حتى اليوم لا يزال فيلم ” إنقاذ الجندي رايان ” للمخرج ” ستيفن سبيلبرج ” الذي أنتج عام 1998 يؤثر في المشاهدين عبر مشاهده المذهلة خاصة المتعلقة بإنزال نورماندي ثم تركيز الفيلم على مجموعة الجنود الأمريكيين الذين كُلفوا بالعثور علي زميلهم “رايان” بعد مقتل إخوته الثلاثة و إعادته إلى المنزل وسط مغامرات مثيرة لذلك ليس بالغريب حصول الفيلم علي 11 ترشيحًا لجائزة أوسكار بالإضافة إلي نيله إشادة واسعة بفضل تصويره الواقعي للمعارك في الحرب العالمية الثانية و مع ذلك فرغم إحترافية التصوير إلا أن الأكثر إدهاشا من تلك الواقعية الصادمة للمعارك الدموية التي وجدت علي الشاشة هو أن القصة نفسها كانت مبنية علي قصة حقيقية لعائلة نيلاند التي فقدت عدة أبناء لها خلال تلك الحرب و هو ما أجبر القيادة العسكرية علي سحب أحد أفرادها المتبقين و إعادته إلي أحضان أسرته .
بدأت القصة الحقيقية التي إستند إليها فيلم “إنقاذ الجندي رايان” درامية بقدر ما ظهرت على الشاشة بعد إنضمام الإخوة “فريدريك” و”بوب” و”بريستون” و”إدوارد نيلاند” الذين عاشوا في نيويورك إلي القوات المسلحة الأمريكية و كانوا موزعين في وحدات مختلفة حيث إنضم ” فريدريك ” و ” بوب ” إلي القوات المحمولة جواً بينما إنضم ” بريستون ” إلي المشاة و ” إدوارد ” إلي سلاح الجو و في 16 مايو عام 1944 قُبض علي ” إدوارد ” من قبل اليابانيين بعد سقوطه بمظلته في غابات بورما و علي الرغم من أن فريقه ظن أنه قُتل في المعركة إلا أنه كان محتجزًا في أحد معسكرات الأسرى في بورما.
و علي الجبهة الأوربية و في يوم إنزال نورماندي قُتل ” بوب نيلاند ” أثناء قتاله ضد القوات الألمانية و في اليوم التالي قُتل ” بريستون نيلاند ” أثناء محاولته السيطرة علي أحد المواقع الإستراتيجية و بعد وصول أخبار وفاة ” بوب ” و ” بريستون ” و إفتراض الجميع أن ” إدوارد” أيضًا قد مات قررت الحكومة الأمريكية إعادة ” فريدريك نيلاند ” إلي منزله بإعتباره الأخ الوحيد المتبقي علي قيد الحياة.
و فور صدور قرار الجيش الأمريكي بعودة ” فريدريك ” أصبح الكاهن العسكري “فرانسيس سامبسون” هو المسؤول عن العثور عليه وإبلاغه بوفاة إخوته و بعد أن علم ” فريتز ” بالخبر أُرسل إلي ” إنجلترا ” و من ثم عاد إلي ” نيويورك ” حيث قضى ما تبقى من الحرب كضابط في الشرطة العسكرية و في مايو عام 1945 جاءت الأخبار السارة بأن ” إدوارد نيلاند ” الذي إفترض الجميع أنه مات قد تم العثور عليه علي قيد الحياة بعد تحرير معسكر الأسرى في بورما و مع ذلك و رغم الخسائر الفادحة التي تعرضت لها العائلة إلا أن ” فريدريك ” و ” إدوارد ” قضيا بقية حياتهما معًا في نيويورك.
و ربما لا تعتبر قصة ” فريدريك نيلاند ” هي الوحيدة التي إستواحها الفيلم حيث كانت هناك قصة مأساوية أخرى لإخوة ” سوليفان ” الذين خدموا في الحرب العالمية الثانية بعد أن إنضم الخمس إخوة إلي البحرية الأمريكية و كان شرطهم الوحيد هو أن يخدموا معًا في نفس المكان و لكن خلال معركة ” جوادالكانال ” قُتلوا جميعا عقب غرق سفينتهم و هو ما دفع الحكومة الأمريكية إلي إتباع سياسة الفصل بين الإخوة الذين يخدمون في الجيش و لعل ذلك ما ساعد علي تجنب فقدان عائلات بأكملها مثل ما حدث لاحقا لعائلة ” نيلاند ” .
و رغم أن فيلم “إنقاذ الجندي رايان” إستوحى أحداثه بشكل كبير من قصة عائلة ” نيلاند ” إلا أن القصة في الفيلم إختلفت في عدة جوانب فعلى سبيل المثال في القصة الحقيقية كان ” إدوارد نيلاند ” لا يزال على قيد الحياة بينما في الفيلم توفي جميع الإخوة الثلاثة كذلك في الواقع لم تكن هناك مهمة إنقاذ كبيرة مثل التي تم تصويرها في الفيلم بعد تم العثور علي ” فريدريك ” ببساطة من قبل كاهن عسكري و مع ذلك فإن الإبداع الذي أضافه صناع ذلك العمل السينمائي إلي القصة الحقيقية أسفر عن فيلم نال إعجاب الجماهير و أصبح واحد من أعظم الأفلام الحربية في التاريخ.