يمتلئ الغرب الأمريكى بالكثير من القصص المثيرة و لعل أشهرها لأحد الأشخاص الذى كان مقامرا و من أمهر لاعبى أوراق الكوتشينه فى ذلك التوقيت و الذى قد تظن لأول وهلة أن هيئته تتمثل فى أنه رجلا ضخما ذات شارب كثيف الا انه و فى واقع الأمر قد يكون ظنك ليس فى محله بشكل كامل فهو بالفعل يمتلك شاربا و لكنه ليس برجل و لكن لامرأة تدعى إليانور دومون و الملقبة بإسم مدام موستاش او سيدة الشارب .
لا أحد يعرف سوى القليل عن حياة “إليانور دومون” التي ولدت باسم “سيمون جول” عام 1829 و يرجح ان مسقط رأسها في “نيو أورلينز” و لكن هناك ترجيحات أخرى تقول بأنها ولدت في “فرنسا” ثم انتقلت إلى “الولايات المتحدة” خلال فترة شبابها حيث كانت تتمتع بقدر كبير من الجمال و عند وصولها الى “سان فرانسيسكو” و وفقًا لبعض المصادر بين عامى 1849 و 1854 بدأت “اليانور ” و التى كانت لا تزال تعرف فى ذلك الوقت بـ ” سيمون ” العمل كديلر للقمار بألعاب الكوتشينه في فندق “بيلا يونيون” و كانت معروفة بأنها امرأة حساسة و كريمة و تعرف جيدًا كيفية التعامل مع العملاء الوقحين و سرعان ما بدأت فى التنقل عبر الولايات المختلفة فى الغرب الامريكى كمقامرة و لاعبة ورق ربحت من خلالهم مبلغا كبيرا من المال الى ان استقرت في “نيفادا سيتي” بولاية “كالفورنيا” .
و بمجرد استقرارها فى ذلك المكان تسبب مظهرها الانيق في إثارة ضجة كبيرة في تلك البلدة و التى لم تكن متحضرة بالقدر الكافى مثل ” سان فرانسيسكو ” و رغم ذلك بدأت لأول مرة تغيير اسمها الى ” إليانور دومون ” و قررت أن تبدأ نشاطًا تجاريًا بمفردها فى ذلك المكان و نظرا الى أنها اكتسبت الكثير من خبرة المقامرة خلال جولتها بين الولايات فقد قامت بفتح صالة للقمار و اطلقت عليه اسم Vingt-et-un و هى بمعنى ( 21 باللغة الفرنسية) و كانت محترفة فى ادارته حيث كان ذلك المكان مفتوحًا فقط للرجال و لا يسمح للناس بالمقامرة فيه باستثنائها .
كانت ” إليانور ” مثيرة لاعجاب الرجال الذين تعاملوا معها لجمالها وسحرها إلا انها أبقتهم جميعًا على مسافة بعيدة حيث كانت تسمح لهم بمغازلتها لمجرد استمرار حضورهم لتنشيط تجارتها و لكن ليس اكثر من ذلك و حققت صالة القمار نجاحًا كبيرًا لذلك قررت تطويرها بالدخول فى شراكة مع لاعب قمار متمرس يدعى “ديف توبين” ليفتتحا سويا صالة قمار أضخم اطلقوا عليها اسم ” قصر دورمونت ” و الذي كان ناجحًا للغاية و مع بدء نضوب الذهب في مدينة “نيفادا” أصبح العمل بها قليلا و يقرر الشريكان إغلاق الصاله و ترك “نيفادا سيتي” حيث استقرت ” إليانور ” لفترة وجيزة في مدينة “كارسون” و اشترت فيها مزرعة و بعض من الحيوانات و إلتقت بـ “جاك ماكنايت” و هو رجل نبيل حسن الملبس قدم نفسه اليها على أنه تاجرا للماشيه و كان لبقا و مهذبا فى كلماته بشكل سحرت به بطلة قصتنا و وقعت في غرامه الا انها اكتشفت فى النهايه بأنه كان رجلًا محتالًا حيث قام بسرقتها و هرب بكل اموالها .
و رغم تلك الصدمه الا انها تجاوزتها و بدأت حياتها مجددا عبر انتقالها من مدينة لأخرى تقامر فيها و تجمع أموال جديدة و بدأت تكبر فى السن و جمالها الاخاذ بدء فى التلاشى و أهملت حالها حيث كان ذلك هو الوقت الذي بدأ فيه شاربها الشهير بالنمو و فقدت أسلوبها الراقي فى التعامل مع الاخرين حتى انه و فى أحد الايام نطق عامل منجم مخمور بكلمات لها مخاطبا اياها بمدام موستاش او ” سيدة الشارب ” ليصبح هو لقبها الذى ظل معها الى الأبد , و استمرت “مدام موستاش” في التحرك من مدينة إلى أخرى و في عام 1867 انتقلت إلى “فورت بينتون” وأقامت في منطقة كانت تُعرف باسم “الكتلة الأكثر دموية في الغرب” و التى كانت مشهورة ببيوت الدعارة و صالونات القمار و قاعات الرقص حيث قامت بإعداد طاولة لها تلعب عليها مع الاخرين في احد صالات القمار و خلال فصل الصيف من نفس العام و بينما كانت تقوم بعملها علمت عن وصول احد القوارب البخاريه كانت قد سمعت أنه حاملا للجدري لذا فقد تركت عملها على الفور وركضت إلى النهر وهددت قبطان القارب بمسدسين و أخبرته بأنه غير مرحب به فى ذلك المكان و عليه الرحيل كما زعم أيضا أنها أضافت مهنة الدعارة إلى أنشطتها لاحقا حيث كانت تستعرض فتياتها في جميع أنحاء المدينة في عربات لتتباهى بجمالهن في وضح النهار للترويح لنشاطها .
و استمرت ” سيدة الشارب ” فى التنقل من مكان الى اخر الى ان وصلت الى محطتها الأخيرة و هى مدينة ” بودى ” بولاية “كالفورنيا” و بدأت فى صرف أموالها فيها و بعد ان اوشكت على النفاذ اقترضت 300 دولار من صديقة لها حتى تتمكن من فتح طاولة لها فى احدى صالات القمار و لسوء الحظ أخطأت فى اللعب و فقدت كل أموالها حيث تقول بعض المصادر إنها وقفت دون أن تنطق بكلمة واحدة و ذهبت للتجول خارج المدينة و بصباح اليوم التالي و فى 8 سبتمبر عام 1879 تم العثور على “إليانور دومون” ميتة مع قنينة مورفين فارغة بجانبها مع وجود رسالة في مكان قريب منها تفيد بأنها تعبت من الحياة حيث يقال ان جنازتها كانت هى الاكبر فى بلدة ” بودى ” نظرا الى أن الجميع كان يحبها لتنتهى قصة امرأة قررت قبول التحدى مع الرجال ليس فى اعمالهم فقط و لكن حتى فى هيئتهم .