الفيضانات هي مرحلة إرتفاع الماء عن ضفافه الطبيعية أو الإصطناعية و دخولها إلي الأراضي الجافة مثل مياه الأنهار التي تغمر السهول الفيضية و هي تتفاوت أثارها ما بين نعمة مطلقة للإنسان أو كارثة عليه فعلى سبيل المثال تم الإعتماد على فيضانات الربيع الموسمية المنتظمة في نهر النيل قبل بناء السد العالي في أسوان لتوفير الرطوبة و إثراء التربة للسهول الفيضية الخصبة الموجودة علي دلتا النهر أما الفيضانات الغير منضبطة لنهري اليانجتسي و هوانج في الصين فتتسبب على نحو متكرر في حدوث كوارث عندما تعيد رسم مساراتها مرة أخري كما توجد فيضانات تنتج عادة عن هطول الأمطار الغزيرة على فترات قصيرة من الزمن و هي نوع لا يمكن السيطرة عليه و تسبب أضرارا كبيرة مثل ما حدث في فيضانات باريس (1658 و 1910) و روما (1530 و 1557) كما تنجم أيضًا عن ذوبان الجليد أثناء موسم الربيع كما هو الحال مع نهري الدانوب و نيفا أو من خلال العواصف التي غمرت سواحل إنجلترا و بلجيكا و هولندا عامي 1099 و1953 أو من موجات التسونامي الناتج عن الزلازل كما حدث في لشبونة (1755) و هاواي ( 1946) .
و أي كان نوع الفيضان فتكمن خطورته في أنه يتسبب في حدوث الكثير من الخسائر في الأرواح نظرا لأنه يقتل الأشخاص عن طريق حملهم بعيدًا في المياه سريعة الحركة أو إغراقهم فيكفي فقط إرتفاع المياه لأكثر من مترين لإغراق البشر كما يمكن للفيضانات أن تقتل الناس عن طريق تدمير المباني و خلق بيئات غير آمنة كما تعتبر الأمراض المنقولة بالمياه هي أحد الآثار القاتلة التي يتم تجاهلها في كثير من الأحيان كما أنه بجانب خسائر الأرواح تتسبب أيضا في حدوث خسائر بالممتلكات مثل تجريف السيارات و إحداث أضرار بالمباني عن طريق تحطيم النوافذ و جرف الأبواب و تآكل الجدران و الأساسات ناهيك عن تلف الأثاثات و الممتلكات الموجودة داخل المنزل أو العمل والتي تتضرر عندما تدخل مياه الفيضانات إلى الداخل بالإضافة إلي تسببها في أضرار إقتصادية تتمثل في تدمير أبراج الإتصالات و محطات الطاقة و الطرق و الجسور و هذا يؤدي إلى توقف الأنشطة التجارية في المنطقة كما أنه يمكن أن يمثل فقدان الأحباب أو المنازل و عمليات النزوح من المنزل إلي أماكن أخري و فقدان سبل العيش ضغوطًا مستمرة تؤدي إلى آثار نفسية دائمة.
و تنقسم الفيضانات إلي خمسة أنواع و هم :
الفيضانات النهرية .. يحدث فيضان النهر عندما يرتفع منسوب المياه فوق ضفافه و يمكن أن يحدث بدءًا من الجداول الصغيرة و حتى أكبر الأنهار في العالم و تحدث تلك الظاهرة عادةً لأربعة أسباب و هي هطول أمطار غزيرة من أنظمة العواصف الاستوائية التي تصل إلى اليابسة أو إستمرار العواصف الرعدية على نفس المنطقة لفترات طويلة أو من خلال الجمع بين هطول الأمطار و ذوبان الثلوج أو ذوبان الثلوج فقط و يمكن أن تحدث فيضانات الأنهار فجأة أو ببطء حيث تكون فيضانات الأنهار المفاجئة في كثير من الأحيان على الأنهار الصغيرة أو ذات الوديان شديدة الإنحدار أو التي تتدفق لجزء كبير من طولها على تضاريس غير منفذة و من ناحية أخرى تحدث فيضانات الأنهار المنخفضة الإرتفاع عادة في الأنهار الكبيرة ذات مناطق مستجمعات المياه الكبيرة و هي أي منطقة من الأرض يتجمع فيها هطول الأمطار و يتدفق إلى منفذ مشترك .
الفيضانات الساحلية .. تحدث فيضانات السواحل من خلال غمر مناطق الأراضي الجافة عادة على طول الساحل بمياه البحر و عادة تحدث نتيجة مزيج من موجات المد البحري و الرياح العاتية و الضغط الجوي و هي ظروف تأتي من الأعاصير المدارية و التسونامي و إرتفاع ظاهرة المد و الجزر عن المتوسط .
