في عالمٍ مليء بالتحديات الإجتماعية و الإنسانية ظهر برنامج تلفزيوني هولندي تربع علي عرش أكثر العروض المثيرة للجدل و هو برنامج المتبرعين العظيم The Great Donor Show و الذي مزج بين الواقع و الدراما بعد أن طرح قضية حيوية تتعلق بنقص المتبرعين بالأعضاء ففي الأول من يونيو عام 2007 إنطلقت هذه التجربة الفريدة و التي حولت التلفزيون إلي ساحة للنقاش حول فكرة الحياة و الموت بعد أن ظهرت فيه إمرأة تدعي أنها تعاني من مرض عضال و بصدد التبرع بكليتها إلي شخص ما يختاره المشاهدين و تضع بذلك المجتمع أمام إختبار صعب حول من يستحق تلك الهبة فما هي القصة وراء هذا البرنامج ؟ و كيف أثرت علي وعي الجمهور بقضية حيوية تستحق النقاش و المحاربة من أجلها .
بدأت قصة ” برنامج المتبرعين العظيم ” The Great Donor Show في الأول من يونيو عام 2007 حين عرضت شبكة BNN الهولندية أولي حلقاته و التي أثارت جدل كبير في أوساط المجتمع الهولندي و العالمي بعد أن أستند إلي فكرة غير تقليدية تتمحور حول إمرأة زُعم أنها تعاني من مرض عضال و بأنها تنوي التبرع بكليتها لفرد واحد من بين خمسة و عشرين شخصاً يحتاجون لزراعة كلي و بعد تصفية أولية تم إختيار ثلاثة متسابقين و خلال عرض الحلقات أتيح للمشاهدين الفرصة للتصويت عبر الرسائل النصية لإختيار الشخص الذي يجب أن يتم التبرع له.
و رغم الهدف الإنساني من ” برنامج المتبرعين العظيم ” إلا أن غرابة طرحه و محتواه أدي إلي تعرضه لحملة إنتقادات شديدة من قبل وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم خاصة و أنه في نهاية حلقاته تم الكشف عن أن المرأة “المحتضرة” كانت ممثلة بينما المتسابقين الثلاثة مرضى حقيقيين و بحاجة فعلية إلي زراعة كلي و كان هدف مشاركتهم هو زيادة الوعي بقلة المتبرعين بالأعضاء في ” هولندا ” و هو الأمر الذي أوضحه ” بول رومر ” مدير البرنامج بأن هدفهم كان إرجاع موضوع نقص المتبرعين إلي الأجندة السياسية و أشار إلي أن مثل هذه البرامج قد تكون غير مألوفة لكنها ضرورية لإحداث تغيير حقيقي في الواقع .
و ربما لم يكن ” برنامج المتبرعين العظيم ” مثيرا للجدل أثناء أو بعد عرضه فحسب و لكن حتي قبل إذاعته حيث حاول بعض السياسيين منع ذلك العرض لكن وزير الثقافة الهولندي ” رونالد بلاستر ” أعتبر أنه يجب السماح له بالبث رغم إعتقاده بأنه غير أخلاقي و مع ذلك رغم شدة الإنتقادات التي لاحقته فلم تكن هناك أي تداعيات سلبية تذكر أثناء عرضه بل علي العكس حقق نتائج إيجابية لأنه بعد بث الحلقة تلقى البرنامج أكثر من 12,000 رسالة نصية من المشاهدين الذين أبدوا إستعدادهم لملء إستمارات التبرع بالأعضاء و بحلول اليوم التالي تم طلب 30,000 إستمارة جديدة مما يعكس التفاعل الكبير مع فكرة التبرع بالأعضاء.
أقرأ أيضا : برنامج المحطم Shattered الذى يتنافس فيه المتسابقين على تحدى النوم
و نجح ” برنامج المتبرعين العظيم ” في جذب إنتباه قطاع واسع من الجمهور و عمل علي زيادة الوعي بمشكلة نقص المتبرعين بالأعضاء في ” هولندا ” و هو النجاح الذي أهله للحصول علي جائزة إيمي الدولية للترفيه غير المكتوب عام 2008 كما أشارت الإستفتائات أن اللحظة التي تم فيها الكشف عن أن البرنامج كان خدعة هي أفضل لحظة تلفزيونية هولندية عام 2007 و كان التقييم النهائي له أنه أحدث تأثير إيجابي علي المجتمع من خلال تحفيز الناس علي التفكير في أهمية التبرع بالأعضاء و أظهر أنه كيف يمكن للمشاريع المثيرة للجدل أن تساهم بشكل أو بأخر في مواجهة أي سلبيات قد تكون منتشرة و في حاجة إلي الإصلاح .