبراطور ” تيانكى ” بعد الحادث إلى توزيع اعمال الإغاثة على الشعب كعمل من أعمال التوبة.
أقرأ أيضا : يوشى شيراتورى السجين الذى لا يستطيع أى سجن مهما بلغت استحكاماته فى الصمود امامه
و بعد مرور مئات السنوات لا يزال الناس في جدال حول ما حدث بالفعل في انفجار ” وانج جونج تشانج ” حيث تقول احدى الفرضيات انه نتج بسبب المخزون الكبير من البارود الذى كان يتم إنتاجه في مستودع الأسلحة و نتيجة سوء التخزين و التعامل معه بأستهتار أصبح الانفجار أمرًا لا مفر منه و أدى في النهاية إلى ذلك الحادث و نظرا لوجود احتياطيات إضافية من البارود في مكان قريب فقد ساهم ذلك فى تفاقم الأمر الا أن البعض لم يبدى اقتناعه بتلك الفرضية معللين بأن الحطام كان أكبر من أن يقترن بسوء تعامل بسيط مع البارود لذلك فهم ينسبون الحادث الى انفجار نيزك فى الجو و هو ما يفسر الصوت الهادر الأولي الذي تم سماعه و بعد ذلك بوقت قصير أصطدم بالمخزن بشكل تسبب في دمار واسع النطاق حيث يستشهد أنصار تلك النظريه بوجود كميات متزايدة من المعدن التي يُزعم أنها كانت تمطر من السماء فى ذلك الوقت و الأهم من ذلك هو وجود سحابة شبيهة بالفطر التى يمكن تفسيرها من خلال أثر الدخان الذي يتركه النيزك عادة عندما يتحطم الا أن البعض لا يتفق مع تلك النظريه نظرا لعدم وجود اى علامات او كتابات تشير الى حدوث انفجار لأى نيزك فى ذلك الوقت مع وجود فرضيات أخرى غير منطقيه تتحدث عن رجوع ذلك الى ثوران بركانى او حتى هجوم من كائنات فضائيه .
و حتى يومنا هذا لا يزال انفجار ” وانج جونج تشانج ” لغزا محيرا و لا أحد يعرف تحديدا عما إذا كان من خطأ العمال في مستودع الأسلحة أو كان عدالة إلهية من الفضاء الخارجي للقضاء على تلك السلالة الامبراطوريه و لكن تبقى الحقيقة المؤكدة أنه كان أحد أسوأ الانفجارات التي حدثت على الإطلاق .