العواصف الرعدية .. و هو إرتفاع غير طبيعي في مستوى المياه بالمناطق الساحلية فوق المد الفلكي العادي و يكون دائمًا نتيجة للعواصف الجوية التي تسبب مدًا أعلى من المعتاد على الساحل و تحدث نتيجة الرياح و الأمواج و حدوث إنخفاض في الضغط الجوي و يعتبر ذلك النوع خطيرًا للغاية علي الحياة و الممتلكات حيث يمكن أن تغمر مناطق ساحلية كبيرة كما أنه يحدث بسرعة كبيرة لا تعطي الوقت اللازم لإتخاذ تدابير كافية .
الفيضانات الداخلية .. و يطلق عليها أيضا الفيضانات الحضرية التي تحدث في الداخل أولا و غالبًا ما يكون هطول الأمطار هو المسؤول عنها بطريقتين إما من خلال أمطار ثابتة على مدى عدة أيام أو بسبب فترة قصيرة و مكثفة من الأمطار كما يمكن لذوبان الثلوج أيضًا في التسبب بحدوث تلك الظاهرة أو من خلال سد طرق المياه بسبب الحطام أو الجليد أو السدود و غالبًا ما تكون الفيضانات الداخلية هي الأسوأ في المناطق الحضرية لأنه لا يوجد مكان تذهب إليه المياه كما توجد عدد من العوامل التي تجعلها ذات أثار سلبية أكثر سوء مثل الطرق و الشوارع المعبدة و معدات الصرف منخفضة السعة و المباني الكثيفة و كميات قليلة من المساحات الخضراء .
الفيضانات الخاطفة .. و هو النوع الأكثر شهرة و فتكًا و يبدأ خلال ساعات قليلة من هطول الأمطار الغزيرة الناجمة عن العواصف الرعدية لفترة زمنية لا تتجاوز ستة ساعات أو لأي سبب أخر مثل إنكسار أحد السدود أو فشله في القيام بمهمته أو ذوبان كمية ضخمة من الثلوج و تلك الفيضانات لديها ما يكفي من القوة لدحرجة الصخور و تمزيق الأشجار من الأرض و تدمير المباني و الجسور و يتميز هذا النوع بالسيول الهائجة التي تجتاح مجاري الأنهار أو الشوارع الحضرية أو الأخاديد و تمحو كل شيء في مساراتها و مع إرتفاع يصل إلى 9 أمتار فيمكن للفيضانات المفاجئة أن تغطي المجتمعات بالكامل كما أنها تحدث دون سابق إنذار مما يزيد من خطر الكارثة .
و يمكن قياس الفيضانات من خلال عدة عوامل هامة ترتبط بالإرتفاع و ذروة التصريف و المنطقة المغمورة و حجم التدفق و هي عوامل من الضروري معرفتها للإستخدام الحكيم للأراضي و بناء الجسور و السدود و التنبؤ بالفيضانات و وضع أفكار من أجل السيطرة عليها عبر وضع عدد من التدابير الشائعة مثل تحسين القنوات و بناء السدود الواقية و إقامة الخزانات و بشكل غير مباشر تنفيذ برامج الحفاظ على التربة و الغابات لتأخير و إمتصاص الجريان السطحي من العواصف .
و غالبًا ما يكون حجم تصريف التيار متغيرًا بدرجة كبيرة من شهر لآخر و من سنة إلى أخرى كما أنه من الممكن حدوث فيضان مفاجئ و هو سيل غير متوقع من المياه الموحلة و المضطربة التي تندفع عبر الوادي و هو أمر غير شائع و يدوم لفترة قصيرة نسبيًا و عادةً ما يكون ناجم من العواصف الرعدية الصيفية أو الذوبان السريع للثلوج و الجليد في الجبال كما يمكن أن يحدث فيضان مفاجئ في رافد واحد بينما يظل باقي حوض الصرف جافًا و تؤدي مفاجأة حدوثه إلي أن يكون الفيضان المفاجئ خطيرًا للغاية .
و يُطلق على الفيضانات التي يُتوقع حدوثها مرة واحدة فقط كل 100 عام إسم فيضان 100 عام و يتم حساب حجم الفيضانات التي تحدث خلال 100 و 500 و 1000 عام من خلال إستقراء السجلات الموجودة لتدفق المجاري المائية و يتم إستخدام النتائج في هندسة تصميم العديد من مشاريع الموارد المائية بما في ذلك السدود و الخزانات و غيرها من الهياكل التي قد تكون المتضررة من الفيضانات الكارثية .