لسنوات عديدة ظل الموت الصادم للنجمة السينمائية ثيلما تود بمنتصف ثلاثينيات القرن الماضي يلوح في الأفق بإعتباره جزء هام من تراث هوليود حيث كانت الممثلة الشهيرة المعروفة بين الجماهير بإسم شقراء الأيس كريم شخصية محبوبة بسبب أدوارها الكوميدية أمام الأخوة ماركس في فيلمي ريش الحصان و أعمال القرد بالإضافة إلي قيامها ببطولة العديد من الأفلام السينمائية الناجحة الأخرى إلا أن كل ذلك قد أنتهي عقب وفاتها المأساوية التي أثارت الجدل عما إذا كانت تلك النهاية إنتحارًا أم جريمة قتل حيث كان موتها بمثابة بداية ربط وفيات مشاهير هوليوود بنظريات المؤامرة التي وصلت ذروتها مع الفنانة الراحلة مارلين مونرو .

ولدت ” ثيلما تود ” في مدينة لورانس بولاية ” ماساتشوستس ” الأمريكية في 29 يوليو عام 1906 و كانت معروفة بكونها شابة ذكية و حازمة و بعد تخرجها من المدرسة الثانوية عام 1923 إلتحقت بكلية لويل و هي مدرسة لتدريب و تأهيل المعلمين و لكن بإصرار والدتها شاركت أيضًا في مسابقات ملكات الجمال و مسابقات التمثيل و بفضل سحرها و مظهرها الجميل نجحت ” ثيلما تود ” في مسابقة ملكة جمال الولاية و فازت في النهاية بلقب ملكة جمال ” ماساتشوستس ” و في هذا الوقت تقريبًا لفتت إنتباه بعض كبار كشافة هوليوود الذين أوصوا بأن تلتحق بمدرسة باراماونت للنجوم الصغار التي يديرها استوديو أفلام باراماونت و مع خلفيتها عن كونها معلمة بدأت تود رسميًا مسيرتها السينمائية .

و بدءًا من الأفلام الصامتة و الإنتقال في النهاية إلي الأفلام الناطقة أصبحت ” ثيلما تود ” معروفة جيدًا بمشاهدها الكوميدية و جمالها و بحلول نهاية مسيرتها المهنية كانت قد ظهرت في أكثر من 100 فيلم روائي طويل و قصير و هو ما أثبت بشكل لا يرقي إلي الشك أن وفاتها كانت خسارة لصناعة السينما المتنامية التي فقدت نجمة ساطعة في وقت مبكر جدًا كما أنه بجانب حياتها الفنية كان لديها عدد من المشاريع التجارية أبرزها مطعمها الموجود في ماليبو و المسمي علي إسمها و الذي إشتهر بجذب زملائها من المشاهير و السياح على حدٍ سواء و لعل ذلك المطعم تحديدا كان له دورًا رئيسيًا في اللغز الذي كان وراء موتها الغامض .

و بحلول صباح يوم 16 ديسمبر عام 1935 تم العثور علي الممثلة ” ثيلما تود ” و هي ميتة في سيارتها أثناء ما كانت برفقة خادمتها ” ماي وايتهيد ” داخل المرآب الذي كان يملكه عشيقها و شريكها التجاري المخرج ” رولاند ويست ” و قالت خادمتها للمحققين بأنها قد سقطت في المقعد الأمامي لسيارتها و إنحنت للتو و رأسها إلى اليسار كما أضافت أنها لاحظت وجود دماء حول أنفها و رغم إفادة الكشف الطبي أن الوفاة كانت بسبب التسمم بأول أكسيد الكربون إلا أن الظروف المحيطة بوفاة النجمة أجبرت المسؤولين على التعمق أكثر في حياة عائلة ” ثيلما تود ” و أصدقائها و شركائها الذين ربما كان لدي بعضهم سبب في إختفائها إلى الأبد و وفقا لمقال في صحيفة ” لوس أنجلوس تايمز ” نُشر في اليوم التالي لوفاتها فقد كان لدي المحققين الكثير من الأسباب لإثارة الشكوك حول سبب وفاتها لأنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية تم القبض على رجلين في” نيويورك ” لعلاقتهما برسائل إبتزاز و مكالمات هاتفية تلقتها الممثلة و طالبوها بدفع بمبلغ 10000 دولار أمريكي و لكن حتى مع تهديدات الإبتزاز تلك كان لدى المحققين و منظري المؤامرة على حد سواء العديد من المشتبه بهم الأخرين الذين قد يكون لهم صلة بقتلها .

