تاج محل هو مجمع ضريح يقع في أجرا بولاية أوتار براديش الغربية شمال الهند و تم بناءه في عهد الإمبراطور المغولي شاه جيهان الذي حكم البلاد في القرن السابع عشر لتخليد ذكرى زوجته ممتاز محل التي توفيت أثناء الولادة عام 1631م و تركته وحيدا بعد أن كانت رفيقته التي كانت لا تنفصل عنه منذ زواجهما عام 1612 و يعتبر المبنى هو الأكثر شهرة في البلاد و رمز أيقوني لها بسبب تميزه بنسبه المتناغمة و دمجه السلس للعناصر الزخرفية و مزجه للأنماط الهندية و الفارسية و الإسلامية و يحتوي تاج محل علي عوامل جذب أخري متعددة أبرزها مبني المسجد التوأم الموجود بشكل متناظر على جانبي الضريح و الحدائق الجميلة و المتحف لذلك ليس بالغريب أن يزوره ملايين السياح سنويا كما أنه نظرا لأهميته الإنسانية تم إدراجه كموقع للتراث العالمي لليونسكو عام 1983.
و ينسب تصميم تاج محل إلى العديد من المهندسين المعماريين في تلك الفترة و لكن ينظر إلي ” أحمد لاهورى ” بإعتباره المهندس الرئيسي الذي أشرف علي بناءه و هو هندي من أصل فارسي و من الملاحظ أنه حين تم تصميم العناصر الرئيسية الخمسة المكونة لتاج محل و هم البوابة الرئيسية و الحديقة و المسجد و الجواب و هو مبنى يعكس المسجد و الضريح بمأذنه الأربعة كانوا جميعا ككيان موحد وفقًا لمبادئ البناء و التشييد المغولية التي لا تسمح بأي إضافة أو تعديل لاحق .
و بدأ بناء تاج محل عام 1632م علي مساحة 42 فدانا و لتحقيق ذلك الغرض تم توظيف أكثر من 20.000 عامل من ” الهند ” و بلاد فارس و الإمبراطورية العثمانية و أوروبا للإنتهاء من الضريح عام 1638-1639 و بعد ذلك تم الإنتهاء من المباني الملحقة بحلول عام 1643 ثم إستمرت أعمال الديكور حتى عام 1647 على الأقل و عند الإنتهاء منه رسميا كان قد أستغرق الأمر 22 عامًا و يقال أن ” شاه جيهان ” كان ينوي بناء ضريح آخر عبر النهر لإيواء رفاته و كان من المفترض أن يكون تشييده من الرخام الأسود ثم ربطه من خلال جسر بتاج محل و لكن لسوء حظه كان قد تم عزله عام 1658 من قبل إبنه ” أورنجزيب ” و سُجن لبقية حياته في قلعة أجرا .
و يقع تاج محل في منتصف قاعدة عريضة يبلغ إرتفاعها 7 أمتار و هو مصنوع من الرخام الأبيض الذي يعكس الألوان وفقًا لشدة ضوء الشمس أو القمر و يحتوي على أربع واجهات متطابقة تقريبًا و لكل منها قوس مركزي عريض يصل إرتفاعه إلي 33 مترًا في قمته و زوايا مائلة تتضمن أقواسًا أصغر و القبة المركزية المهيبة يصل إرتفاعها إلي 73 مترًا عند نهايتها و هي محاطة بأربعة قباب أصغر و تتسبب الصوتيات الموجودة داخل القبة الرئيسية في إنعكاس نغمة الفلوت الواحدة خمس مرات و تم تنظيم الجزء الداخلي من الضريح حول غرفة رخامية مثمنة الأضلاع مزينة بنقوش بارزة و أحجار شبه كريمة و يوجد فيها نصب تذكاري إفتراضي لممتاز محل و شاه جيهان محاطين بحاجز رخامي مزين بدقة و تحت المقابر على مستوى الحديقة تقع التوابيت الحقيقية و عند كل زاوية من الزوايا الأربع للقاعدة المربعة توجد مآذن أنيقة.
و يحيط بالضريح بالقرب من الحواف الشمالية الغربية و الشمالية الشرقية للحديقة على التوالي مبنيان متطابقان بشكل متماثل و هم المسجد الذي يواجه الشرق و جوابه الذي يواجه الغرب و تم تشييدهم من الحجر الرملي السيكيري الأحمر مع قباب و أقواس ذات أعناق رخامية و هي تتناقض في اللون و الملمس مع الرخام الأبيض للضريح كما تم إنشاء الحديقة على طول الخطوط المغولية الكلاسيكية و هي عبارة عن مربع مقسم إلى أرباع مجاري مائية طويلة (أحواض سباحة) مع مسارات للمشي و نوافير و أشجار زينة و محاطة بجدران و هياكل المجمع و توفر مدخلاً مذهلاً للضريح الذي يمكن رؤيته منعكسًا في المسابح المركزية بالحديقة أما الطرف الجنوبي للمجمع فيتميز ببوابة واسعة من الحجر الرملي الأحمر مع قوس مركزي غائر بإرتفاع طابقين مصنوع بألواح من الرخام الأبيض المطعم بحروف قرآنية سوداء و تصميمات نباتية و القوس الرئيسي محاط بزوجين من الأقواس الأصغر و تتوج الواجهات الشمالية و الجنوبية للبوابة صفوف متطابقة من هياكل بيضاء تشبه القبة و عددهم 11 لكل واجهة مصحوبة بمآذن زخرفية رفيعة يصل إرتفاعها إلي 30 مترًا و في الزوايا الأربع للهيكل توجد أبراج مثمنة الشكل مغطاة بأشجار أكبر .
و علي مر القرون تعرض تاج محل للإهمال و الإنحلال لكن تم إجراء عملية ترميم كبرى في بداية القرن العشرين تحت إشراف اللورد ” كرزون ” نائب الملك البريطاني في ” الهند ” آنذاك و في الآونة الأخيرة أدى تلوث الهواء الناجم عن الإنبعاثات الصادرة عن المسابك و المصانع الأخرى القريبة و عوادم السيارات إلى إتلاف الضريح و لا سيما واجهته الرخامية لذلك تم إتخاذ عدد من الإجراءات للحد من تلك التهديدات من بينها إغلاق بعض المسابك و تركيب معدات مكافحة التلوث في البعض الآخر و إنشاء منطقة عازلة في الحدائق حول المجمع و حظر مرور المركبات القريبة و رغم بدء عمليات الترميم عام 1998 إلا أن التقدم في تحسين الظروف البيئية حول النصب التذكاري كان بطيئًا و من وقت لآخر كان تاج محل خاضعًا للديناميكيات السياسية التي تحدث في ” الهند ” حيث تم حظر المشاهدة الليلية هناك في الفترة ما بين عامي 1984 و 2004 بسبب الخوف من أن يكون هدفًا للمسلحين السيخ .