هناك أنواع عديدة من الزواج القسري في هذا العالم و لكن ربما يكون أكثرها دراماتيكية هو الزواج عن طريق إختطاف العروس الذي يعتبر ممارسة شائعة في آسيا الوسطي خاصة في إقليم قيرغيزستان حيث يطلق السكان المحليين علي تلك العادة الغريبة إسم ألا كاشو و ترجمتها الحرفية أمسكوها و أهربوا و بحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة فإن ذلك التقليد يشمل إختطاف النساء دون موافقتهم من أجل إجبارهم على الزواج من خاطفيهم و يمكن للجناة خلال ذلك إستخدام الإكراه النفسي أو القوة البدنية بما في ذلك الإغتصاب لإجبار المرأة أو الفتاة علي قبول الزواج من أحدهم .
و تنقسم عادة إختطاف العروس إلي أربعة أنواع و هي الإغارة على الزوجات و لص العروس الحقيقي و لص العروس الوهمي و أخيرًا الأسر الإحتفالي حيث تحدث الإغارة على الزوجات عندما يقوم رجال من مجتمع ما بمداهمة مجتمع آخر و سرقة النساء منه بينما يكون لص العروس الحقيقي هو الإختطاف القسري لإمرأة من قبل رجل دون رضاها أما لص العروس الوهمي فهي الحالة التي توافق فيها العروس على الإختطاف أما بالنسبة إلي الأسر الإحتفالي فهي طقوس تتم بموافقة كاملة من العروس و عائلتها و على الرغم من أن عادة إختطاف العروس غير قانونية إلا أنها لا تزال مستمرة في العديد من دول آسيا الوسطى ربما بسبب الدافع الاقتصادي لأن حفل الزفاف يتطلب موارد كبيرة و عليه يكون الزواج القسري أرخص و أسرع و لحسن الحظ أنها أصبحت قليلة و مرفوضة من قبل الأجيال الجديدة .
و يتم القبول بعادة إختطاف العروس في تلك المناطق بسبب الأفكار المسيطرة علي المجتمع القيرغيزي خاصة في الريف منها حيث يمكن أن تتضرر سمعة المرأة العازبة بشكل لا رجعة فيه إذا أمضت ليلة واحدة بعيدا عن منزل الأسرة لذلك إذا تم إختطافها و وضعها أمام الأمر الواقع فهذا يعني أنه إذا لم تتزوج الفتاة من آسرها فإنها ستكون عرضة لحكم المجتمع و لا يوجد أمام عائلتها أي حلول سوي الرضوخ لأن العار يقع أيضًا على الأسرة بأكملها أي أن إستغلال العار و التقاليد هو وسيلة الرجال للسيطرة على الحياة الجنسية للمرأة و بما أن الطلاق غير مقبول في تلك المجتمعات فإن النساء اللاتي يرغبن في القيام بذلك يتعرضن لخطر التهديد أو حتى القتل على يد أزواجهن و تشير الإحصائيات إلى أن 13.8% من النساء تحت سن 24 سنة يُجبرن على الزواج والعديد منهم قاصرات حين يتم إختطافهن و تزويجهن قسراً .
و في حين أن ظاهرة إختطاف العروس أصبحت غير قانونية منذ عام 1994 في قيرغيزستان إلا أنها لا تزال مقبولة إجتماعيا و تنفيذ العقوبات القانونية أمر نادر فوفقًا لبيانات مركز دعم المرأة و هي منظمة غير حكومية تهدف إلى القضاء على العنف الجنسي فيتم تسجيل ما لا يقل عن 11800 حالة زواج عن طريق الإختطاف كل عام و هناك حالة واحدة فقط من بين 1500 حالة تؤدي إلى إجراءات قانونية و تظل إحدى العقبات الرئيسية هي عدم فعالية القانون في هذا الشأن و مع ذلك تم إتخاذ خطوات لمكافحة هذه الآفة ففي عام 2012 وافق البرلمان علي قانون يشدد العقوبة علي عادة خطف العروس التي لا تزال منتشرة على نطاق واسع ليكون علي أي شخص مذنب بإختطاف امرأة و إجبارها على الزواج مواجهة عقوبة السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات كما أن الدستور بدء في حظر أي زواج دون موافقة الأشخاص المعنيين إلا أنه و حتي اللحظة يوجد العديد من الناس لا يلتزمون بتلك القوانين .
و رغم رفض عادة إختطاف العروس من قبل المنظمات الحقوقية إلا أن العديد من سكان قيرغيزستان و خاصة الأجيال الأكبر سناً يعتبرونه تقليداً غير ضار حيث توضح امرأة تبلغ من العمر 60 عامًا أن هذه عادة قديمة جدًا و أنها تزوجت بهذه الطريقة و سعيدة بحياتها العائلية خاصة و أن زوجها لم يضربها قط و كل شيء يسير على ما يرام أما الأشخاص الأقل من 50 عاما فيعارضون الأمر خاصة عندما لا يعرف الشخصان بعضهما البعض و تعتقد جماعات حقوق المرأة في قيرغيزستان أن الخط الفاصل بين عمليات الإختطاف “الزائفة” و عمليات الإختطاف “الحقيقية” غير واضح حيث يقولون إن المرأة لا يمكنها حقًا الموافقة على عملية إختطاف إذا علمت أن قرارها في النهاية لا يهم لذلك فهم يدعون إلي إنهاء تلك العادة الموروثة خاصة و أن العديد من المؤرخين لا يجدون لها أي أصل تاريخي قبل القرن العشرين أي أن فكرة إحيائها و تبرير ذلك بأنها من التراث أمر غير حقيقي .
و في حين أن الممارسات التي يُنظر إليها على أنها تقاليد قديمة غالبا ما تستغرق وقتا لتتطور إلا أنه يجب أن تؤخذ رغبات الأجيال الجديدة و خاصة بين الشباب في الإعتبار حيث ترتفع أصوات عديدة في هذه البلدان ضد فكرة إختطاف العروس و الزواج القسري كما لا يمكن إنكار دور المجتمع المدني في مواجهة تلك العادة خاصة بعد موجة إحتجاجات إندلعت عام 2021 عقب إختطاف ” آيزادا كاناتبيكوفا ” البالغة من العمر 27 عاماً و تركت لتموت داخل سيارة حيث تجمع أكثر من خمسمائة شخص خارج وزارة الداخلية و هم يهتفون بكملة (مخزي) و وصف الرئيس ” صدر جباروف ” مقتل هذه الشابة بأنه مأساة و حزن ليس لعائلتها فحسب بل للدولة بأكملها أيضًا و أضاف أنه يجب أن تكون تلك هي آخر عملية إختطاف عروس في التاريخ .
أقرأ أيضا : إختطاف الشباب العازب بغرض إجبارهم على الزواج .. ظاهرة إجتماعية غريبة أصبحت تواجهها الهند حاليا
و تدين منظمة الأمم المتحدة عادة إختطاف العروس بإعتبارها إنتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان و إتجارا بالبشر لأنه غالبًا ما يتبعها زواج قسري و حبس قسري و إغتصاب و عنف منزلي و هو ما يؤدي إلي إرتفاع معدلات الإكتئاب و الإنتحار لدى النساء و ربما حتى إنخفاض وزن الرضع عند الولادة .