عالم النباتات لا يختلف كثيرا عن عالم البشر فهو متنوع فى الأشكال و الأحجام و الألوان و يتعايش و يتكيف فى بيئات مختلفه و فى بعض الأحيان تصل درجة التشابه حتى في الصفات فكما يوجد بشر صالحين و طالحين توجد نباتات مفيدة ينتفع منها الإنسان فى غذائه و دوائه و أيضا نباتات مضرة يعتبر التفاعل معها بمثابة مصدر تهديد علي حياة الانسان و تعتبر شجرة المانشنيل من أبرز تلك النباتات بإعتبارها أكثر الأشجار السامة على وجه الارض لذلك ليس بالغريب تميزها عن باقي النباتات الأخري في المحميات الطبيعية بوضع علامات تحذيرية بجوارها للتنبيه بضرورة عدم لمسها أو حتي الإقتراب منها .
و تعيش شجرة ” المانشنيل ” علي التربة الرملية للشواطئ و يمكن العثور عليها بجنوب ولاية ” فلوريدا ” في ” الولايات المتحدة ” و منطقة البحر الكاريبي و أمريكا الوسطى و شمال أمريكا الجنوبية و يبلغ إرتفاعها نحو 15 مترا و تعتبر واحدة من الأشجار المهددة بخطر الإنقراض و ترجع أسباب خطورتها إلي سمومها المنتشرة فيها أهمها تلك الموجودة داخل ثمرتها التي أطلق عليها الغزاة الإسبان إسم ” تفاحة الموت الصغيرة ” لأنها ثمرة شبيهة بالتفاح و ذات لون أصفر يميل الى الخضرة و تطلق رائحة ذكيه للإغراء بتناولها و عند أكلها و لو بقضمة صغيرة تبدء أعراض التسمم فى الظهور و التي قد تفضي إلي الوفاة .
و أفاد العديد ممن تناولوا ثمرة شجرة المانشنيل و كتبت لهم النجاة بأن أعراضها تبدء بالشعور أنك تناولت شيئا حارا في فمك سرعان ما يتحول إلي شعور بالحرقان و تبدء عيناك بذرف الدموع مع شعور بضيق فى الحلق ثم تزداد تلك الأعراض و الألام صعوبة بمرور الوقت حتى تشعر كما و لو أن هناك كتلة ضخمة تسد البلعوم بشكل يصعب عليك تناول أى طعام و تستمر تلك الأعراض إذا كنت محظوظا لفترة 8 ساعات كاملة من المعاناة إلي أن تختفى و لا تقتصر خطورة الشجرة على ثمارها فقط بل عليها هي أيضا فمبجرد تفاعلك مع أى جزء منها بالأكل كتناول اللحاء أو الأوراق فسوف تصاب بنفس أعراض التسمم كما أنها تفرز سائلا لبنيا كاويا تعد النقطة الواحدة منه ذات تأثير حارق و سجلت الكثير من حالات الإصابة بالحروق لمجرد إقتراب الناس منها للإحتماء بظلها رغم عدم تلامسهم معها و ذلك نتيجة سقوط تلك الإفرازات عليهم .
و بالمزيد من الأبحاث حول شجرة المانشنيل خلص العلماء إلي أنها تعد الأخطر علي حياة الإنسان حيث تحتوي علي مزيج من السموم أهمهم ” هيبومانين أ و ب ” مع مواد أخرى سامة لم يتم التعرف عليها بعد كما أنه بمجرد تناول ثمرتها فهى تصيب الانسان بأعراض خطيرة مثل القئ و ألام فى البطن و حدوث نزيف قد يؤدى إلي تلف فى الجهاز الهضمي كما أن إفرازاتها السائلة بمجرد تلامسها مع الجلد تؤدى إلي حدوث مضاعفات تتمثل فى طفح جلدى يتطور إلي إلتهابات و شعور بالصداع مع ضيق شديد بالتنفس و حتي الإصابة بعمي مؤقت إذا سقط على العينين كما أنه ليس من السهولة التخلص منها لإتقاء شرها حيث ينصح بعدم حرقها أو تقطيعها لأن مخلفاتها من نشارة أو دخان تقوم بحرق الجلد و العينين و تؤدى الى تلف بالرئتين .
و رغم خطورة شجرة المانشنيل إلا أن وفياتها من البشر تعد قليلة و أشيع بأن أشهر ضحاياها كان الفاتح الإسبانى ” خوان بونس دي ليون ” الذى قاد جيوشه لإستكشاف و إستعمار فلوريدا أوائل القرن السادس عشر حيث واجه مقاومة شديدة من السكان الأصليين الذين كانوا يستعملون سهاما غمست رؤسها فى عصارة تلك الشجرة السامة و التي أصابت واحدة منها فخذ ” دى ليون ” ليفر من أمامهم بقواته ثم يلقى مصرعه لاحقا متأثرا بجراحه من ذلك السم أما بالنسبة للحيوانات فبعض منها يمكنه العيش عليها من دون حدوث أي مشكلات مثل الايجوانا المخططة التى تقيم فيها و تأكل ثمارها من دون حدوث أى مضاعفات لها و يفسر بعض العلماء ذلك إلي أنها لديها مناعة ضد سموم تلك الشجرة .
إقرأ أيضا : الغابات العمودية .. فكرة مذهلة لتغيير نمط المدن و جعلها أكثر صحيه
و لكن ليس كل شئ يتعلق بشجرة المانشنيل سوداوي لأنه قد يكون لها إستخدامات مفيدة في ظل قيود و إشتراطات محددة حيث يقوم النجارين الكاريبين و منذ قرون بإستخدام أخشابها فى صناعة الأثاث عن طريق تقطيع الشجرة بعناية شديدة ثم وضعها فى الشمس لفترة من أجل تجفيفها و التخلص من سائلها السام كما أن السكان الاصليين كانوا يستخدمون لحائها و فاكهتها لعلاج بعض من الأمراض و كمدرات للبول بعد معالجتها بطرقهم الخاصه كما أنه يتم إستخدامها حاليا كمصدات رياح طبيعية شريطة أن تكون بعيدة عن أي إتصال بينها و بين الإنسان كما تجرى أبحاث حول سمومها من أجل المساعدة فى صناعة أدوية مضادة للسموم أو مسكنة للألام .