و بطبيعة الحال كان المشتبه فيه الأول هو شريكها التجاري و حبيبها ” رولاند ويست ” و الذي تباطأت أعماله في مهنة الإخراج بعد تحقيقه العديد من النجاحات السابقة كما أنه في حين أن مطعمها كان ناجحا بشكل تجاري إلا أن لم يكن مسعى مربحًا خلف الأبواب المغلقة و لجعل التفاصيل المحيطة بعلاقة ” ثيلما تود ” و ” رولاند ويست ” أكثر عمقا فقد عاشا في الشقة القاطنة فوق المطعم و مما زاد الأمور تعقيدًا حقيقة أن زوجة ” ويست ” المنفصلة عنه ” جويل كارمن ” كانت تعيش أيضًا فوق المطعم بالإضافة إلى ذلك كانت مالكة مشاركة لنفس المطعم مع زوجها السابق و ” ثيلما تود ” و في حين أن ” كارمن ” لم تعترض ظاهريًا علي علاقة ” ويست ” من ” تود ” لكنه ورد أنها هددت الممثلة عندما بدأ المطعم يخسر المال .

و بجانب علاقة ” ثيلما تود ” بـ ” رولاند ويست ” و ” جويل كارمن “كانت الممثلة مرتبطة أيضا برجل العصابات سيئ السمعة ” لاكي لوتشيانو ” و الذي يُزعم أنه كان يضرب الممثلة و قام جعلها مدمنة علي المخدرات كما يقال أنه أراد من ” ثيلما تود ” أن تسمح له بفتح كازينو قمار في مطعمها لكنه وفقا لعدد من الشهود أنها رفضت و بإصرار علي طلبه قائلة له “على جثتي” و قام بالرد عليها ببرود أنه يمكن ترتيب ذلك كما توجد نظرية أخري تضع زوجها السابق ” بات ديسيكو ” في محل الضوء بسبب أنه ربما قد شعر بالإهانة بعد الطلاق و أراد الانتقام منها حتى أن بعض الناس كانوا متشككين في والدتها بإعتبار أنها الوريثة الوحيدة لإبنتها نظرا لأنه قبل وقت قصير من وفاة إبنتها كانت قد أعلنت علي عن خطة لبناء قصر دون أن تصرح بكيفية دفع ثمنه و لكن رغم كل هؤلاء المشتبه بهم إلا أنه تم إغلاق القضية بشكل رسمي بإعتبارها إنتحارًا .

إقرأ أيضا : قصة الإختفاء الغامض للممثلة الأمريكية جين سبانجلر

و لم يتوقف الحديث عن ” ثيلما تود ” فعلي الرغم من إغلاق قضيتها رسميا بإنتحارها إلا أنه كان هناك دليل رئيسي آخر من شأنه أن يساعد في الإشارة إلى أن وفاتها بسبب التسمم بأول أكسيد الكربون لم تكن كذلك حيث أشارت صحيفة ” شيكاغو تريبيون ” أنه بينما تم إغلاق القضية بشكل رسمي من قبل السلطات بإنتحارها إلا أنها لم تتمكن من تفسير أنفها المكسور أو الكدمات التي عثر عليها حول حلقها بالإضافة إلي وجود ضلعين متشققين و هو علامات رغم مدي إثارتها للشكوك إلا أن المحققين قللوا منها بإعتبار أنه من الوارد أن تكون قد ضربت نفسها أيضا حتي الموت , و على الرغم من أن أي شخص كان قريبًا شخصيًا من النجمة ” ثيلما تود ” قد توفي منذ فترة طويلة فلا يمكن إنكار حقيقة أن حياة و موت “شقراء الآيس كريم” تظل قصة محيرة حتى يومنا هذا و قد لا يعرف العالم أبدًا عما حدث للنجمة الشهيرة لكن الإهتمام الدائم بقضيتها يضمن إستمرار البحث في محاولة الوصول إلي إجابات .